الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أزمة الخطاب الديني في فضاء متعولم !!

هشام السامعي

2006 / 10 / 14
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


هل يمكن أن يكون الخطاب الديني / الإسلامي الحالي خطاب العصر ؟ وأساس حوارنا وتعايشنا مع الغرب ؟ هل يمكن أن يتعايش العرب أو المسلمين بشكل خاص مع الغرب بمختلف عقائدهم ودياناتهم وفق الخطاب الإسلامي الحالي ؟ ولماذا يوظف الخطاب الديني " الإسلامي " في الأزمات فقط ؟أي لماذا ينادي الكثير من الإسلاميين إلى ضرورة تطبيق شرع الله في الأزمات فقط ودون ذلك فليس ثمة إشكال ؟

للإجابة على كل هذه التساؤلات التي طرحت والتي تطرح دوماً وبشكل مستمر يجب أن يكون ثمة قراءة مستقلة لاتعتمد أي تعصب وبشكل علمي للإجابة على هذه التساؤلات بدون التعرض لأي تأثير ديني أو عاطفي تجاه الأزمة الحاصلة الأن بيننا وبين الغرب , أو لنقل الأزمة الحاصلة الآن بيننا وبين الأديان الأخرى ,ربما بعد قراءة واقعية وعلمية سندرك أن الخطاب الديني الحالي لايمكن له أن يتعايش مع الأخر بإختلاف دياناته وأعتِقاداته وإن حاول البعض منا إظهار شيء من القبول والإقتناع بالتعايش مع الأخر , إلا أن ثمة إشكالية حاصلة يحاول البعض من خلالها بوعي أو ربما بداعي التعصب الديني إلى تمزيق كل الراوبط الإنسانية التي تربطنا بالغرب هذه الإشكالية بدت متمثلة بالخطاب الديني المتشدد الصادر في أغلبه من معاقل السلفيين أو الفرق الإسلامية الأخرى و التي ترى في نفسها أحقية قيادة الخطاب الديني وفق منظورها الخاص أو بما يناسب أفكارها ومصالحها, وهذا بدوره يؤثر على الفكر الإسلامي ( العقلية الإسلامية ) بشكل عام إذا ماعلمنا أن عقلية الفرد المسلم قد بدأت تتأثر بكل ماهو ديني حتى وإن كان هذا مخالف لشريعة الإسلام السمحة , هذا التأثر كان نتيجة حالة الإنهزام التي يمر بها الفرد المسلم والعربي بشكل خاص , نتيجة عمليات هدم للعقل الإسلامي والفكر الإسلامي تارة بالغزو الفكري الأجنبي للفكر الإسلامي وتارة نتيجة تسلط بعض رجال الدين على الفكر الإسلامي وهو ماجعله يشد رحله صوب الإتجاه الديني والتمترس خلفه والإنغلاق على ذاته في ظل هزيمة يعانيها في الجانب الفكري والعلمي , وهذا بدوره شجع على ظهور أساطير مبتدعة ينسبها البعض للقادة الإسلاميين في عصر النهضة الإسلامية ( الخلافة الإسلامية ) ومع مرور الوقت أصبحت هذه الأساطير هي المنهج الذي يسلكه الكثير المتسلطين من على الخطاب الديني وهنا أصبحت الإشكالية الحاصلة مع الغرب تتخذ من هذه الأساطير ذريعة وحجة لنبذ أي رأي مخالف أو ( دين أخر ) بدعوى أننا الأحق بالحياة أو أننا الأكثر إدراكاً وإلتزاماً بقوانين الحياة الإنسانية .

