الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا يرمى إلا من به ثمر

فالح مهدي

2023 / 1 / 14
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


نشر الأستاذ حسين مزعل في الحوار المتمدن وبتاريخ 9/1/2023 مقالاً بعنوان "حول استقراء الفكر الشيعي لفالح مهدي" وتقديراً لجهده ذاك أقوم هنا بأبداء بعض الملاحظات عن مقال حسين مزعل عن كتابي استقراء ونقد الفكر الشيعي. لقد كُتب ذلك المقال بلغة رصينة تنم عن معرفة واقتدار. بل اجد فيه قدر من التشريف والتقدير.
اولاً: يبدأ السيد الكاتب على النحو التالي " الدين كظاهرة تخضع لتطور المجتمع، وموقف رجال الدين تجاه السلطة وموقف السلطة من المجتمع ومن مفاهيم الحرية والظلم والعدل... وهذا ما قاد لنشوء مدارس عديدة في مختلف الديانات والإسلام واحد منها. مقاربتي لقراءة الأفكار الواردة في كتاب فالح مهدي نابعة من قناعتي المتمثلة بتعدد التفسيرات تجاه الظاهرة الدينية."
الدين الإسلامي لم يخرج من عتبة القرن الثالث الهجري (التاسع من التقويم المعاصر) سنياً وبقى سجين ثقافة القرن الرابع الهجري شيعيا وهنا اقصد بالذات الأثنى عشرياً. فهدا البحث ومن السطور الاولى لمقدمته كان معنيا حصرا بفكر هذه الجماعة. هذه عبارة عامة، اذ لا تتبدل المجتمعات بفعل سحري وتنتقل من ثقافة الى أخرى عبر مسيرتها الطويلة. تبدلت المجتمعات بسبب من حدوث عوامل لا حصر لها وقيام بنى اقتصادية واجتماعية لم تشهدها سابقاً. المثل الأكثر نصوعاً مواكبة الكنيسة الكاثوليكية في الغرب للتطورات التي حصلت في اوربا. فلم يكن امامها إلا الأخذ بمعطيات الحداثة والتخلي عن الخطابات الأيديولوجية القديمة. انما وعند الفحص والتدقيق نجد ان تلك العبارة لا تنطبق على المجتمعات الإسلامية حبيسة ذلك الماضي الأيديولوجي الذي لا زال فاعلاً. فالمجتمعات الإسلامية بكل مذاهبها الأيديولوجية السنية قائمة على الحديث النبوي الذي جعل منه الشافعي موازيا للقرآن، ولم تنل تلك السنين الطوال من كتاب الكليني" الكافي" !
ثانيا: في الفقرة التالية نجد التالي " يبتدأ استقراء الفكر الشيعي حسب السيد فالح مهدي من ثلاثة محاور: التأسيس لفكرة اللغة الفارسية المنهارة والفكر الشيعي العنصري من خلال أحد أعمدته الفكرية وهو الكليني ثم انتقاله إلى إيران الصفوية"
لم أستخدم ولا مرة واحدة الى مصطلح " منهارة". هذه العبارة توحي بالتالي " ان هناك لغة فاعلة كانت قائمة في لحظة ما ثم انهارت! هذه العبارة بعيدة عن الدقة. لو عاد السيد الكاتب الى البحث مرة أخرى فسيجد انني اشرت الى إشكالات اللغة الفارسية واعتمدت على كتابات إيرانية وفارسية بالذات.
عندما احتل الفرس الاخمينيون بابل لم يكن امامهم إلا الأخذ باللغة الآرامية بل حتى قانون حمورابي أصبح قانون تلك الإمبراطورية. ونحن نسأل هنا لماذا تبنى الأخمينيون اللغة الآرامية وهم سادة العالم وقتذاك اذ امتدت إمبراطوريتهم الى اليونان ومصر وإيران والعراق وفلسطين وليديا بل وصلت الى بلاد الشرق الأدنى والهند بالذات؟
اللغة الفارسية كانت ضعيفة بطبيعتها ولم تنهار بفعل عامل خارجي. أخذ هؤلاء البرابرة الأخمينيين بالخط المسماري وليست هناك من قوة تلزمهم بالأخذ بذلك الخط.... ومن ثم لو تركنا الاخمينيين فسنجد ان الساسانيين لم يفعلوا الكثير من اجل تطوير لغتهم، فقد اخذو بالخط الفينيقي وباللغة الآرامية ايضاً ... الأشارة لهذه المعلومات لا تعني بأي حال تحاملي على اللغة الفارسية. ولعل قراءة متأنية للكتاب تثبت ذلك.
