الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حملة اعلامية قومية لفض الاشتباك بين فض غشاء البكارة ومعنى الشرف

منى نوال حلمى

2022 / 12 / 5
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


حملة اعلامية قومية لفض الاشتباك بين فض غشاء البكارة والشرف
---------------------------------------------------------------------

اذا كانت مجتمعاتنا تتجسس على عفة الفتاة والمرأة ، بكشوف العذرية ، لتعلن مهللة ، حتى لمنْ لا يهمه الأمر ، أنها " صاغ سليم " ، وأن شرف ذكور العائلة لم يتمرمغ فى الطين ، وأن " غشاء البكارة " أخرس التشهير والاشاعات، فما هو مقياس التجسس على " عفة الرجل " ؟.
أعتقد أن العدالة ، وحقوق المواطنة الكاملة ، المنصوص عليها دستوريا ، لا تتحقق وهناك مقياس للعفة الأخلاقية ، مطبق فقط على جنس واحد .
ثقافتنا لا تستخدم مصطلح " عفة الرجال " ، أو الشاب " البكر " . واذا قيلت فهى تصف بتهكم رجلا " خام " عديم الخبرة بالنساء . والعفيف - اذا وُجد - غير مرغوب فيه ،
ومشكوك فى رجولته . ثقافة موروثة متجذرة منذ قرون سحيقة ، وترسخها الأفلام والأغانى والمسلسلات والاعلانات والنكات والأمثال الشعبية .
ثقافة تشحذ اسلحتها الفتاكة ، لو قيلت كلمة تعتبرها اهانة وجرحا لمشاعر الذكور ، أو ستقلص مساحة الامتيازات الأخلاقية والرخص الجنسية الممنوحة لهم . لكنها لا تحرك ساكنا ،
ولا شئ يجرح مشاعرها ، اذا ذُبحت الفتيات علنا فى وضح النهار ، لأنهن بلا غشاء بكارة . ولا تسأل أبدا عن الطرف الآخر ، المشترك فى فعل العار ، " الذكر " الكائن المدلل ، المغفور له كل الذنوب ، وخطاياه مبررة مسبقا ، ولا شئ يعيبه الا " فلوسه ".
ثقافة تقول أن المرأة تحب أن تكون الأخيرة فى حياة الرجل ، حتى لو " بتاع ستات ". لكن الرجل يحب أن يكون الأول فى حياة المرأة .
ثقافة " مقطع السمكة وديلها " للرجل ، و" القطة المغمضة " للمرأة . وهذه القطة المغمضة لو تخلت عن عذريتها فى علاقة عاطفية ، يتخلى عنها الرجل قائلا : " لا أتزوج واحدة فرطت فى شرفها قبل شرع ربنا الحلال ". تقول باكية فى هوان ومذلة كأنه أفضل منها أو هو السيد وهى من الجوارى المستباحات : " صدقتك حين قلت أنك تحبنى ... طب واللى فى بطنى ". بكل استعلاء وبجاحة يرد : " ملياش فيه .. دى مشكلتك .... وبعدين مين قال انه بسببى .. عاوزه تورطينى وخلاص ".
والنتيجة ، أن تقتل هذا الرجل الكاذب وتعدم ، أو تنتحر خوفا من الفضيحة والعار ، أو تهرب وتختفى ، أو تلد وتترك الطفل فى الشارع ، أو تتخلص منه .
أما اذا عرف أهلها ، فان مصيرها القتل .
واذا لم يعرف أهلها ، وتقدم لها عريس ، تذهب لترقيع غشاء البكارة بمبلغ لا يُذكر ، وتستعيد
شرفها ، وترجع " القطة المغمضة " العفيفة الشريفة البكر ، رغم ممارستها للخديعة والكذب .
ويستلم العريس عروسته البكر ، البتول ، سعيدا لأنه " البطل المغوار " الأول ، الذى اخترق حصن الغشاء المقدس ، والعروسة تضحك من أعماقها ، على زوجها الساذج المخدوع .
ما هذا الشرف " الرفيع " الذى يُستعاد بالترقيع ؟؟. وما هذه العفة المرهونة
ب " غُرزة " ؟؟؟.
لابد من فض الاشتباك بين فض غشاء البكارة ومعنى الشرف ، نهائيا ، وأن تُشرع قوانين عاجلة صارمة رادعة ناجزة ، ضد كل منْ ينتهك كرامة الجسد وكبرياء النفس ، للفتاة والمرأة، أو يذبحها لأنها بدون غشاء بكارة ، وأن تنشئ الدولة مركزا خاصا ينقذ ويأوى الفتيات والنساء الهاربات من توعد الأهل بالقتل .
الكل " يفتى " حول جسد المرأة ، إلا المرأة نفسها، صاحبة الجسد، ومالكة الجسد .
الحقيقة أن المرأة ترتدى فقط جسدها ، لا تملكه فى أبسط قواعد الملكية ، منذ ولادتها حتى تموت . جميع الذكور حولها ، يملكونه من كل الاتجاهات ، يملكونه بحق مغتصب فى السِر والعلن ، بآليات التلصص والتربص والرقابة والزى وقوانين الأحوال الشخصية ، وتشريعات الزنا ، والتحرش ، والاغتصاب ، والوصاية والفرض واستباحة التشهير .
لماذا لا يبحث الرجال عن معنى الشرف والعفة والفضيلة والأخلاق ، فى مكان آخر ، غير أجساد النساء ؟؟؟؟.
لماذا لا تتناقض " عفة المرأة " مع ممارستها الكذب والغش والنفاق وأخذ رشوة واهمال شغلها ، ونكثها بالعهود ، وجحودها لأبيها وأمها ، واصطياد العريس لثرائه وليس لأصله الكريم ، وتشغيل ميكرفونات تنتهك حرمة البيوت فى المآتم والأفراح ، وتربية الأطفال على القهر واعادة انتاج الذكورية ، والتجارة بالأديان ، والتآمر ضد الوطن ؟؟؟.
المجتمع الذى يحمل بطحة العِفة على رأسه ، ويحسس عليها طوال الوقت ، ليل نهار ، ويذبح المرأة فاقدة " العِفة " ، نسمعه يشتم علنا بأعضاء " العِفة " فى جسد المرأة . ولا أحد يعترض ، أو يرى التناقض الفج ، والاهانة اللفظية والفكرية .
جميع اشكال ودرجات قهر المرأة والتمييز ضدها ، نابع من تدشين الثقافة الذكورية ، عبادة " غشاء البكارة " ، ذلك الاله الذى لا يهدأ ، الا بتقديم القرابين من النساء ، يلتهم لحمهن ، ويشرب دمائهن ، فى طقوس علنية ، هى جرائم بمنطق العدالة والعقل والانسانية .
كتبت الصحافة المحلية عن أهمية 25 نوفمبر اليوم العالمى للقضاء على العنف ضد الفتاة والمرأة ، وأشادت أنه يتزامن مع حملة " اتحدوا للنضال من أجل ايقاف العنف ضد المرأة " من 25 نوفمبر حتى 10 ديسمبر اليوم العالمى لحقوق الانسان .
ان جرائم غشاء البكارة أو ما تسمى جرائم الشرف ، فى قائمة العنف ضد الفتيات والنساء . لكن ما النتيجة ؟؟.
كلام على الورق ، ودعاية ومزايدات دائما تضحى بحقوق النساء وكرامتهن وأرواحهن ، ولا تنقذ الفتيات اللائى يتعرضن كل يوم ، للقتل بالخنق والحرق واطلاق الرصاص والذبح وحش الرقاب .
لابد أن تختفى كلمة " العرض " ، ومقولة أن " أعز ما تملك " الفتاة أو المرأة ، هو غشاء البكارة . واستمراره يعنى أن الفتاة أو المرأة ، هى " أنثى " ، مستعبدة ، وليست " انسانة " حرة .
أعز ما تملكه المرأة ، هو بالضبط أعز ما يملكه الرجل ، شجاعته وصدقه وعدم الكيل بمكيالين ، واتساق تفكيره مع العدالة والمنطق وقيم النبل الانسانى ، وشغله السلاح ضد الحاجة والعوز ، ومنفعته لمجتمعه .

