الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أساليب التعبير القرآني في مواجهة السنن الجاهلية -1

حسام علي

2023 / 1 / 2
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


بسم الله الرحمن الرحيم: أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ ۚ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ. صدق الله العلي العظيم. (سورة المائدة. آية 50). لقد أنزل الله سبحانه وتعالى القرآن الكريم، هدى وبشرى للعالمين، فجعله بالعلوم والبراهين والأحكام، معجزة خالدة للبشرية جمعاء، تطالهم مهما تبدلت أحقاب أو تغيرت دهور وتوالت أزمان. خاصة وقد عاشت شعوب عديدة في الأرض، إنحرافات سلوكية وعقائدية متوارثة جيلاً بعد جيل، يستولون ويسفكون وينكحون ويئدون، دون علم به يسترشدون أو هداية بها يستضيئون. وأمة العرب التي شكّل الإسلام بظهوره في بلادها، أعظم حدث تأريخي على الإطلاق، حين أخرجهم من الضلالة الى الهدى ومن الظلام الى النور، قد واجه بآياته الكريمة كل السنن الجاهلية والعصبيات القبلية التي مارستها العرب، فنقلهم الى مهد حضاري جديد أزاح الى حد كبير ما كان يعرف بأن "العرب كانت تغلب عليهم البداوة، وأنهم كانوا قد تخلفوا عمن حولهم في الحضارة، فعاش أكثرهم عيشة قبائل رحل، في جهل وغفلة، لم تكن لهم صلات بالعالم الخارجي، أميون، عبدة أصنام، وقد سموا بالجاهلية لحالة الوثنية التي كانوا عليها، ولجهالتهم وارتكابهم الخطايا ".
وكانت العرب في الجاهلية، تحكمهم عادات وتقاليد كارثية، وعصبية قبلية ونعرات عرقية، حتى ظهر الاسلام، فألّف بينها وقرّبها من بعضها. فكان الرجال يتعادون ويتقاتلون ويشربون الخمر ويمارسون الزنا ويلعبون القمار ويهضمون حق المظلوم والسائل والمحروم. وأما النساء، فقد كنّ لا يملكن لأنفسهن الإرادة في تحديد المصير أو تعيينه. حتى جاءت آيات القرآن الكريم متعددة ومتنوعة في ألفاظها ومدلولاتها، فحذرت وحرّمت على عرب الجاهلية اتّباع عاداتهم القبلية العصبية التي طالما سارت بهم الى الموبقات والفجور والفسوق وارتكاب الخطيئة. بسم الله الرحمن الرحيم: "{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}، {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ}، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} صدق الله العلي العظيم.
لذا، فإن أساليب الآيات القرآنية التي واجهت ما حكم العرب آماداً طويلة من عادات وتقاليد موروثة، قد أضحت سبلاً إنسانية فيما بعد، فأبرزت ملامح جديدة متمدنة لعالم عربي إسلامي على وجه التحديد، يمكن أن نسميه بعالم ما بعد الجاهلية. عالم متطور ومؤمن يتمتع بعقيدة راسخة وقوية في مواجهة "الصراعات الفكرية الحضارية التي دارت وتدور اليوم بين العالم العربي الاسلامي والعالم الغربي الذي لا يزال يسعى لتحقيق الأهداف بتقليل ثقة المسلمين بأنفسهم وانتزاعهم من ماضيهم وإثارة سننٍ عصبية قبلية بينهم من جديد، كتلك التي ثارت بين الأوس والخزرج قبل الاسلام، حتى نزلت آيات قرآنية ألّفت بينهم وقضت على حروبهم فيما بينهم". بسم الله الرحمن الرحيم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً* يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً} صدق الله العلي العظيم.
