الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نقد كتاب [ بنو اسرائيل وموسى لم يخرجوا من مصر]

باسم عبدالله
كاتب، صحفي ومترجم

(Basim Abdulla)

2022 / 12 / 17
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


وقع في يدي كتاب للباحث العراقي فاضل الربيعي، عنوان الكتاب يقلب كل الحقائق التاريخية التي قدمها لنا التاريخ عبر مسيرته الطويلة في البحث الاركيولوجي المضني، وعبر العديد من جهود الباحثين و المؤرخين حتى بات خروج بنو اسرائيل بقيادة موسى الى ارض الميعاد في فلسطين من الحقائق المطلقة اذ بدونها لم يكن لأرض فلسطين تاريخ احتلال وقتال على مدى التاريخ كله، لكن ليس عند الباحث العراقي الربيعي، الذي خالف سنن التاريخ والجغرافيا واتبع المثل القائل خالف تعرف، فمن خلال كتابه وحديثه المتلفز قدم معلومات ملفقة، ربما بدافع ازالة الوازع الديني، اننا امام تيار لمفكرين هدفهم اطفاء الشعور الديني وازالة التاريخ العبري في مصر، ربما امر لا يمس الحرية الشخصية فاللادينية اتجاه لا ينكره رجال الدين، ولا الفكر اليساري، وليس في مقدورنا ان نتعصب لفكر او عقيدة طالما نلتزم الواقعية ولا نتجاوز الحقيقة، لكن ان يستعمل الكذب والتلفيق والتدليس ومجافات الموضوعية والبحث العلمي، السعي لبث معلومات جديدة تشوه الحقائق فهذا امر يجب التصدي له وكشفه امام القراء ليتبينوا حقيقته ويحتاطوا من امر المعلومات الكاذبة التي تخرب النفوس قبل العقول.
اعتمد الربيعي بحسب زعمه على المستندات الجغرافية والتاريخية واللغوية التي ظن انها ربما تنطلي على اكبر مساحة من طبقات المجتمع المستنير، رغم ان الرجل لم يقدم للعيان اية ثيقة تاريخية او مستند اركيولوجي لا في كتابه ولا في لقائه المتلفز، لكن سأناقش مزاعمه بحسب القرائن التاريخية والنصوص الدينية والجغرافية التي تدحض ادعائاته، في بدء كتابه كمدخل لمزاعمه تحدث عن تبعية اللغة العبرية وجذورها التاريخية في اليمن حتى اشار ” “من اجل فهم النص التوراتي ... ان اللغة العبرية التي كتبت بها النص تدعى اليوم العبرية الصنعانية او العبرية السبئية، وهو امر يدل بنحو قاطع على ان اسرائيل واليهود عموماً يعرفون ان اصل لغتهم وجذورها هناك في اليمن ” (1) تاريخياً لقد نشأت اللغة العبرية القديمة، التي ماتت في القرن الخامس الميلادي قبل الميلاد، هي ذات اللغة العبرية التي تناولت نصوص العهد القديم، وهي تشبه الى حد بعيد اللغة الفينيقية ولهذا يعتبرها الكثير من علماء اللغات انها من اللغات الكنعانية. ” ... لقد سكن الاسرائيليون في مصر 190 سنة تقريبا فأين نجد في اللغة آثار هذا الاتصال الطويل بتلك الحضارة المتطورة؟ هناك في العبرية 40 كلمة تقريبا متقرضة من المصرية ولكن هذه الكلمات تمثل اسماء مؤسسات مصرية مثالية او بضائع ام مصطلحات تجارية وهذا ما يحصل عند الاتصالات التجارية ... ” (2) لهذا ” يعتقد بعض العلماء ان اللغة الأصلية للإسرائيليين كانت العمورية حيث تزامن عصر الآباء مع الوجود الاقصى للعموريين، في بلاد ما بين النهرين، من ناحية اخرى نجد ان الاسرائيليين وتبعا للكتاب المقدس لم يعدوا انفسهم على قرابة بالاموريين .. ” (3)
تحدث الربيعي عن اهمية الفصل التاريخي بين مصر والتوراة، وعلى وجه التحديد فصل سفر الخروج وسفر العدد عن التاريخ المصري، لانهما بحسب زعمه شكل من اشكال المسيرة التاريخية الدينية في اليمن، وقد نفى اية صلة للجمع بين الطرفين، ونفى بشكل قاطع خروج بني اسرائيل وموسى من مصر، بل هو اسقاط تعسفي توراتي على تاريخ مصر، وان النص التوراتي لم يشر من قريب ان بعيد جغرافية او تاريخية وقوع هذا النزوح الكبير باتجاه ارض الميعاد. ثم نفى الربيعي عشرات الأدلة التاريخية على مر التاريخ، وبما انه نفى كل تاريخ اليهود في مصر، لماذا لم يقدم دليل واحد اين ولد موسى؟ ان دليل واحد في ولادة موسى في مصر من شأنه ان يلغى تلفيقاته التاريخية ويضعه في قائمة الباحثين الفوضويين الذين لم يقيموا الحجة والبرهان. في سفر العدد الذي الغى وجوده كأحد اسفار موسى في مصر ” وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى فِي بَرِّيَّةِ سِينَاءَ قَائِلًا، عُدَّ بَنِي لاَوِي حَسَبَ بُيُوتِ آبَائِهِمْ وَعَشَائِرِهِمْ. كُلَّ ذَكَرٍ مِنِ ابْنِ شَهْرٍ فَصَاعِدًا تَعُدُّهُمْ ” (4) فبرية سيناء ليس فيها سهول ووديان، بل تطلق على الارض الخربة هي الصحراء او اي ارض مقفرة غير معمورة .
