الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القرآن محاولة لقراءة مغايرة 142

ضياء الشكرجي

2023 / 1 / 2
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


وَيَقولونَ طاعَةٌ فَإِذا بَرَزوا مِن عِندِكَ بَيَّتَ طائِفَةٌ مِّنهُم غَيرَ الَّذي تَقولُ وَاللهُ يَكتُبُ ما يُبَيِّتونَ فَأَعرِض عَنهُم وَتَوَكَّل عَلَى اللهِ وَكَفى بِاللهِ وَكيلًا (81)
من هي يا ترى هذه الطائفة التي تظهر طاعتها لرسول أمامه، وبمجرد انصرافها عنه، تراها تفصح عما أضمرت مما هو خلاف ما أظهرت؟ القرآن يجب أن يفهم بدون الرجوع إلى تفسير المفسرين، ولا إلى ما يرويه رواة وكتبة السيرة عما يسمونه بأسباب التنزيل/ الإنزال/ النزول، لأنه ما ينطق به الله يجب أن يكون مستغنيا عن غيره في إفهام المراد من خطاب الله للمتلقي. لذا يمكن طرح عدة احتمالات، إما هي طائفة المنافقين، الذين أظهروا الإيمان وأضمروا الكفر بالإسلام لتحقيق مصالح ذاتية، بعدما رأوا الإسلام قد قوت شوكته، وقدروا أن المستقبل له، وخاصة بسبب الامتيازات التي يحصل عليها المسلمون، مما يحرم منها غيرهم، أو إنها طائفة الخائفين من سطوة المسلمين المضطرين لإظهار إسلامهم من غير قناعة حقيقية منهم، أو إنها طائفة الذين أسلموا في البداية عن قناعة، ثم اكتشفوا في الدين الجديد وفي سلوك مؤسسه ما أعطاهم المبرر للشك بإلهيته، أو ربما تجاوز البعض درجة الشك بحسم القناعة بأن هذا الدين هو من ابتكار مؤسسه واجتهاده، أو مما تعلمه من غيره أو اقتبسه من أديان أخرى، ثم أكمل الشوط باجتهاداته، منقحا ومضيفا وحاذفا ومفصلا وموجزا.
أَفَلا يَتَدَبَّرونَ القُرآنَ وَلَو كانَ مِن عِندِ غَيرِ اللهِ لَوَجَدوا فيهِ اختِلافًا كَثيرًا (82)
هنا یحق لثمة إنسان قام بتدبر القرآن كما تقترح عليه هذه الآية، ووجد خلاف ما تقوله خلافا كثيرا، أفلا يحق له أن يسأل ما إذا لم يكن الأصح قول:
«أَفَلا يَتَدَبَّرونَ القُرآنَ وَلَو كانَ مِن عِندِ اللهِ لَما وَجَدوا فيهِ اختِلافًا كَثيرًا»
فيكون ذلك حجة له على توصله إلى الإيمان بامتناع صدوره عن الله؟
وَإِذا جاءَهُم أَمرٌ مِّنَ الأَمنِ أَوُ الخَوفِ أَذاعوا بِهِ وَلَو رَدّوهُ إِلَى الرَّسولِ وَإِلى أُلِي الأَمرِ مِنهُم لَعَلِمَهُ الَّذينَ يَستَنبِطونَهُ مِنهُم وَلَولا فَضلُ اللهِ عَلَيكُم وَرَحمَتُهُ لَاتَّبَعتُمُ الشَّيطانَ إِلّا قَليلًا (83)
هذه الآية يمكن أن نعتبرها درسا في الوعي الأمني والاستخباراتي في وقت الحرب، فهي تحذر من الكلام عن أسرار الحرب بدون ضابط، وفي كل مكان ومع أي شخص. وتنبه أن إذا انتهت إلى سمع أحدهم معلومة عن تحرك الطرف الآخر، فعليه أن يبلغ القائد الأعلى للقوات المسلحة، أو لأعوانه المقربين، أو للقائد العسكري الذي يمثل القائد الأعلى، ودون الثرثرة به مع أي كان.
فَقاتِل في سَبيلِ اللهِ لا تُكَلَّفُ إِلّا نَفسَكَ وَحَرِّضِ المُؤمِنينَ عَسَى اللهُ أَن يَّكُفَّ بَأسَ الَّذينَ كَفَروا وَاللهُ أَشَدُّ بَأسًا وَّأَشَدُّ تَنكيلًا (84)
الغريب إن التكليف الإلهي المفترض بالقتال موجه هنا حصرا إلى النبي، فهو وحده المكلف بذلك، في حالة لم يستجب أتباعه لنداء القتال، لكن مع هذا عليه أن يحرض المؤمنين به على القتال، فعسى أن يكون ذلك سببا لرد قوة أعدائهم، ثم تطمئن الآية المسلمين، في حال رأوا في جبهة العدو بأسا وقوة وإعدادا جيدا، بأن الله هو الأشد بأسا وقوة وقدرة منهم، وسيتكفل بنفسه التنكيل بالعدو.
