الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حول إشكاليات الفكر !! الليبرالية في مواجهة الدين !!

هشام السامعي

2006 / 10 / 12
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


توطئة
ثمة خطاب فكري وسياسي عربي، يصدر في أغلبه من معاقل العلمانيين واليساريين العرب، ينظر بعين الريبة والاتهام إلى مفهوم "الإسلام المعتدل" بدعوى أنّ هذا المفهوم أصبح اسماً حركياً تستخدمه الإدارة الأميركية لتفريغ الإسلام من محتواه النضالي والجهادي، وللانقلاب على الحركات الإسلامية المقاتلة، بافتعال حروب داخل النشاط الإسلامي، تتولى فيها التيارات الإسلامية المعتدلة الحرب، بالوكالة عن الولايات المتحدة، على التيار الإسلامي المتشدد، وتكون محصلة ذلك خدمة المصالح الأميركية في المنطقة.

لم يعد الأمر قاصراً على الإعتدال الإسلامي فقط بل أمتد ليشمل كل الحركات المعتدلة من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار مروراً بالحركات الليبرالية.
و كنوع من الإقصاء الذهني مسبقاً أستطيع القول أن الليبرالية العربية والليبراليون العرب لم ينجحوا طوال فترة تواجدهم في الساحة العربية أن يطبقوا منهج الليبرالية وفق أساسياتها الفكرية أو حتى المستوردة من أوروبا والتي أكدت كتب التاريخ عليه أن تيار الليبرالية الكلاسيكية بدأت بالظهور إبان عصر النهضة في أوروبا في إنجلترا وفرنسا كنتاج لحالة التسلط الديني في تلك المرحلة المتمثل بالكنسية إضافة إلى التسلط في الجانب الأخر المتمثل بأصحاب الإقطاعيات وهو الواقع الذي استغلته طبقة البرجوازيين الناشئين في تلك المرحلة لتحريض العمال والطبقة البروليتاريا على الإنقلاب على السلطة الدينية التي كانت تمثل أخر نقطة للفكر والعلم في الحياة أو الوجود المقدس الذي لايحق لهم التطاول عليها أو مناقشة أي فكر يصدر منها .

يومها كانت الكنيسة تمثل كل الوجود المطلق في المجتمع وتستغل السلطة المخولة لها ( وفق ذهنية صكوك الغفران ) والوصاية الإلهية على المجتمع الذي بدوره تبرم كثيراً من هذا الوضع , ماحدا ببعض الفلاسفة والمفكرين في تلك الفترة إلا إيجاد طرق جديدة ربما تمنع التصادم مع المجتمع التبعي للكنيسة أو المناصرين لها , كانت الأفكار الليبرالية أحد هذه الأفكار أو الطرق الجديدة التي أخرجت أوروبا في تلك المرحلة من سيطرة الكنيسة إلا المجتمعات المدنية والديمقراطية .

ولكي أكون منصفاً(( كما أعتقد أحياناً)) كتعريف بسيط على سبيل المقارنة , نادى الفكر الليبرالي في إيدلوجياته بحريات الفرد والجماعة والتجرد من الضوابط التي تعيق بناء الفكر لدى الإنسان ضد الظلم والعبودية وهو ما طبق فعلاً في تلك المرحلة تقريباً " وفي المقابل نادى الدين الإسلامي إلى حريات الفرد وإنعتاقه من حشرجة التفكير الضيق كحق من حقوق الإنسان وكحالة عامة للبناء الفكري المستقل الذي ضمنه الدين الإسلامي للبشرية على يد سيد البشرية محمد صلى الله عليه وسلم .

إلا أن إشكال فكري طرأ فيما بعد على بعض الإيدلوجيات الإنشائية للعقل العربي حول منهج الليبرالية كحالة فكرية جديدة تؤسس لتيار فكري جديد وفق أفكار قادمة من الغرب في محاولة منهم للتخلص من بعض المسميات الأخرى في الإتجاه الفكري يمينياً ويسارياً . تفاقم هذا الإشكال حد إقصاء الطرف الأخر وتهميشه ( وتكفيره ) بدعوى الدفاع عن الدين والعادات والتقاليد وهو ما أوجد حالة من التنافر

هذه الإشكالية بدت واضحة من خلال التعامل مع أفكار الليبرالية الدخيلة على ثقافتنا العربية ( كما يصفها البعض ) سواءً كانت في الفكرة الأصلية أو في المنتمين لهذا الفكر , شجع على ذلك وجود تيارات أخرى أستغلت كثير من الجوانب سواءً الدينية أو العادات والتقاليد في المجتمع على إقصاء هذا التيار وتشويهه حسب العقلية العربية التي صاحبت ظهور هذا التيار الجديد , بدوره أوجدت هذه الحالة نوع من التنافر بين الدفاع والإقصاء أمام هذه الفكرة لم يقبل أياً من الأطراف (المتحلقة ) على هذه الفكرة أن يقدم أي تنازل من شأنه أن ينهي الصراع أو يخفف من وتيرة الإختلافات والتماسات .

كانت جميع الأطراف تعتقد أن رضوان الحضارة إستحقاق خاص بها والأفكار والمعتقدات التي تنادي لها , ومن هنا بدأت الإشكاليات تطفو على السطح بين الإيدلوجيات وقتذاك , ربما يرى المحلل الأن بعد مرور هذه الفترة الطويلة أن الجميع قد نالوا نصيباً ربما متساوياً من الأخطاء ,لايمكن تجاهل دور أحدهم دون الأخر . وهذا ما أوقعنا فيما بعد في فخ التعصب الإيدلوجي وفق هذه المعطيات التي لدى الأطراف الأخرى في المجتمعات الإسلامية وحتى في المجتمعات الغربية التي شكلت لديها هذه الحالة صورة مغلوطة عن الفكر والدين الإسلامي , الأمر الذي أدى توسع دائرة الإقصاء من العقل العربي فيما بينه داخلياً , وبين الإسلاميين وبقية الديانات والحضارات الأخرى .

وأمام كل هذا يُصنف الكثيرين من الكتاب والنخبة الإشكالية الحاصلة الأن على أنها حالة من الذهنية الإقصائية التي توارثها العرب منذ الإنتكاسة العربية الأولى في عصر المماليك والحملات الصليبية , والتي أعقبت ذلك من إحتلال للوطن العربي والإسلامي والحرب الفكرية التي أستثمرها الغرب في محاولة لوأد الحلم الإسلامي والحضارة الإسلامية ( المتهالكة في الوقت الحالي ) .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله


.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط




.. 102-Al-Baqarah


.. 103-Al-Baqarah




.. 104-Al-Baqarah