يقول سفر الخروج ، الاصحاح 3 عن موسى " فساق الغنم إلى وراء البرية وجاء إلى جبل الله حوريب" هي الارض التي تقع وراء الرمال الممتدة من سلسلة جبال سيناء الى خليج العقبة (5) اي ان موسى كان يرعى الغنم، فيما وراء البرية، ثم جاء اطراف الصحراء حيث المنطقة الجبلية، التي يقع فيها جبل حوريب، وقد سمي هذا الجبل بجبل الله، حتى اطلق عليه جبل الله حوريب، فلا علاقة لهذا الجبل في احد جبال اليمن، وقيل انه الجبل الذي اعطي من فوقه الشريعة، وكان من الطبيعي لأهميته وسعة ارضه ان اتخذ منه الشعب العبراني ان يقيم فيه. ولعل المناجاة التي عاشها موسى على جبل حوريب، اظهرت مصداقية الإحساس الروحاني في وجدانه، ففي الآية الرابعة من سفر الخروج 19 ” أَنْتُمْ رَأَيْتُمْ مَا صَنَعْتُ بِالْمِصْرِيِّينَ. وَأَنَا حَمَلْتُكُمْ عَلَى أَجْنِحَةِ النُّسُورِ وَجِئْتُ بِكُمْ إِلَيَّ ” نص صريح وواضح، ما فعله المصريون باليهود في ارض مصر، فأذا كان العبرانيين قد نزحوا من اليمن، لماذا اشار سفر الخروج بحالة العداء والمعانات التي عاشها الشعب العبري من قبل المصريين؟ وهو الجبل الذي لجأ اليه ايليا كما كتب عنه سفر الملوك الاول في الاصحاح 19 ، فهذا هو التقليد اليهودي الذي قدسوا فيه هذا الجبل.
اننا ننظر للطبيعة الجغرافية الى قادش، التي حاول الربيعي اظهار وجودها في اليمن، متحديا الحقائق الجغرافية القاطعة التي تدلل على عدم اطلاعه الكامل او تعمده مخالفة الحقائق التوراتية والجغرافية، ففي سفر العدد 20 يتضح الدليل في جغرافية وسبب ارسال موسى رسلا الى قادش ” هكذا يقول اخوك اسرائيل : قد عرفت كل المشقة التي اصابتنا، ان آبائنا انحدروا من مصر واقمنا في مصر اياما كثيرة واساء المصريون الينا فصرخنا الى الرب ... وها نحن في قادش ... ” في هذا النص يتضح المعنى اولا من نزوح موسى وشعبه ارض مصر الى ارض الميعاد في فلسطين، لانهم عانوا الاضطهاد من المصريين، فكان المشروع الإلهي حالة الأنقاذ، مهما كانت حالة موسى الوجدانية والروحانية، انه اوحى لهم بعلاقة تربطه بيهوه فالأمر لم يخرج عن حالة بؤس عاش فيها العبرانيون عشرات سنين عجاف ، كان موسى المنقذ، هكذا ارتحل بنو اسرائيل كلهم من قادش الى جبل هور. اين تقع قادش واين يقع جبل هور، هل هما في اليمن؟ كلا. ان الدليل الجغرافي يفيدنا من اين اتجه موسى وشعبه من مصر ام اليمن في الطريق الى ارض الميعاد؟ علينا ان نبين الآن الحقيقة الاكثر سطوعاً .
بحسب دائرة المعارف الكتابية وهي اكبر موسوعة للفصل في اي امر جغرافي و تاريخي ” قادش كلمة سامية معناها مقدس، وقادش برنيع معناه مدينة برنيع المقدسة، وهي واحة كبيرة في شمالي شبه جزيرة سيناء ... بها اربعة عيون في مساحة يبلغ نصف قطرها 12 ميلاً وهذه العيون ” عين قديس ” ... يرى الاكثرون ان موقعها كان في عين الجديرات لانها اكبر العيون بين خليج السويس وبثر سبع وتوجد بها اطلال حصن من عهد مملكة يهوذا ... وكانت قادش برنيع تقع على حدود النقب وبرية سيناء ويقول موسى عن قادش لملك ادوم ” انها مدينة في طرف تخومك ” عدد 20 : 16 ” وتدل الكشوف الاركيولوجية على ان الموقع كان مأهولاً في العصر الحجري المتأخر وبداية العصر البرونزي ” (6)
ذكر سفر العدد ، الكثير من المدن والقرى والمناطق التي مر بها موسى وشعبه، وقد دونها بدقة، كان لتدوينها دوافع دينية وتاريخية وجغرافية كي يعرف الطرق التي يسلكها و اين يتجه، وقد كتب في سفر العدد 20 : ” اأَتَى بَنُو إِسْرَائِيلَ، الْجَمَاعَةُ كُلُّهَا، إِلَى بَرِّيَّةِ صِينَ فِي الشَّهْرِ الأَوَّلِ. وَأَقَامَ الشَّعْبُ فِي قَادَشَ. وَمَاتَتْ هُنَاكَ مَرْيَمُ وَدُفِنَتْ هُنَاكَ." فلقد ذكر المناطق، جغرافيا في جنوب يهوذا ولا علاقة لها بالمناطق اليمنية التي ذكرها الربيعي ” صين ، اسم سامي معناه ارض واطئة وهي صحراء في جنوبي يهوذا ... وكانت تضم عين مشفاط التي هي قادش ... وقادش برنيع التي نزل فيها بنو اسرائيل ... وعندما ارسل موسى الجواسيس الاثني عشر لاستكشاف ارض كنعان، صعدوا من برية صين ... وهناك ماتت مريم اخت موسى ... ومع ذلك تدل الابحاث الحديثة على انه قد اقام في تلك البقاع اناس من عهد الآباء من الاسرائيليين ... وهناك بقايا حصون على تخوم يهوذا في برية صين ” (7) لم نفهم اين سر التناقض في الرواية التوراتية اذا كان موسى يصف الحال والمكان الذي عسكر فيه ، فهل الابحاث والوقائع الجغرافية هي التي تتناقض ام سوء اطلاع وصعوبة رصد الحقائق والامانة العلمية هي المتناقضة؟ فبرية صين هي منطقة جغرافية ذكرتها التوراة باعتبارها تحتوي على برية قادش بداخلها ، واحدة من محطات بني اسرائيل اثناء التيه بعد خروجهم من مصر، حتى معظم المصادر التاريخية حددت موقعها كجزء من وادي عربة وهو احد الاودية الجافة في الصحراء الشرقية في محافظة البحر الأحمر المصرية. بحسب سفر يشوع تعتبر ملاصقة للحدود الجنوبية لأرض كنعان، على حدود ادوم غرباً ويهوذا الى الجنوب الشرقي، فهذه المناطق كلها تكذب محاولات اخفاء التاريخ التوراتي ونزوحهم من مصر. ان الترحال المتكرر لموسى وشعبه في طريق التيه، جعل تدوينه ووصفه للاحداث الصعبة التي عاشها والمحن التي تعرض لها اذ كانوا يبحثوا عن الماء والكلأ ، وكما وصفت الفقرة 22 في سفر العدد 20 ” ارتحلوا بنو اسرائيل ... من قادش الى جبل الهور ” هل يقع جبل الهور في المناطق الجبلية لليمن؟ ام هل انتقل الجبل لليمن ليغير مجرى احداث التاريخ العبري؟ لنبحث موقع جبل هور، المدون في سفر العدد، كي يتبين لنا هل حقاً ارتحلوا اليه بنو اسرائيل، بما يناسب جغرافية ارتحالهم من مصر في طريق ارض الميعاد؟ بحسب دائرة المعارف الكتابية : ” جبل هور على حدود ارض ادوم نزل عند سفوحه بنو اسرائيل في طريقهم من قادش الى ارض الموعد .. مات هرون على رأس الجبل في السنة الاربعين لخروج بني اسرائيل من ارض مصر ” (8) ان الواقع التاريخي في احتلال سيناء، يكذب الادعاء في امكانية ان تخصص اسرائيل 3000 باحث اركيولوجي في كل سيناء بهدف العثور على ادلة تاريخية لتأكيد نزوح اليهود من ارض مصر، على مساحة تزيد عن 61 الف كيلومتراً، فالعثور على تفاصيل جغرافية سفر الخروج، تتمثل في المناطق التي ذكرها السفر، وهي مناطق جغرافية مازالت ليومنا هذا قائمة وتدل على مصداقية السرد التوراتي لخروج بني اسرائيل من ارض مصر. ذلك ان سيناء خلال احتلالها كانت موقعاً عسكرياً متنازع عليه ، فكيف تقدم آلاف الباحثين في ارض واسعة وغير مستقرة عسكريا واداريا؟ فليس ما يوصف الحال بعدم نزاهة الترجمة في وصف حال بني اسرائيل ذلك ان نصوص التوراة اسفار مترجمة قبل عهد الاحتلال بمئات السنين ولم تتبدل. تلك التخريجات والتحويرات في الأسماء والمناطق والدول، لا تمثل ذريعة الغاء الواقع التاريخي لبني اسرائيل، فالأمر يتطرق بنزوح شعب، ولا يمكن لإختلاف مخارج الحروف او تشابهها في مكان مخصص لمدينة يمنية، ان نعمم الامر على تضليل الحقيقة، ان يكون بمعنى اننا نلغي مصادر التاريخ والجغرافية من اجلها، فما قيمة ان كان اسم مصر في التوراة مصريم، مصري، او مصر؟ وما اهمية ذلك على نزوح تاريخي لشعب عانى التشرد؟ هل نتنازع ان اسم مصر لم ينطبق على معنى السرد التوراتي لحادثة خروج بني اسرائيل؟ فما اجهل هذا البحث وارخصه اذا نضع كلمة تحورت او تبدلت ببعض حروفها كي نلغي تاريخ شعب من اجلها؟ النص التوراتي وصف النزوح بتاريخ وجغرافية واضحة لم يقبل اللبس ولم يحتمل التأويل لا في اختلاف مصادر الكلمات التي حاول الربيعي الصاقها مستغلاً التغييرات في بعض التراجم بحسب طبيعة اللغات وجعلها اداة طعن في تاريخ السرد التوراتي. هذا الأمر ينم عن جهل الباحث في التخصص اللغوي للتعرف على طبيعة الكلمات وشكلها المتغير عبر اللغات وهذا ما كان يجهله الباحث الربيعي في بحثه، لقد ركز التوراة على تكرار كلمة سيناء لانها المحور التاريخي الذي انطلق اليه الشعب اليهودي الى ارض الميعاد فكيف لم يذكرها التوراة كما ادعى الربيعي؟ في الفصل الثاني من كتاب الربيعي، تفاجأت في استشهاده للنص التوراتي في سفر الخروج، لم اجد النص ذلك ان فقرات الاصحاح الخامس عشر تنتهي بالفقرة 27 بينما ادرج النص في الفقرة 41 : ” انا الرب الهكم الذي اخرجكم الذي اخرجكم من ارض مصريم ليكون لكن إلها، انا الرب إلهكم ” اضافة الى ركاكة النص، كان بهدف قطع كلمة مصر و وضع مكانها ” مصريم ” كي تنسجم الكلمة بما يراها الأنسب لتحقيق هدفه. (9) اي ان الربيعي استحدث نصاً توراتياً ، اشار عمله الى الخيانة العلمية التي يفترض على الباحث ان يتعامل مع النصوص والأدلة التاريخية بكل امانة، بحسب القرينة في سفر اللاويين اتضح ان الربيعي قام بتزوير النص بما يتناسب مع هدفه في قطع كلمة مصر واستبدلها بمصريم، في سفر اللاويين قرأت المعنى الحقيقي للنص : "أَنَا الرَّبُّ إِلهُكُمُ الَّذِي أَخْرَجَكُمْ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ مِنْ كَوْنِكُمْ لَهُمْ عَبِيدًا، وَقَطَّعَ قُيُودَ نِيرِكُمْ وَسَيَّرَكُمْ قِيَامًا " (10 فهذه النصوص التوراتية واجهها الربيعي بالنكران بلا دليل شاف يجعل القارئ يجد المنطق والمتابعة العلمية، في كتابه واقواله بل الأمر يزداد عندما كتب : ” ان التاريخ المكتوب والمتحقق لا يعرف اي شي عن حدث يسمى في السرديات التاريخية والدينية عادة ” خروج بني اسرائيل من مصر ” لم يكن هناك في اي يوم من التاريخ قط، هروب جماعي لبني اسرائيل عبر سيناء مصر صوب فلسطين والقصة التي تسردها التوراة لم تقع في مصر البلد العربي بكل تأكيد، بل بائت بالفشل كل جهود علماء الآثار حين بحثوا في سيناء عن اي اثر لهذا الخروج ” (11) ان الأدلة التاريخية التي رفضها الربيعي، تستند الى الكثير من الوقائع الاركيولوجية على مر التاريخ، فقصة الخروج هي الحدث المركزي في العهد القديم. إنها قصة معقدة تثير العديد من الأسئلة الحاسمة. السؤال الأساسي هو ما إذا كان قد حدث أصلاً. في العقود القليلة الماضية ، تم علمنة مجال علم الآثار الكتابي لدرجة أنه، في رأي الخبراء السائد، تعتبر قصة الخروج من مصر الآن أسطورة. المنظور المعاصر لعلم الآثار التوراتي. موسى ، يشوع ، إيليا كلها مواد خرافية. ربما كانوا موجودين، وربما لا. ولكن ظهرت أدلة أثرية قليلة على هؤلاء الأشخاص، بتسارع التيار العلماني اتخذ موقف المتشكك، لهذا ظهر العديد من الباحثين امثال الربيعي والماجدي ممن حازوا على شهادات عليا وصل بهم المنظور العقلي الى عدم تقبل الحالة الإعجازية للآباء الاوائل في التوراة رغم ان ما فعلوه كثيرا ما