الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


41 – مدخل . . الى العقل المتصنم / نفوس متطبعة . . على متكرر قابليتها للانخداع - ( الجزء 2 )

أمين أحمد ثابت

2022 / 12 / 7
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


من نهاية ( الجزء الأول )
تعد قابلية العقل الدماغي البشري للانخداع . . هو وجه ضعف طبيعي آخر لعقولنا – له محمولاته ومعللاته ودلالاته المنطقية ضمنيا ، وهو لن نخوض به الآن تجنبا للتطويل وتوهاننا عن مسارنا السياقي فيما نبغى الوصول إليه و . . إن كنا سنأتي الى ذكره لاحقا وبتفصيل مفيض - وأيضا لهذا الوجه من طبيعة عقولنا . . له محصلة لطابع مرضي ( عقل – نفس سلوكي ) – وهذا ما خرج به الملخص النظري المجرد الافتراضي كقاعدة فهمية في علم النفس - عصبي التجريبي : ( أن العقل عند المريض عصابيا يتجلى ويوجه السلوك والموقف تبعا لمتخيلاته الذاتية الصرفية ويوجه سلوكه وافعاله ومواقفه الشاذة غير السوية على اساسها وليس وفق حقيقتها خارجه – أي خارج توهماته الذهنية ) ، وهو ما يطبع أولئك المرضى ويعلل اعراض حالاتهم ولزماتهم المقترنة بالمرض ونزوعاتهم ومسالكهم غير السوية منطقيا – حيث تسيطر الاوهام والتخيلات المرضية على العقل ليوجه اوامره للدماغ وعبره الى السلوك بما هو عليه – أما ما نخرج من ذلك – غير مسألة قابلية العقل للانخداع طبيعيا من خارجه او عبر محرض بشري يوهم العقل المتلقي بتشكل تصوره واعتقاده بما هو زيف عن الحقيقة – وهو ما فتح لنا مؤخرا تفهما منطقيا ما يقوم عليه السحر من عمل خوارق غير منطقية نصدق بها لكون الساحر يعتمد على ألعاب الخداع البصري . . على تلك الزوايا ( المعتمة في حاستنا ) ، والتي لا تصل إليها أو تصل ولكن يجذب التنبه البصري نحو جوانب اخرى فتغيب عن تركيز العقل عليها كغيرها ، كما ويستخدم بعض من السحرة اسلوب التنويم المغناطيسي والسيطرة على عمل ادمغة المشاهدين عبر الايحاء لاجترار عقولهم بصورة آلية من التداعي الموجه محورا عبر الاملاء الإيحائي للساحر بتوجيه ادراك المشاهدين لما يرونه من خلال ذلك الموجه ، وايضا يشتغل بعض السحرة الكبار على عديد من قوانين الفيزياء والحساب الرياضي لأداء عروض – خارقة خرافية – يتقبلها عقل الرائي كخوارق لا تحدث إلا سحرا ، بينما تعتمد هي على قصور ادراكاتنا الحسية للأشياء او الظواهر . . خاصة في تلك الجوانب الفيزيائية الرياضية . . التي هي حسابيا اعلى من قدراتنا الإلتقاطية لإدراكها ، هذا غير ألعاب الخفة . . المعتمدة إما على تشتيت عقولنا حتى لا ندركها بصريا او تكون من السرعة الزمنية لأداء الحركة أعلى من حد قدرة حواسنا وادمغتنا على متابعتها لإدراكها دون نقص ، بحيث تكون كامل الحركة مكشوفة ولا يحث خداعا لإدراكنا البصري – كما ويوجد شكلا اخرا لخداع العقل يميز ك . . ( خداع العقل لنفسه ) . . في ذات الانسان الحامل لذلك العقل - ( ذاتا فردية او عامة مجتمعية ) – فيما يمكن القول به ( إن العقل يوجه المرء الحامل له للتصرف بما يعبر عن نفسه ذاته دونا عن غيره . . وفق ما يريده ويتصوره وليس وفق ما هو حقيقة خارجه ، ويتطلب من المرء رد فعل دماغي فهمي موجه لسلوك او فعل او موقف مختلف تماما عن ما بدر ملموسيا عن ذلك الانسان ) .

