الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ميلاد يسوع المسيح – رئيس السلام – الجزء الثالث

نافع شابو

2023 / 1 / 7
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ثانيا : السلام الداخلي
في المقال السابق -الجزء الثاني - تكلمنا عن السلام مع الله وفي هذا المقال سنتأمّل في السلام مع النفس (او مصالحة الذات او السلام الداخلي).
قد نشكر الطبيب الذي يشفينا من مرض الى حين .
قد نشكر الأصدقاء عندما يقفون معنا في الشدائد والمحن .
قد يحمينا رجل الأمن من الذين يحاولون الأعتداء علينا .
قد يهبّ الشعب ويثورعلى أستبداد الحاكم ونتحرر من الظلم والطغيان .
قد نحصل على حقوقنا المسلوبة في هذا العالم .
قد نتسلّق مناصب دنيويّة ونحصل على المال والشهرة .
قد ننجح في الأمتحان ونحقق أحلامنا وقد نتسلق القمم وننتشي بنشوة النصر ونقطف ثمار الجهود التي بذلناها في مسيرة حياتنا من سهر الليالي والصراع الطويل .
قد نحصل على العلوم والمعارف الأنسانية وقد نكتشف نظريات ونخترع اشياء تفيد الأنسانية جمعاء .
قد نبدو سعداء في اسرة ويكون لنا بنات وبنين واحفاد.
قد قد………………………………الخ .
ولكن يبقى السؤال المطروح وهو ، هل نحن فعلا نعيش في سلامٍ مع الذات ؟
أو بعبارة أخرى هل نحن نعيش في سلام و فرح وسعادة حقيقية في داخلنا ؟
قبل كُلّ شيء يجب ان نفهم ما المقصود بالسلام الداخلي :

السلام الداخلي - كما جاء في موقع ويكيبيديا- : يشير إلى حالة السلام في تكوينه العقلي والروحي مع ما يكفي من المعرفة والفهم للحفاظ على قوة النفس في مواجهة الخلاف والتوتر. أن تكون (في سلام) يعني للكثيرين أن تكون صحي (متوازن) وهو عكس أن تكون مرهقاً وقلقاً. وترتبط راحة البال عموماً بالنعيم والسعادة والرضا.
يعد كلاً من راحة البال والسكون والهدوء أوصاف لحالات تخلو من آثار التوتر. تعتبر بعض الثقافات السلام الداخلي حالة من الوعي أو التنوير التي قد يمكن الوصول إليها عبر أشكال مختلفة من التدريب، مثل: الصلاة، و التأمل ورياضة التشي تاي تشون (T ai chi ch uan) أو اليوغا. حيث تشير العديد من الممارسات الروحية إلى هذا السلام كتجربة لمعرفة الذات. وكثيراً ما يرتبط إيجاد السلام الداخلي مع التقاليد مثل: الهندوسية والبوذية.
يؤكد تنزين غياتسو، الدالي لاما الرابع عشر على أهمية السلام الداخلي في العالم:
المسألة الحقيقية للسلام الدائم للعالم يتعلق بالبشر، لذلك نجد أن المشاعر الإنسانية أساسية أيضاً. يمكن تحقيق السلام للعالم من خلال السلام الداخلي، حيث تتضح أهمية المسؤولية الفردية؛ يجب أولاً أن نتوصل للسلام داخل أنفسنا، ثم يتوسع تدريجياً ليشمل عائلاتنا، مجتمعاتنا، وفي نهاية المطاف الكوكب بأكمله. (راجع موقع ويكيبيديا عن السلام الداخلي)

السلام الداخلي في مفهوم المسيحية

السلام هو أساس المهمّة التي سيسلّمها الرب يسوع المسيح لتلاميذه بعد القيامةّ ولكنّها تعبّر أيضا عن بركات الله وازالة الخوف الذي يسيطر على الأنسان ، والكتاب المقدّس هو الكتاب الوحيد الذي يجيب على اسئلتنا الوجودية ويجيب على سؤالنا كيف نعيش بسلام حقيقي؟ و يخبرنا يسوع المسيح فيقول : “والحياة الأبدية أن يعرفوك أنت الآله الحق وحدك ويعرفوا يسوع المسيح الذي أرسلته”(يوحنا 17:3)” .
