الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حبيبتي 2022… رغم عذاباتكِ... أشكرك!

فاطمة ناعوت

2023 / 1 / 4
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


[email protected]
ها هي تُغادرنُا بسلام، السنة العجيبة 2022. وأعلمُ أن البشرية جميعَها، تقريبًا، غاضبةٌ من عام عَسِرٍ انعطف بالبشرية إلى منعطفات خَطِرة، لا يعلمُ إلا اللهُ: إلامَ سوف تذهب، وعلامَ ستنتهي؟ حرب روسية-أوكرانية هدمت اقتصاد دول وحرمت البشرية من سلع أساسية، جوائحُ وأوبئةٌ، زلازلُ وأعاصيرُ، كوارثُ طبيعيةٌ حصدت ملايين الأرواح ملايين، منها: فيضانُ باكستان المروّع، وجفاف العراق بلاد النخيل والخصب، وصخور فضائية في طريقها لكوكب الأرض، واستمرار تداعيات التصحّر والاحتباس الحراري، وتزايد التأثير الخطير للبلاستيك على البيئة والبشر حيث وجد العلماءُ جزيئات بلاستيكية دقيقة في عينات الدم البشري لدى ٨٠٪ من الأشخاص الذين خضعوا للاختبار، ووصول تعداد البشر إلى ٨ مليارات نسمة، ما يهدد بنفاد الموارد الطبيعية، وغلاء الأسعار المتصاعد في العالم بأسره، وثمّة دولٌ لم تعد حتى تجد الوقود لسياراتها، ولا الكهرباء لمصانعها ومنازلها. انهيار الجنيه مقابل الدولار، وتضخّمٌ هائلٌ ضرب جميع الدول، وغيرها من النوازل التي حملها عام ٢٠٢٢ في مِخلاته المكتظة قبل أن يتكئ على عصاه ويمضي إلى حيث تمضي السنونُ في عتمة كهف الزمان الماضي، ولا تعود.
ورغم بعض الإيجابيات القليلة في العام المنصرم مثل ابتكار لقاح لمرض الملاريا من شأنه أن يغيّر وجه الأرض للأفضل لو نجحنا في القضاء على هذا الطفيل الخطير الذي يحصد أرواح أطفال أفريقيا، وتطوير تليسكوب "جيمس ويب" في يوليو الماضي فأمكننا التقاط صور مذهلة للكون، واكتشاف مجرّات لم نكن نرصدها عمرها ١٣ مليار سنة، عطفًا إلى بعض الأمور المشرقة التي تصفعُ العنصرية مثل وصول مواطن ملوّن إلى منصب رئيس الوزراء في بريطانيا هو "ريشي سوناك"، وإقامة المونديال في دولة عربية لأول مرة منذ نشأته عام ١٩٣٠، ووجود حَكَم نسائي لأول مرة في تاريخ كأس العالم، هي الفرنسية "ستيفاني فرابارت". وعلى الصعيد الثقافي المحلي سعدنا بمبادرة المتحف المصري الكبير لتعليم الأطفال الطاقة المتجددة عن طريق الليجو، وغيرها من الأمور الطيبة. لكن في المجمل لم يحمل ٢٠٢٢ للبشرية إلا ظواهرَ وكوارثَ مخيفةً، يضيقُ عن رصدها هذا المقال. وربما سردت معظم مصاعب هذا العام الأغنيةُ الكوميدية اللطيفة "باي باي ٢٠٢٢" التي أطلقتها العروسُ الظريفة "أبله فاهيتا" في توديع هذا العام على موسيقى "سيد درويش”: “الحلوة دي”: “يا 22 حلوة حلاوة/ مش طبيعية/ محسناش بيكي يا سوسو استني شويه/ دولار وكوليرا/ وجدري قرود/ حرب روسية/ ومفيش مونديال/ وكوفيدو بقى حاجة عادية/ مخلوي .. لا قُلّة ايه، اكسروا عشرة/ إكسروا ميه/ ع السنة ديه/ هايحصل ايه أكتر يعني/ فينا في الجاية!/ مبقاش فاضل غير غزو فضائي أو نووية...”
