الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الرسول الأمي بين المخفي والمستور

يوسف يوسف

2023 / 1 / 30
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


أستهلال :
قد تعرضت لهذا الموضوع عدة مرات عرضيا ، وأرتأيت في هذا المقال ، أن أقدم مجرد أضاءة تكميلية كأضافة لما أسلفت . الموضوع :
أولا - محمد رسول الأسلام منذ نعومة أظفاره مهتم بالتجارة ، ( عمل النبي في التجارة ، وكانت تلك المهنة فرصةً كبيرةً لتعامله مع النَّاس بمختلف أطيافهم ، وانطلق برحلته الأُولى إلى الشَّام ، وكان في ذلك الوقت صغيراً ، حيث تعلَّق بعمّه أبي طالب عندما همَّ بالخروج إلى الشّام للتِّجارة ، فاستجاب عمه لطلبه ، وحمله معه على البعير .. / نقل من موقع موضوع ) ، هنا ممكن أن نقول أنه كان صغيرا ، وكان ليس مسؤولا كما كان لاحقا ، عندما تسلم تجارة خديجة بنت خويلدة / وهي سيدة أعمال وتاجرة - زوجته لاحقا ، ( وفي الخامسة والعشرين من عمره ، كان النبي يتجر مع السائب بن أبي السائب . حتى سمعت عن صدقه وأمانته السيدة خديجة وكانت امرأة تاجرة ذات شرف ومال ، تستأجر الرجال في مالها ، فلما بلغها عن رسول الله من صدق حديثه ، فعرضت عليه أن يخرج في مال لها إلى الشام تاجرًا ، وتعطيه أفضل ما كانت تعطى لغيره ، مع غلام لها يقال له : ميسرة فقبل رسول الله ، وخرج معه غلامها ميسرة حتى قدما الشام ، وباع محمد سلعته التي خرج بها ، واشترى ما أراد من سلع ، فلما رجع إلى مكة وباعت خديجة ما أحضره لها تضاعف مالها / نقل من موقع الحبيب) .
* التساؤل هنا ، هل من المنطق أن سيدة أعمال تستأجر رجلا أميا ليتاجر لها ، من المؤكد أن هذا خلاف للواقع ، فكيف يتاجر مع التجار الأخرين ، هل يتاجر بالأستذكار معهم ، من المؤكد أن الأمر يحتاج لرجل متعلم ، ليعرف ما له وما عليه.

ثانيا - لا تعني كلمة النبي الأمي ، بأن الرسول كان جاهلا / لا يقرأ ولا يكتب ، مثل ما يروج له شيوخ الأسلام ، وأنقل هنا مقطعا ، من موقع / العتبة الحسينية ، يؤكد بأن محمدا كان غير أميا (( إذن ( الأمي ) أي : مَن تؤمُّ له الخلائق كلُّها ، وبهذه التبعية العليَّة لإماميته الكبرى ، تتم الشفاعة فالجنَّة . يدل هذا على ان كافة الوجوه لكلمة ( الأميين ) : تعني الذين أمُّوا لسيدنا محمد ، أي تبعوه ، حيث يمتدحهم تعالى بهذه الصفات بقوله : { هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ .. / 2 سورة الجمعة } . )) . وهناك رأيا أخرا وفق موقع / البساط الأحمدي ، يؤكد أيضا أن الرسول كان غير أميا ( أميّ ، نسبة إلى الأمم من غير بني إسرائيل . وقد استخدم الكتاب المقدس هذه التسمية كما استخدمها القرآن لتعني من هم ليسوا من بني إسرائيل أو من أهل الكتاب جميعا حيث يقول تعالى " وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ / 21 آل عمران " ) . * التساؤل هنا : أتعني كلمة أمي"أن الرسول مَن تؤمُّ له الخلائق كلُّها" أم تعني "نسبة إلى الأمم من غير بني إسرائيل" ! .

