الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الديانة اليونانية

سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)

2022 / 12 / 17
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


أركيولوجيا العدم
العودة المحزنة لبلاد اليونان
٣٢ - االديانة اليونانية وخصائص الألهة


تشمل الديانة الإغريقية القديمة مجموعة من المعتقدات والطقوس والأساطير التي نشأت في اليونان القديمة في هيئة ديانة شعبية وممارسات تتعلق بعبادة العديد من الآلهة المختلفة حسب المدن والمناطق والأحقاب، تكونت تدريجيا وتطورت على مدى مئات السنين، على الرغم من أن معظم المعتقدات والطقوس كانت متشابهه بشكل كبير، الا إنها اختلفت بما فيه الكفاية حتى يمكن التحدث عن "الأديان" اليونانية في صيغة الجمع.
من جانبه يبين د. محمد السيد محمد عبدالغني، في مقالته حول نظرة الاثينيين إلى الأسطورة - مجلة عالم الفكر العدد ٤ سنة ٢٠١٢؛ ان الكلمة اليونانية الدالة على "الأسطورة" في التراث اليوناني القديم μύθος ميثوس، مرت بتطورات – من حيث دلالاتها – حتى وصلت إلى معنى "الأسطورة". فهي في الشعر الملحمي المبكر عند هوميروس تعني ببساطة "القول" و"الحديث" و"التصريح"، كما اتضح من عدة مواضع وسياقات في "الإلياذة" وردت فيها هذه الكلمة في صيغة الفعل، مشيرا الى ان التراث الأدبي اليوناني المبكر كان مكتوباً بالشعر، وبدأ استعمال النثر في الكتابة الأدبية منذ حوالي منتصف القرن السادس ق.م. وأصبحت الكلمة المعبرة عن هذا النوع الجديد من السرد الشفهي هي كلمة لوغوس λόγος المشتقة من من الفعل يقول λεγεΐν. ثم تطور إستخدام المصطلح لوغوس وتوسع ليغطي العديد من أنواع الأحاديث والكلام المنطوق - من الملاحظ أن كلمة "لغة" بالعربية ترجع بدورها إلى هذا المصدر اليوناني البعيد. بطبيعة الحال جاء هذا التطور والتوسع لمفهوم اللوغوس تأثيره المباشر على مفهوم الميثوس الذي تقلص ولم يعد يشير إلى كل ما هو مسطّر في القرن الخامس قبل التاريخ، وأنحصرت دلالة الميثوس على الخيال والقصص الخيالية المقترنة بقصائد الشعراء الأوائل، بينما اللوغوس صارت معبرة عن الكتابة النثرية والسرد العقلي والمنطقي.
وحول نظرة الإغريق إلى القصص الأسطوري الوارد في ثنايا الملاحم المبكرة، من الواضح انه لم يكن لديهم – في فترة مبكرة – تمييز واضح ودقيق بين الأسطورة والدين والتاريخ، بل كانوا يفاضلون بين روايات تبدو أكثر مصداقية وأخرى أقل مصداقية أو زائفة، غير ان واحداً من الرواد الأوائل للأساطير اليونانية، وهو الشاعر الملحمي هيسيود – من القرن السابع ق.م ومؤلف "أنساب الآلهة" – ربما يكون هو أول من ألقى بذرة الشك في مصداقية الأساطير حين يلمح في أحد أبيات ملحمته هذه إلى أن ربات الوحي والفنون قد تصدر عنهن وفي بعض المناسبات أكاذيب مقبولة.
