الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
في نمط البناء السياسي الإسلامي وبلورة نظرية الإمام المعصوم بين السنة والشيعة
صبحي عبد العليم صبحي
باحث بالفكر الإسلامي المعاصر
(Sobhee Abdelalem)
2023 / 2 / 9
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
مقدمة:
يدعي العقل العربي أن ثمة نظام حكم إسلاميا عربيا أصيلا يقدمه كمقابل لمنظومة وشكل الدولة الحداثية الدخيلة (في نظره)، ولكن من خلال الاستقراء التاريخي يتضح أنه لم يكن هناك حديث عن منظومة دولية أو نظام حكم في التاريخ الإسلامي بقدر ما كان سعي لصياغة نظرية الإمام العارف والمعصوم؛ الحامل للراية الإرشادية بعد وفاة النبي ﷺ، لذا جاءت أداة الاستحقاق السياسي لإدارة شؤن الدولة – وما زالت في الذهن العربي العام - للشخص الأكثر تدينا والتزاما بالأمور الدينية، ولما كان الأمر هكذا أصبح الحاكم هو المرشد للحياة الآخرة، ووظيفته قيادة جموع المسلمين إلى الحياة الآخرة (كونها المستقر)، لذا أخذ شكل الأب (المُربي)، وبالصياغة الفقهية راع مسؤول عن الرعية، أو قائد وملهم، ودارت النظريات السياسية حول الإمام وأوصافه وأخلاقياته، ووجود متضائل إلى حد الاختفاء للمواطن، ولطبيعة العقل حينها – حيث إنه مرهون بالظروف الاجتماعية والتاريخية - لم يتطرق إلى منظومة الدولة والتفكير كونها كيانا إداريا مستقلا، كون هذا الأمر مفارقا للعقل حينها.
فصاغ التيار الشيعي بشكل واضح وصريح نظريته في الإمامة، لتكون امتدادا للوظيفة النبوية الإرشادية، لذا رأت أن الإمامة تكون لأبناء (علي) (آل بيت رسول الله ﷺ) ليحملوا من بعده الراية الإرشادية؛ وعليه يصبح الإمام معصوم وعلمه لدني من قبل الله عز وجل؛ لذا لا يوجد مجال لمناقشته أو الخروج عليه، وهذا ما يتخذه التيار السني (وهو الذي أطلق على نفسه هذا اللقب) بشكل قوي على التيار الشيعي. إلا أن التيار السني هو الآخر انتهى إلى أن الإمام معصوم أيضا ولكن بشكل أقل وضوحا وصراحة من الشكل الشيعي، والواقع التاريخي يثبت أن العديد من النظريات الفقهية السنية كانت تصاغ تبعا لأفعال الإمام واحتياجاته. فتبعا لرؤية جورج بالانديه "أن المقدس هو أحد أبعاد الحقل السياسي؛ يمكن أن يكون الدين أداة للسلطة وضمانا لشرعيتها، وإحدى الوسائل المستعملة في أطر المنافسات السياسية."( ) - وهي رؤية يساندها الاستقراء التاريخي - تم استغلال المقدس من قبل السلطة السياسية في كلا التيارين ساعين لبناء مشروعية دينية لافتقادهما للمشروعية الواقعية.
1- الصراع على الدين لأجل السلطة
جاء الإسلام في شبه الجزيرة العربية مكونا كيانا مختلفا برابطة كانت معروفة لدى سكان شبه الجزيرة، ولكنها لم تكن بهذه القوة التي وجدت من خلال الإسلام، وهي الرابطة الدينية، فالإسلام جاء مكونا ما يمكن أن نسميه شكلًا قبليًّا جديدًا لا يحمل الرابطة الدموية، بل الرابطة الدينية، فكَوَن - إن صح القول - قبيلة جديدة تقع تحت لواء هذا الدين ورايته. ومن خلال هذه الرابطة خرج النظام السياسي ونمط الدولة - الذي لم يكن معروفا في شبه الجزيرة العربية( ) -، فتماهى النظام السياسي مع الدين، حيث صيغت السياسة بوصفها خادمة لأهداف الدين. وكان لهذا النمط من التفكير، المازج بين السياسي والديني، السيطرة في مراحل تكون الدولة الإسلامية وبعد تكونها، لذا عَرِفَت السياسة مشروعيتها من خلال الدين، ورسخ داخل الأذهان أن الدين هو الذي يخلع المشروعية على السلطة السياسية.