القراءة :
ما تم سرده في أعلاه ، مطروح في العموم في المصادر والمراجع ، كنقاط متداولة ضد أن الرسول كان أميا / بل أنها تفند هذا المنحى ، ولكني أرى وجود محاور أخرى أعمق وأثبت مما ذكر ، منها :
1 . كون أن الرسول أمي تخالف مجريات الوقائع والأحداث ، ففي نزول القرآن عليه / على سبيل الجدل ، كيف لأمي أن يحفظ هذا العدد الهائل من الآيات ، من الملاك جبريل / المفترض ، وينقله الى كتبة الوحي ، لأن العملية تحتاج الى فرد متعلم ، هذا أذا علمنا ( أن عدد آيات القرآن هو 6236 آية ، وأنه نزل في 23 سنة .. وإذا أضفنا البسملات لعدد الآيات ، سوف نجد عدد آيات القرآن مع البسملات جميعاً هو 6348 آية / نقل من موسوعة الكحيل ) ..
* أيعقل لرجل أن يحفظ كل هذا العدد من الآيات ، ومن ثم يقوم بنقلها الى كتبة الوحي ، وكيف له أن يدقق من صحة ما كتب ، أذا كان لا يقرأ ويكتب ! .

2 . الأمر الأخر ، أن رسول الأسلام كان محاطا به رهطا من الصحابة كلهم يقرأون ويكتبون ، ومنهم كتبة الوحي ، فقد جاء في موقع / الأسلام سؤال وجواب ، ( قال ابن القيم : فقد ذكر أهل السيرة أسماء الصحابة الذين كانوا يكتبون الوحي أو الرسائل للرسول : أبو بكر الصديق ، وعمر بن الخطاب ، وعثمان بن عفان ، وعلي بن أبي طالب ، والزبير بن العوام ، وعامر بن فهيرة ، وعمرو بن العاص ، وأبي بن كعب ، وعبد الله بن الأرقم ، وثابت بن قيس شماس ، وحنظلة بن الربيع الأسيدي ، والمغيرة بن شعبة ، وعبد الله بن رواحة ، وقيل : إنه أول من كتب له معاوية ابن أبي سفيان ، وزيد بن ثابت ).
* التساؤل : ألم يكن من المنطق أن يعلموا الصحابة رسولهم القراءة والكتابة ليفتخروا به بين القبائل ! هذا أولا ، أما ثانيا ، ألم يشعر الرسول ذاته ، بشئ من أن الخجل والحرج ! ، من أن صحابته متعلمون وهو أمي .

3 . أما المحور المهم ، أن أحفاد الرسول / آل بيته ، كانوا يقولون أن رسول الأسلام - أي جدهم ، لم يكن أميا ، ( يُحدّثنا جعفر بن محمد الصوفي ، يقــول : سألتُ أبا جعفر - #الإمام_الجواد- فقلتُ : يا بن رسول الله لم سُمّي #النّبي_الأمي ؟ فقـــال : ما يقول النـاس ؟ قلتُ : يَزعمون أنّه إنّما سُمّي الأمي لأنَّه لم يُحْسِن أن يكتب . فقـــال : كذبوا عليهم لعنة الله . أنّى ذلك واللهُ يقول في محكم كتابه : " هو الّذي بعث في الأميّين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكّيهم ويعلّمهم الكتاب والحكمة .. / 1 – 2 سورة الجمعة " . فكيف كان يعلّمهم ما لا يُحسن ؟ ! ، والله لقد كان رسول الله يقرأ ويكتب باثنتين وسبعين أو قال بثلاثة وسبعين لساناً وإنّما سُمّي الأمي ؛ لأنّه كان مِن أم القرى#أهل_مكّة ، ومكّة من أمهات القرى ، وذلك قول الله عزّ وجل ومن حولها .. / نقل من موقع الشيخ الغزي ) ..
* وهنا نلاحظ أن الأمام الجواد كان مغاليا في وصف ألسن محمد ، بأنه كان يتكلم ب 73 لسانا - ولم يوضح لنا ماهية هذه الألسن ، وبذات الوقت يضيف معلومة أخرى ، من أن الأمي ، تعني من أن رسول الأسلام كان من " أهل مكة " .