------------------------------------------------------------








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - من عبقريات الطغاة - في مواجهة غشاء البكارة
صلاح الدين محسن ( 2022 / 12 / 5 - 16:29 )
تحية للكاتبة
منذ أكثر من 12 سنة , نشر هذا الموقع . يوم 9-9-2010 مقالاً للكاتبة والسياسية والفنانة التشكيلية السورية - رندا قسيس - بعنوان - نحو يوم وطني لفض غشاء البكارة -.. ولا شيء تغير بالدعوة والكتابات - مع كل ثورياتها
من عبقريات الطغاة : ان الطاغية الراحل - معمر القذافي - عندما فتح الباب أمام الفتيات للجيش والشرطة , و الألعاب الرياضية. بلغه أن منهن من يتعرضن لفقدان غشاء البكارة أثناء التدريبات العنيفة . مما له خطورة علي حياتهن , وكوارث اجتماعية
فما كان من الطاغية المعروف بجنونه , إلا أن أصدر قراراً عاقلاً ! وحكيماً وجريئاً . لم يُقدِم علي اتخاذ مثله أحدٌ غيره من طغاة حكام المنطقة .. دعاة الثورية والتقدمية ! . وقضي القرار بأن : أي رجل يدخل بعروسه , ثم يخرج ليتكلم عن غشاء البكارة . بما يسيء اليها ويشهر بها ( بعد أن يأكل علي قفاه ) يلقي به في السجن لبضع سنوات
فَقُضِيّ الأمر , وتوقف أي حديث عن غشاء البكارة
بالطبع لا نقصد تزكية الطغاة والطغيان
لكن الكتابة والرأي والفكر , يحتاجوا لسيف السلطة والقانون.. فهو الفيصل
شكراً للكاتبة والشاعرة د. مني حلمي

اخر الافلام

.. مريام بشير وهي عاملة منزلية مهاجرة من سريلانكا


.. لارا عودة وهي موظفة سابقة بمنطقة الشوف في جبل لبنان




.. الصحفيات أكثر عرضة للانتهاكات والتحرش اللفظي أو الجسدي


.. مريم شمالي وهي ربة منزل من إحدى قرى سعدنايل




.. نعمت شفيق .. المرأة الحديدية تقمع مظاهرات الطلاب الرافضة لإس