الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدين والتدين والإنسان والبيئة

قاسم المحبشي
كاتب

(Qasem Abed)

2022 / 12 / 15
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


للإسكندرية سحرها الميتافيزيقي حيث يتجلى المكان ببعديه النهائي اللانهائي والبحر والامتداد فهي أعظم مدن البحر الأبيض المتوسط الموازية لأثينا اليونانية وحينما أزورها تنتابني مشاعر مختلطة من الشوق والحنين والأمل والاستشراف. فهي مدينة العلم والفلسفة التليدة التي تحمل اسم اعظم فاتح يوناني هو الاسكندر الأكبر الذي انشاءها عام 332 ق.م. والاسكندر هو تلميذ الفيلسوف اليوناني الشهير ارسطو طاليس(384 -322ق.م) وهي مدينة العلم والفلسفة منذ أقدم العصور إذ اكتسبت هذه الشهرة من جامعتها العريقة ومجمعها العلمي "الموسيون" ومكتبتها التي تعد أول معهد أبحاث حقيقى في التاريخ ومنارتها التي أصبحت أحد عجائب الدنيا السبع في العالم القديم. فقد أخذ علماء الإسكندرية في الكشف عن طبيعة الكون وتوصلوا إلى فهم الكثير من القوى الطبيعية. ودرسوا الفيزياء والفلك والجغرافيا والهندسة والرياضيات والتاريخ الطبيعى والطب والفلسفة والأدب. ومن بين هؤلاء الأساطين إقليدس عالم الهندسة الذي تتلمذ على يديه أعظم الرياضيين مثل أرشميدس وأبولونيوس وهيروفيلوس في علم الطب والتشريح وإراسيستراتوس في علم الجراحة وجالينوس في الصيدلة وإريستاكوس في علم الفلك وإراتوستينس في علم الجغرافيا وثيوفراستوس في علم النبات وكليماكوس وثيوكريتوس في الشعر والأدب فيلون وأفلاطون في الفلسفة وعشرات غيرهم أثروا الفكر الإنساني بالعالم القديم. وفي الإسكندرية ولدت وعاشت واستشهدت أعظم فيلسوفة وعالم رياضيات في التاريخ هيباتيا 370-415م تعد أول امرأة في التاريخ يلمع اسمها كعالمة رياضيات كما لمعت في تدريس الفلسفة وعلم الفلك. والإسكندرية عبر تاريخها الطويل عرفت بمدينة المكتبات وأولها مكتبة الإسكندرية الملَكية أو المكتبة العظمى هي كبرى مكتبات عصرها، شيدها بطليموس الأول قبل ثلاثة وعشرين قرناً. تحتوى المكتبة على اكثر من نصف مليون من اللفائف. وفي الاسكندرية توجد اليوم أكبر واحدث مكتبة ورقية ورقمية في الشرق الأوسط تحوي أكثر من ثمانية مليون كتاب. فضلا عما تنطوي عليه الإسكندرية من كنوز أثرية خالدة وأثار تاريخية شاهدة ففي قاع بحرها متحف تاريخي يروي مغامرات شعوب البحر الأبيض المتوسط منذ أقدم العصور.
فضلا عن كونها بوابة أم الدنيا وأقدم حضارات الأرض مصر العظيمة التي منها بزغ فجر الضمير الإنساني بحسب هنري باستيد. هنا أنعقد المؤتمر الدولي الثاني للترابط بين الإنسان والدين والبيئة الذي نظمه معهد الأبحاث الألماني OIB من 10 إلى 13 ديسمبر2022 بحضور نخبة متميزة من المفكرين والاكاديميين والباحثين من مختلف بلدان العالم. حوالي ثلاثية ورقة بحثية تناولت موضوع المؤتمر من مختلف جوانبه وإبعاده الفلسفية والتاريخية والسوسيولوجية والانثروبولوجية واللاهوتية والسياسية والجغرافية والفقهية والإعلامية والقانونية والتطبيقية. أستهل المؤتمر بورقة المفكر المصري المستشار عبدالجواد ياسين صاحب كتاب الدين والتدين؛ النص والتشريع والمجتمع وكتاب وكتاب السلطة في الإسلام وكتاب اللاهوت؛ انثروبولوجيا التوحيد الكتابي.
الذي أكد أن المشكلة ليست في الدين ذاته بوصفه كليا مطلقا قادم من خارج الاجتماع البشري ولأنه لا يعمل في الفراغ بل من داخل الاجتماع فإن حضوره يؤدي بالضرورة إلى حدوث التدين (ممارسات البشر للدين في الواقع) وليس المشكل في حدوث التدين بوصفه ممارسة للدين ، بل في تحوله إلى دين، أي اكتسابه صلاحيات السلطة المقدسة (المؤبدة) للمطلق. وهو ما يعني تثبيت كتلة من الثقافة التاريخية، هي بطبيعتها غير قابلة للتثبيت داخل نطاق المطلق المقدس أي الثابت الملزم، الأمر الذي يفضي في لحظة ما إلى صدام ضروري مع حركة الاجتماع الخام بما أنها بطبيعتها متغيرة لا تقبل الثبات. إن ذلك يفسر لماذا يظل التدين سبباً لموجات مزمنة من التوتر في الفضاء الاجتماعي، رغم الحضور العميق للدين على مستوى الذات الانسانية.