تحاول ميثولوجيا التكوين أو البدايات وقصص الخلق فهم طبيعة الكون ونشأته وشرح أصول العالم. تعد محاولة هسيود لتفسير خلق العالم في "ثيوجوني" الكتاب الكبير في أنساب الآلهة Θεογονία - Theogony، يعتبر السرد الأكثر إنتشارا وقبولا في ذلك الوقت، حيث يبدأ العالم أولا بالفوضى أو الكاوس، الفراغ والظلام المطلق، والذي يمكن أن نسميه "العدم" الذي سبق كل ظهور للكينونة. يظهر من هذا الفراغ العدمي غايا - الأرض، وبعض من الكائنات الإلهية الأولية: إيروس إله الحب، تارتاروس إله العالم السفلي، وايريبوس من دون أي مساعدة خارجية وبدون تدخل عنصر الذكورة والأنوثة، حتى أنجبت غايا أورانوس، الذي قام بإخصابها لتنتج عن ذلك ولادة التيتانيون أو العمالقة، ستة ذكور: كويوس، كريوس، كرونوس، هايبيريون، يابيتوس، أوقيانوس، وستة إناث: منيموسيني، فيبي، ريا، تيا، تيميس، تيتيس. وهنا تبدو لنا عملية التكوين الأولى نابعة من الأرض كعنصر أنثوي التي أخصبت ذاتها عن طريق إنتاجها لأورانوس الذي يمثل العنصر الذكوري. وهنا يمكن ملاحظة البرنامج الديالكتيكي لعملية التكوين: العدم ← العنصر الأنثوي ← عنصر الذكورة ← من إندماج العنصرين ← تولد الآلهة والكائنات الأخرى.
بعد ولادة كرونوس، اتفقت غايا وأورانوس على عدم إنجاب المزيد من التيتانيون، لكنهم أنجبا بعد ذلك سايكلوب ذو العين الوحيدة وهكاتونكاير. لكن لم يسمح أورانوس لهذه الكائنات الإلهية القوية التي أنجبها من أمه بمغادرة أعماق الأرض غايا، وظلوا سجناء في أعماقها المظلمة، حتى ثورة كرونوس الذي حرضته غايا لقتل والده، فخصاه بمنجل صنعه من أحشاء غايا، ورمى بقضيبه في البحر، محرراً بذلك كل إخوته العالقين في أمه. وولدت أفروديت بفضل المني الساقط من عضو أوراونوس، بينما ولد من الدم الساقط من جروحه الحورية ميليادي، الإيرينيات والعمالقة عندما ارتطم بالأرض. أصبح كرونوس بعد ذلك ملك التيتانيون، وتزوج أخته ريا، وجعل بقية التيتانيون حاشية بلاطه.
عندما احتل كرونوس مكان والده أورانوس، أصبح أسوأ من أبوه في معاملة إخوته وأخواته وأبناءه، لوجود نبوءة تقول بأن أحد أبناؤه سيزيحه من العرش ويأخذ مكانه كما فعل هو مع أبيه. وقد أنجب من أخته ريا أوائل الآلهة الأولمبية ،هيستيا، ديميتر، هيرا، هادس، بوسيدون وزيوس، لكنه كان يبتلعهم بعد ولادتهم فورا، لخوفه من تكرار التاريخ لنفسه. الوحيد الذي أستطاع النجاة بفضل ذكاء أمه هو زيوس الذي سيصبح كبير الآلهة الأولمبية. حيث بعد ميلاد زيوس، أعطت ريا لكرونوس صخرة ملفوفة بقطعة ثياب أو بالقماط، فأبتلعها ظناً منه أنها زيوس. حارب الابن أباه بعد ذلك، وأخيراً بمساعدة من السايكلوب الذي تحرر من تارتاروس، انتصر زيوس وأمر بسجن أبيه وبقية التيتانيون في التارتاروس بعد إجباره على تقيؤ إخوة وأخوات زيوس. وهنا تنتهي المرحلة الأولى أو الفصل الأول من قصة الخلق اليونانية.

يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استمرار البحث عن مروحية كانت تقل الرئيس الإيراني ووزير الخار


.. لقطات تحولت ا?لى ترندات مع بدر صالح ????




.. التلفزيون الرسمي الإيراني يعلن هبوط مروحية كانت تقل الرئيس ا


.. غانتس لنتنياهو: إذا اخترت المصلحة الشخصية في الحرب فسنستقيل




.. شاهد| فرق الإنقاذ تبحث عن طائرة الرئيس الإيراني