يتماشى مع العقل إلا ربما في اطار الخوارق التي عملها انبياء التوراة التي هي الأخرى صارت بعيدة التصديق بواقعيتها التاريخية، لكن الخروج من مصر ودخور بني اسرائيل ليس امراً خارقاً انه في الحسابات العقلية امراً ممكناً ومقبولاً لأنه لم يستند على الناحية الدينية انما على الناحية الوجودية لإنقاذ شعب مضطهد. الادعاء هو أن السجلات المصرية لم تذكر هذا الحدث، وان هناك نقص حفريات القبور في الصحراء. هذه الانتقادات غير صحيحة من الناحية الواقعية: هناك أدلة أثرية تتوافق مع وصف الكتاب المقدس للخروج. فوصف سفر الخروج للحدث باستثناء عبور البحر الاحمر اذ بالغت الترجمات بتضخيم الحدث لان الواقع الجغرافي اشار لطريق أخر، الطريق البري بين الاسماعيلية وقناة السويس، وبحيرة التمساح، هو الطريق المفتوح الى ارض كنعان. خلال العقود الماضية، كاد مجال علم الآثار الكتابي ينزلق إلى العلمانية، كان هناك فيض من البيانات الجديدة حول الموقع التوراتي لجبل سيناء في مديان ، والأدلة المادية الموجودة هناك، يرجع هذا أساساً إلى الوصف الواضح في الكتاب المقدس أن جبل حوريب، المعروف أيضاً باسم جبل سيناء وجبل الله، موجود في مديان، أن جبل سيناء موجود في شبه الجزيرة المصرية التي أصبحت أيضاً تحمل اسم سيناء. موقع جبل سيناء وموقع مديان. شبه جزيرة سيناء دائماً جزءاً من مصر ، وكانت مديان ، عبر خليج العقبة مباشرة ، دائماً جزءاً من الجزيرة العربية، في هذا التحليل الجغرافي الواقعي يؤيده التاريخ التوراتي بكل اوصافه الدقيقة التي تم سردها في سفر العدد وسفر الخروج.
” ... أدت الأبحاث الجديدة الهامة والأدلة الأثرية التي ظهرت في العقود القليلة الماضية إلى تضييق المواقع الممكنة لجبل سيناء إلى موقع واحد. على الرغم من أن العديد من المواقع المحتملة لجبل الله في شبه الجزيرة العربية قد تم فحصها على مر السنين ، إلا أن المصادر الأولى للفلاسفة اليهود وآباء الكنيسة المسيحية تشير إلى أن جبل سيناء هو أعلى جبل في مدين. كان ألين كيركسلاجر، أول مؤرخ معاصر يحلل التقليد الشفهي لموقع جبل سيناء في شبه الجزيرة العربية. ظلت أجزاء وأجزاء من هذا التقليد الشفوي تتسرب في كتابات العلماء اليهود وعلماء اللاهوت المسيحيين الأوائل والجغرافيين العرب والبدو المحليين في منطقة مدين في شبه الجزيرة العربية. أخذ Kerkeslager معلوماته من مصادر مثل السبعينية ، كتاب اليوبيل ، ديميتريوس ، جوزيفوس ، فيلو ، أوريجانوس ، يوسابيوس ، جيروم وبولس. نتائج البحث التي اجراها Kerkeslager مفيدة” (12) في اثبات حقيقة المواقع التي اشار اليها سفر الخروج، كذلك هناك تقليد يهودي طويل يعود إلى العصور القديمة يضع جبل حوريب في منطقة مدين بشمال غرب شبه الجزيرة العربية ... هناك أدلة على قيام اليهود والمسيحيين القدامى بالحج إلى موقع مدين ... لا يوجد تقليد يهودي على الإطلاق لتحديد موقع جبل حوريب في شبه جزيرة سيناء بمصر ... لا يوجد دليل على حج اليهود لشبه جزيرة سيناء قبل عام 326 م عندما أعلن الإمبراطور قسطنطين أنها موقع مقدس لجبل سيناء ... ضع معايير لموقع جبل سيناء ... جبل واحد فقط يلبي كل هذه المعايير ... الخيار الوحيد الممكن في هذه الحالة هو جبل اللوز على ارتفاع 2580 م ... بلا منازع كأعلى جبل في منطقة مدين القديمة [مديان]. يفي جبل اللوز أيضًا بكل المعايير الأخرى. بحسب الربيعي: ان ” أكثر البديهيات التي غالباً ما يتجاهلها علماء الاثار، وكتاب التاريخ الرسمي، وهم يجادلون في رواية الخروج، أن اسم مصر لم يظهر في السجلات المصرية : ( ما يعرف خطأ في السجلات الفرعونية) الا في حدود 700 قبل الميلاد ، وعلماء المصريات يعرفون هذا جيدا، ويوافقون على انها لم تعرف بهذا الأسم، الا في هذا العصر، اما قبل ذلك فقد كانت تعرف بأسمها القديم، بلاد القبط. ... كيف يمكننا تقبل فكرة ان موسى خرج من مصر واسمها لم يكن معروفاً إلا بعد مرور نحو 800 عام من وقوع الحدث ... ” (13) لنفترض ان اسم مصر لم يظهر في السجلات المصرية، لكنه ورد في سفر الخروج والعدد في عدة مواضع، فاذا قضى الأمر بوضع اسم مصر تحريفاً في التوراة، بما ادعاه الربيعي فعليه ان يقيم الحجة ان اسم مصر لم يكن موجوداً ايام موسى. لاشك ان من اسماء مصر القديمة المعروفة اسم حت – كا – بتاح، ويرجع أصل هذا الاسم إلى أحد أكثر معابد الإله بتاح شهرة الواقع بمدينة منف، وسميت مصر القديمة أيضاً ايجيبتوس وهي كلمة إغريقية الأصل، واختلفت الآراء حول المُراد بها، فجاء في مقصدها أهل البلاد المحصنة. والسوداء، وأرض الإله بتاح، ومرت ايجبتوس بتغيرات في النطق مروراً ب ايجوبتي ثم إيقوبطي ثم قبطي ووصولًا إلى ايجيبت . ثم جاء اسم مصر الحالي بعد مروره بتغييرات كثيرة في النطق، فأول من جاء به كان البابليون عندما أطلقوا عليها اسم مصرو، ومن بعدهم أطلق عليها الفينيقيون اسم مصرم، وعلى افتراض ان التعديلات التي وردت في الاسم وان اسم مصر ورد مصرام او قبطي، اين هي علاقة ربط عدم خروج بني اسرائيل من مصر؟ فهذه تسميات تغيرت عبر التاريخ لنفس البلد، والبابليون عندما اطلقوا اسم مصرو فهذا كان قبل خروج بني اسرائيل من مصر بفترة لا تقل عن الف عام. فمحاولات اسقاط تغيير مفردات اسماء الاماكن والدول او التسميات القديمة للانهار والجبال ماهي إلا نهج ساذج في البحث ويسقط مكانة الباحث بهدف تغيير مسار التاريخ لدول لا علاقة لها ولا مصادر تربطها بتاريخ شعب قام بتوثيق خروجه في التاريخ التوراتي، فهذا تاريخهم دونوا فيه مأساة محنتهم عبر صحراء سيناء، فاذا كان سهل على الربيعي الغاء تاريخ شعب وخروجه من مصر في استدلالات قطعية الظن لأسماء ملوك اليمن اتخذها ذريعة لإقامة حجة لا دليل لوجودها إلا بعقله، فكيف تنكر لعشرات القرائن التاريخية فهل فقط كي يرضي رغبته في خالف تعرف؟ ومن الجذور التاريخية التي تربط الشعب العبري بشعب مصر، تأثر شعب بني اسرائيل في بعض الاسماء العبرية القديمة والموجودة اصلا في التوراة ويرجع اصل هذه الاسماء للحضارة المصرية القديمة، مثل مريم، موسى، هارون، فنحاس، يوسف، يعقوب، ابراهيم، فهذه اسماء سبط لاوي، وهي اسماء كلها مصرية، فكيف نفسر تسمية رجال دين كبار منهم انبياء وكهنة، من شعب بني اسرائيل اذا لم يكن هؤلاء قد خرجوا من مصر؟ الإله حورس كان مشهوراً في مصر خاصة في منطقة الدلتا، وبحسب التوراة كان بنو اسرائيل مقيمين في ارض جاسان فمن المنطقي انهم اقاموا في المنطقة التي كان فيها الإله حورس، وهذا الأسم قديم موجود قبل ظهور المسيحية، فمن يأتي بالدليل القاطع ان اصحاب تلك الأسماء ولدوا وكانوا مقيمين في تلك المناطق يدل انهم اصحاب تاريخ تلك المنطقة، موسى من سبط لاوي، وهذا السبط اختص بالكهانة في التاريخ العبري، فكان من الطبيعي ان يقدم الذبائح للإله، فما الذي يمنع نزوح شعب ان يقيم الخيام او المساكن ويقدم الذبائح؟ كذلك ذكر سفر اللاويين خيمة الاجتماع، خيمة المسكن، هذا مكان للعبادة اتخذها موسى، وكما جائت في سفر الخروج 25، هي كذلك بيت الرب، فجغرافية القصص التوراتية لا علاقة لها بجغرافية المدن، وقد اقيمت الخيمة في السنة الثانية لخروجهم من مصر، خيمة المسكن بمعنى مكان العبادة حتى انها تحولت الى الهيكل كانت في جبل صهيون وبالنسبة للعبرانيين فان صهيون هي وطنهم و رمز لآمالهم القومية. اين نجد جبل صهيون في تاريخ اليمن ليكون مكان العبادة والتقديس لليهود؟ فهذا المكان الذي بنيت عليه اورشليم )القدس (. اشار الربيعي الى التناقضات في كيفية وضع اسم فرعون الذي فقد ورد بحسب زعمه بالاسم فرعا وليس فرعون، وقد ترجم الى فرعون، استنتج ان هذا تلفيق في الترجمة اذ لم يوجد اسم فرعون في السجلات المصرية القديمة، موجودة اسر الملوك فهذا بحسب ظنه ذروة التلفيق التوراتي، لكن دعنا نناقش بروية الباحث الواعي غير المتزمت، فالدليل الفاصل بينا اهم مرجع على الإطلاق يحسم الخلاف، في دائرة المعارف الكتابية، التي تخصصت في مجال تاريخ الحضارات عبر التاريخ، تذكر الموسوعة ” فرعون كلمة مصرية معناها البيت الكبير وكانت لقبا لملوك مصر قديماً ظهر في ايام الدولة القديمة، للدلالة على القصر الذي يقيم فيه الملك والذي كانت تحكم منه البلاد ... ثم في عصر الدولة الحديثة حوالي 1550 قبل الميلاد استخدم اللقب بوضوح للدلالة على شخص الملك نفسه، على الاقل في الوثائق المكتوبة وفي ذلك العهد كما من قبله ومن بعده كان لملوك مصر اسماء شخصية ... باعتبار ان الملك ابناً للإله ... هكذا نجد في اسفار العهد القديم حتى زمن سليمان تتبع هذه العادة الشعبية فتستخدم اللقب فرعون مشفوعاً عادة بالعبارة العبرية ملك مصر. .. وجد اسم فرعون شوشنق منقوشا على لوح حجري في الواحات الداخلة لعله يرجع الى عصر شوشنق الاول مؤسس الاسرة الثانية والعشرين والمذكور في الكتاب المقدس وقد ورد في سفر الملوك الاول الفقرة 40 ... نجد هذا واضحا في ذكر العهد القديم لأسماء ملوك مصر في الالف الأخيرة قبل الميلاد مثل فرعون نخو في سفر ارميا، اصحاح 46 الفقرة الثانية ” (14) نكون بهذا اثبتنا ان اسم ولقب فرعون ضارب في التاريخ وقد استشهد فيه التوراة لانه اقدم زمناً ويعود الى عصر الفراعنة وقد استدلت الوثائق التاريخية على ان اسرة شيشنق او شوشنق كانت تقطن مصر منذ 13 جيلاً في اهناسية المدينة التي اتخذوها معقلاً وموطنا لهم (15)
تشكك الربيعي حتى في اصل موسى واخته ما يجعل بحثه غريباً وشاذاً وبعيدا اكثر عن الموضوعية والنزاهة العلمية، وقد اسهب في خيال التصورات الذهنية وشطحاتها بربط اسماء ومواقع واحداث لا صلة لها ببحثه ” ما علاقة اسم موسى بن عمران بأسم عمران اليمنية؟ وهل هي ذاتها مريم القرآن ” ام المسيح واخت هارون ام هي شقيقة هارون ” ؟ وهل اسم هارون هذا له علاقة بأسم الاله هارون؟ وما علاقة هذا الاسم بأسم الإله أرون والذي انتشرت معابده في اليمن وهل هذا الإله هو نفسه هاران شقيق النبي ابراهيم؟ ” (16) وقد حاول الربط بين محافظة عمران في شمال عاصمة صنعاء التي انتشرت فيها مباني اليهود والهجرة الدينية التي نسبها لموسى، فهل هذا استنتاج بما يعني ان اسم عمران يعني ان موسى وشعبه عاشوا واستوطنوا في تلك المدينة؟