انّ هذا السلام لاياتي إلّا عندما يُملئ فراغ النفس والروح شخص يسوع المسيح واهب السلام ورئيس السلام فعندما يمتلئ الأنسان بالروح القدس عندها يستطيع الأنسان أن ينقاد بقوة الروح الى كل ما هو خير وسلام فيصبح الأنسان نفسه اسير السلام فلا يستطيع إلا أن يعيش في سلام ويصنع السلام ويعمل السلام ويدعو الى السلام ويتمتّع بالسلام ، فلا سلام إلا بمحبة النفس والآخر، وحتى الأعداء، وقبلهُما محبّة الله والسلام والمصالحة معه لأنه هو الخالق ولن يرتاح المخلوق ، كما يقول القديس اوغسطينوس ، إلا بين راحتيه .
"لأنّ الله سكبَ محبّتهِ في قلوبنا بالروح القدس الذي وهبه لنا "رومة 5 :5"
الحقيقة هذا العالم لايستطيع أن يمحنا هذا السلام (الداخلي) لأنّ هذا العالم لايستطيع الأجابة على الحقائق التالية :
الموت والوجود والمصير ، لابل لايستطيع هذا العالم أن يمنحنا السلام والفرح الحقيقي .
السلام (الحقيقي) يبدا بداخل كل انسان (النفس) ، هو التناغم والأنسجام مع الحياة ومع الروح وهو ما يسمّى بالسلام الداخلي أي التخلص من الأضطرابات النفسية والخوف والقلق الداخلي بامتلاء الأنسان بسلام يطرد هذه الأضطرابات والمخاوف ويحتاج الأنسان في هذه الحالة الى تحقيق الذات .
الكثيرون يذهبون الى الكنيسة أو يصنعون السلام خوفا من مصيرهم الأبدي أو خوفا على حياتهم او مصالحهم الأرضية وهو سلام مزيّف يعمل الأنسان فيه هذه الأعمال كفرائض وواجبات خوفا أو من أجل مصلحة شخصية ، وهم ليس لهم علاقة شخصية بواهب السلام يسوع المسيح ، ولكن في داخلهم يفقدون السلام ، وهنا فاقد الشيئ لايستطيع أن يعطيه.
تصف "سوزي" إحدى الطالبات الجامعيات سيرها مع الله بقولها: "كنت أعتقد بأني مسيحية فقط لأنني كنت أذهب كل يوم أحد إلى الكنيسة ولكنني لم أكن أعرف من هو الله حقاً لقد كانت سنتي الأخيرة في الجامعة مثل السنوات الثلاث التي سبقتها فكنت أكثر من شرب الكحول وكنت أبحث عن شخص ما ليحبني. كنت أنهار وأموت داخل نفسي ولم يكن لدي أي سيطرة على نفسي ولكم أردت أن تنتهي حياتي ، هل هذا كل شيء الأ يوجد هناك أمل؟ بعد ذلك طلبت من الله أن يدخل إلى حياتي وقد أظهر لي المحبة والغفران والدعم والراحة و العزاء و القبول فهو الآن سبب وجودي وهو قوتي ولولا وجود الله في حياتي لما كنت موجودة الآن . يقول الله: "
قد كلمتكم بهذا ليكون لكم فيَّ سلام، في العالم سيكون لكم ضيق ولكن ثقوا أنا قد غلبت العالم" (أشعياء 16: 33
هكذا أيضا الكثير من الناس (الملحدون ) لا يلتجئون الى الله الّا عندما يمرون بضروف صعبة خارجة عن ارادتهم . يحكى عن قسيس عسكر في الحرب العالمية الثانية عن قوله:" لايوجد مُلحدون في الخنادق ، لا يشعر الناس بانهم بحاجة لله عندما تكون حياتهم على ما يرام . ولكن كُلِّ شيء يتغيّر عندما يصبحون في ورطة."
السلام (أي السلام الداخلي) هوالأساس لمجتمع صحي يعيش في سلام عام . فعندما نصنع السلام ونزرعه في الأنسان منذ طفولته، وذلك بالتربية وزرع مفاهيم المحبّة والخير والسلام والصدق والأمان والحق في نفسية الطفل والتلميذ والطالب من خلال البيت حيث الأم هي المدرسة الأولى والكنيسة (بالنسبة لنا كمسيحيين) وصولا الى السُلّم الأعلى في المجتمع من خلال المدرسة والجامعة والعمل ، عندها يكون المجتمع بخير وسلام . ان البقاء في سلام مع الذات هو سلاح روحي وحرب بوجه الشيطان والقوّات الشريرة هو يعني أطفاء سهام العدو .
