الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طار الخيط والعصفور

أسامة البدران
كاتب ومؤلف وصحفي

(Osama Al-badran)

2022 / 12 / 3
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


كنا نجتهد من اجل بث الوعي التربوي والتعليمي كي ينمو لدينا جيل واعد يحب اللغة ويسمو بها فاذا بنا أمام جيل لا يفرق بين ( المنتدى والمندي )
واليوم جميع الوزارات والمؤسسات والمديريات والمدارس والكليات فيها كوادر لديها مشكلة عظيمة في الاحرف والحركات والضاد والظاء والهاء والتاء المربوطة والضمائر المنفصلة والمتصلة والمستترة

اللغة هي الفلسفة الوحيدة التي نملكها من اجل التعبير عن الأمور والاشياء التي نريد أن نخبر بها الآخرون واذا غاب رسمها عنا واخطأنا في التعبير فلا يمكن أن نوصل للمجتمع ما نروم إليه في أي حبكة لغوية نحوية أو صوتية .. انتهى عصر النحاة والفلاسفة وحل علينا عصر الفقه ومصطلحات الاخبار وجيل اللهجات العامية فاليوم قد لا يعتبر أهل العواصم والمدن العربية مصطلحات قرٱنية نادرة على أنها عربية فصحى اصيلة بلسان عربي مبين كمصطلحات ( حجرة ٫ غرفة ٫ تناوش ٫ اثاث٫ صبغ ٫ قرطاس ٫ سلق ٫ شوي ٫ حياء ٫ استحياء ٫ رب ٫ اله ٫ سحر ٫ حبل ٫ عصا ٫ غنم ٫ نعجة ٫ ضأن ٫ نعم ٫ انعام ٫ بهائم ٫ دواب٫ عدس ٫ فوم٫ قثاء ٫ بصل ٫ تنور ٫ نهر ٫ صعيد ٫ غيط ..الخ )
أن قلب معاني الكلمات مع ثبات رسمها لدى غالبية عظمى من المجتمع العربي في عصرنا الحالي يمثل كارثة على الصعيد العلمي الاكاديمي والمعاملات الرسمية ولهجة الجمهور الذي سلم لشرعية هذا الخطأ ويجب علينا قبل أن نرضى بتمرير هذا الأمر أن نفكر في التركة التي سنصدرها للاجيال القادمة وهل سيمكنهم حقا في المستقبل البعيد فهم ما كتبناه من تراث علمي ارثنا وارث الاباء والاجداد المعرفي .. وهل سيتم تصنيفنا وفقا لحالنا اليوم على أننا الجاهلية ( الاخرى ) تلطفا بالجاهلية ( الأولى ) التي ذكرت في النص القرٱني ؟! لقد كانت الرقيمات السومرية الأولى تركة شعب بدائي في بداية طوره المعرفي يكتب بطريقة المقاطع الصورية التي اقتبسها من شكل سعفة النخلة وبعض الكائنات الحية البسيطة من حوله كالقصب والبردي والجاموس وبعض الظواهر الكونية كالشمس والقمر والنجوم وبعض الظواهر الجوية كالرعد والبرق والغيوم والغيث
ومع أن عبقرية الفرد السومري جعلته يخترع الكتابة الرمزية والصورية بنسقها الأول من اجل جمع شمل الأفراد في مجتمع مدني والسيطرة على المحاصيل والمنتجات فاننا في عام 2022 نعجز أن نقتدي بذلك المجتمع المجيد في أبسط ما يميز الشعوب والقبائل من ارث معرفي وهو ( اللغة والكتابة ) بلهجاتها المتعددة ورسمها المشهور ٫ ومن خلال قراءتي للتاريخ وجدت أن عملية تغيير المفاهيم ومعاني الكلمات ليست حالة فريدة بمجتمع معين ولا هي حالة مستحدثة بل وجدت في إحدى الروايات المنسوبة للامام الصادق عليه السلام ( مرفوعة للنبي محمد وبعض الأنبياء كأيوب عليهم افضل الصلاة والسلام) انه يقول عن العدس انه بلهجة أهل العراق حمص والتباين بين هذين المحصولين كبير فالعدس ليس حمص
يعلق المجلسي في البحار على هذا الموضوع فيقول : ( أنهم عليهم السلام كانوا يسمون الحمصة عدسة لا العكس، فتأمل، وكذا فهمهما الكليني حيث أوردهما في باب الحمص لا العدس) بحار الانوار ج57 ص 162

واذا كان الحال هكذا في حدود عام: 149 هجري حيث أن قراءة قوله تعالى : ( وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَىٰ لَن نَّصْبِرَ عَلَىٰ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنبِتُ الْأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا ۖ) على أهل العراق ( عراق العرب بالتحديد وليس العراق الاداري في يومنا هذا ) تجعلهم يفهمون من كلمة ( عدسها ) في هذا النص على انه ( حمص ) فكيف كان تأثير النص القرٱني عليهم بمفاهيم أخرى مقلوبة المعنى والرسم والنطق يا ترى ؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بهجمات متبادلة.. تضرر مصفاة نفط روسية ومنشآت طاقة أوكرانية|


.. الأردن يجدد رفضه محاولات الزج به في الصراع بين إسرائيل وإيرا




.. كيف يعيش ربع سكان -الشرق الأوسط- تحت سيطرة المليشيات المسلحة


.. “قتل في بث مباشر-.. جريمة صادمة لطفل تُثير الجدل والخوف في م




.. تأجيل زيارة أردوغان إلى واشنطن.. ما الأسباب الفعلية لهذه الخ