الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النظام العالمي الجديد ومستقبل العالم 2-3

راندا شوقى الحمامصى

2023 / 1 / 4
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


أما الميثاق الخاص الذي أبرمه حضرة بهاء الله مع البشرية فانه يعمل من خلال نظام يطلق عليه النظام الإداري .
وعلى ذلك فإن النظام الإداري البهائي يتكون من أحكام وتعاليم من جهة ، ومؤسسات تقع ضمن الجامعة البهائية من جهة أخرى ، وهذا النظام الإداري يعتبر في الواقع تعبيراَ أساسيا للعهد الخاص الذي جاء به حضرة بهاء الله للجنس البشرى . ومن الخصائص المميزة للعهد الخاص في الحقيقة هو أن حضرة بهاء الله حدد الأحكام والمؤسسات التي يجب أن تحكم شئون الجامعة وأعضائها عبر التاريخ. علاوة على ذلك شرح حضرته في آثاره المقدسة المذيلة بختمه وتوقيعه طبيعة كل مؤسسة من هذه المؤسسات بما فيه حدود اختصاصاتها وامتيازاتها ووظائفها ودورها . أما قاعدة هذا النظام فقد وضعها حضرة عبد البهاء وحضرة ولي أمر الله حيث أعطيت لهما مطلق الصلاحية من قبل حضرة بهاء الله .
أطلق حضرة بهاء الله لقب " بيوت العدل " على المؤسسات التشريعية الرئيسية لدينه . يتكون بيت العدل من تسعة أفراد بالغين ينتخبون بصفة دورية بواسطة جميع الأفراد البالغين في الجامعة البهائية . وتتأسس بيوت العدل في ثلاثة مستويات : المستوى الأول : محلي ونطاق إدارته طبقا لتنظيمات البلديات أو المحافظات . والمستوى الثاني وعادة ما يكون على مستوى مركزي . والمستوى الثالث عالمي . واليوم ظهرت مؤسسة بيت العدل الأعظم على المستوى العالمي فقط وذلك عن طريق انتخاب بيت العدل الأعظم وقد أجريت أول انتخابات له في مؤتمر عالمي عقد في عام 1963 م . إنها مؤسسة تدير شئون الجامعة البهائية في شتى أنحاء العالم ، وهي الهيئة التشريعية الوحيدة للدين البهائي
إن نظام المؤسسات في الدين البهائي يمثل جزءا لا يتجزأ منه ولا يمكن فصله عن المبادئ والتعاليم الروحانية النقية . ويؤمن البهائيون بأن نظامهم الإداري بمثابة الجنين ونظام اجتماعي جديد مقدّر له أن يحقق وحدة الجنس البشري .
" انه من الأهمية بمكان أن نميّز بكل وضوح الفرق بين النظام الإداري البهائي وبين النظام العالمي المستقبلي الذي تصّوره حضرة بهاء الله . بالنسبة للنظام العالمي ، يؤمن البهائيون بأن تعاليم مؤسسي دينهم لها تأثيرها التام على تأسيس حكومة عالمية وعلى السلام الدائم وإيجاد الحضارة العالمية الموحّدة . فهذا النظام العالمي بالطبع لم يتأسس بعد وإنما هو الهدف الذي تسعى إليه الجامعة البهائية . إلا أن المؤسسات الرئيسية للنظام الإداري قد تأسست بالفعل وتعمل جزءا مكملاَ للجامعة البهائية العالمية .
نظرة حضرة بهاء الله في النظام العالمي للمستقبل في البيانات التالية :
" إن وحدة البشر كما رسمها بهاء الله تعني تأسيس حكومة عالمية تتّحد فيها اتحاداَ ثابتا وثيقا كافة الأمم والمذاهب والأجناس والطبقات فيها ، وتكون الحقوق الذاتية للحكومات المكونة لأعضائها مكفولة تماماَ ، والحرية الشخصية لممثلي هذه الحكومة العالمية وتوقيعاتهم تكون محترمة نافذة . هذه الحكومة العالمية بقدر ما نستطيع تصويرها يجب أن تشتمل على هيئة تشريعية عالمية يكون أعضاؤها وكلاء عن جميع الجنس البشرى وأن يكون لها الإشراف التام على موارد كافة الأمم التي تتكون منها ، وأن تشّرع من القوانين ما تتطلبه نواحي الإصلاح وسد مطالب الأجناس والشعوب وتصحيح العلاقات فيما بينها ، وعلى هيئة تنفيذية مؤيدة بقوة عالمية وظيفتها تنفيذ القرارات وتطبيق القوانين التي تضعها الهيئة التشريعية والمحافظة على هيكل وحدة الحكومة العالمية ، وعلى محكمة عالمية تتولى الفصل والحكم النافذ البات في كل نزاع ينشأ بين العناصر المختلفة المكونة لهذا النظام العام . وبجانب هذا يجب تنظيم مركز مواصلات عالمي وتخصيص جهاز للتخاطب مع كل جزء من أجزاء الأرض ويكون بعيدا عن كل تأثير وقيد قومي ويعمل بسرعة وكفاية تامة ، وإعداد مقر عام يكون المركز النابض لمدنية عالمية تتركز حوله كل عناصر التوحيد في الحياة ومنه تنبعث أنوار آثاره المنشطة ، والاتفاق على لغة عامة تبتكر أو تختار من بين اللغات الحالية تدرس في جميع مدارس الأمم المتحدة وتكون بمثابة لغة مساعدة بجانب اللغات القومية ، وـنوع عالمي من حروف الطباعة والأدبيات ، وشكل ونظام عالمي للعملة والموازين والمكاييل والمقاييس ، كل ذلك من شأنه أن يسهل أسباب التعامل والتفاهم بين شعوب العالم وأجناسه … أما الثورات القومية والعداوات والفتن فإنها تتوقف ، ويتبدل العداء العنصري والتعصب بالوفاق والتفاهم والتعاون ، وتنعدم نهائياَ أسباب المشاحنات الدينية وترتفع الحواجز والقيود الاقتصادية ، ويختفي التمييّز بين الطبقات …".
يؤمن البهائيون بأن النظام العالمي لا يمكن تحقيقه بفضل جهودهم الفردية أو لان دينهم ينص على ذلك ، بل بأن الإرادة الإلهية تعمل بطرق عدّه وعلى مستويات مختلفة وفي شتى بقاع العالم ومن خلال جميع فئات البشر لتحقيق هذا الهدف العظيم المنشود . ويرون في تأسيس عصبة الأمم وهيئة الأمم المتحدة خطوات هامة وعملية نحو اتحاد الأمم . ولذلك نرى الكثير من البهائيين شركاء نشطين في فعاليات هيئة الأمم المتحدة ووكالاتها المختلفة كما الأمر في العديد من المنظمات العالمية غير السياسية . رائدهم في ذلك بأن دينهم ونظامه الإداري لهما الدور الأساسي والحيوي في عملية خلق عالم موحّد .
ولمساعدتنا في تفهّم كيف ينظر البهائيون إلى العلاقة بين دينهم ونظامه الإداري من جهة وهدف تحقيق السلام العالمي وتأسيس النظام العالمي من جهة أخرى يجدر بنا أن نعيد إلى الأذهان بأنهم يربطون الحضارة العالمية المستقبلية بالعصر الألفي السعيد أو تأسيس " ملكوت الله " المذكور في الكتب المقدسة للأديان الأخرى . فالبهائيون يعتقدون بأن تأسيس السلام والاتحاد العالمي يعني تأسيس ملكوت الله على الأرض وهو ما يرمز إلى النصر النهائي للخير على الشر كما تنبأت به جميع الأديان السابقة وأشارت إليه بشكل رمزي . ويعتقدون أيضا أن تأسيس هذا النظام العالمي إنما هو تجسيد لإرادة الله وعنايته عبر تاريخ الجنس البشرى . جاء في بعض التقاليد والأعراف الدينية بأن تأسيس ملكوت الله يرتبط فقط بالإرادة الإلهية وأن دور الإنسان في هذه العملية سلبي في الأصل ، وأن ظهور الملكوت وتأسيسه سيكون بصورة مفاجئة وبشكل سحري وغير طبيعي.
ان البهائيين يؤمنون بأن الله قوي وقدير وهو بالتأكيد يستطيع تحقيق ملكوته على بسيط الغبراء فورا إن شاءت إرادته ، إلا أن حضرة بهاء الله شرح لنا بأن الله يريد أن يعلّمنا دروساَ محددة كيف يمكن تأسيس ملكوته . ويعتبر البهائيون المجتمعات في عالمنا المعاصر غير قادرة على تلبية احتياجاتنا الفعلية لأن هذه المجتمعات تعمل وتطبق شرائع مغايرة لشرع الله . وفي الوقت الذي يؤسس فيه الله ملكوته على الأرض فإنه يعطي لنا مجال التعلم من خلال الخبرة والممارسة ، وهذه الخبرة تأتي من واقع حياتنـا وما تتمخض عنه نتائج أعمالنا وتجاربنا . كما أشار حضرة بهاء الله بأنه فقط من خلال تفكيرنا العميق وإدراكنا لأخطائنا الماضية وقبولنا بها فإننا نحمي أنفسنا من تكرارها المأساوي الذي جرّ العالم إلى ما هو عليه من أخطار الحروب المستمرة وما تحمله لنا من معاناة واستغلال ويأس.
وضع حضرة بهاء الله تصورّا لتأسيس النظام العالمي على ثلاث مراحل متعاقبة . المرحلة الأولى هي مرحلة الانحلال الاجتماعي واتساع مدى المعاناة التي ستفوق مثيلاتها في السابق اتساعاَ وشمولية . ويعتقد البهائيون بأن هذه المرحلة قد بدأت وتفاقمت وأن الأزمات التي تحيط بالعالم ستصيب حياة كل إنسان وكل مؤسسة اجتماعية . :
" من جهة ، فان هذه المحن والماسى عقاب الهي وعملية تطهير لعموم الجنس البشرى ، فنارها تعاقب العالم على عناده وفساده وضلاله وتعمل على تلاحم أعضائه في جامعة عالمية واحدة غير مجزأة . فالإنسانية ، في هذه السنين من مصيرها الحاسم … مدعوة في الوقت نفسه أن تستعرض ما ارتكبته في الماضي وأن تطّهر نفسها وتستعد لمهمّتها المستقبلية . فلا يجوز لها أن تتهرب من مسئولياتها الماضية أو أن تتجاهل وظائفها المستقبلية".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بناه النبي محمد عليه الصلاة والسلام بيديه الشريفتين


.. متظاهر بريطاني: شباب اليهود يدركون أن ما تفعله إسرائيل عمل إ




.. كنيسة السيدة الا?فريقية بالجزاي?ر تحتضن فعاليات اليوم المسيح


.. كيف تفاعل -الداخل الإسرائيلي- في أولى لحظات تنفيذ المقاومة ا




.. يهود يتبرأون من حرب الاحتلال على غزة ويدعمون المظاهرات في أم