يذكر الكاتب والباحث السوري ( عبدالرحمن الحاج ) أن إيدلوجيات الخطاب الديني قد طرأ عليها حداثيات أو تحديثات جديدة قوله" إذا كنا لا نرى أن أحداث 11 سبتمبر/ أيلول تشكل فاصلا بالنسبة لتكوين الخطاب الإسلامي الجديد الذي تشكل قبل هذا التاريخ، إلا أن ذلك لا يعني أن آثارها لن تطاول هذا الخطاب وتؤثر فيه. لقد تشكلت خلال العقد ونصف العقد المنصرمين ملامح "خطاب إسلامي جديد" ولدت معظم نصوصه بعد انقضاء الصراع الأيديولوجي مع الماركسية بسقوط الاتحاد السوفيتي الدرامي، وكان هذا الصراع حشر الخطاب الإسلامي في زاوية "الهوية"، الهوية بمعناها النافي والمُقصي للآخر دفاعا عن النفس، وقد أدى ذلك عبر سنين طوال إلى حالة فقر مدقع بجعل التطور في صياغة خطاب جديد وتكوينه بطيئا للغاية, إن بروز خطاب "جديد" -بحد ذاته- مؤشر على تأثر حركة الفكر الإسلامي بالأحداث؛ إذ ما إن دخل في مرحلة ما بعد الصراع حتى تولدت طبيعيا حركة فكرية نشطة تعيد التفكير في الذات نقدا وتركيبا. وعلى هذا الأساس لا نستبعد كليا أن تحصل تأثيرات جراء أحداث بحجم أحداث 11 أيلول/سبتمبر -وُضع الفكر الإسلامي في صلب مسؤوليتها-، ولكن هذه التأثيرات المحتملة يجب أن تقرأ في ظل البنية التي تكون الخطاب الجديد، وربما أصبح الآن بمقدورنا دراسة التحولات التي ستحصل في العقل الإسلامي على ضوء تجربتنا القريبة."

وهذا يجعل من عملية إنتقاد الخطاب الديني الحالي ضرورة مهمة لإعادة تحديث الخطاب الديني في ظل المتغيرات العالمية الحالية , الأمر الذي يعني أن عملية حراك لابد أن تستمر في طريق ولادة ذهنيات جديدة لاتمارس عملية الإقصاء بحجة الدفاع عن الهوية التي تتوحد في جميع المجتمعات مع هوية المجتمع نفسه , ومحاولة تطهير التراث التاريخي من درن العصور التي مر بها ومارست طقوس التحريف فيه حتى وصل إلينا مشوهاً لايملك أي إثبات أنه تاريخ حضارة كانت تحكم الناس بأرقى الأساليب الديمقراطية والتي عرفها الغرب فيما بعد من خلال المستشرقين .

هناك مقولة " أن الحاجة البشرية تصنع تشريعاتها " وهذه ليست مقولة كما يظنها البعض علمانية أو من أحد المستشرقين وإن كانت كذلك سيكون من المنطقي أن نعتبرها رؤية إسلامية لمختلف المراحل والعصور ,سيكون من الجميل أن نعتبر المنهج الإسلامي ( الديني ) بهذا التسامح الذي يضمن للإنسانية بمختلف ديانتها وأعتقاداتها التعايش فيما بينها وفق الحاجة الإنسانية أو الروابط الإنسانية التي تجمعنا بالأخر , هذه الروابط التي تربط البشر فيما بينهم بأساليب الحوار والقبول بالأخر , وبناء على ماسبق ذكره هنا أعتقد أن الخطاب الديني الإسلامي في الوقت الراهن يقع ضمن تطبيقات مصطلحات الإرهاب التي تبيح دم الأخر لمجرد إختلافه معنا "دينياً أو فكرياً أو حتى حضارياً , وهذا كله جاء كنتاج لحالة الغليان والتعبئة الخاطئة التي يرضعناها الخطاب الديني المتشدد بدعوى نصرة الله ودينه والدفاع عن المقدس بدون تحديد ذلك المقدس وماهو أصلاً , حتى وإن كان ضد الإنسانية بشكل عام !!!

لم يعترض مسيرة الفكر البشري بمختلف عقائده ودياناته أي عائق أخطر من الخطاب الديني ( المتشدد ) أو المنغلق الذي وزع سلطاته وفق معايير فرضت على أنها أوامر دينينة أنزلها الله على قلوب البعض من رجال الدين أو السلطات الدينية , إنعكس ذلك سلباً على إيدلوجيات الخطاب الديني على مر التاريخ .حتى أن تكن الثورات الأوروبية في العصور الوسطى ضد السلطة الدينية والإقطاعية في تلك المرحلة لم تك سوى إنعكاسات لتك الحالة من التسلط وظهور حالة وعي جديد بخطورة التقولب في إطار ديني يتحكم فيه مجموعة من الشخوص / الكهنة ورجال الكنيسة , الأمر الذي أستدعى خلق وعي جديد لمضمون النهضة والفكر في تلك المرحلة بالذات , وهو ما أستدعى بقيام حركات جديدة مناهضة للسلطة الدينية وظفت فكرها في مدار منفتح كي يتقبل كل الحداثيات التي ستأتي لاحقاً .

