الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإدعاء بمدنية الدولة وكفالة ومساواة المواطنون في مصر ؟؟؟؟

أحلام أكرم

2022 / 12 / 21
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


قضية الطفل القبطي شنودة .. تؤكد بل وترسخ بأن المادة الثانية من الدستور المصري التي تنص على أن الشريعة ألإسلامية ""المصدر الرئيسي للتشريع"" هي المسيطرة على قلوب وعقول كل موظفي الدولة .. فهل التغاضي عن الضمير الإنساني والأخلاقي أم هو الخوف من قداسة الأزهر هي ما منعت القضاة من الحكم الفوري لإعادة الطف لأحضان أبويه ؟؟؟
كتبت العديد من المقالات حول تعامل الحكومات العربية مع مجهولي النسب أطفالا أم ناضجين .. وحرمانهم قانونا من كل المقومات لحياة كريمة . ولكني أقف مشدوهة بل ومصدومة من تعامل القضاء المصري في قضية الطفل شنوده .. التي كشفت كل عوراتنا المجتمعية والدينية في التعامل مع قضية الطفل صاحب الأربع سنوات ؟؟
وُجد الطفل صاحب الأيام المعدودة في حمام إحدى الكنائس المصرية .. وقام أبوان لم يرزقا بأطفال بتبنية بموافقة القس .. وعاش معهما بعد أن نسبوه إليهم أبا وأما وأعطوه كرم النسب ودفء الأمومة والأبوة وحماية كرامته الإنسانية في مستقبل مأمون ومضمون ماديا لمدة أربع سنوات .. إلى أن قامت إبنة أخت الأب في سبتمبر 2022 بالتبليغ عنهما وإتهامهما بخطف الطفل .. دافعها الوحيد كان الخوف من حرمانها من الميراث ..
بعد الإبلاغ مباشرة قامت النيابة العامة بالقبض على الأبوين وبعد تحليل الحمض النووي، وثبوت عدم نسبه لهما، قررت إيداعه في دار للرعاية بوصفه "فاقدًا للأهلية".. ...والعمل بما إعتادت عليه طبقا للقانون المصري الذي يعتبر أي طفل مجهول النسب مسلما بالفطرة وقامت بتغيير إسمه وأعطته إسما ثلاثيا جديدا مسلما ..
تولت وزارة التضامن الإجتماعي ملف القضية ....وإستكملت عملية تعذيب الطفل .. بحرمانة من أبوية ... ومنعهما من رؤيته أو الإتصال به .. ثم تصويمة قسرا في شهر رمضان .. وإخضاعه لعملية إزالة للصليب من على يدية .. بمعنى تعذيب الطفل لأن هذه الإزالة مستحيلة إلا بالكي ؟؟؟
غياب مفهوم التبني في قوانين الأحوال الشخصية، والفراغ التشريعي الديني فيما إذا كان محرما أم لا في الإسلام , هو ما يمنع بل ويُخيف المشرع العربي عموما .. بينما مسموحا به في المسيحية وكان أيضا مقننا في المادة الثالثة للدستور السابق .. ولكن حظرت الدولة المصرية التبني عندما أصدرت قانون الطفل رقم 12 في عام 1996، وإن أجرت عليه تعديلات كان آخرها تعديل في لائحته التنفيذية في عام 2010. .. الأمر الذي تقاعست الكنيسة في حماية حق رعاياها تفاديا للإصطدام مع الدستور الذي لم يذكر هذا الحق ..
كلاهما .. (تقاعس الكنيسة وتغاضي الحكومة المصرية ) ليس مُبررا لما قامت به النيابة العامة .. وليس ذريعة للحكومة المصرية بحرمان الطفل من حقة في حياة كريمة ..
ما سبق يُبين بأن إدعاء الدولة بمدنيتها ... وكفالتها لحقوق جميع المواطنين بالمساواة .. غير حقيقي وغير معمول به .. فالمادة الثانية من الدستور المصري التي تنص على أن الشريعة ألإسلامية "" هي المصدر الرئيسي للتشريع"" سادت على حق الطفل في حياة كريمة مع أي أسرة تضمن له كرامته الإنسانية .. وأخذ الطفل من أبوية وأسلمته محى مفهوم الإنسانية الأخلاقية من أي قانون يُسلم بأن كل البشر مولودون مسلمون بالفطرة .. الأمر الذي عملت به النيابة وإستكملته وزارة التضامن الإجتماعي والذي يتنافى مع توقيع الحكومة المصرية على الإتفاقية العالمية لحماية الطفل وبالذات المادة 30 منها التي تؤكد على حماية حق الطفل في عدم تغيير إسمة .. ودينه ؟؟؟