( الجزء الثاني )

في إطار ما يهمنا في موضوعنا هنا ، هو ذلك الحكم التعميمي العلمي لحقيقة وجه اخر لعقولنا وطبيعة عمله – وإن كان افتراضا نظريا مجردا – ولكنه منكشفا بشكل ملموس ، والتي تتمثل ب ( قابلية العقل الدماغي البشري على الانخداع ) طبيعيا وليس مرضيا ، والذي يحدث :
1 - عبر تحكم بشري موجه لانقياد عملنا الادراكي وتفكيرنا واستنطاقنا الاحكام ، بل ويصل الامر الى متكون اعتقاداتنا او قناعاتنا – الزائفة – وفق ما هو مملي علينا من غيرنا .
2 – او كإشكالية تتعلق بذاتنا ، مثل قصور قدرة حواسنا على نقل جوانب من بعض الظواهر ، وأيضا الجهل أو نقص المعرفة او القبلية او زيفها عن بعض من الامور ، فتكون المعلومات المنقولة الى المخ قاصرة ، والتي تتم على اساسها العمليات الذهنية المجردة شديدة التعقيد – للتعرف على من تلك الظواهر او الامور والحكم عليها بشكل قاصر ، واحيانا تكون تلك الجوانب غير المنظورة – عن ادراك حسي او منطقي تخيلي - تعد رئيسية بحد ذاتها لمعرفة حقيقة الشيء او الامر مقارنة بغيرها من المنعكسات – كما هو خارج عقولنا او رغباتنا المتعاطفة مع الذات – وهو ما يجعل تصورنا وفهمنا واحكامنا وقناعاتنا وافعالنا ومواقفنا قاصرة عن ادراك الحقيقة – والذي على اساس ذلك نكتشف أم مثل تلك الظواهر او الامور تظل مستمرة وعالقة – رغم فهمنا ( التوهمي ) بمعرفتنا الحقة لتلك الحقائق وعملنا – العارف – لحلها او معالجتها إن كانت على صورة ظاهرة او مظهر سلبي يراد التخلص من وجوده او تكرره – ذلك البقاء والاستمرار لمتكرر الحالة السلبية او السيئة او المضرة . . تسقطنا في حالة من الاضطراب الذهني المشوش ، يصل الامر الى نشوء قناعة شبه كلية فينا بالتشكيك في كل شيء ، وعدم التصديق او الثقة او الايمان بأي فكر او تصور او اعتقاد او اداء لاحق – أي بمعنى تتسلط العدمية على قناعاتنا العقلية باستحالة الانسان – في بلداننا – فكرا او عملا على حل أي امر كان موجود واقعا – عدا القدرية ( الغيبية ) بأن الله وحده القادر على حل مثل تلك الامور . . رحمة بعباده .

وإن تحدث مفكر او عالم مجال انساني يبحث في طبيعة الذات البشرية – الفردية او الخاصة او العامة المجتمعية – حول ظاهرة ( الانقياد السلبي ) . . أكان للعقل او لذات انسان المجتمع – وهذا غير الانقياد التابع لأنظمتنا العربية لمراكز النفوذ العالمية الامبريالية – فإنهم بقدر ما يعرضونها حكما لواقع ملموس كمشكلة و . . اقصاهم تدقيقا يوصفها ب ( المشكلة المركبة ) . . المنتجة عبر متكرر تاريخي لها ، ويصمونها بمعرف ال .. ( مشكلة تاريخية ) – واحيانا توصف الحالة بمسميات لفظية اخرى مركبة ك ( العقل المشلول ، العقل المستلب ، العقل الجامد ، العقل التابع و . . بمثلها جمود المجتمع او المجتمع الجامد ، او الشلل المجتمعي او المجتمع المشلول ، الاستلاب المجتمعي او الذات الاجتماعية المعاقة . . الخ من غيرها من المسميات المتداولة ) – ورغم احكامهم تلك ، والتي تبنى على اساسها تحليلاتهم الاستنطاقية ورؤيتهم الموقفية الفكرية تجاه راهن الذات العربية الموجودة ، يظلون متقوقعين مضمونا – وهو ما يغيب على عقولهم الاستنطاقية والاستنباطية – في كونها حالة طبيعية وإن كانت سلبية في التاريخ وحتى الراهن – كون علم النفس التجريبي والاجتماعي . . لم يهتم تخصصا سوى بالحالة المرضية ( الشاذة ) بصورة فردية لأفراد ( معتلين نفسيا او عصابيا في الموصف الطبي ) مقارنة بالغالبية السوية اجتماعيا ، مثل الفصام ، الوسواس القهري ، الهلوسة ، الذهان . . الخ ، وهو ما طبع علم الاجتماع والتاريخ والاجتماع السياسي والأنثروبولوجيا . . أن ترى في هذه المشكلة المركبة كاجترار او اعادة انتاج ذات المجتمع لخلل تاريخي . . يوسم بمعبر ( المورث ) المنتقل منذ القديم الى الراهن خلال الاجيال المتعاقبة لإنسان المجتمع العربي – كحالة حقيقة طبيعية كانت و تظل تشكل عنصرا رئيسيا في المجتمع . . تعيقه دوما عن التغير التطوري الطبيعي الجاري عند شعوب المجتمعات الاخرى – وكأن ما يقفون عليه من تصور او فهم او اعتقاد رؤيوي ينعكس على منهاجية استقرائهم . . مبنى على قاعدة نظرية يؤمنون بها متصلة ( بحياء ) - وقد سبق ورودها من قبلنا في الجزء الاول – بظاهرة العقل القابل للانخداع طبيعيا ، والذي على اساسه فإن الذات بصفتها الاجتماعية العامة بموصف المستلبة او المنقادة تبعيا او المعاقة او مشلولة الارادة او القدرة الواقعية فعليا . . كحقيقة طبيعية غير مرضية بأي حال من الاحوال – فالمرض النفسي يطلق فقط على الحالات الفردية المختلة او المجتمع كأفراد مصابين بالمرض و . . لكن في العضوية – الوبائية مصدرا وانتشارا فقط ، اما دون هذه الاخيرة فلا يمكن استخدام موصف المجتمع او الاجتماعي ( لذات الانسان العامة ) بأي موصف مرضي شذوذي او غير سوى ! ! ! . . .