وقد سنحت لي الفرصة في تقديم ورقتي عن الدين والتدين تحولات المفهوم وسياقات المعنى. فما هو الدين؟ وما هو التدين؟
إذ أن تحديد المفاهيم وتعريفها يعد الخطوة المنهجية الأولى في الدراسات الإنسانية والاجتماعية والثقافية، ذلك إن خطابها لا يتكلم بواسطة ألفاظ تستعمل مرة واحدة والى الأبد بمعاني ودلالات محددة وثابتة بل تعبر عن ذاتها بواسطة مفاهيم ومصطلحات شديدة الاختلاف عن مفاهيم العلوم الطبيعية. فضلا عن كونها مفاهيم ملتبسة وغامضة وغائمة، على الدوام لان موضوعها ذاته متحرك ومتغير باستمرار، إذ لا توجد نواة صلبة قابلة للتحديد والتعريف تصلح جوهراً للمفاهيم التاريخية الثقافية كتلك التي نستخدمها هنا (الهوية، الدين, الهيمنة, المجتمع المدني العلاقات الاجتماعية ..الخ) ولا يوجد اتفاق بين الدارسين حول معانيها المحددة، وكل تعريف هو تعريف إجرائي تحكمي نابع من رأي الباحث أو الدارس حسب استعماله وتوظيفه للمفهوم في دراسة موضوعه ، ولا يكون إلا تعريفا نسبيا للمعنى لا يستنفده وليس جامعا مانعا كما هو الحال في العلم الطبيعي بمعنى من المعاني. لكن اشد الإخطار هو خطر الكلمات التي تستثير في أذهاننا جواهر أو ماهيات فكرية مشخصة زائفة تملأ التاريخ سكان من الأسماء الكلية والكائنات المختلقة المشخصة لا وجود لها في الواقع، وربما يعود تخلف الثقافة المعاصرة إلى ذلك الالتباس والغموض في استخدام المفاهيم التاريخية إذ يتم فيه الخلط بين قوى التاريخ خلطاً تفقد به الاسماء الدلالة على المسميات ولا تدل به المسميات على أسمائها، وفي هذا ما فيه من تعطيل لغة الكلام بقعودها عن القيام بوظيفتها المعرفية العلمية وعن مواكبة حركة التاريخ والتقدم الثقافي ولعل الحاجة إلى إعادة تحديد وتعريف الكلمات المفتاحية التي نستخدمها في دراساتنا الاجتماعية تزداد بعد استعمالها السيئ مثلما يحتاجه مذهب بعد ظهور بدعة فيه. إذ أن المفاهيم لا توجد في فلك الأفكار ومدونات اللغات فحسب، بل هي كائنات تاريخية شديدة الارتباط بسياقاتها الاجتماعية الثقافية المشخصة، ولكل مفهوم مكان وزمان ولادة وسياق نمو وتجربة ممارسة وعلاقات قوة وسلطة معرفة ونظام خطاب ومدونة لغة وفضاء فكر وحساسية ثقافة وحقل تأويل وشفرة معنى وأفق دلالة.. الخ غير أن مشكلة الإنسان مع المفاهيم المجردة تكمن في اعتقاده بانه يعرفها بمجرد النطق وحينما يسأل نفسه عن معناها؟ يكتشف جهله بمعناها الحقيقي وتلك هي قضية سقراط الذي أكد أن الفلسفة هي التي تعلمنا جهلنا ومعرفة الإنسان بجهله الذاتي هو الخطوة الأولى لتفتح العقل وفهم العالم. وطالما والواقع يتغير ويتطور ويتجدد ويتبدل باستمرار فمن الضروري للفكر أن يتجدد باستمرار. والفلسفة بوصفها أكثر اشكال الفكر تجريدا هي أولى بالتجديد نظرية ومنهجا. إذا هي مثلها مثل أنساق المعرفة الانسانية والاجتماعية والطبيعية بحث في مشكلات العالم وتجاوزها. وقد ارتبطت الفلسفة منذ نشأتها الباكرة في السؤال المتجاوز لذاته باستمرار فهي ميتا فيزيقا بمعنى صبوة العقل الذي لا يكف عن استنطاق المعنى فيما وراء الفوضى واللامعنى. وبهذا المعنى يمكن مقاربة مفهومي الدين والتدين. فالمفهوم هو الذي يعبر عن العناصر الجوهرية الثابتة المتكررة في الظاهرة المتعينة موضوعا للبحث.
والسؤال الذي يعنينا هنا هو كيف يمكن فهم العلاقة بين الدين بوصفه ظاهرة إنسانية إيمانية عامة والتدين بوصفه ممارسة اجتماعية محلية للخبرة الدينية؟ وهذا يستدعي معالجة الموضوع من زاوية منهجية مزدوجة: زاوية المنظور الفلسفي للدين والظاهرة الدينية بوصفها بنية كلية متعددة المعاني والإبعاد الميتافيزيقية والسيكولوجية والإيديولوجية والمؤسسية, وزاوية المنظور السوسيوثقافي لفهم البعد الاجتماعي للتدين ووظائفه المتنوعة في مختلف مجالات الحياة الحضارية والمدنية والثقافية.

