الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


40 – مدخل . . الى العقل المتصنم نفوس متطبعة . . على متكرر قابليتها للانخداع

أمين أحمد ثابت

2022 / 12 / 6
المجتمع المدني


من تطورات علم النفس – العصبي التجريبي المعاصر مؤخرا ، قد ذهب نحو بناء افتراضات نظرية مجردة – تتعلق وفق المجال بمرضى النفس – عصبي السيكوباتي - ليس بمنحى فسلجي عصبي لمعرفة اختلالات النظامية الدماغية بمتصلها بالناقلات العصبية المفرزة من حيث الكمية ومواضع تجمعها و . . وفاعلية مصدرها الافرازي ( الخلوي –الغدي ) من الكتلة الدماغية ، والتي يرجع الى محددات تلك تحديد نوع المرض النفسي ومتطلبه العلاجي الطبي ، بتدخل جراحي او دوائي كيميائي ( كعقاقير ) لا توصل الى شفاء تصحيحي للاختلال الفسلجي العصبي بقدر ما تكون سوى مهدئات وقتية لتخفيف الآلام او اعراض الحالة المرضية ( عقليا او سلوكيا او كليهما ) . . الى جانب العلاج الاكلينيكي الطبيعي وجلسات العلاج النفسي التحليلي ( الإيحائي او بالتداعي ) – بل بمنحى نفس – عقلي ، ولذلك من اجل الوصول الى تعليلات منطقية – علمية نظرية مجردة لتفسير عن ما وراء متجليات اعراض الحالة المرضية على صعيد المعبر القولي لما هو ذهني غير سوي – كالتخيلات او التهيؤات التوهمية او التقمص لشخصية اخرى – تكون مستحضرة من ذاكرة قديمة من ارث معرفي للمريض او من ذاكرة عن شخصية كانت حاضرة في عمر المريض ومعايشا تجربته لها منذ طفولته او مراهقته قبل تعرضه لصدمة إما انتجت حالته المرضية مباشرة او خزنت في الذاكرة ليظهر أثرها المرضي الحدي لاحقا في ظرفية او تجربة بعثت ذلك المخفي في الذاكرة ، او عن إرث مجتمعي على صورة رمز او معلم مادي . . مستحضرة عنها – في متخيل عقل المريض – الشخصية التي يشير إليها مجازيا ذاك المعلم او النصب او التمثال او افكارها او سلوكياتها ، والتي خزنت معرفيا في الذاكرة ( سلبا ) بعقل عاطفي ( مصدوم ) عن تجربة واقعية – كارثية مأساتيه الحدث او مخلخلة للمعايير المعتقدية او التصورية السوية – حيث يكون الرمز الحسي او المجرد ذاته في طابعه او مظهره او موصفه النظري كما هو في مصدره خارج عقل المرء ، ولكن يصبح ملبسا في فهم ومعتقد ذهني – مرضي – مغايرا لقيمته الاصلية ، والمستبدلة بقيمة اخرى ينسجها العقل المرضي . . بما فيه التخيل المريض ، والتي هي ناشئة عن تلك الصدمة المبكرة من العمر ، والتي حفرت نفسها في العقل الباطن – المنسي – لتظهر في زمن لاحق من العمر بتعرض المرء لمحرض صدمة عنيفة لا يحتملها ويجد ذاته ضعيفة هشة امامها ، وفي حالة تعويضية – لا إرادية ولا أدرية – يحضر ذلك المخزون السلبي من العقل الباطن ليستحوذ كليا على المرء – كحالة مرضية ذهن نفسية او عقل عاطفي نفسي سلوكي – ووفقا لخصوصية طبيعة شخصية المرء المصاب . . يتمظهر ذلك المنحرف الشذوذي ( العقلي او النفسي السلوكي او كليهما معا ) ، إما كنوع من الهروب او تقمص بعد القوة في معبرها الاستعدائي الشرس . . كانتقام عن ضعف ذاته عند تلك الصدمة الاولى المبكرة او المتأخرة او كلتاهما – وطبعا تتجلى معبرات هاتين الحالتين المرضيتين عبر منطوق كلامي او مسلكية ملازمة او سلوك إجرائي تجاه شخوص او في احداث مغايرة في حقيقة وجودها الواقعي مقارنة بما نسجه العقل من تصور اخر مخالف ، بحيث تلبس الاحداث او الشخوص سيماء وصفاتا معاني . . مخلقة توهما في عقل المريض النفسي . . ليس إلا – بمثل حالة واحدة من تلك الحالات المرضية نفسيا المختلفة . . مرور سيكوباتي طليق في موقف لأب ينهر ابنه الصغير مهددا بعدم تكرار ما فعله الان وصورة الطفل مرعوبا وباكيا مهرولا الى البيت ، ينبعث مخزون الذاكرة الأليمة من العقل الباطن الى سطح ذهن السيكوباتي ويسيطر على ذاته في حالة مرضية حاضرة عليه – عقليا وسلوكيا – لا تفارقه إلا بعد ممارسة انتقامه من أب الطفل عند ظرفية في موضع ملائم لارتكاب فعلته دون حساب – لا يفهم ذلك المريض حقيقة الحدث الذي كان جاريا بين الطفل وابيه ، الذي قد يكون يصب في مصلحة الطفل بأبعاده عن الخطر ، ولا يعرف حقيقة طبيعة الاب في تعامله الاسري ومع طفله واخوته الاخرين إن وجدوا – بعودة الى ما أردناه ضمنا وراء السطور الاولى من موضوعنا هذا ، ما خرج به ذلك العلم التجريبي النفس-عصبي المعاصر في افتراضاته النظرية المجردة كأحكام تعميمية ، والمشيرة الى أن العقل – الطبيعي السوي – في عمله من خلال آلياته النظام دماغية لوظائفه العليا في بناء المعرفة – حول أي شيء او امر – كإدراك عاقل ، إما حسي لمدخلات حسية خارجية عنه . . تصله عبر الحواس الخمس ، او كإدراك ذهني مجرد صرف بالتفكير المجرد وإما عن مدخلات معلوماتية حسية ، وعن أي من المدركين الذهني . . يخضع آليا بصورة عفوية في الدماغ خلال نشاطه الحثيث – تختلف درجة تلك الآلية ومستوى طبيعتها من فرد لآخر وفق طباع الشخصية وصفاته الذاتية الدماغية وما يمتلكه من ثقافة معرفية نظرية وخبراتية عملية ملموسة – يخضع لعمليات ذهنية مركبة شديدة التعقيد ، لينتج عنها المعتقدات والتصورات النظرية الحاكمة لموقف العقل من ذلك الشيء او الامر ، والتي تظهر إدراكا عاقلا في المخ محددة فيه الهدفية التخطيطية وجوهر الغاية ، والتي تعد الموجه العقلي ( القناعاتي ) عند المرء ، والتي تحمل ببعدها المجرد الغائي عبر المخ كموجه أوامري مركزي للسلوك المطلوب والذي يظهر عليه المرء خلال إدائه – تعبيرا عن ذاته وموقفها في فهمها الادراكي والقناعاتي – هذا بالشكل الطبيعي العام افتراضا ، بينما هناك متجلى آخر للعقل البشري – الذي يمثل موطن ضعف بشري عام لطبيعة عقله – في قابليته على الانخداع ، أي تقبل اوهام او تهيؤات عن اشياء او ظواهر يدركها حسيا . . غير جوهر حقيقتها ، يبنى ذلك الخداع للعقل عبر الزوايا المعتمة لتلك الظواهر والامور . . التي لا تصل إليها حواس المرء – ولذا يحمل الادراك الدماغ – عقلي بمعلومات ناقصة عن اصل الظاهرة او الامر ، ويضلل خداعا لبناء فهم تصوري اعتقادي زائف تحت وهم صحة حكمه بملامسة حسية او منطقية عقلية مجردة .

