الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فالح مهدي والكليني الجزء الاول

حسين سميسم

2023 / 1 / 23
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يستمر الدكتور فالح مهدي في كتاب (استقراء ونقد الفكر الشيعي) تطوير أطروحته الفكرية عن المذهب الشيعي بشكل خاص والاسلام بشكل عام ، فهو قد اضاف منذ إصداره كتاب( البحث عن منقذ ، دراسة مقارنة بين ثماني ديانات) اضافات تنويرية مهمة استطاعت قراءة هذا الفكر من زاوية حديثة جدد ادواتها باستمرار ، وكلما توسعت قراءاته وتشعبت كان الفكر الديني حاضرا في ذهنه ، يقارنه مع ما استجد لديه ، ويعيد دراسة نفس الموضوعة بعد تحديث ادواته ، واسندت هذا البحث مكتبة كبيرة من المصادر العربية والأجنبية ، وعند التجول بين اروقتها تطالعك أمهات المصادر .
بعد أن أنجز الكاتب مؤلفه السابق ( نقد العقل الدائري ، الخضوع السني والإحباط الشيعي ) وجد أن أمرا ظهر له لم يناقشه بالتمام ، ولم يخض به خوضا يعادل نتائجه المعاصرة ، ودفعته الحوادث الواقعة لتعديل نفس الفكرة وصياغتها من جديد لغرض اكمالها على أتم وجه ، فوجد أن لغة الحديث المباشرة مع القارئ بما تتميز من سهولة ومباشرة هي خير وسيلة لطرح هذا الموضوع ، وتشعر به لدى قراءتك الكتاب يحرك جوارحه بين سطوره ، ويريك من خلال تلك الجمل طرقا حسية لإكمال المعنى، وتوصيل روح المخاطبة وإبراز الاحاسيس التي لا تنقلها الحروف ، وترى كلمات غريبة عن روح البحث الهادئة قد زرعها بين تلك السطور ليقول في النهاية إنني أكتب لكنني اغلي من الداخل ، وله من الحق ما يماثل صورة الوطن الجريح .
سوف لن استقرئ كامل الكتاب بكل أبوابه ، لأنه يحتاج إلى تفصيل واسع ، ولن اتابع واتفحص كامل التبويب والنتائج والأحكام التي توصل إليها منهج البحث ، فقد ذكر بعضها الدكتور صادق اطيمش والاستاذ حسين مزعل على صفحات الحوار المتمدن ، فقد جالوا في الميدان والتقطوا شذرات من المفاهيم المختلف عليها ، وامعنوا في الإشارة والتعديل ، وارى أن النتيجة سوف تخدم موضوعة البحث وتوسع الاهتمام به وتبرز أهميته .
سوف أناقش في هذه المقالة لب الموضوع الذي دار عليه الكاتب من كافة جوانبه، والتقط له عددا من الصور ، ونحت في الجوانب الرخوة فيه ، وهو كتاب الكافي ، وهو أول الكتب الأربعة التي اعتبرها الشيعة الأصوليون والأخباريون من الإمامية أوثق الكتب التي تداولها مراجع الشيعة تباعا منذ نهاية الغيبة الصغرى عام 329 هج ، وادعوا أن الإمام الغائب قد وثق الكتاب وقال عنه أنه كاف لشيعتنا .
ناقش الدكتور فالح مهدي النسخة الحالية من كتاب الكافي ، وكان الأولى به أن يطلع على كامل الكتاب الذي ضم الصحيح والموضوع والضعيف والساقط سندا ومتنا ، وعلى نسخة القديمة ، لكي يتبين المنطقة التي يحفر فيها ، فما هي النتيجة المرجوة من مناقشة رواية ساقطة سندا ومتنا ولا يعترف بها من تريد مناقشته ؟.
عاش محمد بن يعقوب الكليني منذ عام 308 هـ في بغداد / الكرخ ، ومات فيها عام 328 هج ، ودفن في باب الكوفة في المنطقة الواقعة جنوب منطقة المنصور في الكرخ ، وليس في موقعه الحالي الواقع على اليمين من النازل من جسر الشهداء باتجاه الرصافة .
احتوى كتاب الكافي على 16199 《 حسين علي محفوظ المقدمة ، لؤلؤة البحرين ص 238》حديثاً منها 15181 حديثاً غير مكرر , ويوجد في الكافي 4428 حديثاً صحيحا و11693حديثاً ضعيفا بنسبة 73%. وهذه النسبة هي مأخوذة من صحة السند ،أما لو اضفنا لها صحة المتن فإنها تتضاءل وتنحسر إلى نسب غير معتبرة .
