الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كتاب منذر سفر: هل القرآن أصيل؟ - 22

جدو جبريل
كاتب مهتم بالتاريخ المبكر الإسلامي والمنظومة الفكرية والمعرفية الإسلامية

(Jadou Jibril)

2023 / 2 / 14
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


وظيفة النسخ

في الواقع ، فإن الطابع المتغير للآيات القرآنية ، في حرفيتها أو في وجودها ذاته ، لأن الله يحتفظ بحقه في التغيير ، حتى في إلغاء الآيات - سورة البقرة - 106 : (( مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ )) - لا يدعو إلى التشكيك مسبقًا في مطابقتها للأصل- ، بقدر ما يختلف النص الموحى عن مصدره الملهم ، لأنه ملزم فقط باحترام روحه وليس نصه. هذه هي الممارسات المعتادة الخاصة بعمل الكتبة المكرس لتشكيل ورسم الكلمات الإلهية. لا شك أن هذا العمل له نفس طبيعة العمل الذي قام به "الكتبة السماويون" حاملين في أيديهم "الصحف المكرمة" من الكتاب المنبع السماوي، اللوح المحفوظ.
سورة عبس، 13 – 16 :
(( فِي صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ 13 مَّرْفُوعَةٍ مُّطَهَّرَةٍ 14 بِأَيْدِي سَفَرَةٍ 15 كِرَامٍ بَرَرَةٍ 16)). (1)
__________________________
(1) - جاء في تفسير الطبري: "فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ * مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ" يعني: في اللوح المحفوظ، وهو المرفوع المطهر عند الله. " بِأَيْدِي سَفَرَةٍ ، يقول: الصحف المكرّمة بأيدي سفرة، جمع سافر. واختلف أهل التأويل فيهم ما هم؟ فقال بعضهم: هم كَتَبة. وقال آخرون: هم القرّاء، وقال آخرون: هم الملائكة الذين يَسْفِرون بين الله ورسله بالوحي. وجاء في تفسير البغوي : "فِي صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ" يعني اللوح المحفوظ. وقيل: كتب الأنبياء . "بِأَيْدِي سَفَرَةٍ " كتبة، وهم الملائكة الكرام الكاتبون، واحدهم سافر، يقال: سفرت أي كتبت. ومنه قيل للكاتب: سافر، وللكتاب: سفر، وجمعه: أسفار. وقال الآخرون: هم الرسل من الملائكة واحدهم سفير، وهو الرسول، وسفير القوم الذي يسعى بينهم للصلح، وسفرت بين القوم إذا أصلحت بينهم. وجاء في تفسير ابن كثير: "بِأَيْدِي سَفَرَةٍ " هي الملائكة وقيل هم أصحاب محمد وقيل السفرة بالنبطية القراء. وجاء في تفسير القرطبي: " فِي صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ" مكرمة لأنها نزل بها كرام الحفظة ، أو لأنها نازلة من اللوح المحفوظ . "بِأَيْدِي سَفَرَةٍ" يقال : سفرت أي كتبت ، والكتاب : هو السفر ، وجمعه أسفار . وإنما قيل للكتاب سفر ، بكسر السين ، وللكاتب سافر لأن معناه أنه يبين الشيء ويوضحه .
_________________________________

وقد يحيل هذا على ممارسة شرقية قديمة ومستمرة ، والتي تعهد دائمًا بصياغة العقود أو المراسلات أو الأعمال الأدبية ، سواء كانت مصقولة أم لا ، للمتخصصين في الكتابة . وهنا لا يتعلق الأمر فقط بتقنية الكتابة ، بل يتعلق أيضًا بالكتابة والتشكيل الأدبي للفكر وفقًا لأسلوب مقنن وعبارات بعينها. هذه هي الطريقة التي نُسبت بها وظيفة الكتاب إلى "إله - وصي" مثل "نابو" في بلاد ما بين النهرين أو "تحوت" أو"توت" عند المصريين القدامى ، أو الكتبة عند الأنباط.

