الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المشكلة ليست في الدين

أحمد حمدي سبح
كاتب ومستشار في العلاقات الدولية واستراتيجيات التنمية المجتمعية .

(Ahmad Hamdy Sabbah)

2023 / 2 / 7
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


نجد أمامنا فريق يتسائل وفريق يهاجم ويستنكر مسائل في الدين من قبيل ضرب النساء والمواريث وشهادتهن، و صيام رمضان والحج والصلاة والعلة منهم، وكيف يكون المصير الآخروي لمن يولد لعائلة غير مسلمة في بلد غير مسلم، خاصة وأن فريقآ غالبآ من المسلمين حكم على هذا الشخص بسوء المصير ان لم يعلن اسلامه.

المشكلة حقيقة ليست في الدين بل في السواد الأعظم من اتباع الدين وأغلب من تصدوا لشرحه وادعاء فهمه وفرضوا أفهامهم على الناس باعتبارها السبيل الوحيد للجنة.

بالنسبة لضرب النساء، نحن نتحدث عن مجتمع صحراوي قاحط ينتشر فيه الجهل والفقروفقر الموارد وقلة المتاح من كل شئ مما يكسب غلظة الطباع وعنف السلوك ونظرة دونية متأصلة للمرأة لدرجة قيام بعضهم بوأد بناتهم الرضع وأدأ للعار والفضيحة فلنضرب كل ذلك في ظروف و أحوال حياة عاشت منذ أكثر من 1400 عام، حتى تتضح الصورة ونتبين طريقنا في الحكم هذا اذا أردناه أن يكون واقعيآ وسليمآ.

وعادة القاعدة الاجتماعية تقول (وإن كان لكل قاعدة شواذها ولكننا نتحدث عن الأغلب الأعم ) أنه كلما ازداد الانسان جهلآ وتخلفآ وفقرآ وعنفآ كلما ازدادت للأسف أرجحية سبل القوة والقسوة والإجبار كأدوات للتغيير، وبالطبع ببساطة اذا وضعنا كل ما سبق في سياقات عقلية بحتة، فإن النساء للأسف كانت أكثر ضحايا هذا التخلف والفقر المنهجيان لهذا المجتمع الصحراوي العقيم.

فاذا كان الرسول محمد صلى الله عليه وسلم اشترط بعد غزوة بدر لكي يفرج عن كل مشرك أسير أن يعلم عشرة من رجال المسلمين القراءة والكتابة، فإذا كان هذا حال الرجال من انتشار الجهل بينهم فكيف حال النساء ناهينا عن اكتفائهن بالجلوس في المنازل سواء في بيت أبيها أو زوجها وعدم المشاركة في الحياة العامة أو العمل، وعدم قدرتها بمفردها على حماية مالها في صندوق في بيتها، ومراودتهن بيوت السحرة والمشعوذين وغير ذلك من طباع الجاهلية من نكاح الاستبضاع والرهط وغير ذلك ، فإن ذلك سيعطينا نبذة عن عقليات متأكسدة ونفوس ماردة العيوب وشخصيات لا تمتلك خبرات حقيقية في الحياة تعينها على العمل والكسب والفعل والتغيير في المجتمع.

وعليه فإن الله يقول للمؤمنين أن يضربوا زوجاتهم اللاتي مردن على كل ماسبق سواء بقصد أو بغير قصد ولازالت فيهن آثار من هذا وذاك من سوءات التربية والمجتمع الجاهليين أن يضربوهن إن نشذن في رعاية البيت واحترام الزوج وأصررن على اجترار بعض أو كثير من أخلاق الجاهلية الأولى وبما أن كثير منهن ذوات عقليات متحجرة نتاج ما تربوا وشببن عليه فإن أسلوب الضرب سيكون السبيل لتقويمهن في نهاية الطريق لا في أوله ، فيكون ذلك بعد مجالستهن بالمعروف وسرد القول اللين والوعظ بالحسنى واعطائهن فرصآ للتغيير والصبرعليهن كما قال الله تعالى.

وهذا حتى ما نججده في عصرنا الحالي في كثير من المستويات الاجتماعية الأقل تعليمآ والأدنى في المستوى الإجتماعي والفكري ، حيث ضرب الزوجات يعد أمرآ تتقبله أغلب زوجات هذه الطبقات ، فيما ترفضه زوجات الطبقات الأرقى اجتماعيآ والأعلى تعليمآ وبالطبع هناك استثناءات على المستويين.

وبالتالي بما أن المجتمع في كلياته قد تطور والزمن قد تغير عن أحواله قبل 1400 عام وأصبحت المرأة متعلمة وعاملة وقادرة على الكسب وأصبحت هناك مؤسسات كالبنوك لحفظ الأموال ودولة مؤسسات وقوانين ونظم لحفظ الأعراض والأموال والحقوق وارتفاع وعي المرأة بقضايا الحياة والمجتمع فيصبح من حقها أن ترث مثلها مثل الرجل وأن تكون شهادتها كالرجل، وكذلك لا يحق لرجل أن يمسها بالضرب أبآ كان أو أخ أو زوج.



ببساطة بالنسبة لصيام رمضان ، فإن الله قال وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين ، يعني لم يقل علذين لا يطيقونه بل مجرد يطيقونه

أي مجرد أن يتحملونه بتذمر او صعوبة فهؤلاء فارتهم أن يطعموا المساكين مما يأكلون ، فكان الصيام هنا دعوة للبر بالمساكين أو عمل الخير بمتطلبات عصرنا ، سيقول أحدهم أنه في نفس السورة قال الله تعالى وان صمتم فخير لكم أي أنه فضل الصوم على عمل الخير ، والحقيقة غير ذلك فالله سبحانه وتعالى حينما فرض الصيام كان في السنة الثانية للهجرة قبل تحريم الخمر ، فكان الصيام خير عن السكر والعربدة .