إن هذه العقيدة الفكرية – العلمية . . المجمع عليها كفقه نظري حول طبيعية – وليست مرضية - ( انتقال مورث خلل او تشوه اجتماعي تاريخيا ) . . غير صحيحة ومجانبة للعلم . . فيما يتصل بالحقائق العلمية ذات العلاقة غير المباشرة بصورة المصطلحية اللفظية للمفاهيم الخاصة بها – والتي يجب اسقاطها وتغييرها الى طابعها السليم علميا ، وذلك وفق زعمنا وقناعتنا الخاصة بنا – فالانتقال الطبيعي للصفات والسمات ومن بعض الخصائص والطباع وراثيا عبر الاجيال من جيل سابق الى اجيال لاحقة ، بينما هناك المورث ( المرضي ) ، الذي هو غير طبيعي او شاذ عن الوراثة الطبيعية ، حيث ينتقل المرض بين الاجيال المتعاقبة وراثيا – إما كمرض فسيولوجي عضوي او نسيجي او خلوي او كيميائي هيكلي او حيوي بحامل خلل افرازي صرف ، وهو إما يكون بادئا عند السلف الاول المورث للمرض كاختلال او تشوه خلقي قابل للتوريث ، او كمرض فسلجي عضوي او حيوي او كليهما معا غير خلقي ، بل ينتج عن حالة اختلال او تشوه عضوي داخلي التركيب او إثر حادث يصل ضرره للتغيير في التركيب الكروموسومي – في أي زمن من عمر المورث الابوي الاساسي - والذي ينتقل عبر عملية التزاوج الجنسي -الناقل للمرض الى الابناء والاجيال اللاحقة – كما ويوجد مرضا وراثيا من مصدر خارجي ( جرثومي او تلوثي . . أي كان ) – وليس داخلي – فعند إصابة المورث الابوي الاول الاساسي به ، وحين يصل اثره لإحداث حالة المرض بتمكنه على تغيير البنية الكروموسومية او يكون معدلا جينيا لبعض الجينات على الشريط الوراثي ، والذي يتم نقله الى الجيل اللاحق ومنها الى الاجيال الاخرى خلال عملية التزاوج الجنسي .

