الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مريم إبنة يواقيم أم أخت هارون !

فريدة رمزي شاكر

2022 / 12 / 6
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


مريم فتاة مدينة الناصرة، من سبط يهوذا ومن نسل داود. حيث كان والدها يواقيم عاقراً، وكانت أمها حَنّة حزينة جدًا، فنذرت لله نذرًا وصلَّتْ بإنسحاق قائلة: "إذا أعطيتني ثمرة فإني أقدمها نذرًا لهيكلك المقدس".
فأعطاها الله مريم ولما بلغت مريم ثلاث سنوات مضت بها أمها إلى الهيكل حيث أقامت إثنتي عشرة سنة ، توفى خلالهم والداها. فتشاور الكهنة لكي يودعوها عند شيخ ليحفظها، لأنه لا يجوز أن يبقوها في الهيكل بعد هذه السن. فإختياروا يوسف النجار الشيخ البار ليأخذها لبيته ويرعى هذه الطفلة اليتيمة الأبوين. فتمت كتابة عقد الخطوبة لتعيش في بيته بطريقة رسمية وحسب الشريعة اليهودية.

🌀 تيجي سيادتك النهاردة بعد أكثر من ستمائة سنة لإنتشار المسيحية والإنجيل، لتقول لنا إسمها" مريم بنت عمران وأخت هارون" أقول لك حضرتك مخطئ في العنوان. لأن في ديانة العرب تم دمج مريمتين في مريم واحدة.
مريم أم يسوع المسيح المعروفة في الإنجيل ونبوآت التوراة أنها من سبط يهوذا. وكون أليصابات من بيت هارون فلا يدل على أن مريم من بيت الكهنوت مثلها، لأن مريم كانت( نسيبتها لا قريبتها)، فلم تجتمع بينهما العصبية، لأن النسب جائزًا بين السبطين في إسرائيل.
- ومريم التي تسمت على إسمها سورة قرآنية، ومعروفة للغاية أيضاً في التراث الإسلامي؛ بينما مريم الثانية،" إبنة عمران وأخت هارون"، غير معروفة عموماً بين العرب والمسلمين.
وبالمناسبة والد هارون في التوراة إسمه ( عمرام) وليس (عمران) فلم يشرح كتاب العرب من هو "عمران" هذا؟! ولكن أكدت الأحاديث أنه أبو موسى، فى نفس الوقت أبو موسى إسمه عمرام وليس عمران !! و دعى مريم والدة المسيح أيضاً بـ"إبنة عمران"، جاعلاً من "عمران" الإسم المشترك بين شخصيتين يفصل بينهما ألف وخمسمائة سنة ! .
🌀 مريم العذراء ليست بنت عمران ولا أخت هارون! فلم يكن الكتاب المقدّس بعهديه مترجماً إلى العربيّة في عهد رسول الإسلام.
وهناك إلتباس للمعلوماتيّة عند العرب في تأليف قصّة مريم العذراء. وهذا الإلتباس واضح جداً عندهم ما بين مريم أم المسيح وبين مريم أخت هارون وموسى( هارون أخي- سورة طه:30) ، علماً بأنّ بين مريم الأولى أم يسوع ومريم الثانية أخت هارون، مايزيد عن ألف وخمسمائة سنة.

🌀 مريم الأولى حملت بالروح القدس:{ فَأَجَابَ الْمَلاَكُ وَقَالَ لَها: «اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ، وَقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ، فَلِذلِكَ أَيْضًا الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى إبْنَ اللهِ } -لو1
ولقب قدوس لايطلق على بشر بل على الله ذاته فهو لقب إلهي. وهي ليست مريم بنت عمران التي: { أحصنت فرجها.. فَنَفَخْنَا فِيهِ... إلخ) بما لا يتلائم مع المنطق المهذّب و المقدس في الإنجيل. ما يبين أن وحيّ الإله في التوراة والإنجيل عند اليهود والمسيحيين، ليس مطلقاً هو نفسه إله أي كُتب خارجهما. ويبين أن العرب كانوا يستقوا معلوماتهم من اليهود ومن ( بدعة النصارى) المنشقين عن كنيسة المسيحيين وغيرهم. وإفتقارهم التام إلى التسلسل الزمني والترابط التاريخي، حيث يسردوا أسماء شخصيات وتفاصيل أحداث في أسلوب قصصي بحت ومجرّد من أي إطار تأريخي. وربط ربطاً مبهماً ومربكاً بين مريمتين وقد سهل غياب النسق التاريخي السقوط في مثل هذا الإلتباس الذي إختصر بجرة قلمٍ ألف وخمسمائة سنة!.