وريثما حدث صراع سياسي ذهبت كل فرقة تدعي تدينها أكثر من أختها، وادعى كل من المتصارعين امتلاكه للحق وحقيقة النص. فقد كان الرهان على المشروعية الدينية، فمالكها يملك السلطة وكل شيء( )، من هنا ظهر ما يمكن أن نسميه مع محمد أركون: تأميم الإسلام من قبل الدولة والسطو على مشروعيته( )، فلم تعد السلطة السياسية تخدم الإسلام وتسعى لتحقيق غايته، بل إنها أصبحت هي الغاية التي من أجلها يؤول ويلون الدين كي تحظى بالمشروعية المنشودة. فعلى حد قول نصر حامد أبو زيد "لم يكن الإسلام هو موضوع التأويل، بل كان الواقع الخارجي ومتطلبه الأيديولوجي هما القصد والغاية التي سقطت على الأصل فلونته"( ) وقد خضع الإسلام لما يمكن أن نسميه عملية الأدلجة من قِبَل السلطة السياسية؛ كي تتمكن من حكم الشعب بمشروعية مطلقة.
من الناحية التاريخية، تعد أول محاولة رسمية للسطو على النص القرآني، في معركة صفين على يد "معاوية"، عملا بنصيحة عمرو بن العاص، فعندما تراجع جيش معاوية أمام جيش "علي" اقترح "عمرو بن العاص" رفع المصاحف، ليحتكموا إليها، ورفعوها على أسنة الرماح، ما أحدث شقاقا في جيش "علي" وقال حينها "القرآن إنما هو خط مسطور بين دفتين، لا ينطق، إنما يتكلم به الرجال"( ) كما أشار إشارة واضحة إلى محاولتهم للسطو على النص بقوله: "بالأمس حاربناهم على تنزيله واليوم نحاربهم تأويله"، فاليوم الحرب على محاولة المراوغة وتلوين النص، كما كانت الحرب بالأمس على تنزيله ولإثبات النص( ). بَيْدَ أن الأمر لم يكن بيد "علي"، و أجبره الانشقاق بين رجال الجيش على القبول بالاحتكام إلى المصحف.
وقد انتهي الأمر بخدعة أخرى من ابن العاص لأبي موسى الأشعري (الحكم من طرف "علي")، أفضت بالحكم إلى معاوية، ولما بُلغ "على" بالأمر أمر بقتل كل من قال بالتحكيم ونادى به، وقال "تركا حكم الله، وحكما بهوى أنفسهما بغير حجة ولا حق معروف، فأماتا ما أحيا القرآن، وأحييا ما أماته"( ). ودارت صراعات عديدة بين "علي" وأعوانه، وبينه وبين معاوية، أفضت في نهاية الأمر بولاية "معاوية"، وقتل "علي" بيد أحد الخوارج.
2- العصر الأموي وصياغة صورة الحكم
كان على معاوية إرساء مشروعيته بدعائم مضمونة، وخاصة أنه كانت هناك انشقاقات عديدة ما زالت قائمة داخل الإمبراطورية الإسلامية، فعمل - كما يرى أركون - على تأميم الدين ووضعه في خدمة الدولة( ) وتثبيت مشروعيته، وما كان من أنصار "علي"، أن يذعنوا للأمر. من هنا أصبح هناك تياران: التيار الذي تتبناه الدولة الأموية وتتحدث من خلاله، وأطلقوا على أنفسهم التيار السني. والتيار الذي يعارض السلطة القائمة وهم من يطلق عليهم الشيعة، أو العلويين. وركن التيار السني إلى السلطة السياسية التي تتحدث من خلاله؛ لتوحيد صفوفه وتوسيع شعبيته. في حين عمل التيار الشيعي للبحث عن سبيل لتوحيد كلمتهم والتفاف الناس حولهم، فما كان منهم فإن عملوا على تفعيل وظيفة الإرشاد النبوي – التي كانت مغلقة طوال القرن الأول الهجري - وذلك بابتكارهم مفهوم ((الإمامة الشاملة)) على يد ((محمد الباقر))* في أواخر القرن الأول، وعزز ((جعفر الصادق)) الأمر من خلال تنظيره وتنظيمه في النصف الأول من القرن الثاني؛ وأصبحت الوظيفة الإرشادية والعلم اللدني النبويين ممتدتين من خلال الأئمة الذين ورثوا صلاحياته وخصائصه( ).