قد يندهش القارئ مثلي من عدم وجود مخطوطات أصلية لكتاب الكافي ، ويوجد فارق زمني كبير بين أقدم المخطوطات المستنسخة عنه ، مما يعرضه للشك في تطابقه مع الأصل ، ويزيد الطين بلة عدم كمال المخطوطات الموجودة بين أيدينا وتماثلها مع المواضيع والأبواب الموجودة في الكتاب الأصلي ، وتوجد لدينا أقدم مخطوطة لكتاب الكافي للكليني مؤرخة بعد 325 عاما من كتابة النسخة الأصلية وتحتوي على 20 بالمائة من مواضيع الكتاب الحالي ، و يتبادر للذهن سؤال منطقي هو : من الذي أكمل تلك المواضيع وماهي مصادره ، وكيف؟ . ومن يطلع على المخطوطات المذكورة أدناه يستطيع تقييم وثاقة المصدر الواصل إلينا ، ومنها يستنتج خلق وإتمام معظم ما ورد الينا وصياغته في مراحل متأخرة ، وبذا لا نستطيع محاكمة النص واستنطاقه من خلال المرحلة التاريخية التي مر بها النص الحالي والاصلي ، ولا اعرف بالضبط مدى مطابقة النصوص الأصلية للنصوص التي بين أيدينا ، وهل إن النسخة الحالية من كتاب الكافي عائدة إليه بتمامها فعلا أم قد أنها قد نسبت إليه ؟ ، وعلى القائل بخلاف ذلك أن يقدم وثائق أصلية أو عائدة إلى زمن الحدث لمقارنتها مع ماهو موجود في الكتب المطبوعة حديثا .
الكافي هو من أهم كتب الحديث الشيعية ومن أوسعها وأقدمها ، ويعتبره بعض الفقهاء اعظم كتاب بعد كتاب الله ، وتوجد أقدم نسخة خطية له في مكتبة مجلس الشورى الايراني مؤرخة بتاريخ 652 هج ، ولا يوجد بها اسم الناسخ لكنها مصححة من يحيى بن سعيد ، وهي ناقصة وتحتوي على خمسة كتب من أصل خمسة وثلاثين كتابا في الطبعات الجديدة!!! . كما توجد نسخة اخرى مؤرخة عام 674 هج ، وهي ناقصة أيضا ، وفيها خمسة كتب نسخها علي بن أحمد بن علي بن مينا ، وتقع في 187 صفحة في كل صفحة 22- 23 سطرا ، وهو الآن مكون من ثمانية أجزاء ( الأصول 2 ، والفروع 5 ، والروضة 1)، وتوجد نسخة أخرى في الروضة الرضوية مؤرخة عام 710 – 711 هج ، ولايوجد بها اسم الناسخ ، واخرى مؤرخة عام 854 هج بدون اسم ناسخ أيضا، واخرى عام 891 هج ، واعتمد المجلسي نسخة بن مينا واضاف اليها ما نقص منها من المخطوطات ومن الروايات الموجود في الكتب الأخرى كالتهذيب والغيبة ومن لا يحضره الفقيه وبصائر الدرجات والمحاسن ، واعتمد في جمع تلك الكتب على الوجادة ، وهي من الطرق الضعيفة في السند ، وتصل إلى التدليس لو وضعنا أمامها العنعنة ، ورتبها على غرار تبويب صحيح البخاري الذي يشكو من نفس العاهات، وبذلك ظهر لنا كتاب الكافي الذي كتب وتمم فعلا في زمن الدولة الصفوية . ولنا أن نتخيل حجم الوضع والترتيب ووثاقة المتن والسند .
توجد دراسة حديثة قدمها الشيخ محمد باقر البهبودي( نزع العمامة) في ثلاثة أجزاء تحت عنوان صحيح الكافي ، وتم الضغط على الكاتب لتغيير اسمها إلى زبدة الكافي ، ولا داعي لشرح السبب لانه معروف ، وقد اختار البهبودي في هذا الكتاب مجموعة الأحاديث التي يعتبرها صحيحة ، ففي باب روايات ولادة الإمام المهدي لم يذكر رواية صحيحة واحدة من مجموع 31 رواية، ولو لم تصح رواية واحدة في الولادة لا يصح ما بعد ذلك ، كما مر الشيخ آصف محسني على روايات الكافي من خلال مروره على روايات كتاب بحار الأنوار، وذكر الصحيح منها والساقط ( انظر كتاب مشرعة بحار الأنوار ) ، كما قام المجلسي نفسه بتصحيح تلك الروايات في كتابه مرآة العقول ،ونستطيع بعد الاطلاع على تلك المصادر النقش بعد إثبات العرش .
إن من الإنصاف قبل تحليل فارسية الكليني ودوافعه لتأليف هذا الكتاب التأكد من صحة الأحاديث الذي اعتمد عليها الدكتور فالح مهدي .
و سأبين في الحلقة القادمة مواضيع أخرى وردت في الكتاب ، ولن ابتعد بها عن كتاب الكافي للكليني .
يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 102-Al-Baqarah


.. 103-Al-Baqarah




.. 104-Al-Baqarah


.. وحدة 8200 الإسرائيلية تجند العملاء وتزرع الفتنة الطائفية في




.. رفع علم حركة -حباد- اليهودية أثناء الهجوم على المعتصمين في ج