الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حور العين .. هلوسة في مخيلة المعتقد الأسلامي

يوسف يوسف

2023 / 2 / 17
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


موضوعة حور العين ، شغلت حيزا واسعا في المعتقد الأسلامي ، وجعلت الأراء حولها متقاطعة متضادة ، وقد أهتم بها شيوخ الأسلام عامة / يتقدمهم شيوخ الوهابية والسلفية ، وكذلك الباحثين والكتاب والدعاة ، أما الجمهور من المتنورين والعقلانيين - فقد كان لهم رأيا أخرا .. في هذا البحث سٌأقدم مجرد أضاءة حول هذا الموضوع الجدلي .
الموضوع :
موضوعة حور العين متداولة في معظم المصادر والمراجع الأسلامية ، وسوف أورد مجرد نبذة مختصرة عنها ، متناولا آيتين من القرآن مع تفسيرين ، ومن ثم سأسرد حديثين لرسول الأسلام ، وسأختم بقراءتي الخاصة لهذا البحث المختصر . * جاء في النص القرآني الآية التالية ( كَذَٰلِكَ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ / 54 سورة الخان ) وتفسيرها وفق الطبري : يقول تعالى ذكره : كما أعطينا هؤلاء المتقين في الآخرة من الكرامة بإدخالناهم الجنات ، وإلباسناهم فيها السندس والإستبرق ، كذلك أكرمناهم بأن زوّجناهم أيضا فيها حورا من النساء ، وهن النقيات البياض ، واحدتهنّ : حَوْراء . وكان مجاهد يقول في معنى الحُور ، قوله " وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ " قال : أنكحناهم حورا . قال : والحُور : اللاتي يحار فيهنّ الطرف بادٍ مُخُّ سوقهنّ من وراء ثيابهنّ ، ويرى الناظر وجهه في كبد إحداهنّ كالمرآة من رقة الجلد . وهذا الذي قاله مجاهد من أن الحور إنما معناها : أنه يحار فيها الطرف ، قول لا معنى له في كلام العرب ، لأن الحُور إنما هو جمع حوراء ، كالحمر جمع حمراء والسود : جمع سوداء ، والحوراء إنما هي فعلاء من الحور وهو نقاء البياض . / نقل من موقع القرآن الكريم . أما الآية الثانية ، فهي ( حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ / 72 سورة الرحمن ) ومن التفسير الميسر ، أورد التالي في تفسير هذه الآية - فوفق السعدي : { حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ } أي : محبوسات في خيام اللؤلؤ ، قد تهيأن وأعددن أنفسهن لأزواجهن ، ولا ينفي ذلك خروجهن في البساتين ورياض الجنة ، كما جرت العادة لبنات الملوك ونحوهن [ المخدرات ] الخفرات . ومن الوسيط للطنطاوي : وقوله ( حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي الخيام ) بدل من خيرات . والحور : جمع حوراء ، وهى المرأة ذات الحور ، أى : ذات العين التى اشتد بياضها واشتد سوادها فى جمال وحسن . ومقصورات : جمع مقصورة أى : محتجبة فى بيتها ، قد قصرت نفسها على زوجها . بل هى ملازمة لبيتها ، وتلك صفة النساء الفضليات ..
* ومن موقع / أسلام ويب ، أنقل حديثين عن رسول الأسلام ، بصدد حور العين ( ما ورد في الصحيحين ، حديث أبي هريرة ، قال : قال رسول الله : أول زمرة تلج الجنة صورتهم على صورة القمر ليلة البدر، لا يبصقون فيها ولا يمتخطون ولا يتغوطون ، آنيتهم فيها الذهب ، أمشاطهم من الذهب والفضة ، ومجامرهم الألوة ، ورشحهم المسك ، ولكل واحد منهم زوجتان يرى مخ سوقهما من وراء اللحم من الحسن ، لا اختلاف بينهم ولا تباغض ، قلوبهم قلب واحد يسبحون الله بكرة وعشيا .. وحديث أخر : عن أنس بن مالك عن النبي : لروحة في سبيل الله أو غدوة خير من الدنيا وما فيها ، ولقاب قوس أحدكم من الجنة أو موضع قيد ـ يعني سوطه ـ خير من الدنيا وما فيها ، ولو أن أمرأة من أهل الجنة اطلعت إلى أهل الأرض لأضاءت ما بينهما ولملأته ريحا ، ولنصيفها على رأسها خير من الدنيا وما فيه / رواه البخاري ) .