🌀 فقوله( ياأخت هارون) والمقصود به أخو موسى النبي والخطأ واضح هنا. صحيح أن موسى وهارون كانت لهما أخت إسمها مريم " Miriam- ומרים أو ميريام מִרְיָם‏‎ "، وهي إبنة عمرام وليس عمران(1 أخبار 6: 3) وكانت الأخت الأكبر سناً من موسى النبي.
بينما أم المسيح فإسمها إسمها الكتابي باليونانية " ماري- Mary - Μαρία". وفي الآرامية ܡܪܝܡ تنطق(مريام- maryām). وفي القبطية تنطق Maria.. بينما العرب عربوا الإسم لمريم، ومن هنا حدث الخلط بين شخصيتين مريم والدة السيد المسيح، ومريم بنت عمرام وأخت هارون! .

🌀 حاول علمائهم تصحيح هذا الخطأ الفادح بأن يملأوا هذا الفراغ الزمني المهول بين المريمتين.. فقال القرطبي: { فقيل : هو هارون أخو موسى والمراد من كنا نظنها مثل هارون في العبادة.. وقيل: على هذا كانت مريم من وِلد هارون أخي موسى فنُسبت إليه بالأخوة ؛ لأنها من وِلده .. وقيل: كان لها أخ من أبيها إسمه هارون ؛ لأن هذا الإسم كان كثيرا في بني إسرائيل تبركاً بإسم هارون أخي موسى ، وكان أمثل رجل في بني إسرائيل ؛ قاله الكلبي.. وقيل : هارون هذا رجل صالح في ذلك الزمان تبع جنازته يوم مات أربعون ألفا كلهم إسمه هارون } !.

- فهل يعقل أن أربعين ألف رجل إسمهم جميعهم هارون مشيوا في جنازة رجل صالح إسمه هارون !! ليس صحيحاً أن إسم "هارون" كان كثيراً في بني إسرائيل، ولا يسجل التوراة ولا الإنجيل أحداً حمل هذا الإسم سوى هارون ذاته أخو موسى النبي، وبالتالي الحديث عن أربعين ألف "هاروناً " يمشون في جنازةٍ واحدة ، فيه كثير من المبالغة والشطط بل واللامنطقية الساخرة ! .
وهل يعقل أن تنسب إلى هارون بالإخوة، وهارون لم يكن أبدا مثالاً للتقوى والعبادة! ولو إفترضنا جدلاً أن مريم والدة المسيح كانت من نسل هارون، فالأصح أن تُدعى" إبنة هارون" وليس "أخت هارون"، على نفس السياق الطبيعي في تسمية التوراة للكهنة بـ"بني هارون" لكونهم من سلالة هارون.. إضافة إلى أن هذا التفسير الملتوي يُحدث يتضارب مع سياق الآية، والذي يذكر الأب والأم والأخ بالجسد، وليس كنوع من الإستعارة اللغوية أو تعبيراً مجازياً ! .
- عن إبن عطية : (وقالت فرقة : بل كان في ذلك الزمان رجل فاجر إسمه هارون فنسبوها إليه على جهة التعيير والتوبيخ ؛ ذكره الطبري )
إذن في النهاية طلع هارون رجلًا فاسقًا فنسبوا إليه العذارء مريم التي إدعوا أنها زانية ، وحاشا لله من إفتراءاتهم ، فلم يذكر اليهود هذا الوصف لأنها في نظرهم وفي نظر مجتمعها كانت زوجة ليوسف الشيخ البار .
- في الحقيقة لم تذكر أي من الأناجيل ولا التقليد المسيحي أن لمريم أخ يُدعى هارون . فهي الإبنة البِكر لأبيها يواقيم لأن هناك تقليد مسيحي يقول إن والدها يواقيم أتى مرة إلى هيكل الرب ليقدم تقدمة، فرفض الكاهن تقدمته لأن مقدمها ( عاقر ) فعاد يواقيم إلى داره مغتماً كسير القلب. وليست كما يقول القرآن بأن أمها مَن كانت عاقراً !