يوجد العديد من المدن في انحاء المشرق العربي ومغربه تحمل نفس أسماء المدن والاشخاص رغم البعد الجغرافي والعرقي عن بعضها ولكن لم يجعل من اسماء تلك المدن نسخة مكررة عن مدينة اخرى بشخوصها، فمدينة الصويرة المغربية تحمل نفس الأسم لمدينة في العراق، والاسكندرية في مصر تحمل نفس الأسم في العراق فهل نستنتج ان الاقوام الذين عاشوا في الصويرة والاسكندرية سابقاً كانت لهم اصول تاريخية وعرقية في العراق؟ كلا. فهذا استنتاج ساذج يقودنا الى التخبط وعدم المصداقية في البحث. بعد ان اثبتنا حقيقة وجود بني اسرائيل في مصر بقي علينا ان نستقصي حقيقة الهجرة الجماعية التي جعلت موسى يخرج من مصر، فلو شاهدنا خارطة المسافة بين مدينة عمران اليمنية في اقصى جنوب المملكة العربية السعودية على الشريط الحدودي البحري للمملكة، وخليج العقبة القريب من مدين، المدينة التي لجأ اليها موسى في رحلته الأولى لعرفنا المسافة الشاسعة بين خليج السويس الى صنعاء، عن مسافة خليج السويس باتجاه شمال سيناء الى ارض الميعاد، فهذا الشريط الرابط بين خليج العقبة وصولا الى مدينة عمران اليمنية يبلغ عدة آلاف كيلومترات، يجتاز العديد من المدن للمملكة، الآهلة بالسكان فلو كان حقاً هذا طريق موسى لتجنب التيه في صحراء سيناء، ولجنب شعبه ذل المعانات، لكن رحلته الى مدينة عمران تخالف الوعد الإلهي في ارض الميعاد، فاجتياز الصحراء الى اورشليم القدس هي المسافة الأقرب غير الآهلة بالسكان حيث تكبد معاناتها بهدف اتمام الوعد الإلهي، فما علاقة موسى بمدينة عمران؟ فهل مدينة عمران حملت اسمها محض صدفة ام انتسبت فعلاً لوالد موسى؟ دعنا الآن نتحقق من الأمر.
التوراة اقدم مرجع يمكن الاعتماد عليه في اصل موسى، صاحب الوصايا العشرة المنقوشة بلوحين في جبل حوريب القريب من خليج العقبة، لقد وثق سفر العدد اصل موسى فلقد ورد في الفقرة 59 ” ... و اسْمُ امْرَأَةِ عَمْرَامَ يُوكَابَدُ بِنْتُ لاَوِي الَّتِي وُلِدَتْ لِلاَوِي فِي مِصْرَ، فَوَلَدَتْ لِعَمْرَامَ هَارُونَ وَمُوسَى وَمَرْيَمَ أُخْتَهُمَا ... ” واضح من النص، عمرام في اللفظ العبري يكون عمران في اللفظ العربي، عمران والد موسى من زوجته يوكابد، ومريم ابنته التي توفت فيما بعد في قادش في صحراء سيناء ودفنت هناك بحسب سفر العدد 20 . في سفر الخروج 6 الفقرة 26 : ” هذَانِ هُمَا هَارُونُ وَمُوسَى اللَّذَانِ قَالَ الرَّبُّ لَهُمَا: «أَخْرِجَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ أَرْضِ مِصْرَ» بِحَسَبِ أَجْنَادِهِمْ. ” هما اخوان، واختهما مريم لا علاقة لها بمريم ام المسيح، فما علاقة عمران والد موسى بمدينة عمران اليمنية؟ كذلك في الفقرة 20 : ” وَأَخَذَ عَمْرَامُ يُوكَابَدَ عَمَّتَهُ زَوْجَةً لَهُ. فَوَلَدَتْ لَهُ هَارُونَ وَمُوسَى. وَكَانَتْ سِنُو حَيَاةِ عَمْرَامَ مِئَةً وَسَبْعًا وَثَلاَثِينَ سَنَةً." مما جعل نسب موسى في سبط لاوي لا يقترن بمدينة، بل ضمن اسباط اليهود في التاريخ العبري. ان الربيعي تمسك بتاريخ المدن واسمائها واهمل الانساب وتاريخ الشعوب، وقام بكتابة مخترعات ذهنية في الأنساب لتقريب المسافة اللفضية بينهم، فمن غير المنطقي ان يذكر موسى في اسفاره تفاصيل حياته وهو عن سبق اصرار يخدع نفسه فيما يكتب، ذلك ان الأمر لم يتعلق بنسب موسى بل ترك لنا التفاصيل التاريخية والجغرافية التي لا يمكن الطعن في مصداقيتها بمجرد عقد المقارنة مع اسماء مشتتة متوزعة بين المدن والدول وفي تواريخ حاول الربيعي تقريبها بهدف تمييز محتواه البحثي لتقديم بحثه الجديد وليته لم يفعل لانه اساء لتاريخ الآباء في النصوص التوراتية. بحسب دائرة المعارف الكتابية في بحث اسم عمرام ” اسم عبري معناه الشعب تعالى اي تعظم هو عمرام بن قهات بن لاوي، وابو هرون وموسى ومريم ... واسم امرأته يوكابيد بنت لاوي ... ” (17) ان البحث في الأنساب اليهودية عبر تاريخهم الطويل يعتبر العهد القديم الوثيقة المركزية التي وثقت معاناتهم وتاريخهم وانتقال اجيالهم بين العهد الوثني والتراث الابراهيمي، فهو وثيقة عالية الدقة لا يمكن القدح بها وبالتالي ما قام به بنو اسرائيل كان طريقهم الوحيد الى ارض الميعاد، ان التشابه في قوانين الحكم بين الدول واشتراك الوثنية والاديان الإبراهيمية مزيح من حضارات سجلها التاريخ عبر مختلف مراحل الزمن، واليهود كباقي الشعوب وجدناهم في مختلف دول الشرق وقتئذٍ فهل نجد لبني اسرائيل ارضاً ليس فيها تاريخهم ولا انسابهم، ينطلقوا منها الى ارض الميعاد بمجرد اننا وجدنا اماكن واسماء واعراف تشابه تاريخم واسمائهم وطرق عبادتهم ولهذا نلغي توراتهم؟ اننا امام حقيقة تاريخية، ان بني اسرائيل اتجهوا لطريق الصحراء من مصر ، انحدورا شمالاً باتجاه صحراء سيناء الى ارض كنعان حيث استقروا في ارض الميعاد بعد رحلة الشقاء الطويلة.

