الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القرآن محاولة لقراءة مغايرة 145

ضياء الشكرجي

2023 / 1 / 8
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا إِذا ضَرَبتُم في سَبيلِ اللهِ فَتَبَيَّنوا وَلا تَقولوا لِمَن أَلقى إِلَيكُمُ السَّلامَ لَستَ مُؤمِنًا تَبتَغونَ عَرَضَ الحَياةِ الدُّنيا فَعِندَ اللهِ مَغانِمُ كَثيرَةٌ كَذالِكَ كُنتُم مِّن قَبلُ فَمَنَّ اللهُ عَلَيكُم فَتَبَيَّنوا إِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعمَلونَ خَبيرًا (94)
وحسبما يسمى بسبب التنزيل، ولو إننا لا نعتمد ذلك تفسيرا، وإنما لتوضيح المراد بهذه الآية، هو إن نفرا من المسلمين رأوا شخصا مع غنمه، فسلم عليهم بتحية المسلمين، ومع هذا قتلوه وغنموا غنمه، فلما علم نبيهم بفعلهم عند قدومهم بغنم المغدور، وقصوا عليه ذلك، مبررين أنه لم يسلم عليهم بسلام المسلمين، إلا تظاهرا بالإسلام كي ينجو من غدرهم، فاستنزل النبي هذه الآية. فإذن أصل العمل لو تيقنوا من كفر قتيلهم ليس فيه إثم، وكأن مجرد كفر الإنسان، أي عدم اعتناقه للإسلام يكفي كرخصة شرعية لقتله وسلب ماله. فالآية هنا تلومهم، كونهم كان عليهم أن يتأكدوا من كونه كافرا، وبأن طمعهم في غنمه، الذي يكون خمسه لنبيهم، هو الذي دفعهم إلى ارتكاب هذه الجريمة، والتي لم تدنها الآية كجريمة، ولم يتعرض مرتكبوها لأي عقوبة من السلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية الموحدة في شخص النبي. وكأنها تقول لهم، إنكم ستغنمون ما يكفي في قتالكم «في سَبيلِ اللهِ» ضد «الَّذينَ كَفَروا».
لا يَستَوِي القاعِدونَ مِنَ المُؤمِنينَ غَيرُ أُلِي الضَّرَرِ وَالمُجاهِدونَ في سَبيلِ اللهِ بِأَموالِهِم وَأَنفُسِهِم فَضَّلَ اللهُ المُجاهِدينَ بِأَموالِهِم وَأَنفُسِهِم عَلَى القاعِدينَ دَرَجَةً وَّكُلًا وَّعَدَ اللهُ الحُسنى وَفَضَّلَ اللهُ المُجاهِدينَ عَلَى القاعِدينَ أَجرًا عَظيمًا (95) دَرَجاتٍ مِّنهُ وَمَغفِرَةً وَّرَحمَةً وَّكانَ اللهُ غَفورًا رَّحيمًا (96)
بعدما استتب الأمر للكيان السياسي والعسكري والاقتصادي والديني لمؤسس الإسلام، أصبحت الحرب، والتي تنعت قرآنيا تارة بالقتال وتارة بالجهاد، من مستلزمات تثبيت وجود هذا الكيان اقتصاديا ودينيا وسياسيا، فمن الناحية الاقتصادية كانت الغنائم تمثل المصدر الاقتصادي الرئيس، ولكونها عامل توسع وهيمنة، فهي ذات مردود سياسي وديني مهم. ومن أجل التشويق لمشاركة أكبر عدد ممكن من المسلمين فيها، اعتبرت عملا في سبيل الله، واعتبر القتيل فيها شهيدا، لا يموت بل هو حيٌّ عند ربه يرزق بكل ما وعد القرآن عن لسان الله من نعيم في الجنة، منذ لحظة سقوط الشهيد في ساحة الحرب، ودون الحاجة له لينتظر في عالم البرزخ إلى يوم القيامة. فمنزلة المسلم المؤمن غير المشارك في حروب الله دون عذر، مهما بلغت، لا تعادل بمنزلة المجاهد في سبيل الله بماله وحياته، وإن كان المسلم المؤمن يوعد أيضا بثمة درجة عند الله.
إِنَّ الَّذينَ تَوَفّاهُمُ المَلائِكَةُ ظالِمي أَنفُسِهِم قالوا فيمَ كُنتُم قالوا كُنّا مُستَضعَفينَ فِي الأَرضِ قالوا أَلَم تَكُن أَرضُ اللهِ وَاسِعَةً فَتُهاجِروا فيها فَأُلائِكَ مَأواهُم جَهَنَّمُ وَساءَت مَصيرًا (97)