🌀 بينما قال الزمخشري :" كان بينهما وبينه ألف سنة أو أكثر فلا يتخيل أن مريم كانت أخت موسى وهارون ؛ وإن صح فكما قال السدي لأنها كانت من نسله"
في الحقيقة ليس صحيحاً بالمرة أن مريم أم المسيح كانت من نسل هارون ولا من سبط لاوي، فقد كانت من نسل داود ومن سبط يهوذا، وكانت مرتبطة بيوسف النجار الذي كان أيضاً من نسل داود ومن سبط يهوذا.

🌀 إسم يواقيم والد مريم مذكور في إنجيل يعقوب الإبوكريفي الغير قانوني ويعود إلى سنة 150 ميلادية و هذا ليس دليل علي خطأه أو أنه مصدر الإسم. وهو إنجيل يتكلم عن أحداث كثيرة مبنية على معلومات تاريخية صحيحة ولكن يضيف عليها الطابع الغنوسي. ولكنه لم يؤلف أسماء من عنده بل أستخدم أسماء حقيقية ووقائع حقيقية و معروفة ومُسلَّم بها في التِقليد ولكن أدخل عليها الفكر الغنوسي.لهذا لا يُعتَرف بإنجيل يعقوب.
-وهناك أدلة تاريخية أقوى وهي إكتشاف قبر والديِّ مريم القديسة حَنَّه والقديس يواقيم في أورشليم عام 1889 وكان مكتوب على القبر إسمه "يواقيم". وأيضا توجد أيقونات قديمة ترجع زمنها تقريبا للعصور الأولي مكتوب على الصورة مريم إبنة يواقيم .. ودليل تاريخي أخر هو أن تاريخ الإحتفال بمريم يعود الي القرون الأولي بإسم مريم بنت يواقيم بواسطة اليونانيين.. وهناك مصدر هام لإسم والد مريم يواقيم فهو مذكور في التسبيحة القبطي التي يعود زمنها للقرن الثاني التي كتبت الأسماء فيها نقلا عن التقليد الشفوي أي من القرن الأول الميلادي.

🌀 هذا الإلتباس التاريخي بين شخصيتين ، وضعهم قديماً وحديثاً في وضعٍ شائكٍ وحرج. ودفعهم لكتابة عشرات الفرضيات والتفسيرات المتضاربة. ومحاولات يائسة عشوائية من النقيض إلى النقيض، من هارونٍ نبي كريم إلى هارون فاسق، ومن هارون معاصر لمريم إلى هارونٍ أخٍو لموسى، ومن هارونٍ معروف ومشي في جنازته أربعين ألف" هاروناً" إلى هارونٍ نكرة مجهول الهوية والملامح. ورُبّ رميةٍ من غير رامٍ !! وإن لم يصب التفسير أي هدف، فهو على الأقل يُبقي الموضوع مفتوحاً لجميع الإحتمالات والمناورات والمراوغات والتشتيت بإسلوب زئبقي ! وللأسف فجميع تلك التبريرات والفرضيات والإحتمالات لا تصمد أمام إمتحان النقد الموضوعي والتحليل الشامل الأكاديمي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كاتدرائية واشنطن تكرم عمال الإغاثة السبعة القتلى من منظمة ال


.. محللون إسرائيليون: العصر الذهبي ليهود الولايات المتحدة الأمر




.. تعليق ساخر من باسم يوسف على تظاهرات الطلاب الغاضبة في الولاي


.. إسرائيل تقرر إدخال 70 ألف عامل فلسطيني عبر مرحلتين بعد عيد ا




.. الجيش الإسرائيلي يدمر أغلب المساجد في القطاع ويحرم الفلسطيني