ثالثاً: يقول السيد مزعل " قد يبدو غريبا أن أبدأ ملاحظاتي من الغلاف الاخير للكتاب الذي على ما يبدو كتب من الناشر ونجد فيه" من النادران أن نجد بحثا يتعانق فيه الذاتي مع الموضوعي كهذا البحث. في دراسته هذه يجمع الكاتب بين الأدب والأسطورة والتاريخ والفقه، والأنثروبولوجي والاجتماع. دون أن يهمل الفلسفة وعلم النفس. كتب فالح مهدي هذه الدراسة بلغة حميمية لم نجدها في دراساته وبحوثه الأخرى، حتى يخيل لنا اننا أمام عمل أدبي! في هذا الكتاب وعبر أركيالوجيا المعرفة، استنطق النصوص التي كتبت في القرن الرابع الهجري، باعتبار انها كتابات مؤسسة، في محاولة لفهم الثقافة والرموز التي تقف خلفها..."

ليس هناك فخ يا عزيزي. الناشر رجل معرفة وعلم ولم يكتب ما كتبه إلا بعد موافقتي. نعم هذا البحث هو ابحار في ذلك الماضي الذي يرفض ان يمضي. هذه الدراسة محاولة لفهم الخلفيات العقائدية بل الأيديولوجية التي أدت الى خلق مذهب يعاني من امراض مزمنة ولا علاقة له بالبدايات. لقد كنت واضحاً ودقيقا منذ البداية، هذا البحث لا يتطرق الى الشؤون الفقهية، بل يحاول فهم التحول الخطير الذي تم في القرن الرابع الهجري وانطلاقا من كتابي الكليني "الكافي".
نعم وهنا أقول، وبكل تواضع بأني لا احتاج الى من يكيل لي المديح دون أن اخفي، بطبيعة الحال ، تقديري واعتزازي بما كتب عن هذا البحث ، او ما سيكتب عنه لاحقاً سلباً وإيجابا. لذا رحبت بقراءة الصديق صادق اطيمش عن هذا الكتاب والتي نشرت في الحوار المتمدن (30-4-2022). لم أرد على مقال الصديق صادق عندما ارسله لي اولاً بل دعوته لنشره، فهو جهد يستحق التقدير، رغم عدم اتفاقي مع بعض ما ورد في مقاله، فعلى سبيل المثال عندما نتأمل فيما كتبه الأستاذ صادق اطيمش عن الحضارة الساسانية ومنجزاتها نتساءل ماهي منجزات تلك " الحضارة" التي امتدت الى أربعة قرون؟ بعض الكتاب الشرفاء في إيران المعاصرة وكما اشرت في كتابي ذاك يعتقدون ان ليس هناك حضارة ساسانية. لقد ذكرت تلك المعلومات توخياً للأمانة العلمية والدقة الاكاديمية وليس بدافع التعصب القومي. لقد اعتبر الصديق صادق اطيمش انني واقع تحت تأثير الجذور القومية المتعصبة....