مَن يَّشفَع شَفاعَةً حَسَنَةً يَّكُن لَّهُ نَصيبٌ مِّنها وَمَن يَّشفَع شَفاعَةً سَيِّئَةً يَّكُن لَّهُ كِفلٌ مِّنها وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيءٍ مُّقيتًا (85)
اتنتقل هذه الآية إلى موضوع آخر ألا هو الشفاعة. والشفاعة هي الوساطة، فمن يشفع لشخص ما لأمر حسن، فيوعد هنا بأن يكون له نصيب من ثواب العمل الذي أنجز للمشفوع له، ومن يشفع لأمر سيئ، فيتحمل أيضا نصيبه من وزر ما تسببته شفاعته أو وساطته. الآية بتجرد لا يسجل عليها أي إشكال، لولا إننا نعلم إن الحسن لا يكون حسنا والسيئ لا يكون سيئا هنا، إلا ما يعتبره الدين حسنا أو سيئا. وهنا أيضا لا مشكلة طالما كان من الدين ما يلتقي مع المثل الأخلاقية، كالعدل والصدق والإنصاف وفعل الخير ونفع الناس ونصرة المظلوم، وغيرها، وبعكسها كمصاديق للأمور السيئة الكذب والغش والظلم وفعل الشر والإضرار بالناس ومساعدة الظالم. لكن حتى في هذه الأمور التي لا فرق في الحكم على حسنها وسيئها بين الدين والأخلاق العامة، نجد الدين لا يساوي فيما يجب الالتزام به وما يجب اجتنابه بين الناس، فهناك واجبات ونواهٍ أخلاقية يخص الدين بالتعامل بموجبها أتباعه والمؤمنين به.
وَإِذا حُيّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيّوا بِأَحسَنَ مِنها أَو رُدّوها إِنَّ اللهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيءٍ حَسيبًا (86)
وهذه من الآيات التي تعطي درسا في الأخلاق والآداب ولياقات المعاملة، وربما شخص مؤلف القرآن إن هناك من إذا حياه أحد لا يرد التحية، فجاءت هذه الآية تجعل رد التحية بمثلها على الأقل واجبا، وتجعل الرد بأحسن منها مستحبا. وهذا يصح دائما مهما اختلفت طريقة وعبارة التحية، بل يعدو ذلك إلى كل فعل جميل من شخص ما أن يرد بمثله أو بأحسن منه، كالهدية، والمساعدة في أمر ما، والإحسان. لكن هناك رأي فقهي واسع الانتشار، مستوحى من القرآن والسنة، بعدم جواز تحية غير المسلم المنعوت بالكافر بتحية الإسلام (السلام عليكم). ويبدو من خلال هذه الآية والآيات الكثيرة التي تنبه المسلمين إلى وجوب التحلي باللياقات الاجتماعية، كدخول البيوت من أبوابها، والسلام على أهلها، وعدم دخولها بلا استئذان، وأن يعود الزائر إذا اعتذر أهل البيت عن استقباله وعدم المبالغة برفع الصوت عند الكلام؛ من كل هذا نستطيع أن نفهم إن الكثير من عرب الجزيرة الذين دخلوا الإسلام، كانوا لا يلتزمون باللياقات، مما يلتزم به عادة المجتمع المتحضر، ولو بمعايير ذلك الزمان، ومن هنا جاء في إحدى الآيات التي بصدد سرد قصة نوح مع قومه، أن الذين يتبعون الأنبياء كانوا غالبا من أراذل قومهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. يهود متطرفون يتجولون حول بقايا صاروخ إيراني في مدينة عراد با


.. كاهن الأبرشية الكاثوليكية الوحيد في قطاع غزة يدعو إلى وقف إط




.. الجماعة الإسلامية في لبنان: استشهاد اثنين من قادة الجناح الع


.. شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية




.. منظمات إسلامية ترفض -ازدواجية الشرطة الأسترالية-