الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القرآن محاولة لقراءة مغايرة 141

ضياء الشكرجي

2022 / 12 / 31
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


أَينَما تَكونوا يُدرِككُّمُ المَوتُ وَلَو كُنتُم في بُروجٍ مُّشَيَّدَةٍ وَّإِن تُّصِبهُم حَسَنَةٌ يَّقولوا هاذِهِ مِن عِندِ اللهِ وَإِن تُّصِبهُم سَيِّئَةٌ يَّقولوا هاذِهِ مِن عِندِكَ قُل كُلٌّ مِّن عِندِ اللهِ فَما لِهاؤُلاءِ القَومِ لا يَكادونَ يَفقَهونَ حَديثًا (78)
من أجل إقناع أولئك المسلمين المترددين في الالتحاق بالقتال، تبين لهم هذه الآية، بأن الموت قادم لا محال، فكل إنسان عندما يأتي أجله، فهمما هرب من الموت، ومهما حمى نفسه من الأخطار الحمدقة به، فسيأتيه الموت من حيث لا يتوقع. ثم تنتقد الآية أولئك الذين إذا ما أصابهم خير، قالوا إن الله أنعم علينا بذلك، وإن أصابهم سوء، كأن يقتل لأحدهم عزيز، أو يفقد في القتال أحد أعضاء جسمه، يلوم نبيه، لأنه هو الذي أخذه للحرب، ويأتي الجواب الذي تفرض الآية أنه من الله، بأن كل ما يصيبهم من حسنة أو سيئة فهي من الله، وتعتبر الذين لا يدركون هذه الحقيقة عديمي الفهم، فهم لا يفقهون حديثا.
ما أَصابَكَ مِن حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ وَما أَصابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفسِكَ وَأَرسَلناكَ لِلنّاسِ رَسولًا وَّكَفى بِاللهِ شَهيدًا (79)
الغريب إن الآية السابقة تقول «وَإِن تُّصِبهُم حَسَنَةٌ يَّقولوا هاذِهِ مِن عِندِ اللهِ وَإِن تُّصِبهُم سَيِّئَةٌ يَّقولوا هاذِهِ مِن عِندِكَ» «قُل كُلٌّ [من الحسنة والسيئة] مِن عِندِ اللهِ» بينما هذه الآية تنقض ما قبلها بقول: «ما أَصابَكَ مِن حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ وَما أَصابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفسِكَ». نعم، لو أردنا الدفاع عن القرآن وعن دعوى إلهيته، سنجد مخرجا، بأن كلا من الحسنة والسيئة من عند الله، ذلك بحكم العلم المسبق لله، فيما سيحدث، ولكن بحكم أن الأشياء تكون بأسبابها، مما يمثل أيضا إرادة الله، يجعل الخير من الله والسوء بسبب سوء أداء الإنسان وعدم دراسته لتوفير أسباب النجاح. لكن هنا يحق لنا أن نسأل إذا حسبنا النتائج السيئة على الإنسان لسوء أدائه وسوء تخطيطه، أو سوء سريرته، فلماذا لا نحسب النجاح على أنه جاء بسبب حسن تخطيطه وتوفير أسباب نجاحه ولحسن نيته؟ إأما يحسب كلاهما لله وإما يحسبان على الله، أو يحسب كلاهما للإنسان أو على الإنسان، أو نقول في كل منهما عناصر تحسب للإنسان أو عليه، وعناصر تحسب لله أو عليه، وذلك كون الله شاء أن يخلق الإنسان حر الاختيار من جهة، وكونه من جهة أخرى على كل شيء قدير ويفعل ما يشاء ولا يفعل ما يشاء غيره، كما أن هناك عناصر جبر في شخصية كل إنسان وسلوكه، وهذا ما يفترض ألا يكون، لأنه يحسب على الله، كونه على كل شيء قدير، إذا