رابعاً: يعتقد الأستاذ مزعل ان هناك مادة فائضة ولم اقم إلا بما يشبه الثرثرة إذ يقول "لا شك ان الأستاذ مهدي كان قد سطر الكثير من المعلومات والمعارف في كتابه ربما كان بعضا منها يبتعد عن مشروع الكتاب وربما شكّل إخفاقا في ربط تلك المعارف بمضمون الكتاب، لأن سرد المعارف لا يعني برهانا على فكرة، كما يقول القاضي عبد الجبار المعتزلي (ليس الكثرة من امارات الحق وليس القلة من علامات الباطل) ربما كان الأستاذ فالح بقي اسيرا لمفهوم من كل بستان وردة وهذا ما اضاع الفرصة على القارئ لقراءة سلسة للكتاب. فالقارئ وهو يوجه جهوده لسبر غور ما يقوله الأستاذ فالح تأتي معلومة عرضية تجعل القارئ يدير ظهره لمعلومة أشد نفعا وردت في النص. ما يلي دليل على ما نقول. هاك نموذجا لما ورد من أسماء لا تمت بصلة للموضوع وهي مقحمة داخل النص: المخرج الأمريكي بيلي ويلدر ومارتين سكورسيزس وفرانسس كوبولا وفرانك سناترا وجورج جيرشون وجوزيف كونراد والكساندر دوما وماريا كالاس مغنية الأوبيرا العالمية وتوني موريسون وارنست هيمنيجواي وسارتر وسبينوزا ثم العروج على موسيقى الجاز و ارمسترونغ أم كلثوم ونجاة الصغيرة وفائزة احمد ووردة الجزائرية وفريد الأطرش وسعدي يوسف ومظفر النواب وبدر شاكر السياب وعبد الكريم كاصد وفاطمة المحسن و البريكان ومحمد خضير وغيرهم ممن لا يتسع المجال لذكرهم هنا. هذه الأسماء وردت تحت عناوين شتى كعلم الدلالات،الثقافة الأمريكية, الاراميون ,العراق المفرس.. لم أجد في هذه الزحمة من الأسماء تقبلا لفكرة أنها ستساعد على الولوج في موضوع " الاستقراء.."
لو تأمل جيداً السيد الكاتب، فسيجد ان تلك الاستشهادات وردت في الفصل الأول من كتابي موضوع هذا النقاش. والفصل عنوانه التالي " مقدمات في اللغة والثقافة والفكر". والذي اردته ان يمثل العمود الفقري لهذا البحث كما فعلت في كتابي " نقد العقل الدائري" حيث كان الفصل الأول بعنوان " الحيز الفردي والحيز الجماعي" وفي كتابي الاخر " مقالة في السفالة خصصت الفصل الأول منه عن العنف وفي تاريخ الخوف كان الفصل الأول بعنوان " رحلة في الزمن"!. يا سيدي العزيز ليس ترفاً وليست رغبة في الثرثرة وهنا لا اكتمك سراً من انني حزنت من ملاحظاتك حول هذه النقطة بالذات. في هذا الفصل تم الرجوع الى مراجع ومصادر مهمة للتأمل بموضوع اللغة وعلاقتها بالفكر وبالثقافة. أما قول القاضي عبد الجبار فقد أقحم أقحاماً، وليس له علاقة بمادة النقاش.
مرة أخرى أقول إنني كنت أتمنى لو أعرت انتباهاً لموضوع العلاقة بين " اللغة والفكر" التي خصصت لها حيزا مهما في هذا الفصل. وعندما وصلت الى الفقرة التالية من الفصل الأول دائما (الثقافة – اللغة – المكان) وجدت ان أفضل معبر عن اطروحتي هذه، هي الثقافة الامريكية اولاً ومن ثم ألف ليلة وليلة. الأسماء التي وردت يا سيدي المحترم كانت لزنوج وعبيد اقتيدوا بالقوة الى هذا البد العجيب. موسيقى الجاز التي خلقها هؤلاء الافارقة كانت من التراث الافريقي بما أطلقت عليه انا " التام تم" وهي موسيقى فلكورية تتم عن طريق قرع الطبول. في الولايات المتحدة بالذات أصبح هذا المنتوج الثقافي ذو أهمية قصوى بل أصبحت موسيقى الجاز من اهم منجزات القرن العشرين الموسيقية.
ما ذكرته من أسماء واثار حفيظتك واعتبرته خارج عن الموضوع هو لإثبات العلاقة بين الثقافة واللغة والمكان. هؤلاء الافارقة لو بقوا في افريقيا لما تمكنوا من ابتكار هذا الصنف من الموسيقى. وكل الأسماء الأخرى التي ذكرتها هي لإقامة الدليل على العلاقة على فرضيتي تلك.
