الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عنف الطبيعة وحضور الرؤية الدينية

صوت الانتفاضة

2023 / 2 / 7
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في البدء خالص العزاء لجميع العوائل التي فقدت احبتها إثر هذا الزلزال البشع، الذي اودى بحياة الالاف بين قتيل وجريح ومفقود، وخلف دمارا هائلا.

الطبيعة قاسية، وصراع الانسان ضد الطبيعة لا يتوقف؛ نعم، لقد حقق الكثير من الانتصارات عليها، لكنها ليست كافية، فهو لازال ضعيفا امامها، وهي ما زالت تفاجئه بقوتها وجبروتها؛ "اعاصير، عواصف، هزات أرضية، زلازل، براكين"؛ مع ان بعض ما تفعله هذه الطبيعة من عنف هو من صنع الانسان، او هو يساهم في جزء منه.

قد تكون الزلازل والهزات الأرضية القوية هي الأعنف، فخسائرها البشرية والمادية كبيرة جدا، وما تخلفه من مشاهد اشد ايلاما، لأن حدوثها مفاجئ، لا يمكن التنبؤ بحدوثه بشكل تام، ليس مثل البراكين او الحرائق او الفيضانات، فهذه تكون خسائرها-خصوصا البشرية-اقل.

في كتيب أصدرته دائرة الشؤون الثقافية في العام 1985 بعنوان "مقدمة في الزلازل" لمؤلفه الدكتور سهيل السنوي، هذا الكتيب يعطينا "عرضا سريعا وبداية متواضعة" كما يقول مؤلفه بعلم الزلازل، وهو بالحقيقة يشرح لنا بشكل مبسط المكونات الأساسية للأرض وقشرتها، وكيفية حدوث الزلازل والهزات الأرضية، ويذكر لنا أسباب حدوثها، أيضا يذكر لنا توزيع الاحزمة الزلزالية على الأرض، ومقاييس والدرجات الزلزالية، وأجهزة التنبؤ والرصد، والدراسات العلمية وحتى المشاريع المستقبلية، ويختم الكتيب بمجموعة من الجداول التي تذكر اهم الزلازل المسجلة في العالم، والزلازل التي حدثت في العراق.

في كل هذا الكتيب لم يتعرض الدكتور سهيل السنوي لوجود قوى خارقة تصنع الزلزال والهزات، ولم يذكر شيئا ذٌكر في الكتب الدينية "المقدسة"، ولم يقل ان النبي الفلاني او الامام الفلاني ذكر شيئا عن الزلازل، بسبب ان كتابه هو دراسة علمية خالصة، وهو يعلم جيدا ان أي ذكر لقوة غيبية هو بمثابة نسف للمنهج العلمي.

اذن لماذا الحضور الديني في مثل حوادث طبيعية كهذه؟

جزء من وجود الدين هو ضعف الانسان امام قوى الطبيعة الجبارة، والاستمرار بهذا الضعف يقوي من موقعه أكثر، فإحدى شروط تحرر الانسان من الدين هو السيطرة على الطبيعة؛ لهذا فأن رجال الدين يسارعون بالدعوة لإقامة الصلاة والدعاء امام كل حدث يجري "خسوف، كسوف، جفاف الخ"، او انهم يبررون حدوث الزلازل والهزات والفيضانات بالابتعاد عن الدين، لكي يفرضوا وجودا للدين حتى لو كان وهميا.
لا يمكن ابدا إيقاف الزلازل والهزات والبراكين، لكن بالإمكان التقليل الى الحد الأدنى من خسائرها، بدراسة هذه الظواهر بشكل علمي خالص، وإيجاد حلول للتقليل من خسائرها خصوصا البشرية او حتى انهاء هذه الخسائر، كما تفعل بعض الدول الزلزالية مثل "اليابان"، التي تغيب فيها الرؤية الدينية بمثل حوادث كهذه.
#طارق_فتحي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أول موظفة يهودية معيّنة سياسيا من قبل بايدن تستقيل احتجاجا ع


.. البابا فرانسيس يعانق فلسطينياً وإسرائيلياً فقدا أقاربهما على




.. 174-Al-Baqarah


.. 176--Al-Baqarah




.. 177-Al-Baqarah