مفهوم الدين
جاء في لسان العرب الدين مفردة جمعها أديان يقال دان بكذا ديانة وتدين به فهو دين، ومتدين، وأدانه ديناً أي أذله أو أستعبده(ينظر. ابن منظور, لسان العرب, جزء 6, دار صادر, 2003) ولا يوجد اتفاق بين الدارسين بشأن معنى محدد للدين, بل أنهم ينظرون إلى الظاهرة الدينية من منظورات مختلفة, ومداخل متعددة, فمنهم من يهتم بالصيغة المعنوية في الدين "إن الدين هو الإيمان بكائنات روحية" حسب تايلر. ومنهم من يلح على الوظيفية العلائقية فيه, كما ورد في معجم أكسفورد في تعريف الدين بأنه " اعتراف الإنسان بقوة عليا غير منظورة تتحكم في مصيره ولها عليه حق الطاعة والتبجيل والعبادة، والعنصر الجوهري في الدين التسلطي هو الاستسلام لقوة تعلو على الإنسان، والفضيلة الأساسية في هذا النمط من الدين هو الطاعة والخطيئة الكبرى هي العصيان، وكما يتصور الإله على أنه شامل القدرة محيط علماً بكل شيء فكذلك يتصور الإنسان على أنه عاجزاً تافه الشأن" ويركز فريق ثالث على البعد الإيديولوجي أمثال, امانوائيل كانط في تعرفه الاعتقاد " بأنه النظر إلى شيء ما على انه حقيقة" وأريك فروم الذي قال: " إنني أفهم بالدين بأنه أي مذهب للفكر والعمل تشترك فيه جماعة ما يمنحها إطاراً للتوجيه وموضوعاً للعبادة "( أريك فروم، الإنسان بين الجوهر والمظهر، ترجمة, سعد زهدان، مجلة عالم المعرفة الكويتية، أغسطس 1989م، ص37.)
وفريق رابع يعرف الدين من منظور سوسيولوجي اقتصادي, كما فعل كارل ماركس في( الايدولوجيا الألمانية) أو ماكس فيبر في كتابه (الأخلاق البروتستانتية وروح الرأسمالية عام 1904) وأن كان بصيغة متناقضة مع صيغة ماركس الشهيرة " الدين هو زفرة المخلوق المعذب، وروح عالم بلا قلب كما أنه فكر عالم يفتقر إلى الفكر، إنه أفيون الشعوب "( ينظر, سربست نبي, كارل ماركس .. مسألة الدين, دار كنعان للدراسات, دمشق, 2002,ط1, ص 75) ويذهب دور كهايم في كتابه ( الأشكال الأولية للحياة الدينية) 1912م إلى تعريف الدين ب " مجموعة من المعتقدات والشعائر أو العادات التي يوجد بينها علاقات متبادلة، مرتبطة بأشياء مقدسة،"( ينظر, دانيال هيرفيه ليجيه وجان بول ويلام, سوسيولوجيا الدين, المرجع السابق, ص 213)