لقد كان لآيات القرآن الكريم أساليباً عدة في هذا المجال، كالأسلوب الاستفهامي على سبيل المثال، بسم الله الرحمن الرحيم: {وإذا الموؤدة سئلت بأي ذنب قتلت} نراه أسلوباً عاماً، إلا أنه خصص لتبليغ عاقبة هذا الفعل الجاهلي بشكل منفرد لكل من يرتكبه، حين جعل الله سبحانه وتعالى سؤالاً عن تعيين ذنب أوجَب قتلها تعريضا و توبيخا لمن وأدها و إشارة إلى عظم ما قام به من جرم، ولكي تكون إجابتها شهادة على من وأدها فيكون استحقاقه العقاب أشد وأظهر؛ فإذا ظهر أنه لا ذنب له كان أعظم في البيّنة وظهور الحجة على قاتلها.
عليه، ولأهمية التوضيح والإشارة الى الآيات التي حققت دورها في معالجة أمور اجتماعية شتى، إنسانية، فأن أي بحث لابد وأن يتناول تلك الآيات القرآنية التي نزلت على صدر سيد الخلق وحبيب الخالق محمد صلى الله عليه وآله وسلم، والتي عالجت بأساليبها الخاصة، سنناً وعادات وتقاليد قبلية سادت مدد طويلة، عرب الجاهلية. كذلك ما حققته من آثار اجتماعية وثقافية، حضارية، رغّبت خلالها الناس على اتباع الهدى ونبذ الباطل، ليس إزاء فترة محددة أو معينة، إنما وكما ذكرنا فأن أهداف نزول الآيات القرآنية وما اشتملته من معالجات إنسانية اجتماعية، كانت بمثابة رسالة خالدة لتوضيح الحدود والفرائض والأحكام المنظمة، سواء لحياة الأفراد أو المجتمعات. بسم الله الرحمن الرحيم: {ٱعۡلَمُوۤا۟ أَنَّمَا ٱلۡحَیَوٰةُ ٱلدُّنۡیَا لَعِبࣱ وَلَهۡوࣱ وَزِینَةࣱ وَتَفَاخُرُۢ بَیۡنَكُمۡ وَتَكَاثُرࣱ فِی ٱلۡأَمۡوَ ٰ⁠لِ وَٱلۡأَوۡلَـٰدِۖ كَمَثَلِ غَیۡثٍ أَعۡجَبَ ٱلۡكُفَّارَ نَبَاتُهُۥ ثُمَّ یَهِیجُ فَتَرَىٰهُ مُصۡفَرࣰّا ثُمَّ یَكُونُ حُطَـٰمࣰاۖ وَفِی ٱلۡـَٔاخِرَةِ عَذَابࣱ شَدِیدࣱ وَمَغۡفِرَةࣱ مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضۡوَ ٰ⁠نࣱۚ وَمَا ٱلۡحَیَوٰةُ ٱلدُّنۡیَاۤ إِلَّا مَتَـٰعُ ٱلۡغُرُورِ.}
يتبع..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لا يصح الا الصحيح
بولس اسحق ( 2023 / 1 / 2 - 22:07 )
صحيح وعال العال والدليل {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا}... والدليل الاخر {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ ۖ-;- وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا (2)} تحياتي وكل عام وانت بخير يا مولانا.. عفوا كان عليَّ ان اشطب السطر الاخير لانه تشبه بالكفار كما قالها الضحوك القتال!!


2 - سنن الجاهلية
حسام علي ( 2023 / 1 / 3 - 14:53 )
وكل عام وانت بخير ايضا. الاخ بولص اسحق

اخر الافلام

.. فولفو تطلق سيارتها الكهربائية اي اكس 30 الجديدة | عالم السرع


.. مصر ..خشية من عملية في رفح وتوسط من أجل هدنة محتملة • فرانس




.. مظاهرات أمام مقر وزارة الدفاع الإسرائيلية تطالب الحكومة بإتم


.. رصيف بحري لإيصال المساعدات لسكان قطاع غزة | #غرفة_الأخبار




.. استشهاد عائلة كاملة في قصف إسرائيلي استهدف منزلا في الحي الس