كثيرا ما نخسر السلام بسبب الشك والقلق والخوف من عدم تحقيق مواعيد الله وأقواله ووعوده فنُصاب بالأضطرابات النفسيّة والعصبيّة والكآبة والخوف من المجهول ،عندما نفقد ثقتنا وايماننا بيسوع المسيح.
الكثيرون يشتكون من الظلم والآلام والأحزان والمعاناة في الحياة اليوميّة ولكن ننسى غالباً انّ هذه كلّها امتحانات لنا ، بها تُطهّر نفوسنا وتؤدّي بنا الى الأتّكال والتركيزعلى الهدف الأسمى الذي هو ملكوت الله ، ملكوت السلام والمحبة والفرح. وانّ كل هذه المميزات فهي في المسيح ، والوسيلة الوحيدة لغرسها في داخلنا هي ان تتّحد حياتنا بالمسيح "غلاطية 5 :22،23".
المؤمن الحقيقي يجب أن لا يتزحزح ايمانه بمواعيد الله ومشيئته وارادته بالرغم من كل الظروف التي تحيط به ، لأن طاعة الله تؤدي الى السلام مع النفس ومع الاخرين . إنّ عدم الأيمان هو اصل الكثير من ألأضطرابات النفسية والروحية والشعور بالضياع والغربة في هذه الحياة . والأيمان المسيحي قائم على الثقة بيسوع المسيح الذي قال لنا :
قَدْ كَلَّمْتُكُمْ بِهذَا لِيَكُونَ لَكُمْ فِيَّ سَلاَمٌ. فِي الْعَالَمِ سَيَكُونُ لَكُمْ ضِيقٌ، وَلكِنْ ثِقُوا: أَنَا قَدْ غَلَبْتُ الْعَالَمَ».
إنجيل يوحنا (16 :33)
قد نتخلّى عن الكثير من حقوقنا من أجل كسب السلام ، قد نهاجر من مدينة الى مدينة ومن دولة الى دولة من أجل البقاء في سلام والمحافظة على ايماننا وامتصاص غضب الأخرين ولكّننا يجب أن لا نفقد ايماننا فالأرض واسعة ورحبة لكل المؤمنين ولا بد للمؤمن أن يصل الى ما يريده الله له ، ويسوع المسيح سبق واخبرنا أننا سوف نُضطهد من قبل الآخرين ولكن الأهم أن ّالمؤمن يعيش في سلام داخلي وهذا السلام لا يستطيع الأخرون السطو عليه أو انتزاعه أو سلبه ، لأنّه سلام الله الذي يطرد الخوف والقلق ويرفع الأنسان لكي يعلو عن المشاكل والأحداث الخارجية فيرتقي بالأنسان لكي يصبح فوق هذه الظروف، ويكون الروح القدس هو المعزّي والأخ والخليل ،ليهب لنا الصبر وطول البال واللطف والصلاح والأمانة والوداعة وضبط النفس . .
رحلة ابينا إبراهيم وحياة الغربة خير مثال لنا لنقتدي به ، فكما كان الرب مع ابينا ابراهيم في غربته عن اهله ووطنه وعشيرته وأصدقائه ، ولكن سُمّيَ خليل الله وعاش في رحلة دائمية ولم يكن له وطن ثابت لأنّه كان يتطّلع الى الوطن الأبدي مع الله فكان الله معه في رحلته هذه . وكما يقول بولس الرسول: وبعد هذا كُلُّهُ "فَمَاذَا نَقُولُ لِهذَا؟ إِنْ كَانَ اللهُ مَعَنَا، فَمَنْ عَلَيْنَا؟" (رو 8: 31" .كان ابراهيم يشعر بالسلام ويصنع السلام مع الأخرين .