والإغراض هذا البحث يمكننا تعريف الدين بأنه تلك المؤسسة الاجتماعية التاريخية التقليدية الراسخة في حياة المجتمعات البشرية التي وفرت للفاعلين الاجتماعيين أطارا عاما للانتماء والتماهي مع مجتمعاتهم في صيغة تضامنية ميكانيكية ومنحتهم الشعور بذاتيتهم الجمعية, بوصفهم (نحن) متميزة في مقابل الآخرين, فضلا عن منحهم عقيدة عامة في تصوير وتعريف وتبرير وتفسير أنفسهم والله والآخرين والمجتمع والتاريخ والحياة والعالم.
وعليه نخلص إلى إن الإنسان هو كائنا دينيا وأن الإيمان هو جزء جوهري فيه، فلا وجود لإنسان بغير حاجة دينية، بيد أن هذا القول لا يخبرنا بشيء عن سياق خاص تتجلى فيه هذه الحاجة الدينية، فقد يعبد الإنسان الحيوانات أو الأشجار أو الأصنام من الذهب أو الحجارة أو إلهاً غير منظور أو إنساناً أو طبقة أو حزبه، أو المال أو النجاح وقد يؤدي به دينه إلى تطوير روح الدمار أو الحب..الخ. إذن فالدين هو إشباع لذلك الجزء الإنساني المتعطش دائماً للإشباع الروحي.إذ إن في الوجود جانباً باطناً لا مرئياً خفياً، وأن معرفته لا تتم بالطرق المنطقية – العقلانية وأن الإنسان كائن ناقص الوجود والمعرفة، وإن الطرق إليه خاصة وشخصية وفريدة وحميمة وهذا ما يفسر تماثل وتناغم جميع الاتجاهات التي تحاول الوصول إليه واستشرافه, فالتجارب الكبرى في معرفة ذلك الجانب الخفي من الوجود تتلاقى بشكل أو بآخر فيما وراء اللغات وفيما وراء العصور وفيما وراء الثقافات(31ينظر, أدونيس, الصوفية والسوريالية, دار السافي، بيروت، الطبعة الثانية، 1995، ص17)

