الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقالة على هامش الزلزال!

حمزة رستناوي

2023 / 2 / 16
المجتمع المدني


أولا- في حضرة الفجيعة والمُصاب الجَّلل لا يستقيم سوى التعاطف مع الضحايا ومدّ يد المساعدة للمتضررين قدر المُمكن والمُستطاع. في الساعات والأيام الأولى ينبغي تجنّب الخطاب العقلاني- العلمي المحايد الذي يمكن تأجيل الخوض فيه لاحقا، كما ينبغي الابتعاد عن السجالات والمُهاترات ذات الخلفية القومية أو الدينية أو السياسية أو المناطقية احتراما لآلام الضحايا والمُصاب الجلل، ومن يتورط في هكذا سجالات أو يجد في كارثة الزلزال فرصة للفخر بالنفس والانتقاص من الآخر المُختلف عنه مناطقيا أو قوميا أو دينيا هو انسان منغلق الذهن سيء الخلق...ولا يليق.

ثانيا- لنتوقف عند خبر (عشائر دير الزور ترسل قافلة كبيرة من المساعدات) للمتضررين من الزلزال في إدلب، وقد كتبت كل عشيرة إسمها على الشاحنة ضمن القافلة، بالتأكيد هذا فعل خير وتضامن حقيقي يُشكر المساهمين به، بالمقابل لنفكر بشخص من سكان دير الزور دونما نسب عشائري كبير! لنفكّر في شخص يكتب تعليقا على الفيسبوك ( نحنا الشوايا في الرقة ودير الزور أهل الكرم والنخوة، خبّرونا عن الشوام !). إنّ فعل الخير جميل ورائع ولكن تعديل التسميات والنوايا يجعله أجمل وأعدل.. وكذلك التواضع وعدم استثمار الحدث للتنابذ والتنافخ يجعله أجود.

لنتوقف عند الموقف التالي: سلطة ذات إيديولوجيا قومية كردية سواء في كردستان العراق أو سلطة قسد بقوم بإرسال مساعدات للمتضررين وتشترط توزيعها في عفرين وجنديرس حيث تقطن غالبية كردية. بداية مجرد فعل المساعدة هو إيجابي فالأولوية هنا للإغاثة، وهو عمل بطولي شهم بالمعنى القومي الفئوي للجماعة الكردية، ولكنه بالتأكيد أقلّ من ذلك بالمعنى الانساني العام أو بالمعنى المؤسس لوطنية سورية جامعة ما تزال متعثّرة!

ثالثا- الزلازل هي ظواهر طبيعية لها أسبابها الجيولوجية، وهي ليس انتقاما وغضبا من الله وهي ليست اختبارا أو ابتلاء للمسلمين، بدليل كونها تحدث بغض النظر عن دين وعقيدة السكان المُتضررين.. وتشير الدراسات إلى وجود نشاط زلزالي حتّى في كوكب المريخ . هناك رجال دين يهود متعصبين فسروا الزلزال بكونه عقاب إلهي من الله على المسلمين ( الكفار حسب اعتقادهم)! حيث شبّه الحاخام الإسرائيلي شموئيل الياهو زلزال تركيا وسوريا (بغرق المصريين في البحر) وفق الرواية التوراتية وقال إن ( الكارثة عدالة إلهية) . لنتذكّر قبل أسبوعين تقريبا قام متطرف سويدي بحرق القرآن الكريم علنا وكان موقف الحكومة التركية هو الأشد تنديدا بهذا الفعل المُدان. وفق منطق غالب مشايخ المسلمين يجب أن يحدث الزلزال المُدمر في السويد وليس في تركيا والشعب(المسلم على مذهب أهل السنة والجماعة) القاطن في شمال سوريا!

رابعا- التفكير العلمي القائم على فهم السنن الكونية وقوانين الاجتماع الانساني يقارب موضوع الزلزال من منطق وقائي ومنطق علاجي. يتجلى المنطق الوقائي في وضع قوانين صارمة لهندسنه وتشييد البناء المقاوم للزلازل، وكذلك في وجود منظومة إدارية- سياسية جاهز للتعامل مع الكوارث الطبيعية بفعالية وكفاءة. الدول الاستبدادية المنخورة بالفساد كسوريا الأسد غير قادر على التعامل مع هكذا طوارئ وهي غير مُهتمة أصلا بموضوع الزلزال إلا ضمن حسابات معيّنة ليست الاعتبارات الانسانية ضمن أولوياتها.

خامسا- يمكن اعتبار الزلزال الصُدفة الذي ضرب شمال سوريا وتركيا بمثابة سلاح طبيعي مُسخّر لخدمة السلطة الأسدية في حربها على الانسانية والشعب السوري. لقد قامت هذه السلطة بتهجير غالب المتضررين من الزلزال من مساكنهم، وقد سعت هذه السلطة وطيلة 12 سنة لقتل وإذلال السوريين المعارضين لها ابتداء بالبراميل المتفجرة وصواريخ السكود والأسلحة الكيماوية والموت تحت التعذيب في المعتقلات! لو كان الأسد يملك قنبلة نووية، منطق السلطة التي يديرها يقول بأنه سوف يستخدمها في حربه، في حال أمن العقاب من الغرب والولايات المتحدة الأمريكية! لنتساءل أليست مفاعيل الزلزال تساوي مفاعيل قنبلة نووية؟! لم يبدي الرئيس الأسد تعاطفا حقيقيا مع الضحايا ولم تقدّم مؤسسات الدولة ما يمكن أن تقوم به الدول في هكذا كوارث وأحداث! تم إغلاق المعابر باتجاه المناطق المنكوبة وتمت سرقة المساعدات الأممية على نطاق واسع وحجبها عن ضحايا الزلزال! هكذا سلوك ينبغي تفسيره كاستمرار للحرب بالأصالة والوكالة بما يخدم كل شيء عدا السوريين وحلمهم المشروع في إقامة دولة حديثة قوامها المواطنة المتساوية واحترام حقوق الانسان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفاقم مأساة النازحين في لبنان


.. فعاليات ترفيهية لأطفال لبنان النازحين للتخفيف من آثار الحرب




.. ممثل لبنان بالأمم المتحدة: لبنان مستعد لحل دبلوماسي وجاهز لت


.. إيه علاقة أشهر مذيع نشرة بمنظمة اليونيسف ؟..اعرف التفاصيل




.. ما رد فعل الجزائر والمغرب بعد ربط وزير الداخلية الفرنسي برون