أراد شيئنا يقول كن فيكون، ولأنه متصف بالرحمة. يمكن القول إن مؤلف القرآن كان في حيرة في تفسير ذلك، كما بقي اللاهوتيون والفلاسفة حائرين، أمام ثمة أسئلة لم يجد الإنسان حتى الآن جوابا مقنعا، مما جعل الناس يذهبون مذاهب شتى في ذلك. ثم تختم الآية بقول إن الله أرسله «لِلنّاسِ رَسولًا»، ودليل ذلك أن «كَفى بِاللهِ شَهيدًا». ولا ندري هل شهادة الله على صدق دعوى محمد بأنه رسول الله، تكون في الدنيا، أم في الآخرة. أما شهادة الله في الدنيا، فلم ترد إلا في القرآن نفسه، وهذا ما يعد في المنطق من الدور الممتنع عقلا، بحيث يسأل السائل عن الدليل على أن القرآن كتاب الله، يقال له القرآن يشهد بذلك، أو إذا سأل ما هو الدليل على نبوة محمد، يقال له ها هو هذا الكتاب الذي جاء به يشهد له بذلك، في الوقت الذي يحتمل السائل إن القرآن نفسه من تأليف محمد نفسه، مما يعني أن محمدا يشهد لمحمد. أما إذا كانت شهادة الله على صدق الدين والكتاب والرسول في الحياة الأخرى، فيكون قد فات الأوان على هذه الشهادة، لأن هناك من سيقبل على الله غير مؤمن بمحمد رسولا وبالقرآن وحيا من الله وبالإسلام دينه الحق، فيكون قد ختم على سجله كافر يستحق دخول النار والخلود فيها.
مَن يُّطِعِ الرَّسولَ فَقَد أَطاعَ اللهَ وَمَن تَوَلّى فَما أَرسَلناكَ عَلَيهِم حَفيظًا (80)
قد أوصدت الأبواب أمام أي إمكانية مناقشة لقرارات (رسول الله)، لأنه «مَن يُّطِعِ الرَّسولَ فَقَد أَطاعَ اللهَ» ولأنه «لا يَنطِقُ عَنِ الهَوى»، بل كل ما يقوله، كل ما يأمر به، وكل ما ينهى عنه، وكل ما يرجحه وما لا يرجحه؛ كل ذلك «إِن هُوَ إِلّا وَحيٌ يّوحى». وهذا كله منطقي وصحيح، إن كان هو فعلا رسول الله. لكن ماذا لو توصل إنسان ما إلى قناعة مخالفة لذلك، أو كان على الأقل لديه شك في ذلك، ليس لأن في قلبه مرض، كما يعبر القرآن، ولا لأنه يتبع خطوات الشيطان وهوى النفس الأمارة للسوء، بل لمبررات مقنعة عند الشاك ليشك بنبوة محمد أو عند الحاسم بنفيها لذلك؟ هذه الآية من الآيات المتسامحة الجميلة، لأنها تقرر بأن من لم يطع الرسول، هذا المعبر عنه هنا بالتولي، فيقول الله لرسوله هنا «ما أَرسَلناكَ عَلَيهِم حَفيظًا» كما عبر القرآن عن هذا المعنى بـ «لَستَ عَلَيهِم بِمُسَيطِرٍ» وكذلك «لا إِكراهَ فِي الدّينِ» و«لَكُم دينُكُم وَلِيَ دينِ[ـي]». لكننا سنجد إن القرآن لم ينحُ هذا المنحى على طول الخط، لاسيما في القسم المدني (المدينوي) منه، بخلاف القسم المكي (المكوي).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقتل مسؤولَين من «الجماعة الإسلامية» بضربة إسرائيلية في شرق


.. يهود متطرفون يتجولون حول بقايا صاروخ إيراني في مدينة عراد با




.. كاهن الأبرشية الكاثوليكية الوحيد في قطاع غزة يدعو إلى وقف إط


.. الجماعة الإسلامية في لبنان: استشهاد اثنين من قادة الجناح الع




.. شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية