الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إسلام الحياة؛ نحو خطاب جديد في العالم الإسلامي

جواد شریفی

2022 / 12 / 15
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


علي الهي خراساني . نقله الی العربیة جواد شریفی
أثّرت التقدمات الفکریة فی القرن العشرین فی مجالات شتّی من العلوم الإنسانية، وفسحت المجال للمفکرین والناشطین للاستفادة من نظریات تحلیل الخطاب.
ومن المقاربات العدیدة فی تحلیل الخطاب، مقاربة "لاکلا_موفا" أکثر ملائمة مع الفکر السیاسی. وهذه المقاربة تسعی لاستیعاب المعانی المندرجة فی التحولات الاجتماعیة، خلافا للمقاربات الموضوعیة التی تسعی للتبیین السببی للظاهرة.
تحلیل الخطاب نظرا الی أنه وُلد و نشئ فی حضن فلسفة مابعدالحداثة، یقف فی وجه الفلسفة الجوهریة، وما له أی إلتفات وإنتباه إلی الصدق المنطقی للقضایا أو کذبها. فی نظریة تحلیل الخطاب نضع الموضوع (شیئا کان أو عملا) مستهدفين استیعابه ضمن إطار أوسع للمعانی.
خذ حجرا علی سبیل المثال، طبقا لخلفیّته الاجتماعیة التی وقع فیها یُستوعب بأشکال شتّی. کحصة فی بناء بیت، أو آلة فی الحرب أو إکتشاف أثری. هذا الحجر یشتمل علی کل هذه المعانی والهویات وفقا للخطاب والإطار الذی یقع فیه. و هذا یدل علی أن الهویة لها خصوصیة إضافیة. بتعبیر آخر لا یُستوعب المعانی الاجتماعیة للکلمات والتصرفات والموؤسسات بغضّ النظر عن ذلك الإطار الشامل.
لا یُدرك أیّ معنى أو أیّ تصرف الا بالاضافة الی خطابه الخاص. فلهذا لن نقدر أبدا علی استیعاب الظاهرة الاجتماعیة وتبیینها وتقییمها دون إستیعاب ذلك الاطار الخطابی الشامل.
لا حاجة الی المزید من الکلام کی نلتفت وفقًا لهذه النظرية النسبویة، الى أن كل شيء يخلو من معناه المحدد وهويته الثابتة. الامور تکسب معانیها وهویاتها فی شبکة متداخلة، ومترابطة مع المعانی والهویات الأخرى. دون شبکة الخطابات لاتوجَد ولا تُحقَّق المعانی والهویات.
العالم الاسلامی جرّب حتی الان خطابین شاملین، كان الخطابان محظوظان باتباع الجماهیر، الخطاب التقلیدی و الخطاب السیاسی. وکلاهما یسعیان کی یشکلان المفاهیم طبقا لارادتهما و یجمعان العناصر حول عنصر مرکزی، ويعملان على ترسيخ سلطتهما.
الحجر الأساس والعنصر المرکزی فی الخطاب التقلیدی هو التعبد بالنص. هذا الخطاب یزیل العالم الحدیث من المعادلة ، و یحاول الرجوع الی القرن الثانی وإحیاء تلك الحضارة عبر تسمین الفقه واصول الفقه.
ومن أهم الأزمات التي تواجه هذا الخطاب، تجاهل متطلبات الحیاة فی العصر الحدیث،و المفاهیم الحدیثة کحقوق الانسان وحقوق المواطنة والفهم الحدیث عن مفاهيم أخرى مثل هویة المراة، عواصف من العالم الحدیث تهبّ علی هذا الخطاب التقلیدی. الاسلام التقلیدی یعانی من مرض الاکتفاء بالذات، التجنّب الآخر، ویعیش حیاته فی شبکة مغلقة.
اما الخطاب السیاسی فعنصره المرکزی هو السلطة و الحکم ، وهو اکثر استیعابا لمتطلبات العالم الحدیث لکن بقراءة سلفیة من سیرة النبی محمد وخلفائه الراشدین. طبقا لهذا الخطاب، الإسلام ظهر کی یقبض علی الحکم.
