الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القرآن محاولة لقراءة مغايرة ١٥٠

ضياء الشكرجي

2023 / 1 / 17
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


القرآن محاولة لقراءة مغايرة ١٥٠
وَيَستَفتونَكَ فِي النِّساءِ قُلِ اللهُ يُفتيكُم فيهِن وَّما يُتلى عَلَيكُم فِي الكِتابِ في يَتامَى النِّساءِ اللّاتي لا تُؤتونَهُنَّ ما كُتِبَ لَهُن وَّتَرغَبونَ أَن تَنكِحوهُنَّ وَالمُستَضعَفينَ مِنَ الوِلدانِ وَأَن تَقوموا لِليَتامى بِالقِسطِ وَما تَفعَلوا مِن خَيرٍ فَإِنَّ اللهَ كانَ بِهِ عَليمًا (١٢٧)
كما عودنا القرآن نراه يقفز فجأة من موضوع إلى موضوع آخر، بلا رابط بين الموضوعين. أما كان الأجدر جعل السور كلها قصيرة أو متوسطة، بحيث تتناول كل سورة موضوعا محددا، وإذا تناولت أكثر من موضوع، فلوجود علاقة واضحة بين الواحد والآخر منها؟ وعندما نتأمل في هذه الآية المتكونة من أربعين كلمة فقط، نجد تداخلا وارتباكا، من الصعب أن يفهم القارئ العلاقة بين المفردة والأخرى، إلا إذا رجع إلى التفاسير وأسباب التنزيل، بينما الحكمة تتطلب أن يكون النص نفسه واضحا لقارئه أو سامعه، دون الحاجة إلى معرفة تفسير المفسرين وتأويل المؤولين وروايات الرواة. السؤال عن النساء عموما، ثم تنتقل الآية إلى «يَتامَى النِّساءِ»، فهل المقصود بيتامى النساء يتيمات النساء بقرينة «وَتَرغَبونَ أَن تَنكِحوهُن»، فلماذا قيل «يَتامى» ولم يقل «يَتيمات»، ثم ما علاقة «المُستَضعَفينَ مِنَ الوِلدانِ» بكل ذلك؟ في كل الأحوال هو قرآن الرجال، موحى من إله الرجال، وهو دين الرجال بالدرجة الأولى، فالرجال هم الذين يَسأَلون، ويأتي الجواب من الله عبر جبريل ثم عبر محمد للرجال. وحتى آيات الأحكام الخاصة بالنساء، فيخاطب فيها الرجال، ليكون الرجل - زوجا أو أبا أو أخا - بمثابة رسول الله إلى المرأة - زوجة أو ابنة أو أختا - أو لنقل هو رسولُ رسولِ اللهِ إليها. ثم رغبة النكاح هي رغبة الرجال، فهو الفاعل (الناكح)، أي النائك، وهي المفعول به (المنكوحة)، أي المنيكة، وهو الُمطَلِّق وهي المُطَلَّقة، وهو المُمسِك وهي المُمسَكة، وهو المُستبدِل وهي المُستبدَلة، وهو الواعِظ وهي الموعوظة، وهو الهاجر في الفراش وهي المهجورة، وهو الضارب وهي المضروبة. نستخلص من الآية شيئا واحدا، وهو حث الرجال على القسط في تعاملهم مع النساء والمستضعفين من الولدان واليتامى واليتيمات. ولا يجد الباحث نفسه معني بالبحث في أقوال المفسرين، لأنه يريد أن يتحاور مع القرآن وحده، فيفهم منه ما يريد، دون أن يحيله إلى مفسرين ومؤولين ومجتهدين وفقهاء ومستنبطين، وكلهم يكادون يختلفون في كل قضية قرآنية.
وَإِنِ امرَأَةٌ خافَت مِن بَعلِها نُشوزًا أَو إِعراضًا فَلا جُناحَ عَلَيهِما أَن يُّصلِحا بَينَهُما صُلحًا وَّالصُّلحُ خَيرٌ وَّأُحضِرَتِ الأَنفُسُ الشُّحَّ وَإِن تُحسِنوا وَتَتَّقوا فَإِنَّ اللهَ كانَ بِما تَعمَلونَ خَبيرًا (١٢٨)
لننظر إلى حالتين من النشوز، فإذا كان النشوز حاصلا من الزوج، فيجب السعي للإصلاح بينهما: «وَإِنِ امرَأَةٌ خافَت مِن بَعلِها نُشوزًا أَو إِعراضًا فَلا جُناحَ عَلَيهِما أَن يُّصلِحا بَينَهُما صُلحًا وَّالصُّلحُ خَير»، بينما إذا حصل النشوز من الزوجة فيكون الوعظ من الزوج، ثم هجره لها في الفراش، ثم ضربها: «وَاللّاتي تَخافونَ نُشوزَهُنَّ فَعِظوهُنَّ وَاهجُروهُنَّ فِي المَضاجِعِ وَاضرِبوهُنَّ». هذا لا يمكن أن يصدر إلا من إله ذكوري منحاز كليا للرجل، وذي عقدة تجاه المرأة، وبما إن هذا ممتنع على الله، يكون ذلك دليلا إضافيا على امتناع صدور القرآن من الله، تعالى عن ذلك علوا كبيرا.