جهنم جاهزة لاستقبال المزيد لأي مبرر، ومبررات دخولها لا تعد، وأبواب ولوجها لا تحصى. فلنتأمل أي فئة في هذه الآية تفتح لهم جهنم أبوبها واسعة. هؤلاء هم الذين يموتون أو تقبض ملائكة الموت أرواحهم، وبمجرد قبض الروح، يسأل هنا صاحبها ويجري التحقيق معه، بسبب أنه ظلم نفسه، وظلم النفس تعني قرآنيا معصية الله، وما معصية الله حسب القرآن إلا معصية مؤلفه ومؤسس دينه في ضوئه، فيبدأ التحقيق بسؤال: فيم كنت حتى مُتَّ على الشرك أو عموم الكفر بالإسلام، فيتعذر قائلا، كنت ضمن قلة مستضعفة وسط كثرة مهيمنة حالت بيني وبين اعتناق الدين الحق. فلا يقبل منه هذا العذر، إذ كان الواجب عليه، مهما صعبت عليه الهجرة، أن يهجر موطنه المشرك إلى حيث الموحدون يملكون زمام الأمور والقوة والسلطة، كي يتمتع بحرية أن يتبع النبي والمؤمنين به. إذن لا مفر لمثل هؤلاء يومئذ فقد كتب عليهم أنْ «مَأواهُم جَهَنَّمُ وَساءَت مَصيرًا».
إِلَّا المُستَضعَفينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالوِلدانِ لا يَستَطيعونَ حيلَةً وَّلا يَهتَدونَ سَبيلًا (98) فَأُلائِكَ عَسَى اللهُ أَن يَّعفُوَ عَنهُم وَكانَ اللهُ عَفُوًّا غَفورًا (99)
ولكن هناك استثناء، أو لنقل هو مجرد احتمال للاستثناء، ذلك الاحتمال والرجاء المعبر عنه بـ «عَسى» مما يعني أن ذلك لا يمثل وعدا أكيدا ومضمون التنفيذ. الاستثناء أو احتمال الاستثناء يشمل «المُستَضعَفينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالوِلدانِ» والذين «لا يَستَطيعونَ حيلَةً وَّلا يَهتَدونَ سَبيلًا»، «فَأُلائِكَ عَسَى اللهُ [وليس أكيدا] أَن يَّعفُوَ عَنهُم».
وَمَن يُّهاجِر في سَبيلِ اللهِ يَجِد فِي الأَرضِ مُراغَمًا كَثيرًا وَّسَعَةً وَّمَن يَّخرُج مِن مبَيتِهِ مُهاجِرًا إِلَى اللهِ وَرَسولِهِ ثُمَّ يُدرِكهُ المَوتُ فَقَد وَقَعَ أَجرُهُ عَلَى اللهِ وَكانَ اللهُ غَفورًا رَّحيمًا (100)
فالأصل هو وجوب الهجرة من البلاد التي لا يملك المسلم حرية أن يعبد الله ويعيش فيما يفعل وما يترك وفق شريعة الدين الإسلامي، هذه الهجرة التي يجب أن تكون إلى حيث يكون مؤسس الإسلام ومؤسس الكيان السياسي لهذا الدين، والتي تسميها الآية هجرة إلى الله ورسوله، والمقصود هنا بعبارة رسوله المعطوف أكثر من المعطوف عليه، إلا بمقدار ما يمثل المعطوفُ المعطوفَ عليه.
وَإِذا ضَرَبتُم فِي الأَرضِ فَلَيسَ عَلَيكُم جُناحٌ أَن تَقصُروا مِنَ الصَّلاةِ إِن خِفتُم أَن يَّفتِنَكُمُ الَّذينَ كَفَروا إِنَّ الكافِرينَ كانوا لَكُم عَدُوًّا مُّبينًا (101)
وحسب هذه الآية يبدو إن فهم السنة لها هو الأقرب إلى مرادها، إذ ذهبوا إلى أن قصر الصلاة في السفر رخصة، بينما الشيعة فهموها فرضا. بل حتى الرخصة فهي مشروطة بالسفر المقترن بالخوف من اعتداء أعداء المسلمين عليهم. وقصر الصلاة في السفر يجعل عدد ركعات صلوات اليوم الواحد إحدى عشرة، بدلا من سبع عشرة ركعة، وذلك بجعل الرباعيات (الظهر والعصر والعشاء) ثنائية كصلاة الصبح، بينما تبقى المغرب على حالها ثلاثية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. يهود متطرفون يتجولون حول بقايا صاروخ إيراني في مدينة عراد با


.. كاهن الأبرشية الكاثوليكية الوحيد في قطاع غزة يدعو إلى وقف إط




.. الجماعة الإسلامية في لبنان: استشهاد اثنين من قادة الجناح الع


.. شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية




.. منظمات إسلامية ترفض -ازدواجية الشرطة الأسترالية-