ومع هذا، هل يسمحُ لي القارئ العزيز أن أهجرَ خانة "الموضوعية"، في هذا المقال فقط، وأتدثَّرَ بثوب "الذاتية" وأشكر عام ٢٠٢٢، لأنه حقّق لي حلمًا قديمًا عصيًّا انتظرتُه أعوامًا طوالا، حتى وصلتُ إلى الضفاف البعيدة من بحر القنوط، وكدتُ أطمرُ هذا الحلم القديم في عمق سلّة الأحلام المُحالة، لأدفنه مع المستحيلات؟! سوى أن اللهَ الأكرم الأرحم قدّ كتب لي تحقيق ذاك الحُلم المستحيل في منتصف العام الماضي. خرج ابني المتوّحدُ "عمر" من شرنقة العُزلة التي سجن نفسَه فيها سنينَ طويلةً عددًا، وأخفقتْ جميع محاولاتنا المستميتة والمتواصلة من أجل دمجه في المجتمع، إلا أنه أصرَّ على الاعتكاف في غرفته سنواتٍ طوالا، كان قلبي فيها ينفطرُ وجعًا، دون أن أبوح بمواجعي سوى في قصائدي، لدموعي التي تخفيها وسادتي، لئلا يراها أحدٌ.
يوم ١٠ يوليو ٢٠٢٢، ثالث أيام عيد الأضحى المبارك، تحقق حُلمي العصيّ. قبلها بيوم جاءني ما يُشبه الرؤيا بأنني سوف أغادرُ هذا العالم يوم ١٥ مارس ٢٠٢٣. لم أجزع مطلقًا؛ فليس في الموت ما يُخيف؛ لأنه بوابةُ العبور للقاء الله الجميل الرحمن الرحيم. فقط ناجيتُ اللهَ بدموعي: (وماذا عن "عمر" يا ربي؟! حين نتركه ونمضي إليك، مَن سوف يرعاه في الدنيا، وهو لا يعرف منها غير جدران غرفته التي لا يبرحها؟! يا ربُّ... الحياةُ قاسيةٌ على أمكر البشر، فكيف تكونُ قسوتُها على هذا الملاك النقيّ الصامت؟!) بكيتُ وبكيتُ، وكان اللهُ يسمعُ لي، إذْ توالتِ المعجزاتُ منذ اليوم التالي مباشرة، لنبدأ رحلة: كسر الشرنقة والطيران نحو الحياة. أشكرك يا حبيبي يا رب العالمين.
"حين أمضي/ إلى حيثُ يمضي الماضونَ/ ولا يعودون/ سيقولُ الناسُ لأطفالي: أمُّكم
صارتْ ملاكًا/ فكُفّوا عن البكاءْ/ وحين أصيرُ ملاكًا/ سأهبطُ ذاتَ مساء/ أنزعُ من جسد/ طفلي/ زهرةَ التوحّد/ وأنثرُ الكلماتِ على لسانه/ حتى يصيرَ الصمتُ/ أشعارًا/ قصائدَ.
***








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - قطعه فنيه ادبيه مملوءة عواطف امومه حاره-ولكن يااست
المتابع ( 2023 / 1 / 4 - 17:26 )
ولكن يااستاذه حتى انتي تعتقدين بالخرافات-تحياتي لك وللمحبوب عمر

اخر الافلام

.. تحقيق: -فرنسا لا تريدنا-.. فرنسيون مسلمون يختارون الرحيل!


.. طلاب يهود في جامعة كولومبيا ينفون تعرضهم لمضايقات من المحتجي




.. طلاب يهود في جامعة كولومبيا ينفون تعرضهم لمضايقات من المحتجي


.. كاتدرائية واشنطن تكرم عمال الإغاثة السبعة القتلى من منظمة ال




.. محللون إسرائيليون: العصر الذهبي ليهود الولايات المتحدة الأمر