بعد عملية جمع النص القرآني، لم يكن هناك مجال للاختلاف عليه أو إضافة شيء من أي سلطة، فما كان من التيارات السياسية فإن اتخذت التأويل حيال النص القرآني. بيد أن النص السني كان مفتوحا حينها( ) فـ "كانت الأفكار التي تتناول هذه المسائل (السياسية، الدنيوية)، شأنها شأن المذاهب التي تستند إليها، تقدم في شكل الحديث النبوي"( ) فصبغ النص السني – في العديد من الأحيان - بالصبغة السياسية، وساعد هذا على تقنين ومشروعية أي محاولة لتلوين النص القرآني والسطو عليه. فكان على التيار الشيعي أن يجد وعاءً نصيا – لم يتوفر داخل القرآن - يقدم من خلاله منصب (الإمام المعصوم) وصلاحياته التي تميل إلى النبوة واستمرار الوحي للإمام، فأنتج العديد من الأحاديث، والتأويلات والشروح والروايات، فروي أن النبي ﷺ قال: ((من الذي يبايعني على روحه وهو وصيي وولي هذا الأمر من بعد؟)) فلم يبايعه أحد حتى مد "علي" يده يبايع النبي ﷺ، ويذكر أن النبي ﷺ قال((من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من ولاه وعادِ من عداه)) ويذكر أن النبي ﷺ قال ((إن الله خلقني وخلق عليا والحسن والحسين من نور واحد فعصر هذا النور فخرجت منه شيعتنا)) وغير ذلك من الأحاديث، كما أولوا آيات الله تعالى بما يوفق رؤيتهم، فأولوا قوله تعالى (قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ) المائدة 15، المقصود بالنور هو محمد ﷺ والكتاب القرآن والنور يسري من محمد ﷺ إلى على وذريته من بعده، وأول جعفر الصادق قوله تعالى: (إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ ۖ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ ) الرعد(7)، المنذر الرسول ونحن الهداة في كل عصر منا إمام يهدي الناس إلى ما جاء به رسول الله مما جهلوه، وأول الهداة علي( )، وغيرها من الأحاديث والتأويلات التي لا يتسع المجال لذكرها. ولم يكن الأمر مختلف بالنسبة للتيار السائد الممثل للسلطة، فظهر في فترة حكم معاوية أحاديث نبوية عديدة تؤيد فكرة الملك وتُثَبِت قواعد حكم معاوية وبنيه "الخلافة ثلاثون عاما ثم يكون بعد ذلك الملك* .. إن أول دينكم بدأ نبوة ورحمة، ثم يكون خلافة ورحمة، ثم يكون ملكا وجبرية* .. لا يزال هذا الأمر عزيزا منيعا ينصرون على من نوأهم عليه اثنا عشر خليفة كلهم من قريش* .. لا يزال أمر أمتي قائما حتى يمضي اثنا عشر خليفة كلهم من قريش*"( ) .. وغير ذلك سلسلة طولية من الأحاديث والمشاريع الفقهية التي عملت على إضفاء الشرعية الدينية على الأمر. ووضع الأمويون ثلاث نظريات تضفي المشروعية على سلطتهم.
أولها: أنهم وارثو الخلافة عن عثمان الذي أخذها بالشوري، وقتل ظلما وخرجت الخلافة عنهم ثم استردوها.
وثانيها: أنهم أحق بالخلافة لقرابتهم للنبي محمد ﷺ.
والثالثة: أن الله اختارهم للخلافة، وأن هذا قدر الله الذي لا فرار منه، فهم جاءوا بقضاء الله وقدره ويحكمون بأمره( ).
وأصبح الحاكم علي يد الأمويين "خليفة الله" في كل شيء، فقد كان الرهان الأخير على الصراعات والمناقشات، الربط المحكم - الذي يقدم في صورة بديهية - بين السلطة الإلهية والسلطة السياسية.( ) فأنتجت شكلا من الحكم يمتلك الحاكم فيه ناصية الدنيا والآخرة - كما هو عند الشيعة - فيقول معاوية في خطبة الجمعة "أيها الناس أعقلوا قولي فلن تجدوا أعلم بأمور الدنيا والآخرة مني"( ) فكان الفكر السياسي – الذي يخرج من بنيته الفكر الديني - يتمحور حول الحاكم. وظهر الاتهام المتبادل بين السنة والشيعة بالتحريف والكفر، ويأخذ السنة على الشيعة مغالاتهم في فكرة (الإمام المعصوم) وعدم صلاحيتها دينيا، باعتبار النبي محمد ﷺ آخر الموحى إليهم، بيد أن الفكر السني على المستوي الواقعي يفتح وظيفة النبي الإرشادية – التي تحمل في جزء منها العصمة والسيادة - من خلال الفقهاء. فيقول ابن القيم عن الفقهاء "عنوا بضبط قواعد الحلال والحرام؛ فهم في الأرض بمنزلة النجوم في السماء، بهم يهتدي الحيران في الظلماء، وحاجة الناس إليهم أعظم من حاجاتهم إلى الطعام والشراب، وطاعتهم أفرض عليهم من طاعة الأمهات والآباء."