يدّعي المشرع المصري بأن نظام الكفالة المعمول به كاف بدلآ من التبني لحماية أطفاله .؟؟؟ ولكن الحقيقة تُبين بعدم كفائته .. مهما حاولنا تجميل صورته فالشروط الموضوعة فيه نفسها تفضح عوراته خاصة إذا كان شرطها الأول في اختيار الأسرة البديلة أن تكون الأسرة على ذات دين الطفل فمن يعرف ما دين طفل حديث الولادة .؟؟ . ولماذا نصب فقهاء الدين أنفسهم حين أصروا بأن كل طفل يولد مسلما بالفطرة ؟؟ بما يؤكد نية تمييز يتنافى مع مصلحة الطفل وحقه في المساواة .
فمن المعلوم قانونا أن مجهولي النسب يودعوا في ملاجىء قد تسيء معاملتهم .. وحين خروجهم في سن الثامنة عشر .. يُمنحون بطاقة تحمل رقما معينا يُبين بأنهم بدون نسب وفاقدي الأهلية ولا يحق لهم الشهادة في المحكمة ولا دراسة القضاء أو الحصول على وظيفة ترفع من وضعهم الإجتماعي ؟؟؟؟؟؟ فمن يدري وربما هي الشروط التي كانت الدافع لجعل تلك الأم تضعه في الكنيسة بدل إلقائه في سلة القمامة أو أمام مسجد خوفا من النبذ الإجتماعي الذي سيطارده طوال حياته ؟؟ إن لم تكن مسيحية أصلا ؟؟؟؟
واقعة الطفل شنودة المأساوية وغيرها مما لم يصل للإعلام، هي النتيجة الطبيعية للإلتباس الديني والأخلاقي للتشريع المستند إلى الخطاب الديني والمذهبي في قوانين الأحوال الشخصية..
المصيبة الأكبر هي رفض هيئة مُفوضي الدولة للقضية في الأشهر السابقة .. وبعد مناشدات عديدة من الأبوين ومن مُثقفي الدولة المصرية .. والإعلام ..ومنظمات العمل المدني ... قامت المحكمة بالأمس بالنظر في القضية ... ولكن الخوف من إصدار قانون يحمي الطفل ويأخذ في الإعتبار مصلحته فوق كل شيء .. قامت بتأجيل القضية لمدة 48 يوما أخرى لحين سماع رأي الأزهر في .."" هل الطفل مجهول النسب يحمل ديانة الإسلام من تلقاء نفسه حتى لو عثر عليه داخل الكنيسة أو أمامها وحتى لو قام بتربيته كاهن ؟؟؟؟؟
سؤال الأزهر حول الموضوع يُبين عجز القضاة على الحكم لما فيه مصلحة الطفل أولآ .. وأن الأزهر وأسلمة الدولة نجحا في محو الضمير الإنساني في قلب كل موظف .. وأن هناك تنافسا في السلطة على العقول لا يملكها إلا الأزهر ؟؟؟؟؟؟ وأن الدولة عاجزه أمام سلطته ...
أتمنى أن تكون قضية الطفل شنوده دافعا يحث المُشرع المصري .. وجميع مُشرعي الدول العربية على البحث في موضوع التبني على أسس إنسانية وأخلاقية تتماشى مع الحضارة الإنسانية التي تعمل طبقا للقوانين العالمية في حقوق الإنسان .. وأن تكون خطوة لتقليم سلطة كل المؤسسات الدينية .. وأول خطوة في طريق الديمقراطية لحماية حقوق كل المواطنين في العدالة المساواة.. الترسيخ للمواطنه لا يتم إلا بالقوانين المتساوية لكل مواطني الدولة . فليس من العدل أن يُسمح لإمرأة من طائفة مُغايره بالتبني الذي يحمل أرقى صفات الإنسانية .. وتُحرم من هذا الحق إمرأة أخرى فقط لأنها وُلدت في طائفة أخرى وتعتنق دينا مخالفا ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اغتيال ضابط بالحرس الثوري في قلب إيران لعلاقته بهجوم المركز


.. مسيحيو السودان.. فصول من انتهاكات الحرب المنسية




.. الخلود بين الدين والعلم


.. شاهد: طائفة السامريين اليهودية تقيم شعائر عيد الفصح على جبل




.. الاحتجاجات الأميركية على حرب غزة تثير -انقسامات وتساؤلات- بي