الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أطفال الزلازل

حنان بديع
كاتبة وشاعرة

(Hanan Badih)

2023 / 2 / 9
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


استيقظنا واستيقظ العالم على زلزال تركيا وسوريا الثائر وسط مشاهد مروعة لمحاولات الإنقاذ، مشاهد موجعة أثارت التساؤلات، تساؤلات حاولت معها تخيل قسوة التجربة، ترى بماذا شعر هؤلاء الناجين؟ وكيف يمكنهم التعافي من اضطراب الصدمة وآثار الزلازل النفسية خاصة مع الخوف المستمر من الهزات الأرضية الارتدادية التي ربما لن تتردد في الانقضاض عليهم مرة أخرى ومرات.
تعاطفت وتعاطف الجميع أيضاً مع الأطفال بشكل خاص، أطفال عالقون بعضهم يستجدي الخروج وبعضهم يخرج مبتسماً غير مدرك حجم مأساته، و السؤآل الكبير يصبح سؤالين: من يربي هؤلاء الأطفال اليتامى؟ ثم ماذا عن التشوهات النفسية لهكذا كارثة إنسانية؟
ماذا يحتاج الناجين من الكوارث الإنسانية من دعم نفسي ومعنوي؟ ماذا يحتاج هؤلاء الأطفال ليتعافو من صدمة الزلزال، والعيش عدة ساعات تحت الأنقاض، يصارعون الموت، القصة ليست فى الأكل والشرب والرعاية الصحية فقط..
ذلك لأن أغلب الناجون من الزلازل سيعانون من اليقظة المفرطة، أي ضوضاء قليلة تجعلك تركض بحثًا عن غطاء، وإذا لمسك أحد من أفراد أسرتك بصورة غير متوقعة قد تصاب بالجزع وتصرخ هلعاً، لأن الجسم في حالة تأهب قصوى لتهديد آخر قد يحدث، وهذا ما يسمى اضطراب ما بعد الصدمة.
لذا قد يكون التأهيل النفسى أهم من أي شىء آخر مثل امدادهم بالمساعدات الإنسانية، نعم لابد من تأهيل الأطفال على تجاوز اللحظة التي ستحفر في وجدانهم للأبد.. ولا يتوقف الأمر عند الأطفال فقط، وإنما يشمل الأمر جميع الناجين، فمن مات رحل من هذا العالم وربما نجا من قسوة هذه التجربة التي تفوق الخيال والتصور..
أطفال سوريا تحديداً أرواح بريئة عاشت تجربة الموت لأكثر من مرة، فمن الحروب والتشرد إلى الفقر والجوع وفقدان الأمان والاستقرار إلى رعب الزلازل والبيوت المهدمة فوق رؤسهم، من يستطيع أن يرفع أنقاض الخوف عن هؤلاء الأطفال ومن يزيل التشوهات النفسية عن أرواح طرية في عمر البراءة؟..
كيف سيتمكنون من تجاوز الحالة النفسية للبقاء تحت الأنقاض ورؤية الأهل والأشقاء يموتون أمام أعينهم؟
إن تأثير الكارثة على الصغار يفوق كثيرًا تأثيرها على الكبار لعدم اكتمال نموهم النفسى وطريقة تفكيرهم، وهذا يقتضى أن نطالب بالإغاثة النفسية قبل الإغاثة البدنية.
تحدث الفواجع لتغير خارطة حياة كثير من البشر وتقرر مصيرهم ومستقبلهم ،ويبقى للأحداث الكونية حِكَما إلهية كثيرة عصية على الفهم والتفسير.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أحباب الله أم ألعاب الله؟
عامر سليم ( 2023 / 2 / 10 - 06:43 )
( ولكن الأطفال.... ما ذنبهم؟ كيف نسوّغ عذاب الأطفال؟ تلك مشكلة لا أجد إلى حلِّها سبيلاً. أعود فأقول لك للمرة المائة : إن هناك في هذا العالم مشكلات كثيرة، ولكنني اخترت مشكلة الأطفال، لأنها تتيح لي أن أعبِّر عما يشغل بالي ويقض مضجعي تعبيراً واضحا. قل لي : إذا كان على البشر أن يتألموا من أجل أن يمهدوا بألمهم للانسجام الكلي، فلماذا يجب أن يتألم الأطفال أيضا؟)..........ايفان كارامازوف
ومن المقال ...( ويبقى للأحداث الكونية حِكَما إلهية كثيرة عصية على الفهم والتفسير. )!.
الحكمة الالهية الوحيده التي يمكن ان يفهمها كل عاقل سويّ هي : اذا كان هناك اله لهذا الكون ويفعل كل هذا بحجة توجيه حكمةً !, فهو قطعاً سادي متوحش لأنه لا يجد أو عاجز عن الترويج لحكمته الا من خلال الألم والعذاب!.
ومن سخريات اوسكار وايلد :
“When the gods wish to punish us they answer our prayers.”
وترجمتها الدينية : المؤمن مبتلى ! بــ إله سادي يتلذذ بتعذيب من يصلي له!.