( ) تتضح الوظيفة الإرشادية والسيادة للفقهاء والمطالبة بالطاعة التامة، ويقول ابن القيم في وضع الأمراء من الفقهاء "فكما أن طاعة العلماء تبع لطاعة الرسول، فطاعة الأمراء تبع لطاعة العلماء، ولما كان قيام الإسلام بطائفتي العلماء والأمراء، وكان الناس كلهم لهم تبعا، كان صلاح العالم بصلاح هاتين الطائفتين، وفساده بفسادهما."( ) يضع ابن القيم طاعة الأمراء تبعا لطاعة الفقهاء، وكما اعتدنا من التاريخ الإنساني، أن ثمة فجوة قائمة بين النظرية والتطبيق. فالتطبيق أفضي بأن الفقهاء أطاعوا الأمراء، وليس العكس. فتمدد الوظيفة الإرشادية في سلطة الفقهاء جعل منهم كنزا ثمينا بالنسبة للأمراء، باعتبارهم يضفون على موقعهم الشرعية الإلهية المطلقة، ومن ثم حاول رجال السياسة إخضاع الفقهاء لسلطتهم، ولما كان وجودهم مرهونا برغبة الأمير ورجاله، كان خضوعهم له وتبعيتهم مفروضة لا فكاك منها. فقد أقر الفقهاء الحكم الأموي، وأفتوا بأن الإمامة تكون في قريش وحدها.( )
والدين في إحدى زواياه الكبرى يمثل ديْنا للآلهة على البشر، بكونهم على ما هم عليه( )، وعلى هذا المنوال صيغت الدولة الأموية، فالبشر الواقعون تحت رقعة الحكم الأموي مدانون للحاكم بكونهم على ما هم عليه، حتى كان الوليد بن عبد الملك بن مروان يستفسر في عجب وإنكار "أيمكن للخليفة أن يحاسب؟!"( )، وجاء أخوه اليزيد بن عبد الملك بن مروان وأجاب عن هذا الأمر، و"أتي بأربعين شيخا فشهدوا له: ما على الخليفة من عذاب!"( ). وقد تضمنت مسألة عدم الحساب العصمة بالضرورة، فأصبح الملك معصوما كما هو في الفكر الشيعي، وإن اختلفت بلورة الأمر وصياغته.
واستقر الأمر على أن النص أصبح أداة طيعة في يد الأمراء، واستولى عليه من قبل الفقهاء العاجزين بدورهم عن الوقوف في وجه الأمراء ولا يملكون خيارا سوى الإذعان لإرادتهم. واتخذ الإيمان مضامين سياسية، فتضمن الإيمان لدى الخوارج العمل بالشرع ونواهيه، بيد أنه لم يكن كذلك لدى التيار الرسمي (الأموي) فطرح الإيمان كمفهوم بعيد عن العمل ينحصر في الإقرار بالأنبياء والكتب والمرسلين والملائكة .. إلخ، وكان الهدف منها بقاء الخلفاء المتهمين بالظلم والفسق والفجور داخل الدائرة الإيمانية( )؛ ومن ثم أضحت إرادة الخليفة نافذة، وطاعة الملك أو عدم طاعته تمثل شكلا من أشكال الثواب والعقاب الإلهيين، فمن يطع الإمام فهو في زمرة المؤمنين الموثوق بإيمانهم، أما من يخالف فيعد آثما مفرطا تجاه الواجب الديني.
3- العصر العباسي
اختلف منطق التشريع السياسي في العصر العباسي عنه في العصر الأموي، من زاوية الصعود إلى السلطة، حيث إن الامويين حاولوا تشريع وتقنين الغلبة( ) لأخذهم الخلافة بالسيف والحرب. أما العباسيون فكان صعودهم إلى السلطة لصلة القرابة بينهم وبين النبي ﷺ، وقد بدأت دعوتهم ولاقت رواجا وشعبية لزعمهم أن الحكم لآل محمد ﷺ( )، وكان هناك تدخلات وحروب عسكرية بطبيعة الحال، فإن أبا العباس (السفاح) في خطبته الأولى بعد البيعة أعلن أن الخلافة آلت إليهم لصلة رحمهم مع محمد ﷺ وقال: "الحمد لله الذي اصطفى الإسلام لنفسه دينا ... وألزمنا كلمة التقوى، وجعلنا أحق بها وأهلها، وخصنا برحم رسول ﷺ وقرابته، ووضعنا بالإسلام وأهله الموضع الرفيع، وأنزل بذلك على أهل الإسلام كتابا يتلى عليهم. فقال تعالى }إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا{، وقال: }قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ{ ... أيها الناس بنا هدى الله الناس بعد ضلالتهم ... رد الله علينا حقنا... وختم بنا كما افتتح بنا "( )، وخطب قائما وكان بنو أمية يخطبون قعودا "فضج الناس وقالوا: أحييت السنة يا ابن عم رسول الله ﷺ"( ). وقد كانت بداية الحكم العباسي حكمًا ثيوقراطيًا (دينيًا)، ولصلة رحمهم بالرسول ﷺ أُخذت افعالهم كسنة يجب اتباعها، لا تحتاج إلى تبرير، بل هي المبرر، كما هي عند أئمة الشيعة. على العكس من الأمويين الذين كانوا في حاجة إلى تبرير أفعالهم أحيانا، كقضية مرتكب الكبيرة وغيرها.