قد نبني وغيرنا يهدم وقد نعطي من جهدنا وأموالنا وصحتنا من أجل بناء اجيال يستمتعون بالسلام والأمان ، ولكن غيرنا قد يصنع الموت والبغض والكراهية ، لكن من يصمد الى النهاية هو الذي يفوز لأنّ الله دائما مع صانعي الخير والسلام . يسوع المسيح الذي يقول لنا “ان اراد احد أن يتبعني فليحمل صليبه ويتبعني” فالسلام ليس بالضرورة معناه الراحة بل استغلال الراحة لنحُصّن انفسنا من هجمات قوات الشر . الراحة عند المؤمنين هي محطّة لأعادة النظر في حياتهم الماضيّة لتجديد الحياة الروحيّة والتحصّن بأسلحة الروح القدس لمواجهة قوات الشر في المستقبل . السلام يأتي من يقين استجابة الصلاة . يقول كاتب المزمور:”بصوتي الى الربّ أصرخ فيجيبني من جبله المقدّس .في سلام استلقي وأنام”(مزمور 3:5 )” . فاليقين والثقة من انّ الصلاة مستجابة وهي تجلب السلام لانّ الله مُهيمن على كلّ الظروف التي لانستطيع أن نغيّرها ، والروح القدس ينزع الخوف والقلق من الأنسان المؤمن . لهذا هناك احصائيات عالمية ان المؤمنين يعيشون حياتهم بسلام وعدم الخوف اكثر من غير المؤمنين
يقول الرب يسوع المسيح :
"أليس عصفوران يباعان بفلس؟ وواحد منهما لا يسقط على الأرض بدون أبيكم. وأما أنتم فحتى شعور رؤوسكم جميعها محصاة. فلا تخافوا ! أنتم أفضل من عصافير كثيرة!" (متى 10: 29 – 31).
ويقول أيضا :"فحيثُ يكونُ كنزكم ، يكون قلبكم " لوقا 12: 34"
فالسلام يجلبه الروح القدس وهو سلام يتحرّك في داخل قلوبنا ويحيا ليحدّ من قوات الشر المعادية ( الخطية والخوف والشك والريبة وعدم اليقين والقلق . ..وقوى اخرى كثيرة تحاربنا من الداخل) ويقدّم العزاء والراحة عوض الصراع والحرب ، وقد وعدنا الرب يسوع المسيح ان يعطينا هذا السلام ان كنا مستعدّين لقبوله منه: ”سلاما أترك لكم وسلامي أعطيكُم ، لا كما يعطيه العالمُ أُعطيكم أنا ، فلا تضطربُ قلوبكم ولا تفزع”(يوحنا 14:27 )” .
انّ نتيجة عمل الروح القدس في حياتنا هي السلام العميق الدائم . وعلى عكس سلام العالم الذي يُعرف عادة بأنّه عدم الصراع ، فأنّ هذا السلام هو ثقة أكيدة في وسط أي ظروف ، وبهذا النوع من السلام لسنا بحاجة لأن نخاف من الحاضر أو المستقبل ، لأنّ الروح القدس يملأ حياة المؤمن فيعيش في سلام ، ويوضّح لنا الرسول بولس هذا السلام بقوله”لا تقلقوا أبدا بل أطلبوا حاجتكم من الله بالصلاة والأبتهال والحمد وسلام الله الذّي يفوق كُلّ ادراك يحفظ قلوبكم وعقولكم في المسيح يسوع”( فيلبي 4:5,6 )” .
ويقول أيضا :"فالحياة عندي هي المسيح ، والموت ربحٌ لي "فيلبي 1 : 21". ..فالمسيح هو سلامُنا ..لأنّ لنا به جميعا سبيل الوصول الى الآب في الروح الواحد"افسس 2 :14 ،18"
نستطيع أن نختصر قول الرسول بولس بجملة : ” دع القلق وأبدأ الحياة مع يسوع المسيح”
انّه العلاج النفسي والروحي لكلّ أنسان يريد أن يعيش في سلام مع نفسه ومع الآخرين ومع الله.
في كتاب شهير للكاتب " ديل كارنيج بعنوان" : "دع القلق وأبدأ الحياة " يقول:
"لقد نشأتُ في عائلة مسيحية اعتاد أفرادها قراءة آيات من الكتاب المقدس كُلِّ ليلة . ثمّ الركوع على ألأرض لتقديم الشكر للرب .. ولايزال يتردد في سمعي صوت أبي ، في ذلك البيت الريفي في ولاية ميسوري (في أمريكا) وهو يتلو قول المسيح :
"أحبّوا أعدائكم ، وباركو لاعنيكم واحسنوا الى مبغضيكم ، وصلوا لاجل الذين يسيئون اليكم ويضطهدونكم".
وقد حاول ابي ان يعيش وفق هذا المبدأ فأفاد من ذلك طمأنينة وسلاما طالما بحث عنها ملوك متوّجون دون طائل .