حالة التسلط الديني ( البشري ) هذه أصبحت حالة سلوكية أستغلها بعض رجال الدين في الوطن العربي والعالم الأسلامي حديثاً في تمرير أو كسب مصالح شخصية بالنسبة لرجال الدين في الحالة الإسلامية الراهنة , وظفت من خلالها هذه الشخوص خطاب ديني يخدم مصالح معينة على أساس أنها محاولة للتقارب مع السماء أو كقربان يتقدم به الفرد المسلم لدخول الجَنة , ساعد على ذلك وجود حالة من الجهل لدى معظم العامة بأمور الدين والدنيا وإنشغال البقية الأخرى بالصراعات المذهبية والدينية .

كان الكثير ينادي ويقول أن الحضارة لن تقوم إلا بقيام الدين الإسلامي وتطبيقه في شتى مناحي الحياة الإجتماعية والسياسية وليس لدي معارضة حول هذه الفكرة ولو أنها تقتصر للمنهج العلمي في طرق توعية الأخرين بهذا المصطلح وأهدافه وماهية الروابط التي يمكن أن تجعل من الأخر شريك لنا في هذا المنهج أو هذا المشروع كون الأخر هو الطرف الذي نريد أن نوصل فكرة الحضارة الإسلامية من خلاله .

ولكي لايتم الخلط عند قصار الفهم فثمة فرق بين الخطاب الديني والنص القرآني أو المقدس الإسلامي فالخطاب الديني هو ماينتجه الأفراد أو المجتمعات من أفكار تعبر عن ثقافة هذه المجتمعات والشعوب وعادة مايكون الخطاب محل إجتهاد من حق الجميع أن يبدعوا فيه ويجددوا فيه كيفما شأو وبحكم أن المجتمعات تختلف في إعتقاداتها وأديانها فمعنى ذلك أن كل مجتمع يصدر خطاب ديني وفق المعتقد الذي يغلب في تلك المجتمعات أما بالنسبة للنص القرآني فهو مقدس قد حفظه الله يوم أنزله على النبي صلى الله عليه وسلم وليس ثمة قول عليه لأنه دستور الله للإنسانية ومصدر التشريع الذي نطمح إلى تحقيقه جميعاً حتى الغرب يحلمون بقانون كذلك القانون الذي طبقه رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم في بناء الدولة المدنية الحديثة ,

أعتبر أن ماحدث مؤخراً من تناطح ثقافات بيننا والغرب نتيجة نشر الرسوم المسيئة للنبي الأكرم صلى الله عليه وسلم قد أثبت حقيقة مفادها أننا بحاجة إلى تصدير أو خلق خطاب ديني جديد أو تحرير الخطاب الديني الحالي من غطرسة البعض وتشددهم ورفضهم للأخر , لأننا حقيقة وضعنا في تجربة حقيقية لتعريف الأخر بأفكارنا وثقافتنا التي نتعامل بها مع الأخرين والغرب بالتحديد المخالفين لمنهجنا الإسلامي , وهو ما أثبت أن حالة غباء وتبعية تسيطر على عقولنا وفكرنا لم تمكننا من التعايش مع الغرب على مبدأ التسامح والحوار , وهذا ما أدركه البعض فور وضوح للرؤية التي ينظر بها الغرب إلينا نتيجة ذهنية ظهرت مؤخراً عند الغرب تنظر بعين الريبة والشك للمسلمين على أساس أننا شعوب إرهابية لايمكن التعايش معها وفق منهج حضاري جديد يكفل للجميع التعايش بمختلف إعتقاداتهم .

من الطبيعي جداً أن يتمسك الجميع بالدين كونه عملية روحية يمارسها الكثير كحالة من التعلق بالخالق والتقرب إليه , وهذا ماترسخ في ذاكرة الشعوب وبمختلف الديانات وكلاً يرى أن دينه الأفضل وفق ثقافة المجتمع التي وجد فيه ولايحق لأي أحد أن يجبر الأخر على أعتناق دينه أو محاربة الفكر المخالف له .

ماقصدته من كل ما سبق أن الدين الإسلامي الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم إعتمد أساساً على مبدأ التسامح والتعايش السلمي مع الجميع , فهل من قراءة عادلة لكل الأساسيات التي جاءنا بها النبي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي: عدد اليهود في العالم اليوم


.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله




.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط


.. 102-Al-Baqarah




.. 103-Al-Baqarah