الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ظاهرة الأبوفينيا

سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)

2023 / 2 / 14
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


في الطب النفسي، أبوفينيا Apophenia هي ظاهرة تغيير في الإدراك يقود الفرد إلى إسناد معنى معين متخيّل للأحداث المبتذلة أو العادية من خلال إقامة علاقات غير محفزة وغير ضرورية بين الأشياء، حيث يبدو أن كل شيء قد تم إعداده خصيصا له لاختبار ما إذا كان قد لاحظ هذه الظواهر الشاذة.
وفقًا لكلاوس كونراد Klaus Conrad، في عام 1958 ، تعتبر ألأبوفينيا هي المرحلة الثانية في تطور الفصام، ووصف كونراد هذه الظاهرة لأول مرة فيما يتعلق بتشويه الواقع الموجود في حالات الذهان، ولكنها أصبحت تستخدم على نطاق واسع لوصف هذا الاتجاه لدى الأفراد الأصحاء دون الإشارة بالضرورة إلى وجود اضطرابات عصبية أو مرض عقلي. وبهذا المعنى ، فقد أصبح مفهوم الأبوفونيا شبه مرادف لـمفهوم الباريدوليا pareidolia.
في عام 2001 ، يرى بيتر بروغر Peter Brugger (المولود عام 1957 في زيورخ) ، عالم النفس السويسري وأستاذ علم الأعصاب السلوكي بجامعة زيورخ ، في هذه الظاهرة تفسيراً للعلاقة بين الذهان والإبداع.
تترجم Apophenia بالعربية بكلمة الإستسقاط، وهو الميل إلى إدراك الروابط ذات المعنى بين الأشياء غير ذات الصلة. المصطلح مشتق من الفعل اليوناني ἀποφαίνειν - apophaínein صاغه الطبيب النفسي كلاوس كونراد Klaus Conrad في منشوره عام 1958 حول المراحل الأولى من مرض انفصام الشخصية، وهو طبيب نفسي ألماني، ولد في 19 يونيو 1905 في فيينا في النمسا، وتوفي في 5 مايو 1961 في غوتينغن في ألمانيا. وقد عرّف الأبوفونيا بأنها "رؤية غير محفزة للروابط مصحوبة بشعور محدد بمعنى غير طبيعي ذي مغزى". ووصف المراحل المبكرة من "الإدراك الوهمي" بأنها تفسيرات ذات مرجعية مفرطة للإدراك الحسي الفعلي، على عكس الهلوسة التي لا تركز سوى على تهويمات "العالم الداخلي" للفرد.
أصبح مصطلح الإستسقاط أيضًا يصف ميل الإنسان للبحث عن اللامعقول في أنماط المعلومات العشوائية الخالية من المعانى المألوفة. ويمكن اعتبار الإستسقاط عملية طبيعية وشائعة لوظيفة الوعي، ومع ذلك، في بعض الحالات القصوى، يمكن أن يكون أحد أعراض الخلل الوظيفي النفسي، كأحد أعراض الفصام المصحوب بجنون العظمة أو الإحساس بالإضطهاد، حيث يرى المريض أنماطًا معادية - على سبيل المثال، مؤامرة لاضطهادهم - في أفعال عادية. ويمكن إعتبار ظاهرة الأبوفونيا أيضًا نموذجا لنظريات المؤامرة، حيث يمكن نسج المصادفات والأحداث العشوائية في حبكة منطقية لإنشاء سرد خيالي.
الاستسقاط ، هو محاولة ربط عدة أحداث أو أشياء منفصلة لا رابط يجمعها لتحميلها معنى جديدا ليس من أصل أي من الأحداث أو الأشياء نفسها كنوع من إضفاء الصفة العلمية أو المصداقية المنطقية عليها أو إعطائها أهمية تفوق حجمها الحقيقي. إنها «الصلات التي لا مبرر لها» متبوعة «بمقاصد غير طبيعية لتجربة معينة»، لكنها تمثل ميل الوعي إلى البحث عن "أنماط" في المدركات العشوائية والغامضة بشكل عام. وصف كونراد هذه الظاهرة بأنها تشويه للحقيقة يتمثل في الاضطراب العقلي، لكن المصطلح أصبح شائع الاستخدام لوصف هذه العلاقات دون أن تعني بالضرورة وجود أي اضطرابات عصبية أو امراض عقلية.
منذ عام 1930 ، في علم النفس التابع لمدرسة عالم النفس السويسري كارل يونغ - Carl Gustav Jung، كانت هناك محاولة لمقاربة الأبوفينيا بمفهوم التزامن، على الرغم من أن يونغ يكتفي بوصف الظاهرة كما هي، دون أن يضع نفسه بوضوح في موقف الإختيار فيما يتعلق بفكرة إدراك هذه الظواهر، هل هي تتكون من تشويه للإدراك أو أنها مسألة اتصال معين بحقيقة ميتافيزيقية أصيلة.
والتزامنية - synchronicity أو التزامن بالنسبة لكارل غوستاف يونغ بأنه «صدفة ذات مغزى» أو أنها «صدف متعددة تحمل في طياتها عدد كبير من المعاني ذات مغزى». فكرة التزامن قائمة على أن هنالك مبدأ سببي يربط الأحداث التي لها معان قريبة أو متشابهة عن طريق الصدفة وإلى حد ما بشكل متسلسل. ويدعي يونغ أن هنالك ترابط بين العقل وإدراك ظواهر العالم الذي حولنا. الأحداث المتقاربة التي تحدث في حياة كل شخص، نضيف إليها ما لدينا من قدرة على إيجاد صلات ذات مغزى بين الأشياء والأحداث، فيبدو أننا نستطيع إيجاد الكثير من المصادفات ذات المغزى. هذه الفكرة تبدو فضفاضة وغير علمية ولا تستند إلىة براهين معملية أو عملية، إن الصدف متوقعة وحقيقية بطبيعة الحال لكن نحن من نضيف إليها المعنى ويضيف الروابط الوهمية بينها.
وحتى وإن كان هنالك تزامن بين العقل والعالم، مثل بعض الصدف التي قد تعتبر حقيقة، ستكون هنالك مشكلة في معرفة تلك الحقائق. ما الدليل الذي يمكن للمرء أن يستخدمه لتحديد صحة تفسير ما؟ ليس هنالك شيء سوى الحدس والبصيرة، وهي نفس الأدلة التي يعتمد عليها معلم كارل يونغ، سيغموند فرويد في تفسير الأحلام. فمفهوم التزامن ما هو إلا مصطلح مختلف للاستسقاط.
هذا المصطلح الشائع الذي يتعلمه معظم طلاب علم النفس في السنوات الأولى هو "apophenia" - الميل البشري لإدراك أنماط ذات مغزى في أشياء عشوائية. وهناك العديد من الظواهر التي تعبر عن الأبوفينيا في العالم الحقيقي، أهمها ظاهرة الميميتوليث والبارادوليا والتي سنناقشها لاحقا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماذا بعد موافقة حماس على -مقترح الهدنة-؟| المسائية


.. دبابات الجيش الإسرائيلي تحتشد على حدود رفح بانتظار أمر اقتحا




.. مقتل جنديين إسرائيليين بهجوم نفذه حزب الله بطائرة مسيرة


.. -ولادة بدون حمل-.. إعلان لطبيب نسائي يثير الجدل في مصر! • فر




.. استعدادات أمنية مشددة في مرسيليا -برا وجوا وبحرا- لاستقبال ا