وَلَن تَستَطيعوا أَن تَعدِلوا بَينَ النِّساءِ وَلَو حَرَصتُم فَلا تَميلوا كُلَّ المَيلِ فَتَذَروها كَالمُعَلَّقَةِ وَإِن تُصلِحوا وَتَتَّقوا فَإِنَّ اللهَ كانَ غَفورًا رَّحيمًا (١٢٩)
هذه حالة من حالات الارتباك في القرآن، والذي جزء كبير منه، حصل كما يبدو، من خلال جمع القرآن، أو لأن المؤلف كان يتبادر إلى ذهنه في وقت لاحق أن يضيف إلى موضوع سبق وتناوله، فتأتي الإضافة في غير محلها، فهذه الآية مكانها الطبيعي بعد الآية الثالثة فيكون كامل النص كالآتي: «وَإِن خِفتُم أَلّا تُقسِطوا فِي اليَتامى فَانكِحوا ما طابَ لَكُم مِّنَ النِّساءِ مَثنى وَثُلاثَ وَرُباعَ فَإِن خِفتُم أَلّا تَعدِلوا فَواحِدَةً أَو ما مَلَكَت أَيمانُكُم ذالِكَ أَدنى أَلّا تَعولوا، وَلَن تَستَطيعوا أَن تَعدِلوا بَينَ النِّساءِ وَلَو حَرَصتُم فَلا تَميلوا كُلَّ المَيلِ فَتَذَروها كَالمُعَلَّقَةِ وَإِن تُصلِحوا وَتَتَّقوا فَإِنَّ اللهَ كانَ غَفورًا رَّحيمًا». المهم لدينا هنا نص يبيح تعدد الزوجات بقول «فَانكِحوا ما طابَ لَكُم مِّنَ النِّساءِ مَثنى وَثُلاثَ وَرُباعَ» ثم تأتي جملة تدارك بوضع شرط العدالة بين النساء، وفي حال خشي الرجل ألا يستطيع أن يلتزم بهذا الشرط، فعليه ترك التعدد بقول «فَإِن خِفتُم أَلّا تَعدِلوا فَواحِدَةً» وتأتي الآية الأخيرة لتجزم بأنه لن يكون بالإمكان تحقيق العدالة بين الزوجتين أو الثلاث أو الأربع زوجات بقول «وَلَن تَستَطيعوا أَن تَعدِلوا بَينَ النِّساءِ وَلَو حَرَصتُم»، ولم يكن صحيحا قول بعض الناقدين للقرآن بأن هناك تناقضا، كما لا نستطيع ان نعتبر قول المفسرين التنويريين أو الإصلاحيين صحیحا بدعوى إن المحصلة هو عدم جواز تعدد الزوجات، بدليل إن الله قد وضع للتعدد شرط العدالة، ثم أنبأ بأن الرجال لن يعدلوا مهما حرصوا. بل الصحيح إن القرآن أجاز التعدد، لأن من طبیعة القرآن المنحاز للرجال أن یلبي رغباتهم، لاسيما الجنسية منها، لكنه حبذ أن يكون التعدد مع تحقيق العدالة، والتي اعتبر تحقيقها كليا مهما سعى الزوج المعدد وحرص مستحيلا، ولذا تداركت الآية بقول «فَلا تَميلوا كُلَّ المَيلِ فَتَذَروها كَالمُعَلَّقَةِ» وهذا ما استنبط الفقهاء منه معنى أن العدالة المطلوبة لا تعني أن تكون مشاعر الرجل تجاه زوجاته على نحو المساواة، بل عليه تحقيق العدالة الظاهرية، من حيث السكن، ومن حيث توزيع وقته ولياليه بين زوجاته بالتساوي، وكذلك من حيث الإنفاق.
وَإِن يَّتَفَرَّقا يُغنِ اللهُ كُلًا مِّن سَعَتِهِ وَكانَ اللهُ واسِعًا حَكيمًا (١٣٠)
ليس هناك ما يستحق التوقف عنده هنا، سواء إيجابا أو سلبا، فالآية تتحدث عن وجوب إنفاق الزوج المُطَلِّق على زوجته المُطَلَّقَة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل سنة وأقباط مصر بخير.. انتشار سعف النخيل في الإسكندرية است


.. الـLBCI ترافقكم في قداس أحد الشعانين لدى المسيحيين الذين يتب




.. الفوضى التي نراها فعلا هي موجودة لأن حمل الفتوى أو حمل الإفت


.. مقتل مسؤولَين من «الجماعة الإسلامية» بضربة إسرائيلية في شرق




.. يهود متطرفون يتجولون حول بقايا صاروخ إيراني في مدينة عراد با