الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حنة أرندت. عن الحب و الخوف من ضياعه.3/4

نورالدين علاك الاسفي

2023 / 1 / 12
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


حنة أرندت
Hannah Arendt

ماريا بوبوفا
MARIA POPOVA

ترجمة: نورالدين علاك الأسفي.
[email protected]

إذا كان الحضور - إزالة التوقع - شرطا أساسيا لتجربة حقيقية للحب، فإن الزمن هو البنية التحتية الأساسية للحب. فبعد ما يقرب من نصف قرن، أصبحت أول امرأة تلقي محاضرات في جيفورد/ Gifford المرموقة بتاريخها الممتد ل 85 عام، جعلت أرندت من فكرة الزمن هذه كمركز لذواتنا المفكرة[1] ؛ و محورا لمحاضرتها التاريخية، حياة العقل[2]. الآن، و نقلا عن كتابات أوغسطين، أرندت تعتبر مفارقة الحب؛ كما الأمر مع الزمن خلف المخلوقات؛ هي زمانية مثلنا:
حتى لو كانت الأمور يجب أن تستمر، فإن حياة الإنسان لا تدوم. نفقدها يوميا. بينما نحيا؛ تمر السنون من خلالنا؛ وإلى العدم تأخذنا. يبدو أن الحاضر هو الحقيقي فقط، لأن "الأشياء الماضية والأشياء القادمة ليست كذلك"؛ ولكن كيف يمكن أن يكون الحاضر (الذي لا يمكنني قياسه) حقيقيا لأنه لا يحتوي على " الحيز"؟ الحياة دائما إما لا أكثر أو ليس بعد. مثل الوقت، الحياة "تأتي مما لم يصر بعد، وتمر عبر ما هو بدون فضاء، وتختفي في ما ليس مديدا". هل يمكن القول أن الحياة موجودة على الإطلاق؟ لا تزال الحقيقة هي أن الإنسان يقيس الزمن. ربما يمتلك الإنسان "حيزا " حيث يمكن الحفاظ على الزمن لفترة كافية لقياسه، ألن يتجاوز هذا "الحيز"، الذي يحمله الإنسان مع نفسه، الحياة والوقت؟
الزمن موجود فقط بقدر ما يمكن قياسه، والمقياس والمعيار الذي نقيسه به هو الحيز.
بالنسبة لأوغسطين، تلاحظ أرندت أن الذاكرة هي الحيز الذي يتم فيه قياس الزمن وتخزينه مؤقتا:
الذاكرة، مخزن الزمن، هي وجود "لا أكثر" (أنا غير)/(I am non) كما التوقع هو وجود "ليس بعد. (nondum)" لذلك، أنا لا أقيس ما لم يعد موجودا، ولكن شيء في ذاكرتي يظل فيها ثابتًا. إنه فقط من خلال دعوة الماضي والمستقبل إلى حاضر التذكر والتوقع. يكون الزمن موجودا على الإطلاق. و من ثم فإن الزمن الصحيح الوحيد هو الحاضر، الآن.
أحد الموضوعات الرئيسية التي أتحراها في كتابي[3]" Figuring " هو هذا السؤال عن زمانية حتى أكثر تجاربنا خصوبة. "إن اتحاد طبيعتين لبعض الوقت أمر رائع للغاية"، كتبت مارغريت فولر/ Margaret Fuller - إحدى شخصياتي الرئيسة. هل يجب أن نيأس أو نفرح بحقيقة أنه حتى أعظم حب موجود فقط "لبعض الوقت"؟ المقاييس الزمنية مرنة، تتقلص وتتوسع مع عمق وحجم كل حب، لكنها دائما محدودة - مثل الكتب، مثل الحياة، مثل الكون نفسه. انتصار الحب هو في الشجاعة والنزاهة التي نعيش بها الزوال المتعالي الذي يربط شخصين بزمن يربطهما، قبل التخلي عنه بنفس الشجاعة والنزاهة. فعند رؤية لوحات كوريجيو/ Correggioلأول مرة؛ تعجبت فولر /. Fuller فقد تغلب عليها الجمال الذي لم تعرفه من قبل، و شع عن قلب الإنسان بحقيقة أكبر: "روح الحب العذبة! يجب أن أضجر أيضا منك. لكنها كانت مجيدة في ذلك اليوم ".
حددت أرندت هذه الحقيقة الأساسية للقلب في كتابات أوغسطينوس. و بعد قرن؛ كيركيغارد/ Kierkegaard سيؤكد أن "اللحظة ليست بالضبط ذرة زمن ولكنها ذرة الأبدية "[4]، كما لاحظت:
الآن هو ما يقيس الزمن للخلف وإلى الأمام، لأن الآن، على وجه الدقة، ليس الزمن ولكن خارج الزمن. في الآن لقاء الحاضر والماضي والمستقبل. و للحظة عابرة تكون متزامنة بحيث يمكن تخزينها بواسطة الذاكرة، التي تتذكر الأشياء الماضية وتحمل توقعات الأشياء القادمة. للحظة عابرة (الآن الزمني) يبدو الأمر كما لو أن الزمن لا يزال قائما، وهذا هو الآن الذي سيغدو نموذج أوغسطين للأبدية.
------------------------

[1] https://www.themarginalian.org/2015/12/02/hannah-arendt-the-life-of-the-mind-time-thinking/
[2] https://www.themarginalian.org/2014/09/16/hannah-arendt-the-life-of-the-mind/
[3] Figuring:عنوان كتاب لصاحبة المقال ماريا بوبوفا، صدر لها بتاريخ 28/01/2020 : يستكشف تعقيدات الحب والبحث البشري عن الحقيقة والمعنى من خلال حياة مترابطة بالعديد من الشخصيات التاريخية عبر أربعة قرون. على التالي رابط لمراجعة له.
https://www.themarginalian.org/2018/11/01/figuring/
[4] https://www.themarginalian.org/2017/04/18/kierkegaard-concept-of-anxiety-time/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روسيا والصين.. تحالف لإقامة -عدالة عالمية- والتصدي لهيمنة ال


.. مجلس النواب الأمريكي يصوت بالأغلبية على مشروع قانون يمنع تجم




.. وصول جندي إسرائيلي مصاب إلى أحد مستشفيات حيفا شمال إسرائيل


.. ماذا تعرف عن صاروخ -إس 5- الروسي الذي أطلقه حزب الله تجاه مس




.. إسرائيل تخطط لإرسال مزيد من الجنود إلى رفح