4 . وهناك واقعة أخرى ، وهي وصية الرسول قبل مماته ، عندما أراد كتابة وصية لقومه ، وهي دليل على معرفة الرسول القراءة والكتابة ، فكيف لشخص أن يكتب وصية وهو أمي ( حدثنا : ‏يحيى بن سليمان ‏‏قال : ، حدثني : ‏‏إبن وهب ‏.. عن ‏ ‏إبن عباس ، قال : ‏ لما إشتد بالنبي ‏‏وجعه قال : ‏إئتوني بكتاب أكتب لكم كتاباً لا تضلوا بعده ، قال عمر ‏: ‏أن النبي ‏ ‏غلبه ‏ ‏الوجع وعندنا كتاب الله حسبنا فإختلفوا وكثر ‏‏اللغط ‏، ‏قال : قوموا عني ولا ينبغي عندي التنازع ‏فخرج ‏إبن عباس ‏ ‏يقول ‏: ‏إن ‏ ‏الرزية ‏ ‏كل ‏‏الرزية ‏ ‏ما حال بين رسول الله ‏ ‏وبين كتابه . / نقل من صحيح البخاري - كتاب العلم - باب كتابة العلم ‏) .

الخاتمة :
(1) كل المؤشرات والوقائع تدلل على أن الرسول كان يقرأ ويكتب ، أما شيوخ الأسلام فلهم رأيا ثانيا ، لأنهم يؤمنون بأن صفة " الرسول الأمي " دليل وأثبات على أن الرسول ليس كاتبا للقرآن ، وأن القرآن منزل / وهذا موضوع أخر يمكن أن يناقش في مقال مخصص له . (2) أن المثير للأستغراب ، أن ما ذكر من قرائن وحجج على نفي أثبات أن الرسول أمي ، يقابلها نص قرآني تام يؤكد أن الرسول أمي / لا يقرأ ( فَجَاءَهُ المَلَكُ فِيهِ ، فَقالَ : اقْرَأْ ، فَقالَ له النَّبيُّ َ: ما أنَا بقَارِئٍ ، فأخَذَنِي فَغَطَّنِي حتَّى بَلَغَ مِنِّي الجَهْدُ ، ثُمَّ أرْسَلَنِي فَقالَ : اقْرَأْ ، فَقُلتُ : ما أنَا بقَارِئٍ .. فأخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ حتَّى بَلَغَ مِنِّي الجَهْدُ ، ثُمَّ أرْسَلَنِي فَقالَ : { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ } حتَّى بَلَغَ { عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ } / سورة العلق : 1 - 5 / نقل بأختصار من موقع الدرر السنية ) . (3) التساؤل هنا ، أنصدق النص القرآني المذكور / سورة العلق 1 - 5 ، وننكر النصوص القرآنية الأخرى ( 2 سورة الجمعة ) و ( 21 سورة آل عمران ) .. ! ، أم نصدق السور الأخرى دون سورة العلق ! . (4) تساؤل أخر : أنلغي كل ما ذكر في الموروث الأسلامي من روايات ، مؤيدة بقرائن وحجج ، من أن الرسول كان يقرأ ويكتب ، أم نصدق نص " سورة العلق " أعلاه . (5) يتضح من كل ما سبق أنه هناك تضاددا وتقاطعا بين النصوص القرآنية وبين ما روي في الموروث الأسلامي ، وهذه أشكالية في المعتقد خاصة في حقبة الوحي المبكر ! .
خلاصة الأمر : ليس من فرد يستطيع الأجابة على كل ما ذكر من تساؤلات ، نقطة رأس السطر .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اغتيال ضابط بالحرس الثوري في قلب إيران لعلاقته بهجوم المركز


.. مسيحيو السودان.. فصول من انتهاكات الحرب المنسية




.. الخلود بين الدين والعلم


.. شاهد: طائفة السامريين اليهودية تقيم شعائر عيد الفصح على جبل




.. الاحتجاجات الأميركية على حرب غزة تثير -انقسامات وتساؤلات- بي