واسمح لي ان أقول إنك خلطت خلطاً عجيبا عندما اشرت الى "سعدي يوسف ومظفر النواب وبدر شاكر السياب وعبد الكريم كاصد وفاطمة المحسن والبريكان ومحمد خضير". موضوع الإشارة الى هذه الأسماء لا علاقة له بالثقافة الامريكية. ذكرت تلك الأسماء للتأكيد على ان الحياة الثقافية ماتت بعد سقوط بغداد في عام 1258 ولم تبزغ من جديد إلا مع الاستعمار البريطاني. وبالمناسبة لم أشر لفاطمة المحسن إلا كمرجع من مراجع بحثي.
ولولا خوفي من الوقوع بفخ التبجح لذكرت للأستاذ مزعل بأن هذا الفصل الذي اثار انتقاده ، اعتبر عدد من كبار المتعلمين هذا الفصل من اهم فصول الكتاب بل دعاني بعضهم لتحرير كتاب عن هذا الموضوع.
خامساً: يدخل الأستاذ مزعل الى جوهر الموضوع عبر هذه الفقرة " ومن خلال عنوان الكتاب يبحث الأستاذ فالح مهدي في الفكر الشيعي ولكن الكتاب يتحدث فقط عن الفكر الاثني عشري (وهو جزء من التشيع وليس التشيع كله كما يوحي الكتاب) وان الكليني قد وضع نظريه التشيع وقد اعتبرها الأستاذ نظرية ناجزة، حيث لم يورد الأستاذ مهدي في الكتاب (هديا على عنوان الاستقراء) شيئا عن كيفية تبلور وتطور نظرية الكليني ونشاتها وخلفياتها التاريخية. ان ما وضعه الأستاذ فالح مهدي في الكتاب هي ثلاثة أحاديث على ما اعتقد عن الكليني نفسه وليس عن أفكاره. ليستدل منها ان الكليني فارسي عنصري (وفي مكان اخر عربي) ولهذا صاغ نظرية التشيع العنصري الفارسي. حيث تكلم ببضعة سطور عن سيرة الكليني وتحدث عن ان الكليني قد صاغ أحاديث نسبها للائمة ولم يزودنا بنماذج من هذه الأحاديث حتى نعرف جوهر فكره. أحد هذه الأحاديث وأهمها ان النبي ينوب عن الله وبعدها ينوب الائمة عن النبي والكليني ينوب عن الائمه وبالتالي فالدين (التشيع) كله تحت سلطة ومظلة الكليني وأحاديثه المختلقة التي يربو عددها على ستة عشر ألف حديث (لنا عودة حول هذا الموضوع). المفارقة ان الشيعة في القرن الرابع الهجري لا يعترفون بالستة عشر ألف حديث بل يقرون فقط بما يقارب الخمسة ألاف حديث (المجلسي كمال الحيدري) وفي هذا السياق نستغرب ان كتاب فالح مهدي لم يحتوي على أي نص يشرح لنا عقيدة الشيعة حسب الكليني اطلاقا. وما يزيد ارباكا في هذا هو ان الأستاذ فالح مهدي استدل واستنتج ان الكليني وضع نظرية فارسية عنصرية في التشيع ولكن دونما ان يورد لنا الدليل. أنه من الواضح لي ان الأستاذ فالح مهدي خلط السياسي بالتاريخي ووضعهما تحت سلطة العاطفة الشخصية فهو لم يبحث في التاريخ ولا في نشوء الفكر الشيعي أي مقومات وبواكير هذا الفكر عدا مشايعة الامام علي في الكوفة وهو لم يكن تشيعا لا بالمفهوم التاريخي ولا السياسي."