ولم يمنعهم هذا من تدشين العديد من الأحاديث التي تقر حكمهم، بل تصر على أن الحكم العباسي سيستمر إلى يوم الساعة، هذا ما أوضحه داود عم السفاح العباسي عندما قال "لم يصعد منبركم هذا خليفة بعد رسول الله ﷺ إلا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وأمير المؤمنين هذا – وأشار بيده إلى السفاح - وأعلموا بأن هذا الأمر فينا ليس بخارج عنا، حتى نسلمه لعيسي بن مريم عليه السلام"( )، وسيل من الأحاديث "ليكونن في ولد العباس ملوك يلون أمر أمتي، يعز الله تعالى بهم الدين* ... يا أيها الناس إنما أنا ابن العباس فأعرفوا ذلك له، صار لي والداً، وصرت له فرطا *... ألا أبشرك يا عم! إن من ذريتك الأصفياء، ومن عترتك الخلفاء ومنك المهدي في آخر الزمان، وبه ينشر الله الهدى وبه تطفى نيران الضلالة، إن الله فتح لنا هذا الأمر وبذريتك يختم* .. ستكون لولد العباس راية، مَن تبعها رشد ومن خلفها هلك، ولن تخرج من أيديهم ما أقاموا الحق* .. "( ) وغيرها من الأحاديث التي تذكر فضل بني العباس وتُثًبٍتْ أركان ودعائم حكمهم، والتي أثبت الزمان بطلانها، بزوال حكمهم في نهاية الأمر.
بالرغم من التشابه في العصور – من حيث منطق التشريع السياسي - إلا أن العصر العباسي يتمتع بأهمية فريدة، باعتباره عصر التدوين؛ فقد تم تدوين الأحاديث وتصنيف الكتب، وتم نشوء علم الحديث وتطوره كعلم يطلب لذاته في هذا العصر. وتشكل مصطلح "السنة" كمصدر مرجعي منفصل من مصادر التشريع، وتمت صياغة هذا المصطلح وتشكل المدونة التراثية في هذا العصر،( ) - الذي لا ينفك عن الأغراض السياسية والحاجات الاجتماعية على كل حال - بيد أن هذه المدونة (التراثية) منذ طرحها وحتي لحظتنا هذه، تطرح نفسها باعتبارها الممثل الأوحد لروح الدين وغايته، ووضعت نفسها كمعيار ديني، يمكن من خلال اتباعه، أو تركه، الحكم على مدى تدين الفرد وصدقه في عبادته، وتشكَل لدى العقل الأصولي سمات الحكم الفردوسي والمجتمع العادل، الحامل بين طياته التوازن الكافي لأي اجتماع، في تطبيق هذه المدونة التي اتخذت صفة الإطلاق بناء على الرغبة السياسية.
وعدت السلطة الحاكمة نفسها – كما اعتاد التاريخ الإسلامي - الممثل لأهل السنة والجماعة، وكرد فعل للتنظير الميثولوجي* الشيعي للإمامة، سعى الفقه السني لإرساء الدعائم التنظيرية للحكم – ليكون حكما ميثولوجيا مع اختلاف الصياغة - وسعت الدولة إلى بلورة الهيئات السياسية والعلوم، خاصة علم الحديث( ). ومن ثم دخل الاستبداد السياسي مرحلة أخرى، وهي مرحلة التنظير والتأسيس الديني للاستبداد السياسي. رجال الفقه - الذين لم يتورعوا لحظة لتقنين الاستبداد الأموي – ( ) لم يتخاذلوا لحظة أمام التنظير لنظام الحكم القائم، فطوال حقبة التدوين، ظل العمل على صياغة الأغراض السياسية من خلال مفاهيم فقهية، ويأتي في مقدمتها مفهوم "الطاعة" المالك لقاعدة تنصيصية ليست هينة، يظهر من خلالها حقيقة الصراع بين الأنظمة على السلطة، ومحاولاتها الدائمة لتشريع الخضوع من خلال النسق الديني.