بالنسبة لموضوع كيف يظلم من يولد في مجتمع غير مسلم بولادته في هذا المجتمع او ذاك الغير مسلم وبالتالي سيدخل النار لأنه لم يسلم ، الحقيقة أيضاً غير ذلك الدين واحد عند الله وهو الاسلام ، واليهودية والمسيحية و الاسلام المحمدي شرائع ومناهج وطرق تناسبت مع ثقافة مجتمعاتها في اطار الدين الواحد واتباع احداها لا يخرج عن
الطريق القويم طالما كان الانسان محسن صالحاً.

كذلك فإن غير المؤمنين أساسا الذين لم تصلهم الرسالة التوحيدية أو وصلت اليهم مشوهة نتيجة سوء أفعال أصحابها وتطرفهم وتاريخهم من الصراعات والحروب الصليبية والدموية والعمليات الارهابية ، فلم يعلموا حقيقة الله ولم يتمكنوا بدون جحود أو اجحاف من الاهتداء إليه وكانوا على فعل الخير واتيان الاعمال الصالحة ملتزمين فان مصيرهم بإذن رحمة الله تعالى الجنة وسواء السبيل.
وبالنسبة لموضوع كيف يذهب المرء للحج ويترك في بلاده أسر وعائلات تعاني ذل الفقر وقهر المرض ، فهذا أيضاً من سوء أعمال أغلب البشر ، الحج الحقيقي هو أن نطوف حول الفقراء والمساكين والمعوزين.

فالحج في الأصل كان ليجتمع الناس فيتبادلوا الخير ويحسنوا للفقراء الذين كانوا يتحلقون حول الكعبة فكأنما كانت مباراة ایمانية الأصل فيها السعي في الخير والزكاة والصدقات وتذكر أفعال الأبرار الأولين من ابراهيم واسماعيل وسارة التي سعت في صبر ودأب على مرضاة ربها ولكنها للأسف تحولت بفعل الفهم الخاطئ للإكتفاء بالسعي الحركي في الصفا والمروة والدوران حول الكعبة دون فهم للمقصد والمعنى.

والحج كان في أشهر حرم معلومات كما قال المولى عز وجل الحج أشهر معلومات حولها التراث الموروث الى أيام معدودات حتى أضحت بحكم الزمن وتكاثر المسلمين أكثر كلفة يتحملها المسلم ماديآ لينفق عشرات ومئات من الجنيهات بعد أن حصروا الحج في عشرة أيام تقريباً في العام.

والحقيقة أن الله فرض الحج في 4 أشهر حرم تنكفئ فيها الآلاف من العرب عن الحرب والقتال وقطع الطريق في بيئة صحراوية قاحلة قاسية أورثت أغلبهم القسوة والسعي للحروب والقتال على الكلأ والملأ والماء والمال ، فيأمن الناس على أرواحهم وبيوتهم التي سیترکوها ورائهم وعلى قوافلهم فيلبوا نداء الحج ايستكثروا من عمل الخيرات .

وأما الآن بعد ان اختفت هذه الظروف ولم يعد لها محل من الوجود والإعراب فإن الحج يجب أن يكون مفتوحاً طوال العام ، وبالتالي ستنخفض تكاليف السفر والاقامة فالموسم لم يعد أيامآ عشر بل متاحاً طيلة العام ، وفي النهاية فإن إنفاق أموال الحج على مساعدة المحتاجين فعلا خير وأبقى وأتقى وأقرب الى الله من الذهاب للحج نفسه .

أما بالنسبة للصلاة الحركية واذا يستفيد الله منها ، حقيقة الله لا يستفيد من صلاتنا شئ ، فالله سبحانه وتعالى قال ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر والبغي ، أي أن من لم تنهه صلاته عن تلك الأمور فلا فائدة صلاته ، المسألة تتمحور حول أن الصلاة لیست هدفاً هدفا في حد ذاتها وليس مطلوباً المبالغة في انشاء المساجد هنا وهناك أو حتى تكفير من لا يصلون أو من لا يواظبون على الصلاة .

فالصلاة في النهاية هي وسيلة قدمها لنا الله لتعيق فريقا من المؤمنين أن يستسهلوا الباطل فيتذكروا صلاتهم لعلها تردعهم عن أن يقفوا بين يدي الله والظلم يتأرجح بين أياديهم بفساد أفعالهم .

في النهاية الصلاة والصوم والحج هي طقوس شعائرية معينة ذات مقاصد متناهية في عمل الخير والإحسان للناس ، وهي ترفع الانسان درجة في الجنة اذا دخلها أصلاً عمله ونقاء سريرته وإحسانه للناس .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نبض فرنسا: مسلمون يغادرون البلاد، ظاهرة عابرة أو واقع جديد؟


.. محاضر في الشؤؤون المسيحية: لا أحد يملك حصرية الفكرة




.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الأقباط فرحتهم بعيد القيامة في الغربي


.. التحالف الوطني يشارك الأقباط احتفالاتهم بعيد القيامة في كنائ




.. المسيحيون الأرثوذوكس يحيون عيد الفصح وسط احتفالات طغت عليها