مفهوم التدين
يتصل مصطلح التدين بمفهوم الدين كما يتصل مصطلح السياسة بمفهوم السياسي فكما أنه من المهم التمييز بين كلمتي السياسة والسياسي, فكذلك الحال من المهم التمييز بين مفهومي الدين والتدين إذ أن الخلط بينهما يشوش الرؤية والمعنى , فا للفظ سياسي يشير إلى الكائن الإنساني بوصفه كائناً اجتماعياً أو مدنياً بالطبع حسب أرسطو وابن خلدون بمعنى الحياة المشتركة للناس في المجتمع أو ما يعرف بالشأن العام , بينما تشير لفظة السياسة إلى عملية إدارة الشأن العام بوصفها علاقات قوة , وبهذا يمكن لنا فهم عبارة روجيس دوبرية في كتاب, نقد العقل السياسي, " طويلاً ما أخفت السياسة عني السياسي. إنها تخفيه, ليس بمعنى ما يخفي القطار قطاراً آخر, بل بمعنى أن أي قطار يخفي السكك التي يجري عليها. هناك مسافات كثيرة, وشرعات كثيرة, ولكن هنا سكة حديد واحدة, أو سكة صليب"( ينظر, روجيس دوبريه, نقد العقل السياسي، عفيف دمشقية،( مترجم), (بيروت: دار الآداب, 1986ط1) ص 209) وهكذا يخفي التدين الدين وتختفي الحدود والمعالم بينهما. إذ أن الوجود السياسي والديني للناس في المجتمع هو وجود شبه ثابت نسبيا في بنية المجتمع الأساسية, مثله مثل بنية القرابة, وبهذا (ظلت السياسة أشبه بالزمن الذي لا يمر) وكل لحظة من لحظات التاريخ السياسي للمجتمعات تمثل الدرجة الصفر؛ وكل جيل يمسك بالخيط من أوله. ويردد في الوقت ذاته أنه يبتدع _ هيستريات تحقيق الذات , والهلوسات الجماعية, والفصامات الطائفية, والهذيانات الدفاعية, والأخرى التفسيرية الخ ... وكما ان المراهق يتعلم المضاجعة دون أن يعلمه إياها أحد, ولكن دون أن يمارسها (( خيراً)) مما مارسها جدوده, فإن كل حقبة اجتماعية تعاود اختراع السياسة وكأنها لم تكن قط, هي هي سياسة كل زمان, الإشكالية بصورة جوهرية." ويرى دوبرية أن هذه القرابة المزدوجة بين السلطان السياسي والميثولوجيا والشبق الجنسي, نابعة بالتحديد من أن زمن الخرافة وزمن غريزة الحب شريكان في البنية ذاتها, بنية التكرار؟(ينظر, روجيس دوبريه، نقد العقل السياسي, عفيف دمشقية،( مترجم), (بيروت: دار الآداب, 1986ط1) ص 209) وهكذا نفهم الصلة الدائمة بين السياسة والدين والمجتمع بوصفها صلة راسخة الجذور في الكينونة الأولى للكائن الاجتماعي الديني السياسي. ويمكن أن نعرف التدين بأنه أساليب وصور ممارسة الفاعليين الاجتماعيين في مجتمعاتهم المشخصة لمعتقداتهم الدينية المقدسة. وبهذا المعنى يكون الدين معتقد كلي له "عـلاقـة بنـيوية وتكويـنية بحياة الإنسان، وعلاقـته السوسيولوجية والوجودية بوجوده التـاريخي، يظهر هذا الجوهر المركزي البـشري (Anthropocentric) للدين، برأي أديب صعب، في اشـتراك جميع البـشر على اختـلاف أديانهم في التـساؤل حول أمور مشتركة، تتعـلق بالأصل البـشري، وأصل الـوجود، وبالمصير النهائي بعد الموت، وبهدف الحياة، وبالثـواب والعـقاب، وبوجود الـشر. والدليل الأكبر على أنثروبولوجية الدين؛ هو أنَّ النـاس تسأل تلك الأسئلة، مهما كان موقـفهم من الله، وكأنها أسئلة لا تـقوم الإجابة الدينية عليها على فكرة "الله" بالدرجة الأولى؛ بل على (تعـلُّق تلك الأسئلة بأصل الحياة، ومصيرها، ومعناها، وبكل الـشؤون الأساسية الأولى والأخيرة في الوجود). يسمّي صعب هذا النوع من التـديُّـن بـ"الديـن الطبيـعي"، ويقول صراحةً: إنَّ نظريته الفلسفية الدينية، تـدور حـول هذا النـوع من التعبـير البـشري الفطري عن سعي الإنسان للأفـضل، وهو يعتــقد أنَّ أيّة فلـسفة عـامة عن الدين، هي فلـسفة عن الدين الطبيعي في الجوهر. وأكثر من ذلك، لا يـشكل الوعي الديني المرتبط بالإنسان وسلوكه الديني، منطلق الدين الطبيعي وفلـسفـته فـقط؛ بل يشكـِّل، أيضًا، منطلق أديان الوحـي، وأساس الديـن بحـد ذاتـه"( ينظر، نجيب جورج عوض, لدّين بين الفلسفة واللاهوت: أديب صعب، جون هيك، والتعدديّة الدينيّة, مؤمنون بل حدود، فبراير 2017)
كان مؤتمرا زاخرا بالأوراق العلمية والمناقشات الأكاديمية الرصينة منحني فرصة طيبة للتعرف على نخبة متميزة من الباحثين والباحثات في مجالات العلوم الاجتماعية والإنسانية من مختلفة البلدان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف تأخذ استراحة بشكل صحيح؟ | صحتك بين يديك


.. صياد بيدين عاريتين يواجه تمساحا طليقا.. شاهد لمن كانت الغلبة




.. أمام منزلها وداخل سيارتها.. مسلح يقتل بلوغر عراقية ويسرق هات


.. وقفة أمام جامعة لويولا بمدينة شيكاغو الأمريكية دعما لغزة ورف




.. طلاب جامعة تافتس في ولاية ماساتشوستس الأمريكية ينظمون مسيرة