مصادر البحث :

1 – بنو اسرائيل وموسى لم يخرجوا من مصر، د. فاضل الربيعي، بيروت – لبنان ، الطبعة الاولى 2016 . ص 13 .
2 – مختصر تاريخ اللغة العبرية، تأليف حاييم رابين، ترجمة طالب القريشي، الناشر بيت الحكمة، العراق، بغداد . ص 31 .
3 – المصدر نفسه، ص 34 .
4 – سفر العدد 14 – 15
5 – كتاب السنن القويم في تفسير اسفار العهد القديم، ج 1 ص 6 .
6 – دائرة المعارف الكتابية، حرف [ ق ] ص 155 - قادش برنيع - المجلد الاول . المحرر وليم وهبة بباوي. دار الثقافة.
7 – المرجع نفسه ، حرف [ ص ] صين – ص 80 – 81 .
8 – المرجع نفسه، حرف [ ج ] – جبل هور - ص 494 .
9 – بنو اسرائيل لم يخرجوا من مصر . فاضل الربيعي، بيروت، الطبعة الاولى، لبنان، بيروت. ص 73.
10 – سفر اللاويين، اصحاح 26 الفقرة 13 .
11 – بنو اسرائيل وموسى لم يخرجوا من مصر. د. فاضل الربيعي. ص 17 .
12 - - by Miles R Jones Kerkeslager 1998: 210-211))
13 – بنو اسرائيل وموسى لم يخرجوا من مصر. د. فاضل الربيعي. ص 44 .
14 – دائرة المعارف الكتابية، حرف [ ف ] – فرعون – ص 35 – 36 .
15 - موسوعة مصر القديمة، سليم حسن، الجزء التاسع، مطبعة جامعة فؤاد الأول 1952، ص 6
16 – بنو اسرائيل وموسى لم خرجوا من مصر، د. فاضل الربيعي، ص 109
17 – دائرة المعارف الكتابية – حرف [ ع ] عمرام - ص 326 .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - قد جافيت العلم
حسين علوان حسين ( 2022 / 12 / 17 - 03:54 )
تحية حارة
كلامكم غير ثابت علمياً. موسى هو شخصية اسطورية لم تثبت اللقيات الآثارية المعاصرة لها والعائدة للقرن الثالث عشر ق.م وجودها في لا في مصر ولا في أي مكان قريب آخر، وهي غير معروفة إلا من أساطير التوراة التي كتبت في بابل في القرن السادس ق.م. بدليل انتحال التوراة لأساطير وادي الرافدين -مثل لزق قصة ولادة سرجون الأكدي بموسى - وقصة الخلق والطوفان وآدم وحواء مثلما اثبت كريمر وغيره من قبله.
قولكم: -بات خروج بنو اسرائيل بقيادة موسى الى ارض الميعاد في فلسطين من الحقائق المطلقة اذ بدونها لم يكن لأرض فلسطين تاريخ احتلال وقتال على مدى التاريخ كله،-
هو تلفيق مؤسف.حسب سكا (2009)، فإن سفرأشعياء المكتوب في بابل يشهد على الخلاف الذي كان قائماً بين شعب يهوذا المنفي في بابل واليهود العائدين لأرضهم بعد المنفى -الجولا- بكون الله هو أبو إسرائيل وأن تاريخ إسرائيل يبدأ بالخروج وليس بإبراهيم. الاستنتاج الذي يمكن استخلاصه من هذا الدليل (ومن سفر عزرا وكتاب نحميا، مثلاً) هو أن شخصية موسى وقصة الخروج قد فبركت في بابل لدعم مطالب شعب يهوذا بأرض فلسطين في مواجهة مطالبات المنفيين العائدين بنفس تلك الأرض.