مرة أخرى نجد عند الأستاذ حسين مزعل مادة بعيدة عن الدقة. فهو يقول لم أشر إلا الى ثلاثة أحاديث في حين انني قمت بقراءة أجزاء الكتاب التي تصل الى 15 جزء. وعند مناقشتي لمشروع الكليني التلفيقي لم استند الى أحاديث منفصلة بل الى كتبه وما ورد فيها وحسب معرفتي، الكتاب وما فيه اهم من الأحاديث. ذهبت في كتابي ذاك الى انه تجنى على جعفر الصادق ونسب له ما لم يقله ذلك الرجل الشريف وابن القرن الثاني للهجرة، واعتبرت الكليني مفتري. كمال الحيدري لم يقل شيئاً اخر عندما أكد ان ما ورد في الكافي هو ما أراد ان يقوله الكليني ولا علاقة له بالصادق. بل لم يقل الشريف الرضي ابن القرن الرابع الهجري ومن المعاصرين للكليني إلا هذا.
من اين اتيت يا سيدي العزيز بنظرية الكليني والتي نسبتها لي؟ لقد عدت الى الكتاب ولم أجد انني بلغت من الغباء درجة تجعلني اعتبر هذا الملفق صاحب نظرية! ثم انك لم تكتف بذلك بل نسبت لي عبارة " نظرية ناجزة" .... بل اتهمتني بأنني قلت الكليني فارسي عنصري (وفي مكان اخر عربي)! لم اقل انه عنصري بل ما ورد في كتابه ذاك والذي قرأته بإمعان يؤكد ذلك بالنسبة لي. ففي الصفحة 285 من كتابي ذاك نجد التالي " ما دمنا نتكلم عن موقف الكليني من العرب، دعونا نتأمل هذا القول «سألت أبا عبدالله «ع» عن قوله عّز وجّل «أَلَْم تََر إَِلى الَِّذيَن بََّدلُوانِْعَمَة اللَِّه كُْفًرا» الآية، قال:«عنى بها قريش قاطبة، الذين َعاَدُواَ رسول الله «ونصبوا الحرب وجحُدوا َوِصّيته " كما تعلم يا عزيزي معظم من وقف مع علي في حرب الجمل وصفين لاحقاً هم من قريش ! وبإمكانك الرجوع الى كتابه ذاك فهو متوفر على النت وستجد انه اعتبر الأكراد من الجن، أي يحرم التعامل معهم ... هذا القول نسبه الى جعفر الصادق وهو بريء من ذلك. لا نحتاج الى توصيفه بالعنصرية فكتابه ذاك يفضح سره.
ليست لنا معلومات عن ماضي هذا الرجل بما يؤهلنا ان نقوم بتتبع سيرته. كل الذي نعرفه ان انتقل الى بغداد من قريته كلين، لذا قرئتنا له تأتي من كتاباته التي تفصح عن مكنونات نفسه. في الانسكلوبيديا الإسلامية أوردت القول التالي لأحد كبار المختصين بالتشيع الأثنى عشري " ولو عدنا إلى الكليني، باعتباره علامة فارقة عند اتباعه، فسنجد أنه قام بعملية التجديد والبناء تلك المتمثلة بوضع الإيمان في نظامه ذاك في المقام الأول، ويأتي بعده العقل، أما العلم فيأتي في المرحلة الثالثة. والعلم هنا يعني أولاً معرفة ظهور الإمام الغائب "
سادساً: سأتوقف عند هذه الفقرة من مقالكم " هناك أخطاء تضع الكتاب في مركز ضعيف لا يصمد امام التحقيق كمثال على ذلك أقدم هذا الاقتباس من كتاب الأستاذ مهدي ص177 وهو يتحدث عن عمر (ومن ثم اخذ بما قام به الرسول وأبو بكر، وذلك بتوزيع الخراج على ضوء الاقدمية في الإسلام)، موضوع الخراج كان سببا في سجال طويل وعريض بين المسلمين آنذاك. رفض أبا بكر ان يوزع الخراج على أساس السابقة في الإسلام حيث قال ان الله يثيب على السابقة في الإسلام في الاخرة اما في الحياة الدنيا فان المسلمين متساوون في الخراج. وحينما الت الخلافة لعمر غير هذه القاعدة وجعل الخراج يوزع حسب السابقة في الإسلام ولم يدرك عمر فداحة هذه الخطوة الا متأخرا، وعندما حاول إصلاحها عاجلته قريش بمؤامرة قتله حيث جلبت ابي لؤلؤه للمدينة والباقي معروف (المعلومة من مصادر عديدة أهمها اليسار واليمين في الإسلام أحمد عباس صالح"
يا سيدي العزيز لم تبدأ الغزوات إلا في خلافة عمر بن الخطاب، لذا موضوع المساواة في الخراج في زمن أبو بكر كان امراً بديهياً. عمر اخذ بمبدأ الاسبقية أي اعتمد على مفهوم الإيمان وعندما استلم عثمان السلطة تخلى عن ذلك المبدأ وكمال تعلم فقد عاد علي بن ابي طالب الى مبدأ الاسبقية. عثمان اخذ بالقاعدة القائمة في شبه الجزيرة العربية واقصد بذلك انه أخذ بمبدأ الولاء. هذا المبدأ اخذ به معاوية وكان من اهم أسباب نجاح الامويين. ولو رجع الأستاذ مزعل الى ابن خلدون ومقدمته فسيجد مفهوم الولاء مواز للعصبية .
