الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
تهتّك المفاهيم 2
مؤيد الحسيني العابد
أكاديمي وكاتب وباحث
(Moayad Alabed)
2023 / 1 / 22
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
لقد تطرقت في الحلقة السابقة الى البث الحي لبعض المولعين به والذين يلعبون على مواضيع عديدة بدون دراية في امور كثيرة منها السياسية ومنها الاقتصادية ومنها الاجتماعية ويلوكون الكلمات من هنا وهناك الى ان يصلوا بنا الى اللا نتيجة. ومن المشاكل التي يعاني منها المستمع او المشاهد هي لوعة الاستماع وكانه مغضوب عليه في المتابعة لهذه اللغة او المواضيع او الاسلوب المستخدم من قبل المحاوِر او المحاوَر، وكان اللقاء او الحديث صراع الديكة. والادهى من ذلك عدم امتلاك الطرفين لاي اسلوب انساني او تربوي او اسلوب صحيح وفق الضوابط الاخلاقية في الحوار او العلمية في الحوار، بحث اصبحت كل الابواق كبعضها البعض في الصراخ وكان الوضع حلبة مصارعة او ملاكمة.
المسميات التي تطرق بابنا كل يوم قد خبرنا انها تعاد كل يوم عشرات المرات وهذا يدل على العجز في استخدام غيرها على الالسن عموماً. حتى في حالة الارسال عبر صفحات العباد الشخصية ترى العجيب في نشر الغسيل على انواع مادة الغسل المستعملة. حيث بات البعض يلعب على وتر هتك الستر وفضح الناس على الملأ.
الدليل
حينما يكون الحديث عن تفاصيل في الفكر يستطيع العاقل ان يعضّدها أو بالعكس أن يدحضها، هكذا تسير الامور العقلية في التعامل الانساني والفكري لبناء وتأسيس كل شيء في الحياة. وهنا يكون الاعتماد على دليلك أو دليلي، شئتُ أنا أو أبيت، فالتقسيمات المعروفة على نطاق التفاصيل والسير في التفاعل معها وبها يكون على الدليل ليس إلّا، حتى فيما يتعلّق بالمعتقد الديني أو غيره، وهذا ما يدلل عليه صانع وواضع المعتقد الإله الواحد، تعالى إسمه. وكذلك ما يدلل عليه نتاج خلقه وهو العقل الانساني ليس إلّا. أمّا ما يقول الاخر من أي زاوية لا يساوي شيئاً دون الدليل.
وقد إنتشرت في أيامنا هذه قوة الاقصاء في السياسة وفي المعتقد الديني أو الفكري، حيث لا وجود لمعارضة أو مناقشة للرأي، في دول ومجتمعات تدّعي العقلانية والديمقراطية في الرأي وحرية الرأي والتفكير والحرية الانسانية فيما يعتقد. وفي الحقيقة تكون النتيجة هراء على هراء. اذ يكون هؤلاء ممن وصفهم الباري جلّت قدرته ب (يقولون ما لا يفعلون) وهؤلاء كثر في الايام الحالية في كل مناحي الحياة لذلك ترى العجب في التعامل معهم من خلال الكثير من التعاملات ومنها التعاملات الفكرية والاخلاقية.
اقول ان الاثار التي تتركها الكثير من التناقضات المذكورة ما بين القول والفعل، ستترك الكثير من التاثيرات السلبية على الاسرة اولا وعلى المجتمع عموماً ثانياً. وهذه لعمري من اعقد المشكلات التي تداهمنا في عقر حياتنا وعقر دورنا. فالتواصل الاجتماعي الذي تحدثت عنه واتحدث عنه ممتلئ بهذه التناقضات والمتضادات. ووصل الامر الى التخلي عن الدليل في كل نقاش من النقاشات، الى ان وصل الحديث الى التصور القطعي ولكن بلا دليل. فعندما يتحدث احدهم يكون حدا فاصلا باعتباره الحقيقة لا غير. ومن يعارضه في رأيه يكون من الهالكين اما فيزيائيا او نفسيا او فليتحمل الكثير من الهتك لحرمات وهمية وضعها هذا المعتدي! خاصة اذا كنت بعيدا عنه في المدينة الاخرى او في البلد الاخر.
هناك من المقززات الكثيرة والمعقّدة ما تتواصل به إحداهن مع الغريب وهي لديها الحبيب! باعتبار الافتقار الى حنان او الى شهرة او غير ذلك من الترهات التي ستؤدي الى كارثة من الكوارث الاجتماعية، خاصة بعد كشفها ونشرها على الملأ بنفس اسلوب الهتك السابق كي تكون محفزا سلبيا للتغيير نحو الاسوأ.