لا حقّ یفوق حقّ الطاعة للحاکم، ولا مصلحة تفوق مصلحة الحفاظ علی الحکم والسلطة، تتمیز طریقة تفکیرهم بالمثالیة والسلطویة والتزمّت. وهذه العناصر الثلاثة هی العناصر المرکزیة لهذا الخطاب الذی یری نفسه فی حرب مستمر مع الکفر بالغطرسة الغربیة، و فی نظامه الرمزی یسعی للانفصال عن الغرب والحداثة.
خطاب الاسلام السیاسی یعانی من عدم التفاعل والعداء مع الآخر. ومفاهیم مثل: حقوق الانسان والسّلم والمراة العصریة، بما أن هذه المفاهيم من أصل غربي، فإنها تعتبر باطلة وتتعارض مع قدسية الحكومة. من اهم الازمات فی هذا الخطاب هو تفضيل السلطة على العدل والكرامة وتفضيل النضال على التفاعل والتسامح.
التطورات الاجتماعیة فی العالم الاسلامی خاصة فی جیل الشباب یحکی عن تزلزل وتزحزح فی هذین الخطابین ویقودنا نحو خطاب جدید وهو خطاب الحیاة.
الحیاة فی الخطابین التقلیدی والسیاسی تستخدم کأداة لصالح النص أو السلطة ولا قیمة لها بنفسها. الوقوف فی وجه الاسلام السیاسی یبشر بظهور خطاب جدید عنصره المرکزی وحجره الاساس هی حیاة الانسان.
ماوقع فی ایران خلال الاشهر الآنفة یوفر فرصة للاجتیاز عن الخطابات القدیمة وللایصال الی اسلام الحیاة. اسلام یستخدم الدین لصالح الانسان والحکم والسلطة لصالح العدالة والکرامة. هذا الخطاب الجدید یعرف الدین بمقاصده لا بنصوصه ولا یعترف بأی قرائة من الدین أو القانون الا ما یتلائم مع حیاة الانسان وکرامته. الحوار والاعتراف بالآخر من اهم العناصر المرکزیة فی خطاب اسلام الحیاة. سواء کان هذا الآخر المراة أو الاقلیات الدینیة والقومیة. يعترف بحقوق الكل بالتساوي، اولا کانسان وثانیا کمواطن.
فی اسلام الحیاة لایلزم احدا بالشریعة منطلقا من مبدأ لا اکراه فی الدین، ولا یعترف بأی قراءة من اسلام لا یعترف بحریات الانسان وحقوقه. یؤخذ من سیرة النبی محمد ما له صلة بالاخلاق والحضارة والانسانیة. مهملا الإطارات التاریخیة وممسکا بمعاییر العقلائية. اسلام الحیاة یعطی الحیاة ولایحتجزها کرهینة. اسلام الحیاة یعید المرأة حقوقها المسلوبة ویعید الانسان حریتها وکرامتها المغصوبة. خطاب اسلام الحیاة سیجتاز کل عقباته الکئودة وجيل الشباب خاصة فی العالم الاسلامی هم المنتصرون فی هذه المعرکة، معرکة الخطابات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الا تكفي تجربة قرون من الفشل والتقهقر
منير كريم ( 2022 / 12 / 15 - 20:20 )
الاستاذ المحترم جواد شريفي
من الاسلام التقليدي الشعبي الى الاسلام الاصولي والسلفي استغرقنا قرونا من الزمن ونحن نتخلف ونتقهقر , والان تطرحون اسلام الحياة
الامر واضح لم تتطور الامم في عصرنا الا بانتهاج طريق العقلانية والعلمانية وحقوق الانسان
وهذه لا تتاطر بدين او ايديولوجية وانما هي نتاج الفكر الحر
شكرا

اخر الافلام

.. مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي: عدد اليهود في العالم اليوم


.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله




.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط


.. 102-Al-Baqarah




.. 103-Al-Baqarah