2 - رواسب العقل الخرافي تنال من المشاعر الإنسانية
محمد بن زكري ( 2023 / 2 / 10 - 12:35 )
أقدر للأستاذة الكاتبة حسها الإنساني الرفيع ومشاعر التضامن الإنساني مع الشعب السوري ، جراء كارثة الزلزال ، التي ضاعفت من آلامه وعذاباته جراء كارثة الربيع العربي الأغبر . وأتفق معها في أن اضطراب ما بعد الصدمة يستوجب تطبيق برنامج إعادة تأهيل نفسي مكثف ، لتعافي أطفال الزلزال من آثاره النفسية المدمرة .
لكن قولها بأنه (يبقى للأحداث الكونية حِكَما إلهية كثيرة عصية على الفهم والتفسير) ، معذرةً سيدتي .. أجده قولا يفتقر كليّا للتفكير العلمي ، فضلا عن منطق الأشياء ؛ فذلك الله ، لماذا لا يكون حكيما رحيما ، فيمنع - وهو كليّ القدرة - حدوث الزلازل والفيضانات والأوبئة وكل الشرور ؟ لماذا هو ساديّ انتقامي سيكوباثي مختل عقليا ، لا يستثني من عقابه الوحشي حتى الأطفال ؛ فيطمرهم تحت الأنقاض ، أو يعرّضهم للموت تجمدا جراء الثلوج حفاة عراة متضورين جوعا في خيام النزوح ؟
وبالعلم صار عقل الإنسان قادرا على فهم وتفسير كل ظواهر الطبيعة ، بل ولقد صار الإنسان - منذ زمن ليس بالقصير - يعي منشأ الظاهرة الدينية و(فكرة) الألوهية . والبحث العلمي - بتطوره اللامتناهي - كفيل بالإجابة على كل الأسئلة وحل كل الألغاز الكونية .


3 - شئ غريب
على سالم ( 2023 / 2 / 10 - 14:41 )
هذا اكيد شئ بشع وسادى ومحزن يحدث بين فتره واخرى , كل المناقشات تنصب لماذا الله يفعل كل هذه الشرور والكوارث والنكبات للبشر البؤساء المعذبين المشردين وهى اشياء تدميريه قاتله تنتج عن الطبيعه وليس لها علاقه بالله ؟ المشكله اننا لانعرف اذا كان الله موجود ام لا

اخر الافلام

.. مصادر: ورقة السداسية العربية تتضمن خريطة طريق لإقامة الدولة 


.. -الصدع- داخل حلف الناتو.. أي هزات ارتدادية على الحرب الأوكرا




.. لأول مرة منذ اندلاع الحرب.. الاحتلال الإسرائيلي يفتح معبر إي


.. قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم مناطق عدة في الضفة الغربية




.. مراسل الجزيرة: صدور أموار بفض مخيم الاعتصام في حرم جامعة كال