من داخل المدونة الفقهية، يتماهى مفهوم الجماعة (الدولة) مع الحاكم، ومن ثم تصبح معارضة الحاكم انشقاقًا عن الجماعة، وهو الأمر الذي يوصف فقهيا بالبدعة، ومروج البدعة وجب قتله وفقا للنسق الفقهي المالكي، واعتبر أساسا تم من خلاله تقنين قتل المعتزلة والإباضية، وغيرهم( ). ولم يقف الأمر عند هذا الحد، ولكن أصبحت طاعة الإمام ركنا من أركان الدين، بل أحد أهم عناصر العقيدة التي يسقط الإيمان بسقوطها، رغم مراعاة الفرد للأركان الأساسية للدين، فأضحى من لا يتمسك بأمين الله (المؤتمن على الرعية – الخليفة) لن يفوز بالصلوات الخمس( ). فضلا عما تحفل به المدونة الإسلامية ككل (التراث)؛ من محاولات التنظير للحاكم، التي تكون شبه خالية من أي دور أو اعتبار للمحكوم، فهي تدور حول الحاكم وصفاته، ومهامه، التي لا توجد أي قوة ملزمة للقيام بهذه المهام سوى ضميره، ولا رقيب سوى الله والفقهاء( )؛ الذين يتلقون رواتبهم من البلاط الملكي. وليس أدل على ذلك مما فعله أبو يوسف قاضي هارون الرشيد الملقب ب (فقيه الأرض) عندما بعث اليه يسأله في أمر جارية يشتهيها كانت لأبيه وطاف بها، فأجاب القاضي أبو يوسف "اهتك حرمة أبيك وصيره في رقبتي"( )، ومحنة ابن حنبل الشهيرة؛ حيث فرض المأمون مقولة القرآن مخلوق كعقيدة رسمية للدولة، وحاول فرضها على موظفي الدولة لا سيما الفقهاء، وتم استجواب ثمانية وأربعين موظفا، منهم من أعرض ومنهم من قبل، بيد أنه أجبر من عارض على التراجع عن موقفه، تراجعوا جميعا عدا أحمد بن حنبل، ومحمد بن نوح الجنديسابوري، وتم تعذيب ابن حنبل حتى يرجع عن موقفه، ولكنه رفض التراجع( ). على هذا يمكننا القول إن لم تكن هناك قوة ملزمة، أو رقابية، حقيقة على الحاكم سوى ضميره، وتم تجريم الخروج عن الحاكم، واعتباره خروجا عن الجماعة، ومن ثم خروجا عن الدين، وتعامل الفقهاء، خاصة المالكية والحنابلة، مع الاختلاف في المجال السياسي حتى وإن كان بالرأي، من داخل مفهوم البدعة الفقهي( ). والأدهى من ذلك أن هذه الأفكار والمفاهيم، طرحت باعتبارها فروضا دينية يقام على أساسها الحكم السياسي الذي يحمل في طياته ما يحتاجه المجتمع من توازن وعلاج لانشقاقاته، ومن ثم اتخذت – من قبل العقل الاصولي – كدستور ونظام إلهي، وليس كاجتهاد بشري يمكن دراسته وفحصه والوقوف على عيوبه ومميزاته، ومخالفته إذا لزم الأمر.
وعن شكل الخلافة وتوليها كان النص بسكوته عن هذا الأمر وعدم وصاية النبي ﷺ لأحد من بعده، تعني إحالة القضية برمتها لحركة التاريخ وظروف المجتمع الإنساني، بيد أن رجال السياسة كان لهم رأي آخر، فقد حاول كل طرف أن يستنطق النص بما يهوى، وفقا لما اعتدنا عليه من السياسة، والنصر في نهاية الأمر للطرف الأكثر إدراكا للواقع والقادر على الحيلولة والدهاء، فكان النصر لمعاوية، ومن موقعه بوصفه خليفة الله، جعل الخلافة بالوراثة، وهذا ما لم يأت به النص بأي وجه من الوجوه.