ويقول في مكان اخر من كتابه :
"إن كل المرضى الذين استشاروني خلال الثلاثين سنة الماضية، من كل أنحاء العالم، كان سبب مرضهم هو نقص إيمانهم، وتزعزع عقائدهم ولم ينالوا الشفاء إلا بعد أن استعادوا إيمانهم ..إن أطباء النفس يدركون أن الإيمان القوي والاستمساك بالأيمان، كفيلان بأن يقهرا القلق، والتوتر العصبي، وأن يشفيا من هذه الأمراض".
وعن أعداء الأنسان يقول ديل كارنيج :
" لاتُفكّر في الأنتقام من أعدائك فأنك بذلك تؤذي نفسك اكثر مما تؤذيهم . لاتضيّع لحظة واحدة في التفكير في أولئك الذين تبغضهم ..لطالما اوقد الأنسان الشموع ، على مرّ العصور تحيّة لذكرى افراد تشبّهوا بالسيد المسيح فلم يحملوا ضغينة لأعدائهم ..فبدل من ان نمقت أعدائنا دعنا نشفق عليهم .. وبدلا من ان نصب الأتهامات وألوان الأنتقام على رؤوس أعدائنا دعنا نشملهم بالرحمة والشفقة والعفو...أحيانا كثيرة نشكر الذي يحقد علينا ويستهزء بنا لأنّنا قد نكتشف نقاط الضعف فينا . وعندما يقول المسيح في العفو من إساءة الآخرين لنا بقوله :" الى سبعين مرَّ سبع مرات"
فكأنّه كان يبيّن لنا كيف نتجنَّب ضغط الدم ، واضطراب القلب . إنّ الكراهية تحطّم قابليتنا للأستمتاعه حتى بمأكلنا وفي ذلك قول الكتاب المقدّس:" لقمة يابسة ومعها سلامة خيرٌ من بيت ملاآن ذبائح مع خصام"أمثال الملك سليمان 17:1"
إننا حين نمقت أعدائنا ، فإنما نتيح لهم الفرصة للغلبة علينا ...الغلبة على راحتنا وطعامنا ، وصحتنا وسعادتنا . وأنَّ أعدائنا ليرقصون طربا لو علموا كم يسبّبون لنا من القلق ، وكم يقتصّون منا . إنَّ حقدنا وكراهيّتنا لهم لايؤذيهم هم فقط ، ولكنه يؤذينا نحنُ ، ويحيل أيّأمنا وليالينا الى جحيم ."انتهى الأقتباس"
. يخبرنا الرسول بولس عن انّ أحد ثمار الروح القدس هو السلام:“وامّا ثمرة الروح فهي :المحبّة والفرح والسلام ...”(غلاطية 5:22)” .انّ ثمار الروح القدس هي صفات الشخصيّة المسيحيّة ، فالصلاح والفرح والمحبّة وطول البال واللطف والأمانة والوداعة وضبط النفس يستمدّها المؤمن من ثباته بالمسيح .
يقول كاتب المزمور في الكتاب المقدس : “المتوكّلون على الربّ هم كجبل صهيون ،لا يتزعزع بل يثبت الى الأبد” مزمور 125:1 .
أمّا الملك داود يقول: “بالربّ أحتميتُ فكيف تقول لي اهرب الى الجبال كالعصفور؟ .“الى الله ترتاح نفسي ومنه وحده رجائي”(مزمور62:6 )” .
السلام الداخلي يؤثّر في قراراتنا ، يقول الرسول بولس:”وليملُك في قلوبكم سلام المسيح، فاليه دعاكم الله لتصيروا جسدا واحدا ، كونوا شاكرين”(كولوسي3:15 )” .