بمعنى ما ، فإن الكاتب مستوحى من المؤلف الذي يعيد فكره ، بل ويفسره. وينطبق الشيء نفسه على الأنبياء والملوك الذين استوحى عملهم الأدبي أو القانوني بشكل مباشر من "إلههم – الوصي"، مثل حمورابي قبل أكثر من 3700 عام ، والذي قام بتحرير الرموز القانونية ، من أجل "استعادة قانون الله" على الأرض.

هنا ، كما في القرآن ، كلمة السر هي الوحي ، أو الإلهام ، وليس الإملاء الحرفي، كلمة تلو كلمة. نُقل الكتاب السماوي المسجل على الألواح لأول مرة إلى جبريل ، الذي ألهمه النبي محمد ، حتى أنه بدوره نقله إلى كتّابه المسؤولين عن وضعه في شكل حرفي - تحويل المنطوق إلى رسم بالحروف ليكون بمثابة تلاوة قرآن وتلاوة طقسية.

بهذا المعنى ، لم يمضي التقليد الكتابي ( عند أهل الكتاب) بطريقة أخرى. عندما طلب الله من "إرميا" ( 2) أن يكتب كل الوحي الذي تلقاه منه ، طلب النبي من الكاتب "باروخ" أن يكتب الكلمات الإلهية من إملائه.
سفر إرميا 36 ، 1-4 :
1 - وَكَانَ فِي السَّنَةِ الرَّابِعَةِ لِيَهُويَاقِيمَ بْنِ يُوشِيَّا مَلِكِ يَهُوذَا، أَنَّ هذِهِ الْكَلِمَةَ صَارَتْ إِلَى إِرْمِيَا مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ قَائِلَةً:
2 - "خُذْ لِنَفْسِكَ دَرْجَ سِفْرٍ، وَاكْتُبْ فِيهِ كُلَّ الْكَلاَمِ الَّذِي كَلَّمْتُكَ بِهِ عَلَى إِسْرَائِيلَ وَعَلَى يَهُوذَا وَعَلَى كُلِّ الشُّعُوبِ، مِنَ الْيَوْمِ الَّذِي كَلَّمْتُكَ فِيهِ، مِنْ أَيَّامِ يُوشِيَّا إِلَى هذَا الْيَوْمِ.
3 - لَعَلَّ بَيْتَ يَهُوذَا يَسْمَعُونَ كُلَّ الشَّرِّ الَّذِي أَنَا مُفَكِّرٌ أَنْ أَصْنَعَهُ بِهِمْ، فَيَرْجِعُوا كُلُّ وَاحِدٍ عَنْ طَرِيقِهِ الرَّدِيءِ، فَأَغْفِرَ ذَنْبَهُمْ وَخَطِيَّتَهُمْ".
4 - فَدَعَا إِرْمِيَا بَارُوخَ بْنَ نِيرِيَّا، فَكَتَبَ بَارُوخُ عَنْ فَمِ إِرْمِيَا كُلَّ كَلاَمِ الرَّبِّ الَّذِي كَلَّمَهُ بِهِ فِي دَرْجِ السِّفْرِ.
____________________
( 2) - تقول الرواية سمي أيضا "حزقيا" أحد أنبياء بني إسرائيل عاش نحو 650 إلى 585 ق.م . إنه أحد أنبياء بني إسرائيل بعد "شيث"، وهناك من وحده مع نبي الله عزير ونبي الله الخضر، وقيل: إن الخضر لقب من ألقابه. بعثه الله إلى بني إسرائيل بعد أن عصوا الله، وأظهروا المعاصي، وقتلوا الأنبياء والصلحاء؛ ليهديهم ويرشدهم ويأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحذرهم غضب الجبار، فوقف بكل حزم أمام شركهم ومظالمهم الاجتماعية، فكانت مدة خدمته 41 سنة، قابلوه بالعصيان والتمرد والتكذيب، ثم ألقوا القبض عليه وسجنوه، وبعد أن مكث في السجن عشر سنين أرسل الله عليهم نبوخذ نصر وجحافل عساكره، فنزل في أراضيهم، وبطش بهم، وقتل منهم جمعا غفيرا، وخرب ديارهم، وسبى الآلاف منهم، ثم أمر بهدم بيت المقدس. ينسب إليه "سفر أرميا" وله رسالة مطولة ضد عبادة الأوثان في بابل، وينسب إليه المزمور الثاني والعشرون المنسوب لنبي داود عليه السلام، وينسبون اليه ثلاثين مزمورا.
_______________________________

أحيانًا يُطلب من النبي ليس فقط كتابة "رؤيا" ، ولكن أيضًا لشرحها:
"حبقوق 2 ": (3 )
1 - عَلَى مَرْصَدِي أَقِفُ، وَعَلَى الْحِصْنِ أَنْتَصِبُ، وَأُرَاقِبُ لأَرَى مَاذَا يَقُولُ لِي، وَمَاذَا أُجِيبُ عَنْ شَكْوَايَ.
2 - فَأَجَابَنِي الرَّبُّ وَقَالَ: «اكْتُبِ الرُّؤْيَا وَانْقُشْهَا عَلَى الأَلْوَاحِ لِكَيْ يَرْكُضَ قَارِئُهَا،
____________________
(3 ) - هو نبي من أنبياء بني إسرائيل، وصاحب "سفر حبقوق"، أحد أسفار العهد القديم. ظهر حبقوق أثناء السنوات الأخيرة قبل سقوط أورشليم في سنة 586 ق.م. ورد في السردية والموروث الإسلاميين باسم "حيقوق"، واقر بعض روايتهما أنه أنه‌ بشّر ببعثة‌ خاتم‌ الأنبياء. ذكر الشيخ عبد المجيد الزنداني في كتابه: "البشارات بمحمد صلى الله عليه وسلم في الكتب السماوية السابقة"، جاء في سفر حبقوق: إن الله جاء من التيمان والقدوس من جبل فاران، لقد أضاء السماء من بهاء محمد، وامتلأت الأرض من حمده. وفي الواقع لا وجود لهذا الكلام إطلاقا في "سفر حبقوق"، وإنما ما ورد في "حبقوق 3: 3" هو كالتالي: "اَللهُ جَاءَ مِنْ تِيمَانَ، وَالْقُدُّوسُ مِنْ جَبَلِ فَارَانَ. سِلاَهْ. جَلاَلُهُ غَطَّى السَّمَاوَاتِ، وَالأَرْضُ امْتَلأَتْ مِنْ تَسْبِيحِهِ."
___________________________________

هذا الشكل من نقل الإرادة الإلهية عن طريق الرؤية يتوافق بلا شك مع الآية القرآنية التي ينقلها الله إلى نبيه وحيث يتم استدعاء الكلمة الموحى بها وفقًا للاستخدامات المعتادة لإعداد النصوص المقدسة. لاستخدامها في التلاوة / القرآن. وبالتالي ، فإن الأسلوب النبوي المحمدي لا يختلف كثيرًا عن أسلوب نظرائه في الكتاب المقدس ، الذين لا يهتمون كثيرًا بحرفية الكلمة الموحى بها. هنا لا يتم اختزال الإخلاص للرسالة في التوافق الحرفي مع الأصل ، ولكن في الاحترام الكلي والصادق لروحها.
________ يتبع: القوالب النمطية والعبارات _____________________________








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 106-Al-Baqarah


.. 107-Al-Baqarah




.. خدمة جناز السيد المسيح من القدس الى لبنان


.. اليهود في ألمانيا ناصروا غزة والإسلاميون أساؤوا لها | #حديث_




.. تستهدف زراعة مليون فدان قمح تعرف على مبادرة أزرع للهيئة ال