الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العلمانيون الجدد .. هؤلاء البؤساء

أحمد السيد علي

2006 / 10 / 11
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لعل أحد أكثر النتائج أهمية للمواجهة الأخيرة بين المقاومة الإسلامية والكيان الصهيوني في لبنان هي أنها كشفت بشكل واضح عن الموقع الحقيقي الذي يقف فيه العلمانيون الجُدد وبعض الاتجاهات المحسوبة على اليسار من المشروعات الأمريكية في المنطقة .
منذ أحداث 11 سبتمبر قامت هذه الاتجاهات بحملات إعلامية عنيفة ضد القوى السلفية المتطرفة وقد حازت هذه الحملات بقدر من التعاطف لدى العديد من المثقفين في العالم العربي انطلاقاً من الاتفاق على رفض حالة التخلف والانغلاق والتعصب التي سعت هذه القوى لنشرها بين الشعوب المسلمة .
على أن هذه الحملات تطورت بشكل متواز مع تطورات المشروع الأمريكي الغربي للسيطرة على الثروات النفطية في العالم الإسلامي بدعوى القضاء على الإرهاب ونشر الديموقراطية ، ومع كل مقاومة أو انتكاسة لهذا المشروع كانت هذه الحملات تزداد هياجاً وتعصباً وكثافة إلى درجة استهداف الإسلام ذاته كدين والمسلمين كمجموعات بشرية .
إن البسالة التي أبداها المقاومون في لبنان أثناء نجاحهم في إيقاف الاعتداء الأمريكي / الصهيوني على لبنان لم تترك مجالاً أمام هؤلاء للاحتفاظ بأي مصداقية حتى مجرد ادعاء الوطنية ، حيث فوجئت الجماهير العربية بهذه التيارات تنحاز بشكل صارخ للكيان الصهيوني في المواجهة محملة حزب الله مسئولية وقوعها وملقية على عاتقه تبعات ما ارتكبته القوات الصهيونية من تدمير للبنى التحتية ومجازر للمدنيين في مروحين وقانا وغيرها من قرى الجنوب ، ومتهمة إياه بمنح الصهاينة الذريعة لارتكاب كل هذه الجرائم ، على اعتبار أنه يوجد ذريعة من الممكن أن تبرر ما ارتكبه الصهاينة في لبنان من الأساس ، وغني عن الذكر أن هذه اللهجة المريبة في التعاطي مع المواجهة لم يكن لها نتائج سوى منح الصهاينة شرعية مجانية لهذه الممارسات التي استخدمت فيها كافة القدرات التدميرية الهائلة لهذا الكيان .
من ناحية أخرى وعلى أثر توقف المواجهات كنتيجة للفشل الصهيوني في تحقيق أي من الأهداف التي أعلنها ، كان من الواضح تماماً مدى ما يعانيه الصهاينة سواء على المستوى الشعبي أو الرسمي من فزع جراء الهزيمة التي تعرض لها جيشهم في لبنان ، وبدت آثار هذه الهزيمة بوضوح في عدة مظاهر ، تراجع حاد في شعبية رئيس الوزراء ، مطالبه بلجان تحقيق ، تصاعد معدلات الهجرة المضادة من الكيان ، إلا أن الأقلام الليبرالية هي فقط التي لم تلحظ كل هذا الصراخ الصهيوني ومازالت تتحدث بإصرار عن هزيمة حزب الله في المواجهة كمحاولة منها للقيام بأي دور في تضميد الجراح الصهيونية ربما على أمل في معاودة هذا الكيان للكرة ثانية .
إن نجاح المقاومة الإسلامية في إيقاف الاعتداء الأمريكي / الصهيوني على لبنان وإفشال مشروع الشرق الأوسط الجديد ، وإثباتها لقدرتها على ضرب العمق الصهيوني بكل دقة وبأقل الإمكانيات ، وما أدت إليه هذه المواجهة من الكشف عن حالة الضعف والهشاشة التي يعانيها المجتمع الصهيوني ومدى هزال قدرته على احتمال أي مواجهة حقيقية طويلة ، أثار قدراً كبيراً من الشكوك حول استطاعة الولايات المتحدة حماية مشروعاتها السابقة ناهيك عن إنجاح مشروعاتها الجديدة في المنطقة خاصة مع فشلها الواضح في أفغانستان والعراق ، وعدم قدرتها على تشكيل إجماع دولي ضد إيران وإخضاعها لإرادتها في الوقت الذي يتصاعد فيه النفوذ والقدرة الإيرانية بشكل أسرع من مستوى إدراك المحللين السياسيين في البيت الأبيض .
إن هذا الواقع الجديد أصاب تيارات العلمانيين الجُدد بالفزع كونها لم تتمكن أبداً من تحقيق أي شعبية أو رصيد جماهيري في الشارع العربي بنفس الحجم الذي حققته نظيرتها الإسلامية واليسارية، خاصة مع هذا التصاعد الكبير لمشاعر العداء للغرب عقب قضية الرسوم المُسيئة لشخص الرسول (ص) ، وبالتالي فقد راهنت بكل ثقلها على نجاح القدرة العسكرية الأمريكية في تحقيق مشروعاتها بالشرق بما يعني فتح الطرق أمامها لتحقيق تواجد حقيقي في الشارع العربي .
إن الحملة المسعورة التي تشنها القوى الليبرالية الجديدة ضد المقاومة الإسلامية والانتقادات التي توجهها للدين الإسلامي وشخصية الرسول (ص) والمسلمين والتي تتسم عموماً بالشتائمية والسذاجة الخالية من أي رؤية حقيقية أو منهج إنما تعبر عن مدى ما يقرءوه هؤلاء من فشل للمشروع الأمريكي وشعور بالنقمة من حالة الرفض والمقاومة التي أبداها الشارع العربي عموماً تجاهه .
على أنها تكشف أيضاً وقبل كل شيء عن ما تعانيه مثل هذه التيارات من بؤس حقيقي ، فهي منبوذة من وسطها الشعبي نتيجة تعاليها وعجرفتها في رؤيتها لمعتقداته وعدم احترامها لمشاعره ، وفاشلة في رهانها على ما يمكن أن تحققه لها القوة الأمريكية .









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 72-Al-Aanaam


.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية في لبنان تدك قاعدة ومطار -را




.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية في العراق تنفّذ 4 عمليات ضد


.. ضحايا الاعتداءات الجنسية في الكنائس يأملون بلقاء البابا فرنس




.. قوات الاحتلال تمنع الشبان من الدخول إلى المسجد الأقصى لأداء