2 - علمنة الأساطير مجافاة للعلم 1
محمد بن زكري ( 2022 / 12 / 17 - 14:12 )
تحية .. و بعد

أتفق تماما مع تفضل به الأستاذ حسين علوان حسين / ت 1
و أضيف :
إن مجرد أن تنطلق من أفكار (مقدسة) مسبقة ، و من توجهات توراتية ذات طبيعة دينية عقائدية ، فذلك منهج في دراسة التاريخ لا صلة له بالعلم المضبوط ؛ ذلك أن (العلمية) في مجال البحوث التاريخية ، تستند إلى الوثائق الآثارية (نقشيات ، لُقىً ، برديات ..) و المكتشفات الأركيولوجية ، و إخضاعها للفحص و المقارنة ؛ لا إلى الغيبيات .
و قبل (نظرية) الدكتور الربيعي ، التي يأخذ فيها بتاريخية التوراة ، لكنه ينقل الجغرافيا التوراتية إلى أرض اليمن ، و التي طرحها في العديد من كتبه (القدس ليست أورشليم / فلسطين المتخيلة / مصر الأخرى / يهوذا و السامرة .. و غيرها) ، كان الدكتور كامل الصليبي ، و بنفس منهج مقابلة الأسماء لدى الربيعي ، في كتابه (التوراة جاءت من جزيرة العرب) ، قد نقل مسرح الحدث التوراتي من فلسطين إلى جبال عسير في شبه جزيرة العرب .
و إذ يُشكر للباحثيْن الربيعي و الصليبي جهدهما الكبير ، فإن مقاربات كليهما لا تبتعد عن الإندراج ضمن توجهات التوراتيين (المدرسة التوراتية) ، التي تسلم مسبقا بتاريخية الرواية التوراتية المؤسطرة .


3 - علمنة الأساطير مجافاة للعلم 2
محمد بن زكري ( 2022 / 12 / 17 - 14:15 )
و فيما يتعلق بالخروج ، فبحسب تقرير نشرته صحيفة هاآرتس 19 ابريل 2019 ؛ فإن معظم الباحثين قد اتفقوا على أن سنوات استعباد الشعب اليهودي في مصر، ثم قصة الهروب الإعجازي التي قادها النبي موسى عبر البحر الأحمر ، ليست سوى أخيولة أدبية ، لا صلة لها بأي واقع تاريخي .
أما الوثائق التاريخية لشعوب و حضارات الشرق القديم ، فلا تأتي على ذكر إسرائيل قبل القرن التاسع ق.م ، مع ظهور مملكة السامرة ، التي أنشأها الملك عمري 880 ق .م ، و من بعدها مملكة يهوذا نهاية القرن الثامن ق.م ، كما دلل على ذلك [علميا] الدكتور فراس السواح في كتابه (آرام دمشق و إسرائيل في التاريخ و التاريخ التوراتي) .
و تكفي الإشارة إلى أن حكاية التوراة عن طوفان نوح وسفينته ، منقولة عن قصة طوفان زيوسودرا (السومرية) ، وعن قصة طوفان أوتنابشتم (البابلو آشوية) . وأنّ قصة ميلاد موسى ، منقولة عن قصة ميلاد سرجون الأكدي . و قصة الخلق التوراتية منقولة عن ملحمة الخلق البابلية (إينوما إيليش) ، و قصة خلق حواء منقولة عن الأسطورة السومرية ننخرساج و إنكي و خلق ننتي (سيدة الضلع) . يكفي ذلك حتى نخلص إلى القطع بلا علمية الرواية التوراتية للتاريخ .


4 - معلومات أضافية
حسين علوان حسين ( 2022 / 12 / 17 - 15:50 )
الأستاذ كاتب المقال المحترم
الأستاذ محمد بن زكري المحترم
تحياتي الحارة
مقال هائارتز الذي تفضل الأستاذ محمد بن زكري المحترم بالاشارة إليه، عنوانه:
Move Over, Moses: A Pharaoh May Have Created the Ancient Kingdom of Israel
وترجمته:
تنحَّ جانباً ياموسى، فأحد الفراعنة قد يكون هو الذي خلق مملكة اسرائيل القديمة.
وهويستند الى آراء علماء آثار من ذوي المكانة العلمية المحترمة، مثل فنكلشتاين. والأخير يوضح الطابع الأسطوري لخروج بني اسرائيل من مصر بالقول بأن سفر الخروج ينص على:
خرج 600000 رجلاً من مصر، عدا الأطفال:-
الخروج، 12:37
واذا ما أضفنا أليهم النساء والأطفال، يصل عدد الخارجين من مصر إلى مليوني شخص، وهذا ما يعني أنه عندما تصل مجموعتهم المسافرة الأولى أرض كنعان، فأن مجموعتهم الأخيرة تكون مازالت تتحرك على أرض مصر !
ثم يضيف، إن رحله بهذا الحجم يجب أن تكون قد تركت آثارها على أرض سيناء، ولكن البعثات الاستكشافية الاسرائيلية التي مشطت كل أراضي سيناء خلال احتلال اسرائيل لها لم تعثر حتى ولو على دليل واحد عليها . إما سم الفرعون الذي تبين المخطوطات احتمال خلقه للملكة اسرائيل فاسمه شيشاك :شيشونك المصري.


5 - نقاش رائع
صباح كنجي ( 2022 / 12 / 17 - 21:22 )
حوار ونقاش علمي اتمنى ان يتواصل

اخر الافلام

.. 102-Al-Baqarah


.. 103-Al-Baqarah




.. 104-Al-Baqarah


.. وحدة 8200 الإسرائيلية تجند العملاء وتزرع الفتنة الطائفية في




.. رفع علم حركة -حباد- اليهودية أثناء الهجوم على المعتصمين في ج