الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مهم وقيادي ؟!

صليبا جبرا طويل

2023 / 2 / 13
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


" الزمن الذي تزداد فيه أشباه القيادات في العالم يغري البعض بالانجرار لتقليدهم والاندفاع بجنون للحصول على لقب مهم وقيادي".


لا انتقص من مقدار اي شخص, احترم كل انسان. ولا اقلل من قيمة أحد، لكل انسان قدراته وقيمته وطاقاته. لكنني اكتب عن مرضى نفسيين أكثر من كونهم موهوبين .الشخصيات السطحية تثير ضجة لجلب الاهتمام لها، يهتمون بالقشور لا ببواطن الامور وراء المظاهر يختبئون، قاعدة القياس تخضع لوضعهم الفهلوي والمالي والاحتيالي والتنفذي والمجتمعي. أبناء من هم؟ من هو نسبهم ومن هي قبيلتهم؟ وما حجم قوتهم... لا تخضع للكفاءة وللقدرات وللفهم والتفسير والتحليل والاستنتاجات ولا حتى لمستواهم العلمي والثقافي . لنعترف بأن هناك فروقات بين البشر، ومن يدعى المعرفة ولا يجسدها كاملة غير منقوصة على ارض الواقع يتحلى بغرور ووهم وعدم ثقة . لذلك مجتمعات دول العالم الثالث تواجه عثرات عند تعريف من هو المهم والقيادي؟
اعتزاز الفرد بنفسه قيمة، وزهوه بنفسه قيمة، والافتخار بانجازاته قيمة، القيمة الاكبر هي معرفته لذاته لقدراته لكفاءاته ... أن أكون مهم وفي مركز قيادي بات مرض مجتمعي يغوي كل مندفع لا يعرف حقيقة نفسه يسابق ليحتل منصب يعرف في قرارة أعماقه بأنه لا يقوى على تحمل اعباءه ومتطلبات تسييره – المهم أن يتبوأ منصب ويصبح قيادي أو مهم- . لأصحاب من يستحوذ عليهم الأنا العالي وما اكثركم أتمنى أن تعرفوا حقيقة طاقاتكم وامكانياتكم وقدراتكم وتتغلبوا على الهستيريا التي تؤرق مضاجعكم وتهمس في اذانكم وتضج في عقولكم بأنكم قياديين ومهمين، ادعم طموحاتكم فقط ان عرفتم أنفسكم، تذكروا قول الفيلسوف اليوناني سقراط (470 ق.م – 399 ق.م) الذي لخص كل الوصايا الفلسفية ب" اعرف نفسك بنفسك".
اعرف نفسك تنقذ سمعتك وكرامتك، ما اكثر المهرجين والمقلدين والممثلين في عصرنا, كل واحد منهم يسعى لأن يكون مهم وقيادي، في عصر تستطيع فيه أن تحصل على شهادة عليا من أكشاك ومؤسسات لا عناوين لها، نعيش في عصر الكتروني سهل ويسر الحصول على مكتسبات حقيقية وبجدارة وأيضا وهمية بلا تعب تمكن الفرد من تعبئة نموذج سيرته الذاتية. نعم لقد اصبح كل شيء ممكن فكيف اذن لا اصبح مهم وقيادي، الفهلوة مهارة وشطارة وبراعة واحتيال باتت مجتمعة صفة حميدة انتجت الرجل الغير مناسب.
للأسف الى جانب الفضائح والفشل الذي يجنى من وراء تعينات الرجل الغير مناسب في المكان المناسب، ندفع معظم الطاقات الجديرة بالمناصب الى هجرة قسرية، ونهدر طاقات الأشخاص المتمكنين من إدارة مناصب قيادية ونتجنب التعامل معهم ونستغني عنهم لاسباب شخصية هي خوفنا من خسارة مناصبنا لأن تلك الفئة تشكل تهديدا لنا وتشعرنا بعجزنا، بكل بساطة نخاف التعامل مع المتفوقين لان نفسيتنا المريضة تأبى الاعتراف بأن معرفتنا قليلة وسطحية. أليس هذا الهبوط دليل وعن عمد اهدار لطاقات لو تيسر لها الحصول على مناصب لقادة وبشكل خاص في دول العالم الثالث الى رفعة المجتمع وتطوره. الادارات الفاشلة كي تحافظ على مناصبها لا تهتم في توظيف أصحاب الكفاءات، بل تبحث عن بديل مناسب يسهل ادارته وتوجيهه مع المحافظة على اشعاره بدونيته.
تجارب الحياة والعلاقات الاجتماعية وشهاداتنا العلمية تبني شخصية الانسان، لكن ما يهذبها هو حجم ثقافتنا، الجانب الثقافي يملىء حيزا كبيرا من مخزوننا المعرفي، المجتمعات التي لا تقيم وزنا للثقافة مجتمعات مصابة بشلل في وعيها الفردي والجمعي.
هذا الخلل المجتمعي يمنع التعامل الملتزم بعدالة ومساواة، ويسمح بإقامة تكتلات اكثر عددا تلائم البناء القبلي والمذهبي والعائلي والحزبي للمجتمع وتباعدهم عن بعضهم البعض، وبناء مجموعات تذوب فيها المصلحة العامة لصالح الخاصة. لذلك تخشى مجتمعات دول العالم الثالث من منافسة الكفاءات. التنافس ظاهرة صحية تدل على عدالة ومساواة مجتمعية وفرص عمل مفتوحة امام الجميع، في بعض الأحيان هذه الدول تلتزم بالشفافية، وفي أحيان أخرى كثيرة تكون الشفافية شكلية ظاهرية نسوقها بالمنافسة الشريفة للتظاهر بأن المنافسة كانت عادلة.
وضع رجل في مكان غير مناسب له حتما سيؤدي الى نتائج كارثية. المناصب لا تحتمل الخضوع لتجربة. الاختلالات الوظيفية نكسة للمؤسسة التي تديرها هذه الجماعات. للأسف دول العالم الثالث تنتج أمثال اؤلئك الرجال منذ عقود، التراجع في مؤسساتها واضح في معظم المجالات . المنصب ليس تسهيل – تسليك - مصلحة. كل منا مؤتمن على وظيفته الواجب المهني يتطلب منا معرفة طبيعة العمل وقدرتنا على القيام بالواجب الملقى علينا بأكمل وجه.
الطموح الذي يتجاوز قدراتك المعرفية وطاقاتك الفكرية وامكانياتك العملية لملء متطلبات الوظيفة أو المنصب الذي تشغله حتما سيجلب لك وللمجتمع فشل وتراجع وعار وخيبات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأقباط يفطرون على الخل اليوم ..صلوات الجمعة العظيمة من الكا


.. إليكم مواعيد القداسات في أسبوع الآلام للمسيحيين الذين يتّبعو




.. مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي: عدد اليهود في العالم اليوم


.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله




.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط