الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القرآن محاولة لقراءة مغايرة 144

ضياء الشكرجي

2023 / 1 / 6
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


وَدّوا لَو تَكفُرونَ كَما كَفَروا فَتَكونونَ سَواءً فَلا تَتَّخِذوا مِنهُم أَولِياءَ حَتّى يُهاجِروا في سَبيلِ اللهِ فَإِن تَوَلَّوا فَخُذوهُم وَاقتُلوهُم حَيثُ وَجَدتُّموهُم وَلا تَتَّخِذوا مِنهُم وَلِيًّا وَّلا نَصيرًا (89)
إذن الكلام هنا عن أولئك المنافقين الذين لم يثبت لمؤسس الإسلام حسن إسلامهم، باتخاذ قرار الهجرة إلى العاصمة السياسية والعسكرية للمسلمين، حتى يشاركوهم في حروبهم، ويعرضون أنفسهم للقتل في سبيل الله، أي في سبيل الإسلام ومؤسسه وقائد أمة المسلمين. فتشير الآية عن رغبة المنافقين الذين لم يقتنعوا بالإسلام، ولا يمكن للإنسان أن يقتنع عنوة؛ رغبتهم في تحويل المصدقين بالإسلام إلى ما هم عليه، في إعادة النظر في مدى احتمال صدق أنه رسالة الله إلى الناس. وهنا نسأل لماذا يجوز للمسلمين أن يطمعوا أن يكفر الآخرون بما هم عليه ليكونوا والمسلمين سواء في وحدة العقيدة التي تعتبر إيمانا عند أهلها وكفرا عند غير المؤمنين بها، ولا يحق لغيرهم أن يطمعوا بنفس ما يطمع به المسلمون في غيرهم؟ فأين هذا من قول «لا يَجرِمَنَّكُم شَنَآن قَومٍ عَلى أَلّا تَعدِلوا، اعدلوا هو أقرب للتقوى»؟ أو ليس العدل مساواة في الحقوق وتكافؤا في الفرص، أم هو عدل حسب المزاج والمصالح، وبالتالي هو عدل بمعايير الأقوى؟ إذن أيها المسلمون قاطعوا هؤلاء وضعوا نهاية لصداقتكم بهم، بل ضعوهم أمام خيارين، إما الهجرة إلى عاصمتكم السياسية والعسكرية وإما أن تلاحقوهم واحدا واحدا، وأيما ثقفتم واحدا منه، فاقتلوه خفية أو جهارا، وفرق بين القتل وبين القتال، فالآية تحث على إبادة هؤلاء، وهذا ممن يفترض أن الله أرسله رحمة للعالمين.
إِلَّا الَّذينَ يَصِلونَ إِلى قَومٍ بَينَكُم وَبَينَهُم مّيثاقٌ أَو جاؤوكُم حَصِرَت صُدورُهُم أَن يُّقاتِلوكُم أَو يُقاتِلوا قَومَهُم وَلَو شاءَ اللهُ لَسَلَّطَهُم عَلَيكُم فَلَقاتَلوكُم فَإِنِ اعتَزَلوكُم فَلَم يُقاتِلوكُم وَأَلقَوا إِلَيكُمُ السَّلَمَ فَما جَعَلَ اللهُ لَكُم عَلَيهِم سَبيلًا (90)
ثم يأتي استثناء لمجموعة من هؤلاء (المنافقين)، الذي يجب على المسلمين ملاحقتهم وقتلهم واحدا بعد الآخر وقتلهم، إذا رفضوا الهجرة إليهم، ألا هم أولئك الذي ينتمون إلى قوم بين المسلمين وإياهم معاهدة هدنة، وهؤلاء لا تسمح لهم علاقتهم الحميمة بأهلهم وعشيرتهم ولنقل بلغة العصر بمواطنيهم، أن يقاتلوهم بسبب اختلاف العقيدة، كونهم تحولوا إلى الإسلام، ومن جهة لا يستطيعون أن يقاتلوا إلى جانب قومهم ضد إخوانهم في العقيدة من المسلمين، ولو إن قائد المسلمين لا يعترف بإسلامهم، بل اعتبرهم منافقين. وبلا شك إن من بين المسلمين وإياهم ميثاق، فهو لصالح الجانبين، أيو لوجود مسلمين بين أولئك الذين يمثلون الطرف الآخر من الميثاق أو المعاهدة، ولا ندري ما إذا كان سيكون هذا الاستثناء، مع عدم وجود مسلمين هناك، يريد نبي المسلمين حمايتهم من خلال المعاهدة.
سَتَجِدونَ آخَرينَ يُريدونَ أَن يَّأمَنوكُم وَيَأمَنوا قَومَهُم كُلَّما رُدّوا إِلَى الفِتنَةِ أُركِسوا فيها فَإِن لَّم يَعتَزِلوكُم وَيُلقوا إِلَيكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفّوا أَيدِيَهُم فَخُذوهُم وَاقتُلوهُم حَيثُ ثَقِفتُموهُم وَأُلائِكُم جَعَلنا لَكُم عَلَيهِم سُلطانًا مُّبينًا (91)
