الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشعب والدولار-4-

شفان شيخ علو

2023 / 2 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


الشعب والدولار -4-
بحكْم عملي، وكوني دائم السفر بين إقليمنا إقليم كوردستان العراق وألمانيا التي أقيم فيها منذ أكثر من عقدين من الزمن ،أحمل معي الدولار، لحاجتي إليه، وفي بعض الأحيان حين أنزل إلى سوق دهوك، أو أدخل محلاً ما في شاريا، يحدث أن يختلط الدولار مع الدينار. وكنت أعتبر ذلك طبيعياً، ولكن في الأيام الأخيرة، وقد ارتفع سعر الدولار مقابل الدينار كثيراً، صرت حريصاً قدر الإمكان على أن لا يخرج الدولار مع الدينار من جيبي، حتى لو كان من فئة " واحد دولار "، شعوراً مني بأن الذين أعيش معهم، وهم أهلي وأحبتي ومعارفي في شاريا ودهوك وغيرهما، أعرفهم جيداً، ويعرفونني جيداً، فأقدّر مدى معاناتهم، ولئلا أجرحهم. بسبب وضعهم المادي، أي المعيشي الصعب، وهذه معاناة أخرى أعيشها، ففي بعض الحالات أنسى هذا الحرص، فيكون الانزعاج في الداخل . ولا بد أنهم يدركون ذلك .
لا أعني بذلك، أنني الوحيد الذي يعيش هذه الحالة، فهناك كثيرون، ويعلَمون جيداً مدى صعوبة الحصول على الحاجات اليومية، وكل شيء محدود، من ناحية الإمكانات، وحدود العيش تضيق بهم، وما أكثر هؤلاء الذين يكون موظفين بسطاء، أو عمال يوميين، أو يستطيعون العمل، لأنهم كبار في السن، أو بسبب وضعهم الصحي، فيكون اعتمادهم على دعم خارجي من أولادهم، أو ذويهم، أو مساعدات أحياناً، وهي ليست منتظمة، ولا تلبي كل الاحتياجات الرئيسة في المأكل والمشرب والملبس ومصاريف أخرى تخص البيت...إلخ .
ما أكتبه هنا ليس عريضة استرحام، طلب شفقة، ووجوب العناية بهؤلاء الناس " الغلابة " كما يقولون، إنما هو واجب قومي كوردي، قبل كل شيء، وواجب إنساني، وليس هناك فرق بين أن يكون أحدنا حريصاً على كورديته، وبالمقابل على إنسانيته، فالذي يحب كرديته، ويحافظ عليها، في حالتها الصحيحة والسليمة لا بد أن يعيش آلآم شعبه وأوجاعه، ويقدّر معاناته، لا بد أن ينفتح على أفراد مجتمعه كورداً ومن غير الكورد، ودون هذا الانفتاح لا يمكن للحس القومي الكوردي أن يكون. الشعور بالآخرين في المجتمع، هو الخروج من الأنانية، هو كيفية التصرف لتقديم مساعدة، قدر الإمكان للذين يحتاجونها، كما في هذا الوقت مع الارتفاع الجنوني في سعر صرف الدولار.
ومن المؤكد أن هذا الكلام يكون المقصود به، قبل أي كان، أولئك المقتدرين، ممن يستطيعون تأمين الكثير من الحاجات الأولية لنسبة من أفراد مجتمعه، والذين تأثروا كثيراً بالأوضاع المادية والمعيشية التي تزداد صعوبة مع الوقت، بالطريقة هذه وحدها، يمكن لمجتمعنا أن يكون متماسكاً، أن يكون هناك حس إنساني، حس قومي واجتماعي، ومن خلال تأكيد دون الأخلاق وفضيلتها مساعدة الآخرين .
لا يجب أن يقال عن أن شعبنا لا يعرف ماذا يجري، وكيف يجري، ومن يكون وراء هذه الظروف التي تزداد قساوتها، وتكون معاناة إنساننا في المساء أكثر من معاناته في الصباح، بسبب عدم ثبات سعر صرف الدولار، وانخفاض قيمة الدينار هو الشاهد الكبير على هذا الفارق الكبير والجارح. بالعكس، إن شعبنا لديه حسابات دقيقة ، وبالفطرة، إزاء الذي يجري، ويعرف جيداً من يكون المستفيد الأول والأكبر في ظروف كهذه، ومن يقدَّم إنسانيته كورديته على كل ما له علاقة بالمال، أو كما قلنا بـ" الدولار " والأوجاع التي يسببها. لأن الوطن الذي نعرفه، وكما يجب أن يفهَم منه جيداً، هو الذي يتكاتف أبناؤه في الحالات الصعبة ، ويحاولون التغلب على وضع طارىء كهذا، وتقوى العلاقات الإنسانية فيما بينهم، وبالطريقة هذه يزداد حب الوطن، ومكانة الوطن والكوردايتي في النفوس ، وما عاش سعيداً من يفكر ويعمل خلاف علاقة كهذه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مشهد مرعب يظهر ما حدث لشاحنة حاولت عبور نهر جارف في كينيا


.. شبح كورونا.. -أسترازينيكا- تعترف بآثار جانبية للقاحها | #الظ




.. تسبب الحريق في مقتله.. مسن مخمور يشعل النار في قاعة رقص في #


.. شاهد| كاميرا أمنية توثق عملية الطعن التي نفذها السائح التركي




.. الموت يهدد مرضى الفشل الكلوي بعد تدمير الاحتلال بمنى غسيل ال