لذا يمكننا القول: إن صياغة الشرعية الإلهية للحاكم، وتبرير أفعاله وتقنينها كانت هي الغاية والقصد لعديد من العلماء والفقهاء في العديد من العصور، فوجودهم كان مرهونا بقيامهم بوظيفتهم، ألا وهي تثبيت أركان الحكم وتبرير أفعال الحاكم وانصياع المحكومين له. فمفهوم "العدل" في الثقافة الإسلامية أرضية يتم من خلالها الوصول لمفهوم "الطاعة"، فالعدل في الاصطلاح العربي لا يعني المساواة بين الناس والقانون؛ أي يصبح الناس جميعا سواسية أمام القانون، وإنما يعني (إنزال الناس منازلهم)؛ ومنازل الناس ثلاث (الخليفة، الخاصة، العامة) والفضيلة قيام كل منهم بوظيفته، فللخليفة الحكم، وعلى العامة الطاعة، وعلى الخاصة أن تضمن للأمير سكوت العامة وخضوعها، أي الطاعة عن طيب خاطر( ). فالمؤسسة الفقهية منذ نشأتها، بل في مراحل إرهاصات ما قبل النشأة، تتمحور حول قضية الإمامة والرئاسة؛ من محاولات إثباتها بالنسب إلى النبي، أو إمامة الفاضل، أو الغالب، وغيرها من الأسباب، هكذا دار الحديث بين الفرق متراميا ما بين الفعل ورد الفعل. لم تسمح الصراعات السياسية إبان ما يسمى بالفتنة على حد قول عبد الجواد ياسين "بتكريس فكرة الاختلاف السلمي (التي عرفتها على نحو خاطف مرحلة الراشدين) كمسلكية سياسية واجتماعية كان يمكن ترجمتها إلى مفهوم فقهي"( )؛ لذا ترجمت رغبات بعض الحكام في عصر التدوين إلى نصوص غير قابلة للشك ولا المساءلة، لا نملك حيالها سوى المحاكاة، والإذعان.
الخاتمة
اتفق مع عابد الجابري في أن عصر التدوين يمثل الأدوات الفكرية التي يعالج بها العقل الإسلامي المعاصر أزماته ويطرحها كحلول لكافة المشكلات( )؛ ومن ثم لا يتغير نمط البناء والفكر السياسي. فلا زالت النظريات السياسية تتحدث عن تقوى الحاكم ومواصفاته وأخلاقياته بدلا من الحديث عن النظام السياسي وكيفية عزل السلطات والبرنامج المقترح لإدارة الدولة، بل إن العقل المعاصر يتعامل مع ما قدمه عصر التدوين كجزء من البناء العقائدي والتفريط فيه يمثل تفريطا في العقيدة. لذا لا يكمن المشكل الرئيس بالتراث أو بعصر التدوين، بل إن عصر التدوين مثل ثروة علمية ومعرفية كبرى، المشكل الرئيس يكمن في العقل الإسلامي المعاصر العاجز عن انتاج نظم معرفية وادارية تمكنه من مواجهة أزماته والتخلي عن الادوات الفكرية القديمة غير المجدية في عصره، ويكون له الاستقلالية الكافية، ولكنه بكسل شديد يرتكن إلى منتج السابقين كمنتج أصيل دون أن ينتبه لعملية التنصل الذي يقوم بها.
لذا يعد طرح العقل الإسلامي –خاصة الإسلامي السياسي- لنظام حكم إسلامي بديل للديموقراطية الغربية ونظريات العقد الاجتماعي غير دقيق؛ لا يحمل في طياته القدرة التي تمكنه من التفعيل، فهو أقرب إلى الشعارات الدينية والدعاوى على المنبر أكثر منه نظام فكري نابع من مشكلات المجتمع، فيمثل طرحه للدولة الإسلامية سطو على نظم الدولة الحديثة وإعطائها مسميات تحمل طابع إسلامي، أو يكتفي في معظم الأحيان بتكفير النظام الغربي ورفضه وطلب الشريعة بديلا له دون تحديد ما هو المقصود بالشريعة، أو تقديم بحوث اجتماعية وأطروحات فكرية تعمل على سيران ما يدعوه بالشريعة داخل المجتمع العربي/ الشرقي الإسلامي وتنفيذها ويكتفي بالبكاء على فقدانها.
قائمة المصادر والمراجع
1. ابن تيمية، مجموع الفتاوى، ج3، وزارة الشؤون الإسلامية السعودية، 2004.
2. أبو الفداء الحافظ ابن كثير ، البداية والنهاية، مكتبة المعارف، بيروت، 1992.
3. أحمد صلاح الملا ، جذور الأصولية الإسلامية في مصر المعاصرة ( رشيد رضا ومجلة المنار)، مصر العربية للنشر والتوزيع، القاهرة، 2013 .
4. إمام عبد الفتاح إمام، الطاغية (دراسة في فلسفة الحكم لصور من الاستبداد السياسي)، نيو بوك للنشر والتوزيع، القاهرة، 2017.
5. إيرنانديث ( كروث)، تاريخ الفكر في العالم الإسلامي ، ترجمة عبد العال صالح، مراجعة، جمال عبد الرحمن، تقديم عبد الحميد مدكور، ج1، المركز القومي للترجمة ، القاهرة ، 2016.
6. تسيهر (جولد)، دراسات إسلامية، ج 1، ترجمة شيحة عطية، مراجعة خيري قدري، مركز الحضارة العربية للإعلام والنشر والدراسات، الجيزة، 2008.
7. تفسير المنار ، ط2، دار المنار، القاهرة، 1947.