ويبقى مؤلف القرآن يشقق ويميز بين المجموعات المختلفة من المنافقين، وهذه نقطة تحسب له، لأن الموضوعية تتطلب عدم إصدار حكم على نحو التعميم دون التمييز بين الأفراد والمجموعات المختلفة، إلا بإطلاق الحكم بالكفر والنفاق واتخاذ موقف العداوة، وأصالة مقاتلة غير المسلمين حتى يسلموا. هنا يجري الكلام عن الذين لا يريدون لا مقاتلة قومهم ولا مقاتلة المسلمين، لكنهم يقعون بين الحين والآخر تحت ضغط قومهم، كونهم يعيشون بينهم، وبالتالي يكون وقوعهم تحت ضغوطاتهم أسهل من الاستجابة لمطالبات المسلمين البعيدين جغرافيا عنهم نسبيا، فيضطرون للمشاركة في مقاتلة المسلمين. كذلك هؤلاء كتب عليهم القتل أينما تمكن أحد المسلمين من واحد منهم، ويأتي هذا التخويل حسب مؤلف القرآن من الله بقول «وَأُلائِكُم جَعَلنا لَكُم عَلَيهِم سُلطانًا مُّبينًا».
وَما كانَ لِمُؤمِنٍ أَن يَّقتُلَ مُؤمِنًا إِلّا خَطَئًا وَّمَن قَتَلَ مُؤمِنًا خَطَئًا فَتَحريرُ رَقَبَةٍ مُّؤمِنَةٍ وَّدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلى أَهلِهِ إِلّا أَن يَّصَّدَّقوا فَإِن كانَ مِن قَومٍ عَدُوٍّ لَّكُم وَهُوَ مُؤمِنٌ فَتَحريرُ رَقَبَةٍ مُّؤمِنَةٍ وَّإِن كانَ مِن قَومٍ بَينَكُم وَبَينَهُم مّيثاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلى أَهلِهِ وَتَحريرُ رَقَبَةٍ مُّؤمِنَةً فَمَن لَّم يَجِد فَصِيامُ شَهرَينِ مُتَتابِعَينِ تَوبَةً مِّنَ اللهِ وَكانَ اللهُ عَليمًا حَكيمًا (92)
نعم فحرمة حياة المسلم (المؤمن) فوق كل حرمة، وحرمة حياة أي إنسان غير مسلم دون حرمة حياة المسلم، كما هي حرمة حياة اليهودي في الدين اليهودية فوق حرمة حياة أي إنسان آخر. وهنا يجري الكلام عن القتل الخطأ. فيعني إن المسلم إذا قتل مسلما ظانا أنه غير مسلم (كافر) فعليه غرامة، تختلف بين كون المسلم المقتول خطأ من وسط المسلمين، أو من وسط الأعداء (الكافرين)، أو من وسط أعداء (كافرين) بين المسلمين وإياهم معاهدة صلح أو هدنة.
وَمَن يَّقتُل مُؤمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِدًا فيها وَغَضِبَ اللهُ عَلَيهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذابًا عَظيمًا (93)
أما المسلم إذا قتل مسلما عمدا وهو يعرف يقينا أنه مسلم، فهو محشور مع الكافرين في «فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِدًا فيها وَغَضِبَ اللهُ عَلَيهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذابًا عَظيمًا». ونحن نعرف إن المسلمين قد تقاتلوا بعد وفاة قائدهم ونبيهم ومؤسس دينهم ومؤسس أمتهم وكيانهم السياسي والعسكري. فثار مسلمون على خليفتهم الثالث وقتلوه، وخرج مسلمون على خليفتهم الرابع وتقاتلوا وقتل بعضهم بعضا، واستمرت دوامة القتال والاقتتال والقتل، وأبرز تلك الحوادث قضية الطف، حيث القتال بين أصحاب الحسين وأصحاب اليزيد، ثم ثورة العباسيين ضد الأمويين، وحتى يومنا هذا. فحسب هذه الآية يجب حشر كل من قتل ناطقا بالشهادتين في جهنم خالدا فيها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقتل مسؤولَين من «الجماعة الإسلامية» بضربة إسرائيلية في شرق


.. يهود متطرفون يتجولون حول بقايا صاروخ إيراني في مدينة عراد با




.. كاهن الأبرشية الكاثوليكية الوحيد في قطاع غزة يدعو إلى وقف إط


.. الجماعة الإسلامية في لبنان: استشهاد اثنين من قادة الجناح الع




.. شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية