الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ويسألونك عن المشهد الثقافي والابداعي بتازة..

عبد السلام انويكًة
باحث

2023 / 1 / 17
المجتمع المدني


في تقدير مساحة واسعة من مثقفين ومبدعين فاعلين ومهتمين ومتتبعين، لم يعد شأن الثقافة والابداع بتازة كما كان، عندما فقد ما فقد من بريق اشعاع وهيبة وحضور ونوعية أنشطة ومواعيد ودور في التنمية المحلية كان عليه الى عهد قريب. وفي أعين كثير من هؤلاء ايضا بات وجود هذا القطاع كعدم وجوده، على اساس ما ينبغي من حصيلة ليست سوى اضافات محدودة في سوادها الأعظم تعود لفترة تدبير سابقة بل هي انجازات ومشاريع لمصالح وهيئات محلية كانت مبرمجة قبل عدة سنوات. هكذا هو مشهد الثقافة، في غياب برامج رافعة بمرجعية ترابية ورؤية انمائية واضحة منسجمة مع ما يطبع الاقليم من موارد وغنى وتميزات.
وغير خاف أن قطاع الثقافة بتازة كان يضرب به المثل لِما كان عليه من دينامية وطنيا الى عهد قريب، وعلى اساس ما كان عليه من حضور عبر كل تفاعلاته وتجلياته الابداعية ومواعيده منذ تسعينات القرن الماضي والأرشيف يشهد. فقد كانت ثقافة تازة ومثقفيها ومجتمعها المدني المبدع، ليس فقط أنشطة متجددة ومواكبة، بل مواعيد وملتقيات ببعد ورسائل وتيمات بقدر كبير من الأهمية لفائدة كل بناء وتكوين وتأهيل وفرجة وأدوار في النماء المحلي، عبر ما كان قائما من تدافع في كل المجالات ومنها المسرح مثلا. كما كان قطاع الثقافة بتازة عبر مصالحه الفاعلة عن هذا وذاك من المعنيين، أداة محركة نظرا لِما كان يطبع المدينة من أنشطة ثقافية منسجمة مع فترات وفصول السنة، وقد جمعت بين مهرجانات اقليمية ووطنية مستحضرة كل الطيف الفني والابداعي الثقافي، فالمسرح لوحده مثلا كان الى عهد قريب فعلا ثقافيا بارزا بصدى واسع، قبل أن ينزل سهمه وموقعه خلال السنوات الأخيرة الى أسفل سافلين، بعد ما حصل من تشتت في مكوناته وأسماءه المتميزة وتجاربه اللامعة، التي منها من اختار وجهات أخرى بعيدا عما باتت عليه الثقافة بالمدينة ومنها المسرح من واقع باهت.
لقد كانت تازة تجد ملاذها وسبيلها فيما هو اشعاع ثقافي مؤسساتي لرفع صوتها عاليا، عبر ما كان يوفره قطاع الثقافة بالمدينة من دفئ ابداع لمبدعين ومثقفين ولجمعيات مجتمع مدني ومنها فروع منظمات وطنية من قبيل فرع اتحاد كتاب المغرب مثلا، وكانت الحركة الثقافية بتميز ليس فقط في تجديدها انما فيما كانت تتيحه من فرص تنافس شريف رافع، ومن ثمة ما كان من جودة فعل وخدمة ثقافية للتنمية المحلية، فضلا عن أنشطة بقدر كبير من روح فكر وجدل وتكامل جامع لمختلف مكونات المشهد، الذي طبعه ما طبعه خلال السنوات الأخيرة من تجليات برودة ونمطية واجترار، الى جانب جفاف ثقافة وابداع اللهم ما يسجل وما بات ينعت من قبل رأي عام محلي واسع بالضجيج. بحيث لم ينجح قطاع الثقافة في تازة بكل مكوناته المعنية، هيئات منتخبة ومصالح معنية ومجتمع مدني وفاعلين انفسهم، من ضخ روح من شأنها ارجاع ما كانت عليه المدينة من ايقاع ثقافي، ذلك الذي كانت عليه من مسرح وسينما وموسيقى وفنون تشكيلية وانشطة تعبيرية ومواعيد كبرى. وعوض التفكير فيما ينبغي من محتوى وبرمجة جادة لفائدة ثقافة رافعة، حصل تطبيع مع أنشطة بهرجة بتعبير كثير من المعنيين، فضلا عن نمط تدبير وتيمات مهترئة، لدرجة سير بالشأن وبتراكمات المدينة في هذا الاطار على امتداد عقود من الزمن الى تفاهات ومتاهات لا غير.
ولا يمكن القفز حول واقع واحوال الثقافة بالمدينة وما بلغته من تراجعات معبرة خلال السنوات الأخيرة، عن طبيعة ما هناك من تدبير ومن تحديات تخص ما هو تجديد من اجل كل اضافة وفائدة وأثر على أرض الواقع. لدرجة تساؤل رأي عام واسع حول ماذا قدم الجهاز الوصي على التدبير الثقافي بالمدينة كقيمة مضافة للقطاع؟، وحول ما ينبغي من تشارك وتنويع أدوار ووجوه وتجارب وفق ما ينبغي أن يكون عليه التدبير العمومي الثقافي من حيادية؟. وحول ما حصل من انحسار ثقافي وعقليات تدبير كان ينبغي ان تكون منفتحة لتحقيق ما هو منشود من القطاع، وعيا بأن الثقافة أداة من شأنها أن تكون بدور رافع للتنمية المحلية ومن ثمة لتنمية الوطن. عوض ما بلغه هذا المجال الحيوى من بؤس يرى البعض من المتتبعين أن اسلوب أداءه أعاد تازة الى الخلف بعدما كانت عليه من صدى ثقافي ابداعي وطني وعربي.
اين تازة الآن من شعار الثقافة والابداع ومن برامج الوزارة الوصية، ومن رهانات البعد الجهوي ودور الثقافة في الورش الترابي الوطني، وأي وعي بهذا وذاك في تدبير القطاع وأية انجازات منسجمة مع توجهات الوزارة الوصية والجهوية المنشودة وخدمة الثقافة للتنمية الترابية، أين تازة من كل هذا ثقافيا ما دام أن المدينة هي بحصيلة متواضعة جدا، وكيف يمكن للثقافة بالمدينة أن تسترجع مجدها وحيويتها وأن تسهم بما يفيد من موقعها في اشعاع الاقليم وتسويق ما هو عليه من مؤهلات ومن تراث مادي ولا مادي واسع، عوض ما هناك من تجليات لا تسمح بإبراز هذا وذاك ولا بضخ دماء جديدة وبرامج رافعة. واذا كان ما ينبغي من حرص في تدبير الشأن، فهو التجويد ومقاومة كل تفاهة وبهرجة وهدر للمال العام مع ما ينبغي من حكامة جيدة وشفافية. هكذا يعتقد الكثير صوب ما كان ينبغي أن تكون عليه الثقافة وفعل الابداع بتازة، كخدمات وبرامج واسهامات من شأنها جعل موارد المدينة في خدمة الورش المحلي والجهوي ومعه أوراش ورهانات البلاد الكبرى، فهل حقا هوت الثقافة والابداع بتازة الى اسفل سافلين، وهل بات فعلهما خلال السنوات الأخيرة بدون لا لون ولا طعم ولا رائحة..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مبادرة لمحاربة الحشرات بين خيام النازحين في رفح


.. تونس.. معارضون يطالبون باطلاق سراح المعتقلين السياسيين




.. منظمات حقوقية في الجزاي?ر تتهم السلطات بالتضييق على الصحفيين


.. موريتانيا تتصدر الدول العربية والا?فريقية في مجال حرية الصحا




.. بعد منح اليونسكو جائزة حرية الصحافة إلى الصحفيين الفلسطينيين