الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القرآن محاولة لقراءة مغايرة 140

ضياء الشكرجي

2022 / 12 / 29
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


فَليُقاتِل في سَبيلِ اللهِ الَّذينَ يَشرونَ الحَياةَ الدُّنيا بِالآخِرَةِ وَمَن يُّقاتِل في سَبيلِ اللهِ فَيُقتَل أَو يَغلِب فَسَوفَ نُؤتيهِ أَجرًا عَظيمًا (74)
بلا شك لو كان النضال والقتال في سبيل الله وبالتالي في سبيل الحق، ومن أجل خير البشرية، أن يستحق المناضل والمقاتل في سبيل ذلك، أن يؤتى أجرا عظيما من الله، وبالتأكيد يكون التضحية من أجل ذلك يمثل أعلى مراتب الخير في سبيل قيم الخير. لكن إذا علمنا أن الدين هو صناعة بشرية واجتهاد فيه الصواب وفيه الخطأ وفيه الحق وفي الباطل، يكون كأي إيديولوجيا شمولية، يعتقد معتنقوها احتكار الحق المطلق والحقيقة المطلقة، فلا يكون كل قتالهم حقا، ولا تكون كل تضحية في محلها، ولا يكون كل قتيل من جبهة الخصم ليس بمقتول ظلما وعدوانا. ولأننا لا نريد أن نخوض في الأحداث التي كانت دافعا لإنزال أو تأليف هذه الآية، فلا يستبعد أن الطرف الآخر كان لا يقل تعصبا وتطرفا ورفضا لكل ما يخالف الموروث من الآباء، وهكذا كان الأمر مع كل المتعصبين من أتباع معظم الأديان، يرفضون كل فكرة لا تتفق مع ما ورثوه مما يعتقدونه حقائق مطلقة غير مسموح مناقشتها، ناهيك عن نقدها ونقضها أو تقديم رؤى يرون فيها خطر المنافسة والزحزحة والنسخ والاستبدال.
وَما لَكُم لا تُقاتِلونَ في سَبيلِ اللهِ وَالمُستَضعَفينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالوِلدانِ الَّذينَ يَقولونَ رَبَّنا أَخرِجنا مِن هاذِهِ القَريَةِ الظّالِمِ أَهلُها وَاجعَل لَّنا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَّاجعَل لَّنا مِن لَّدُنكَ نَصيرًا (75)
من أفضل الأعمال النضال والقتال من أجل أناس آخرين، لا من أجل الذات، وإنه لفي مستوى السمو الإنساني أن يقاتل فريق من الناس من أجل مضهدين ضعفاء لا يستطيعون دفع الظلم عن أنفسهم، وفيهم الرجال والنساء والأطفال. لكن السؤال، هل كان القرآن قد دعا إلى قتال قوم مستضعفين لا يعتقدون بعقيدتهم؟
الَّذينَ آمَنوا يُقاتِلونَ في سَبيلِ اللهِ وَالَّذينَ كَفَروا يُقاتِلونَ في سَبيلِ الطّاغوتِ فَقاتِلوا أَولِياءَ الشَّيطانِ إِنَّ كَيدَ الشَّيطانِ كانَ ضَعيفًا (76)
إذا ما عرفنا معنى الطاغوت لغويا وكمصطلح قرآني ووجدنا أنه يمكن أن ينطبق على الدين كمصداق من مصاديق الطاغوت، يمكن أن يكون هنا اقتتال بين طائفتين من الناس، كل منهما تقاتل في سبيل طاغوتها، فيما لا يجوز الاقتتال من أجله، لو كانت الطائفتان قد تحلتا بالعقلانية، والتي لوازمها نسبية الحقائق التي يؤمن بها كل من الفريقين، ولو كانتا قد تحلتا بانشراح الصدر وقبول كل منهما بقناعة الطائفة الأخرى مما لا قناعة لها به، ولو تحلتا بالأخلاق، والتي من لوازمها أن تحب كل طائفة للأخرى ما تحب لنفسها، وتكره لها ما تكره لنفسها، لما كان هناك اقتتال أبدا.