انّ قلوبنا(عقولنا)هي مركز الصراع لانّ هناك تتصادم مشاعرنا ورغباتنا ، مخاوفنا وامالنا ، أرتيابنا وثقتنا ،غيرتنا ومحبّتنا ، في وسط هذه الصراعات المستمرّة يجب أن نحيا كما يريد الله وليس كما يشتهي الجسد، يجب أن نكون”حَكما”بين هذه العوامل المتصارعة على أساس السلام ، “فما ملكوت الله طعامٌ وشراب ، بل عدلٌ وسلامٌ وفرحٌ في الروح القدس”( رومة 14:17) ويقول الرسول بولس : “…والأهتمام بالجسد موت وأمّا الأهتمام بالرُّوح فحياة وسلام” (رومة8:6 ). فالمؤمن يشعر بالسلام عندما يمتلئ بالروح القدس
كلّ أنسان لا يؤمن بكلام الله ومواعيده ولا يسلّم حياته ليقودها الروح القدس فهو يعيش في حالة التخبّط والتعاسة والكآبة والقلق والخوف من المستقبل ، إلا أنّ الذي يسلّم القيادة للروح القدس ويسلّم ذاته لمشيئة الله ،عندها سيحقٌق الله ما يطلبه الأنسان ولكن على طريقة مايريده الله لصالح هذا الأنسان :
"«اِسْأَلُوا تُعْطَوْا. اُطْلُبُوا تَجِدُوا. اِقْرَعُوا يُفْتَحْ لَكُمْ."متى 7:7"
يقول الرب يسوع المسيح :
"فَكُلُّ مَنْ يَسْمَعُ أَقْوَالِي هذِهِ وَيَعْمَلُ بِهَا، أُشَبِّهُهُ بِرَجُل عَاقِل، بَنَى بَيْتَهُ عَلَى الصَّخر ، فنزل المطر وجاءت الأنهار وهبت الرياح ووقعت على ذلك البيت فلم يسقط لأنه كان مؤسسا على الصخر "متى 7 :24".
وفي انجيل لوقا اصحاح ٦ يفسر المسيح كلامه ويقول عن الرجل العاقل : انه " بنى بيتاً وحفر وعمق ووضع الاساس على الصخر" اما الرجل الجاهل فيقول عنه المسيح : انه " بنى بيته على الارض من دون أساس.

قرأت منذ عدة سنوات موضوع عن مسابقة عالمية لفنّاني الرسم وكانت المسابقة عن أجمل لوحة فنيَة يرسمها الفنّان ليجسّد فيها معنى السلام أو ماذا يعني السلام .
وقد رسم بعظهم أجمل مناظر طبيعيّة والبعض الأخر شروق الشمس وشعائها الذهبي المنعكس من قمم الجبال …الخ ، ولكن واحد من هؤلاء الفنّانين فقط فاز بجائزة المسابقة وكانت اللوحة عبارة عن رسم لبحر هائج حيث امواجه تتلاطم الشطئان مصاحبة لعواصف رعدية . ولكن الغريب في هذه اللوحة هو وجود صخرة صغيرة وسط هذا البحر الهائج تتلاطمه الأمواج من كل الجوانب ومع ذلك كانت هناك حمامة جالسة على عش لها على هذه الصخرة وهي غير عابئة بمايجري حولها بل كانت تنعم بسكينة وهدوء وسلام .
يقول الرسول بولس عن المؤمنين :”لأنّ الروح الذّي نلتموهُ لايستعبدكم و يردُّكم الى الخوف ، بل يجعلكم أبناء الله…”(روميا 8:15 )”.
فالمؤمن الحقيقي لايخاف بل يعيش في سلام لانّ الروح القدس الذي ناله في المعموديّة يحرّره من الخوف ، ويسوع الرب قال عن الروح القدس بأنّه المعزّي أي يشجعنا ويواسينا في الشدائد وهو يمنحنا القوّة لنكون شهودا للمسيح دون خوف ، والروح القدس يشفع فينا بأناة ويمنحنا الفرح والسلام والراحة والأطمئنان . ويقول الرسول بولس عن الحياة الجديدة في المسيح:”..فمن يفصلنا عن محبّة المسيح ؟ أتفصلنا الشدّة أم الضيق أم الأضطهاد أم الجوع أم العري أم الخطر أم السيف؟”(رومة 8:35 ) .
إذا كان الله يدافع عنّا فمن يجسر على إتّهامنا ؟
نعم المؤمن المتمسّك بالمسيح يعيش بسلام ،وحريّة لانّه تحررّ من الداخل ولهذا يقول الرب يسوع المسيح:
"لاتخافوا من الذي يستطيع أن يهلك الجسد بل خافوا من الذي يستطيع أن يهلك الروح والجسد".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طلاب يهود في جامعة كولومبيا ينفون تعرضهم لمضايقات من المحتجي


.. طلاب يهود في جامعة كولومبيا ينفون تعرضهم لمضايقات من المحتجي




.. كاتدرائية واشنطن تكرم عمال الإغاثة السبعة القتلى من منظمة ال


.. محللون إسرائيليون: العصر الذهبي ليهود الولايات المتحدة الأمر




.. تعليق ساخر من باسم يوسف على تظاهرات الطلاب الغاضبة في الولاي