8. جلال الدين السيوطي، تاريخ الخلفاء، دار ابن حزم، بيروت، 2003.
9. جلال الدين السيوطي، تاريخ الخلفاء، ط 2، مطبوعات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية إدارة الشئون الإسلامية، قطر، 2013.
10. حاكم المطيري ، أهل السنة والجماعة .. إشكالية الشعار وجدلية المضمون – 1، تاريخ الإضافة 4-10-2010.
11. الحسين بن على المسعودي، مروج الذهب ومعادن الجوهر، ج 2، ط 1، مراجعة كمال حسن مرعي، المكتبة العصرية، بيروت 2005، صـ 312.
12. الحسين بن علي المسعودي، مروج الذهب ومعادن الجوهر، ج2،ط1، مراجعة، كمال حسن مرعي، المكتبة العصرية، بيروت 2005.
13. الزخار، تحقيق، محفوظ الرحمن زين الله (جـ ١ - ٩)، عادل بن سعد (جـ ١٠ - ١٧)، صبري عبد الخالق الشافعي (جـ ١٨(، مكتبة العلوم والحكم - المدينة المنورة، الطبعة: الأولى، (بدأت ١٩٨٨ م، وانتهت ٢٠٠٩ م)، ج 4، صـ 108، رقم الحديث (١٢٨٢).
14. الشهرستاني، الملل والنحل، تحقيق عبد العزيز الوكيل، ج 1، مؤسسة الحلبي، القاهرة، 1968، 163.
15. عبد الجواد ياسين، السلطة في الإسلام، ج 2، صـ 151-154.
16. عبد الجواد ياسين، اللاهوت (أنثربولوجيا التوحيد الكتابي)، ط 1، مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث، المملكة المغربية، الرباط، 2019.
17. عبد الجواد ياسين، تشكل المدونة الرسمية في الإسلام السني، مركز المسبار للدراسات والبحوث، الإمارات العربية المتحدة، الكتاب 137، بعنوان (الإسلام التقليدي: التشكل التاريخي والتحديات الراهنة) 3/ 7/ 2018.
18. على حرب، في أصل العنف والدولة، ط 1، دار مدارك للنشر، القاهرة، 2013.
19. لؤي صافي، الحرية والمواطنة والإسلام السياسي (التحولات السياسية الكبرى وقضايا النهوض الحضاري)، الشبكة العربية للأبحاث والنشر، بيروت 2013، صـ 55، 65، 80.
20. محمد أركون، الهوامل والشوامل حول الإسلام المعاصر، ترجمة هشام صالح، دار الطليعة للطباعة والنشر، بيروت 2007، صـ 107.
21. محمد أركون، تحرير الوعي الإسلامي (نحو الخروج من السياجات الدوجمائية المغلقة) ط 1، ترجمة هشام صالح، دار الطليعة بيروت 2011، صـ 75-77.
22. محمد بن جرير الطبري ، تاريخ الرسل والملوك، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم ، ط2،دار المعارف ، القاهرة، د.ت.
23. محمد بن جرير الطبري، تاريخ الرسل والملوك، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، ج 5، ط 2، دار المعارف، القاهرة، د.ت صـ 66.
24. محمد بن عبد الكريم الشهرستاني ، الملل والنحل، تحقيق على عبد الباسط مزيد، مكتبة الإيمان للنشر والتوزيع، القاهرة ، 2014.
25. محمد سهيل طقوش، تاريخ الدولة العباسية، ط9، دار النفائس، بيروت 2009.
26. محمد عابد الجابري، العقل السياسي العربي،ط4، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت،2000.
27. محمد عابد الجابري، بنية العقل العربي (دراسة تحليلية نقدية لنظم المعرفة في الثقافة العربية)، ط 9، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت 2009.
28. محمد عابد الجابري، بنية العقل العربي( دراسة تحليلية نقدية لنظم المعرفة في الثقافة العربية) ط9، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 2009.
29. محمد عابد الجابري، قضايا في الفكر المعاصر، ط5، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 1997.
30. محمد عابد الجابري، نحن والتراث ( قراءات معاصرة في تراثنا الفلسفي)، المركز الثقافي العربي، ط6، بيروت، 1993.
31. نصر حامد أبو زيد، نقد الخطاب الديني، ط 3، المركز الثقافي العربي، بيروت - لبنان، 2007.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. الناخبون العرب واليهود.. هل يغيرون نتيجة الانتخابات الآميركي
.. الرياض تستضيف اجتماعا لدعم حل الدولتين وتعلن عن قمة عربية إس
.. إقامة حفل تخريج لجنود الاحتلال عند حائط البراق بمحيط المسجد
.. 119-Al-Aanaam
.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية في لبنان تكبح قدرات الاحتلال