أَلَم تَرَ إِلَى الَّذينَ قيلَ لَهُم كُفّوا أَيدِيَكُم وَأَقيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ فَلَمّا كُتِبَ عَلَيهِمُ القِتالُ إِذا فَريقٌ مِّنهُم يَخشَونَ النّاسَ كَخَشيَةِ اللهِ أَو أَشَدَّ خَشيَةً وَّقالوا رَبَّنا لِمَ كَتَبتَ عَلَينَا القِتالَ لَولا أَخَّرتَنا إِلى أَجَلٍ قَريبٍ قُل مَتاعُ الدُّنيا قَليلٌ وَالآخِرَةُ خَيرٌ لِّمَنِ اتَّقى وَلا تُظلَمونَ فَتيلًا (77)
في الإسلام القتال أو ما يسمى بفريضة الجهاد، ككثير من الواجبات والفروض، يكون بحسب ظرف ما واجبا عينيا، يجب على كل فرد مسلم بعينه، كما تجب الصلاة على كل مسلم، بينما في ظرف آخر يكون واجبا كفائيا، والواجب الكفائي يكون أيضا ابتداءً واجبا على كل رجل مسلم بعينه، ذلك قبل حصول الكفاية، ولكن عندما تتحقق الكفاية بالعدد المطلوب للجهاد الابتدائي، أي الهجومي، بهدف فتح بلد ما وضمه إلى سلطة الإسلام، أو للجهاد الدفاعي، في حال جرى الهجوم على المسلمين، وتطلب الدفاع. لكن يبدو إنه في زمن نبي المسلمين، إذا ما نادى للقتال، وجب ذلك على كل رجل مسلم قادر على حمل السلاح، ومن يتخلف يكون آثما. هنا يبدو تدور الآية حول فريق من المسلمين، أذن لهم ألا يقاتلوا قومهم من المشركين، وأن يقبل منهم أن يكتفوا بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، لكن عندما فرض بعد ذلك القتال، يبدو في ظرف قدر القائد العام للقوات المسلحة، أن يشاركوا في تلك المعركة، فانتابهم الخوف من الموت ومن بأس الطرف الآخر، بينما كان المنتظر منهم، حسب هذه الآية، أن يكون خوفهم من الله، أشد من خوفهم من الناس؛ هذا الخوف من الله الذي يستوجب الطاعة لنبيهم بلا تردد ولا مناقشة، لأنه يفترض به، إذا كانوا مؤمنين به حق الإيمان، أنه «لا يَنطُقُ عَنِ الهَوى، إِن هُوَ وَحيٌ يّوحى». وهذا يدل إما على أن إيمانهم بنبيهم لم يكن متجذرا، بحيث يكونون موقنين أن أمره يمثل أمر الله، أو إنهم كانوا مؤمنين وصادقين في إيمانهم، ولكن درجات الإيمان متفاوتة، ويفترض من الحكيم أن يعي هذا التفاوت، ومن الرؤوف بأتباعه أن يتقبل هذا التفاوت، ويكون متسامحا مع من هم دون الدرجة القصوى من الإيمان، فالتمسك بالحياة والخوف من الموت أمر طبيعي عند كل إنسان بالفطرة، خاصة إذا لم يكن مقتنعا كل الاقتناع بأن ما يطلب منه تعريض حياته للخطر من أجله، يستحق ذلك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الـLBCI ترافقكم في قداس أحد الشعانين لدى المسيحيين الذين يتب


.. الفوضى التي نراها فعلا هي موجودة لأن حمل الفتوى أو حمل الإفت




.. مقتل مسؤولَين من «الجماعة الإسلامية» بضربة إسرائيلية في شرق


.. يهود متطرفون يتجولون حول بقايا صاروخ إيراني في مدينة عراد با




.. كاهن الأبرشية الكاثوليكية الوحيد في قطاع غزة يدعو إلى وقف إط