الغريب ان الأستاذ حسين استند للبرهنة على صحة قوله على كتاب احمد عباس صالح وهو كتاب لا يعتد به البتة.
سابعاً وأخيراً: كما تفضل الأستاذ مزعل العنصرية ليست ملكاً للفرس بل تشترك في هذا الأمور كل الجماعات الإنسانية قدميها وحديثها، لذا فعنصرية العرب اتجاه غيرهم من الاقوام امر واقع لا جدال فيه وفي هذا الكتاب الذي ناقشه الأستاذ مزعل، ذكرت ان العرب من اهل الكوفة رفضوا مساواتهم بالموالي في موضوع الخراج. الفرق بين عنصرية العرب وغيرهم انها غير مؤدلجة وغير مبرمجة إلا في أوقات متأخرة جداً، ذلك ان الدين الإسلامي. وفي كتاب المسلمين الأول لا وجود لعنصر.هذا الدين قائم على الأيمان.
واختم مداخلتي بهذا المقطع من مقال حسين مزعل <<اما عنصرية الفردوسي حيث يقول انهم (أي العرب) يأكلون الضب فهو يناقش الأمور بعقل صغير لأنه كان عليه ان يدرك ان البيئة هي التي تجود بالأكل والغذاء ولو ان كسرى قد اضطر للعيش في الصحراء لربما كان قد أكل الضب.>>
في هذه النقطة بالذات وصلنا الى خاتمة الأمور، إذ قام السيد مزعل بكل اريحية بتبرير عنصرية هذا الرجل. يمكن يا سيدي العزيز العودة لكتاب الفردوسي فهو متوفر ايضاً على النت حتى تبصر بأم عينك ما يريد قوله هذا الرجل. فما ذكرته أنا ليس فريدا في كتابه ذاك. حقاً انه لأمر محير ان يقوم رجل فطن بتبرير ما لا يمكن تبريه .
شكراً للأستاذ حسين مزعل لتجشمه عناء قراءة هذا الكتاب. ردي على مقاله يمثل محاولة للحوار وعدم التجاهل وامتنان له لأن خرج من تقديم فكرة عن الكتاب الى الخوض فيما ورد فيه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - انت باحث متميز
منير كريم ( 2023 / 1 / 15 - 08:26 )
الدكتور المحترم فالح مهدي
انت باحث متميز واراؤك موضوعية وعلمية
ارجو ان لاتترك نتائج ابحاثك ليستعرضها الاخرون وان تكتب في الحوار المتمدن عما توصلت له
من نتائج
شكرا

اخر الافلام

.. المسيحيون في غزة يحضرون قداس أحد الشعانين في كنيسة القديس بو


.. شاهد: عائلات يهودية تتفقد حطام صاروخ إيراني تم اعتراضه في مد




.. بابا الفاتيكان فرانسيس يصل لمدينة البندقية على متن قارب


.. بناه النبي محمد عليه الصلاة والسلام بيديه الشريفتين




.. متظاهر بريطاني: شباب اليهود يدركون أن ما تفعله إسرائيل عمل إ