قابلية العقل الدماغي البشري للانخداع . . هو وجه ضعف طبيعي آخر لعقولنا – له محمولاته ومعللاته ودلالاته المنطقية ضمنيا ، وهو لن نخوض به الآن تجنبا للتطويل وتوهاننا عن مسارنا السياقي فيما نبغى الوصول إليه و . . إن كنا سنأتي الى ذكره لاحقا وبتفصيل مفيض - وأيضا لهذا الوجه من طبيعة عقولنا . . له محصلة لطابع مرضي ( عقل – نفس سلوكي ) – وهذا ما خرج به الملخص النظري المجرد الافتراضي كقاعدة فهمية في علم النفس - عصبي التجريبي : ( أن العقل عند المريض عصابيا يتجلى ويوجه السلوك والموقف تبعا لمتخيلاته الذاتية الصرفية ويوجه سلوكه وافعاله ومواقفه الشاذة غير السوية على اساسها وليس وفق حقيقتها خارجه – أي خارج توهماته الذهنية ) ، وهو ما يطبع أولئك المرضى ويعلل اعراض حالاتهم ولزماتهم المقترنة بالمرض ونزوعاتهم ومسالكهم غير السوية منطقيا – حيث تسيطر الاوهام والتخيلات المرضية على العقل ليوجه اوامره للدماغ وعبره الى السلوك بما هو عليه – أما ما نخرج من ذلك – غير مسألة قابلية العقل للانخداع طبيعيا من خارجه او عبر محرض بشري يوهم العقل المتلقي بتشكل تصوره واعتقاده بما هو زيف عن الحقيقة ، يكون ذات الامر ناتجا بصورة اخرى ( خداع العقل لنفسه ) . . في ذات الانسان الحامل لذلك العقل - ( ذاتا فردية او عامة مجتمعية ) – فيما يمكن القول به ( إن العقل يوجه المرء الحامل له للتصرف بما يعبر عن نفسه ذاته دونا عن غيره . . وفق ما يريده ويتصوره وليس وفق ما هو حقيقة خارجه ، ويتطلب من المرء رد فعل دماغي فهمي موجه لسلوك او فعل او موقف مختلف تماما عن ما بدر ملموسيا عن ذلك الانسان .

اعتقد نكتفي هنا لنكمل السلسلة في حلقة جزء اخر من عنوان موضوعنا الحالي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لبنان وأزمة اللاجئين السوريين.. -رشوة- أوروبية أم حلول ناقصة


.. وقفة لرفض اعتقال ناشط سياسي دعا لا?سقاط التطبيع مع الاحتلال




.. الاتحاد الأوروبي: ملتزمون بحماية استقلالية المحكمة الجنائية


.. مراسلة الجزيرة: آلاف الإسرائيليين يتظاهرون بتل أبيب للمطالبة




.. ميقاتي: الحديث عن رشوة أوروبية للبنان من أجل إبقاء النازحين