الدولار
يعدّ هذا الاصطلاح من الاصطلاحات التي ترتبط به الكثير من الشؤون السياسية والاقتصادية والامنية والعسكرية وحتى الاخلاقية! حيث هناك ما نطلق عليه وفق مفهوم الاصابة من التهتك لهذا المفهوم، الاخلاق الدولارية. وهي الاخلاق التي ترتبط بالعلاقة المباشرة ما بين مَنْفَذ الدولار مع من يتلقاه ويعشقه ويسير في ركبه! فكم من الاعلاميين ومن اهل العلم قد بيع بحفنة من الدولارات التي لا تصرّف في بنوك الاخلاق ولا في بنوك الشرف المهني. فترى رواد ومتعاملي الدولار ذوي مواصفات غريبة فالالوان التي يمتلكون مثل تلك الالوان التي تنتجها لنا حواسيب والات التقدم اللوني الحديثة فهي بالالاف من الالوان والتي لا تعد بسهولة، فكل يوم ذالك الدولاري بوجه جديد ان لم نقل في كل ساعة، وبرنامجه الذاتي مشوّش الى الدرجة التي لا يستطيع هو نفسه ان يفك عرى وشبكة هذا التشويش. اينما يذهب الدولار فهو عبد من عبيده لا يرعوي ان يقبل اقدام الطغاة كي يرضوا عنه ولن يرضوا عنه. عبيد الدولار او الدولاريون هم من يمتهن اللامهنة واللاغيرة على اي شيء، وهؤلاء موجودون في كل وسائل الاتصال والاعلام ووسائل التعليم (وهي الطامة الكبرى التي قصمت ظهر التعليم) ووسائل السياسة وغيرها من الوسائل.
الرياضة وعبيدها
هل من شك في ان الرياضة كان هدفها تنشيط الجسم كي يكون سليما معافى؟ يا ليتها كانت كذلك وبقيت على حالها دون ان تتحول الى افيون الشعوب (وليس الدين افيونا بل رجال الزيف الديني! وأؤلئك اللاهفون وراء مفاهيم سطحية لا تبني مجتمعاً ولا سيادة لبلد كما هم في مجتمعاتنا في اغلب كراسي الادارة). الافيون يتدرج في عمله في ذهن الناس فيتحول من مادة الى اخرى لتخدير الشعوب ثم القضاء على غيرتها وسيادة الانسان في الطبيعة كي يتحول الى مطية يمتطيها الحاكم الظالم كلما اراد ان يحمّلها بما يريد. مصيبتنا مصيبة ايها السادة! سبع او ثمانية فرق تنافست على لعبة كرة قدم كبقية المسابقات في اقاليم ودول العالم، لكنّها هنا تحولت الى فزعة باسم الوطن وباسم المنطقة (باضافة محافظة البصرة العزيزة الى الشعار) وباسم الدين احيانا وباسم الطائفة احيانا اخرى، ثم انتقلت الى اناشيد تخلّد الظالمين والمجرمين والفاسدين، استثني منهم الناس البسطاء الطيبين، فهم طيبون اينما حلّوا. تحولت المسابقة الى غطاء لتمشية العديد من الاجندات منها على النطاق الداخلي حيث افرج عن العديد من رؤوس الفساد، وقد تمّ تهريب المليارات من الدولارات من رصيد ومن قوت الشعب الذي مازال يعاني من الضائقات المتتالية. وفي هذه الاجندة تسابق المتملقون والاراذل الى تصنيف الوطنيين من غيرهم وفق اهوائهم. وفي اجندة اللعبة دخل على الخط المطبّعون مع كيان اسرائيل الذي يقتل بالشعب الفلسطيني المظلوم، ثم مرّت اجندة رفع سعر الدولار الى ارقام تجاوزت المعقول وسيستمر الرفع الى مستويات اعلى لتجويع الناس وتلهيتهم. ثم مررت اجندة خطيرة للغاية وهي اظهار العراقيين على انهم لا يعبأون بمسألة اللا نظام منذ اليوم الاول، رغم النجاحات التي تحققت على نفس المستوى من قبل من اراد باخلاص ايصال رسالة محبة وسلام الى الشعوب العربية والى دول العالم. لكن مما يعزّ على العراقيين في اغلبهم هذا العطف من قبل من ساهم في تدمير لحمة الشعب العراقي بطائفية وفتاوى القتل المستمرة الى الان باسلوب او باخر، والعطف لا يليق بمجتمع مثل العراق بحضارته وتاريخه وشعب حي لا يموت رغم كل المصائب والنكبات. ناهيك عن بعض الظاهرين على الشاشات لاستجداء العطف من قبل الاخرين. ومن الدروس الكثير مما تابعناه من هكذا بطولة رغم ايجابيات اظهار الفرحة لشعب عانى الكثير، ومازال بلا تعليم جيد ولا صحة جيدة ولا بيئة نظيفة ولا صناعة ترجى ولا زراعة لمصادر غذاء الشعب في وسط عالم مترامي الازمات ومستمر في نشر الخوف في عالمنا من قبل بعض الدول الكبرى ومنها امريكا المحتلة للعراق ولقرار العراق السيادي.