ببساطة مختزلة . . لما نريد الوصول إليه ، أن المتناقل وراثيا عبر الاجيال – أي تاريخيا – إما أن يكون طبيعيا ، حيث تكون محمول المورثات عبر الاجيال سليمة او سوية ، او يكون غير طبيعي ، وفيه تكون محمولات التوريث المرضية من الصفات متناقلة عبر الاجيال المتلاحقة – حتى بانتهاء وجود المصدر المسبب للمرض في الابناء والاحفاد - و تعد المورثات المنقولة في هذه الحالة غير سوية او غير سليمة او شاذة بالنسبة للحالة الطبيعية .
وعليه ، لا يعرف العلم ( منهجا ) صفة الانتقائية لفهم مفهوم مصطلح علمي من خلال بعد واحد فقط ونسقطه مزاجيا ك . . ( تعميم اطلاقي ) يعبر عن معنى ومدلول لفظ مصطلح علمي من المصطلحات - اي من خلال بعد واحد ننتقيه وفق فهمنا المزاجي التصوري ونسقطه بتخمين ظني انه يعبر بدقة وكمال عن مفهوم المصطلح المعني قصدا ، ك . . ( الوراثة ) او أي من اشتقاقاته اللفظية الدالة على المفهوم الاساس ك . . التوريث او المورث او الارث او حتى الموروث . . تؤخذ مفهوما في الفكر العلمي لمجالات العلوم الانسانية وحتى الدينية والنفس اجتماعية ( كمنظور طبيعي ) كمعنى لموصف الصفات المنقولة عبر الاجيال وكدلالة تاريخية بانتقال مكونات او صفات اجتماعية من القديم الى الحديث عبر الاجيال المتعاقبة ، وعادة ما يقصد بالإرث المتناقل اجتماعيا ممثلا بما هو ( سلبي او تشوهي او اختلالي او مضر ) ، وهو ما يوسم المجتمع عبر التاريخ بموصف ( المشكلة التاريخية ) – والتي نوصفها تسمية نحن ب . . الاشكالية التاريخية – والتي تعد اعاقية او مانعة او معطلة لجوهر طبيعي للذات المجتمعية أن تسلك مسارها الطبيعي في التاريخ والمبني حركته على مبدأ قانونية التغير التطوري . . كغيرها من شعوب المجتمعات الاخرى – وهنا فلا يمكن التعامل كفهم علمي او حتى منطقي مع المجتمع في مسألة الارث او التوريث بمدلول الذات او فعلها الموصف للوجود المجتمعي واقعا – اكانت الذات المقصود بها كذات مجتمعية عامة او فردية – على اساس وراثة طبيعية ، بل يجب التعامل الفهمي للحالة المجتمعية التاريخية في انتقال ارثها القديم الى الان . . كحالة مرضية للذات العامة الموجودة ، والتي توصم انسان المجتمع العربي بتغير جوهر اساسي من جواهره الجزئية الاخرى – وبهذا الفهم الاخير الذي نزعم به يقود الى تغير كامل ومغاير للنظرة والفهم للتاريخ والمجتمع والانسان ، مغايرة فيها اولا الاعتراف بالحقيقة المرضية التاريخية المورثة في الذات العربية – والمعلمة مرضيا بالعقل المريض او المعاق او المشلول في ارادته – ولكون ان الحقيقة المكملة لوجود الذات المجتمعية بدورها الخالق لنوع واقعها بكل ما يحتويه من عوامل وشروط وظروف ، فإن هذه الذات المريضة تعيد انتاج واقعها وقيمها على طبيعة مرضية ( مختلة واعاقية للتطور ) – وبموجب هذا الفهم المغاير للحقيقة المرضية الكاملة لانسان الذات المجتمعية ومحيطه – بمعلم الوطن او البلد بشقيه الواقعي المجتمعي البشري والعلاقاتي او الموضوعي – سيكون واضحا علميا لفهمنا كيفية التعامل العلاجي مع الابعاد المرضية من زواياها المختلفة ، ولكن بربطها مع الجوهر الاساسي للمورث المرضي المدرك يقينا بحقيقتنا المرضية تاريخيا لذاتنا – العقلية والنفس عقلية عاطفية – المطبوعة على الانقياد الاستلابي الطوعي ، وهو ما يؤصل وجودنا من جيل لآخر كذات مخدوعة بطبعها – أي لا تعيش وتمارس وجودها الحياتي إلا من خلال صور الخداع والزيف المتعددة وجودا في المجتمع وعلاقاته وتراكيبه ونظمه .

إن المسألة المطروحة بحثها لا يحلها الجدل او النقد او التحامل او التغاضي ، إنها حالة مرضية شديدة التعقيد تتطلب علما علاجيا تطبيبيا دقيقا واضحا ، ومثل ما تتطلب مهارة حرفية دقيقة ف . . فإنها تتطلب عقولا حرة مبدعة موسومة بالعصف الذهني المتجدد والمتنامي ، و . . تتطلب جرأة اقدام على ممارسة العلاج – وهذا نتمنى أن نأتي عليه في موضع اخر من سلسلة هذا المؤلف .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الولايات المتحدة و17 دولة تطالب حماس بإطلاق سراح الرهائن الإ


.. انتشال نحو 400 جثة من ثلاث مقابر جماعية في خان يونس بغزة




.. الجيش الإسرائيلي يعلن قصف 30 هدفا لحماس في رفح • فرانس 24


.. كلاسيكو العين والوحدة نهائي غير ومباراة غير




.. وفد مصري يزور إسرائيل في مسعى لإنجاح مفاوضات التهدئة وصفقة ا