الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في غياهب الجب

إكرام فكري

2023 / 1 / 21
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


وجدتهم في جب مظلم منسي مقيدون بأغلال إلى الاذقان منذ نعومة أظافرهم وسط غشاوة لا يعرفون من أين و لا من متى و لا ما السبب و لا ما مدى الاذى ...

كان للجب فتحة تطل على مستوى ثاني به نار و أشخاص آخرون يحملون تماثيل و أشياء مختلف بحيث تتمثل على جدارنا نحن الناس المقيدين داخل الجب ...

نرى فقط ما يعكسوه ... ليتجلى لنا أمام الجدار... و بذلك نبصر ما أراده هؤلاء ...

و خارج المستوى الثاني العالم الخارجي حيث الشمس تسطع...

طوال حياتنا نحن سكان الجب لم نرى سوى الموجود في الجب و ما يعكسه أشخاص آخرين امام الجدار معتقدين أن ذلك حقيقة العالم .. لم نكن نعرف مصدر ما نراه و لا من أين و لا السبب كل ما كنا نعرف أنه الحقيقة
و انطلاقا مما نرى و مما يتواجد في الجب كنا نعطي تفاسير لما نحن عليه ... نؤلف روايات و في كل جيل يضاف تفصيل جديد أو رواية جديدة لحدث قديم تراكمات متواترة حتى أصبحنا فئات متضاربة ...

و عندما يأتي أحد من خارج الجب بروايات مخالفة نلغيه فنحن بقيمة و هو صفر جاهل ضال و مغضوب عليه نشيطنه و نجعله في موقع الخارج على العقيدة ، وأس الفساد والسبب المباشر لكل المشكلات والصراعات .. و نظن أننا وصلنا إلى الحق المطلق و أننا وحدنا من نمتلكه و الباقي في ضلال مبين بدون معرفة لا متى و لا من أين و لا كيف و لا ما مدى الاذى ...

الفطرة هي الحياة و الحياة لا نعيشها إلا وفق ما نراه نحن من منطلق رؤيتنا للاشياء في الجب ...
ما يوجد في الجب ما يعكسوه لنا في الجذار كنا نجعله معطيات اساسية يجب التعاطي معها كمكون ومؤطر و مساعد على السير ...حتى باتت كالاغلال إلى الاذقان ..
اغلال الى الاذقان لا تجعلنا نستدير في كل الزوايا للإبصار تقيض الحركة تجعلنا عاجزين عن معرفة المستوى الحقيقي للرؤية ...
ابتلينا بداء ازدواجية المعايير تصادما مع فطرة الحياة و مع واقع الجب ... عشنا في عالمين متناقضين ، عالمنا العلني الذي يتحدد وفق ما هو مفروض في الجب و عالمنا السري ..

في يوم ، قلت لما لا أنطلق من معطيات من خارج الجب لمعرفة ما يتواجد فعلا ...

فبدأت الاغلال شيئا فشيئا في الزوال ... فشعرت بألم شديد عند زوالها لانني تعودت عليها لانها ما نشئت عليه كيف لي أن ألغيها و أبدأ من الصفر ؟
و الاصعب لأنها لم تكن مادية بل غير مرئية محطوطة على العقل ...

عندما تحرك جسمي ، خروجا من الجب وجدت النار و الأشخاص الحقيقين فصدمت لما رأيت الشياطين الذين اقنعوني بما كنت أراه ...
رجال الدين و رجال الحكم هم من وجدتهم يعكسون ما يريدون على الجدار و نحن نبني إيماناتنا الشخصية و تفسيراتنا انطلاقا منه ... لم نكن نعرف سوى ما أراد رجال الدين و رجال الحكم أن نعرف ... تضليلنا كان بغرض الهاؤنا و ابعادنا عن الحقيقة من أجل الحكم ...
هم منفصلين عن واقع المساكين المتواجدين في غياهب الجب ... يعيشون في أبراجهم العاجية بعيدا عنهم ..

و لكنني عندما حاولت الحياة بعيدا عن غياهب الجب كنت أحاول بجسد هامد بعقل غائب ... أحاول بطرق بدون معرفة لا من متى و لا من أين و لا لما و لا ما مدى الاذى و لم أوفر قدرة متزايدة لتعويض القصور ... ينبغي أن اتطور و التطور يكون حسب قدرة الكائن على تعويض القصور ... و هذه القدرة ينبغي ان تكون متزايدة من اجل التطور من اجل المحافظة على إيقاع الوجود اذ لم تكن متزايدة فسيتناقص المستوى الحيوي الى الموت ... الموت يعني انتهاء المنسوب الحيوي للكائن ... التقدم لا يعني إضافة شيء جديد إنما قدرة متزايدة ... مع الوقت و مع المراحل الاحمال تتزايد والقصور يتزايد للمحافظة على مستوى الحياة ينبغي أن تتزايد القوة مع تزايد الاحمال و تعويض القصور بشكل متزايد

الجب هو العالم الحسي المثوارت ، وخارج الجب هو عالم العقل و الشمس هي منبع الحقيقة والمعرفة. عالم الحس قد يتركنا في عالم مليء بالاوهام والأفكار التي قد تكون خاطئة، لهذا من المهم أن نسعى دائما للمعرفة، القصور موجود لكن ينبغي تعويضه بطاقة متزايدة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حاخامات يهود يمزقون علم إسرائيل خلال مظاهرة في نيويورك


.. بايدن يؤكد خلال مراسم ذكرى المحرقة الالتزام بسلامة الشعب الي




.. نور الشريف أبويا الروحي.. حسن الرداد: من البداية كنت مقرر إن


.. عمليات نوعية لـ #المقاومة_الإسلامية في لبنان ضد تجمعات الاحت




.. 34 حارساً سويسرياً يؤدون قسم حماية بابا الفاتيكان