الرياضة جميلة بممارستها ولكن ان تتحول الى اسلوب لتغطية على مشاكل عصيبة فليست برياضة! كل الدراسات الامنية والاقتصادية والمتخصصين بعلم النفس الاجتماعي يعدّون لهذه المجتمعات العربية لتمرير الكثير الكثير والتغطية على جرائم الجيوش التي تفتك بالفقراء والشعوب الفقيرة في العديد من البلدان والمساحات المنتشرة على سطح الارض. هؤلاء يدرسون عقل وسلوك الشعوب والافراد لتهيئة تقاريرهم الى الساسة واهل التخطيط في هذا الجانب. وقد ركزوا ويركزون على معتقدات الاشخاص والمجتمعات ولنا في تخطيطهم لنقل الشذوذ الى مجتمعات كانت ومازالت تعتبر الرجولة والشجاعة معينا لديمومة المجتمع واشعاره بالقوة والسيادة والعيش بكرامة. وقد قامت الدوائر المتخصصة بالضغط لقبول المجتمعات المتماسكة بمعايير جديدة بما يسمى بالمطابقة وهو اما الاستيعاب لقبول ما يفرض عليك حينما يكون الاخر اكثر وعيا (هكذا يصورون لنا الاوروبي والامريكي وغيرهم من هذه المجتمعات)، فاصبحت عقدة الخواجة هي الرائجة والمعروفة والمقبولة وما يترتب عليها للضغط على فرد المجتمعات الملتزمة لتحريرها(هكذا!) من اي التزام لكسب حرية زائفة. وبالفعل فقد اصبح الدفاع عن الالتزام بالقيم تهمة تلصق بالاشخاص بحجة انهم متخلفون غير تقدميين!! ثم المطابقة التأسيسية اي التوافق مع الاغلبية وغايتها لكسب مصلحة ما او قبول ما، والرغبة في الحصول على مكافأة على مستوى المجتمع (وهذا ما حصل هذه الايام). ثم هناك الطاعة لولي ظالم او حاكم ظالم مستعبِد للناس ومضطهِد لهم وبارادتهم وانجرارهم خلفه وبناء او السعي الى بناء علاقات للوصول الى السلطة والتحكم برقاب الناس واصدار الامر بعد ان كان صاحب الاوامر عبدا من عبيد ظالم من قبل. وهنا كل ما يقوله الحاكم فهو عين الحقيقة ومن يصارعها يصرَع بلا اي شك ان لم يصرَع كل محيطه من الاسرة الى الاصدقاء. فتكون حينذاك افراد المجتمع عبارة عن امّعات تطيع كل قوي وتخضع بلا ارادة الى اي خواجة او ظالم من الداخل كي يتحول الى مقدّس لا المقدّس الحقيقي الذي ينبغي ان يطاع. اصبحت ذوات الناس مهلهلة ضعيفة لا ارادة لها ولا رأي مستقل ولا ثقافة تظهر الحق والحقيقة.
تحولت المجتمعات الى مجتمعات غريزية تلقف ما يرمي الاخ من رذائل لتكون مرحلة متقدمة من مراحل تطور مزعومة.
ولنا عودة
د.مؤيد الحسيني العابد
Moayad Alabed
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. شراكة استراتيجية- بين فرنسا والسعودية.. لماذا الآن؟ | المسائ
.. من هي الأسماء التي يمكن أن تخلف ميشال بارنييه؟
.. هل تنجح واشنطن وتل أبيب في تحييد نفوذ إيران في الشرق الأوسط؟
.. مراسل الجزيرة: قوات المعارضة تحاول فرض طوق على مدينة حماة
.. مشاهد لزيارة قائد هيئة تحرير الشام أبو محمد الجولاني لقلعة ح