أراء في أنكار العلاقات الجنسية في الجنة :
* أنكر الكثير من الباحثين وحتى من شيوخ الأسلام ، أي علاقات جنسية في الجنة ، فقد ذهب الدكتور أنور ماجد عشقي ( رئيس مركز الشرق الأوسط الاستيراتيجية والقانونية ) إلى أن الحور العين ليسوا للمتعة الحسية ، وذلك لأن الدوافع الجنسية غير موجودة في الجنة وآدم لم يغادرها إلا بعد انكشاف سوءته ، وأن الاستمتاع بالحور ليس جنسياً بل هو معنوي لا ندرك مداه بعقولنا الدنيوية . وأوضح عشقي في مقال كتبه في ملحق ” الرسالة ” الجمعة سبب تناوله هذا الموضوع لأمرين : أولها - استغلال الإرهابيين للشباب من المراهقين ، والإيحاء لهم بأنهم إذا قاموا بعملية انتحارية وقتلوا ودمروا فإنهم يصبحون شهداء ، وحال موتهم تستقبلهم الحور العين في الجنة . والأمر الثاني - الذي دفعه لتناول هذا الموضوع : أن عدداً من طلبة العلم وكبار المثقفين ، يعتقدون بوجود الممارسة الجنسية في الجنة ، وأضاف : حتى بلغ الشطط ببعضهم أن ألف كتاباً وأفتن في هذا التصور العدمي ، فقال بأن ( الولدان المخلدون ) الذين وردوا في القرآن الكريم هم لأهل الجنة الذين كانوا يميلون بشهوتهم في الدنيا إلى اللواط ومنعوا أنفسهم من ممارسة ذلك الشذوذ ، فإن الله سيكافؤهم في الجنة بالولدان المخلدين ، وهذا ما يشوه صورة الجنة في أذهان المسلمين ، ويبعث على السخرية من قبل أعدائهم .
* ومن موقع الكنانة ، أورد مقالا للكاتبة / ســـوسن محمـــود ، بذات الصدد - نافية أي علاقات جنسية في الجنة ، أنقل مقتطفا منه : شهدت الأوساط المصرية جدلاً كبيراً بعد نفي عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية وهو الداعية " خالد الجندي " فكرة ممارسة الجنس في الجنة جملة وتفصيلاً في حلقة ضمن برنامجه " لعلهم يفقهون " ، قال الجندي : الحالة الجنسية والإخراجية المعروفة بتنتهي ، ولن يكون هناك إنجاب ، والأدوات التناسلية ستنتهي لأن وظيفتها تُعوَّض بأخرى ، ومفيش علاقات جنسية في الجنة ، بالمعنى المعروف لدينا ، والجنة منزّهة عن العلاقات الجنسية الموجودة في الدنيا .

القراءة :
1 . سوف لن أناقش ما كتبه الصحابة والتابعين والفقهاء والأئمة ، وذلك لأنهم جميعا متفقون بالكثير من المشتركات ، وهي الأستحقاقات والصفات والأوصاف المذهلة لحور العين ، وهذا ديدنهم . وأذا كان هناك من أختلاف فهو أختلاف شكلي غير جوهري ، وهم يكتبون بما تجود قريحتهم به - ويسطرون من المخيلة المعتقدية للأسلام ، ولأجل موافقة نهج محمد .
2 . لكني سأتوقف فيما يتعلق بالذات الألهية ، ففي آية { إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ / 55 سورة يس } / مثلا ، وتفسيرها " وفق أبن عباس وغيره ، قالوا في تفسير قول الله تعالى / أعلاه ، أي في افتضاض الأبكار ، وأفرد أبن القيّم باباً في ذكر نكاح أهل الجنة ووطئهم والتذاذهم بذلك أكمل لذة ." وهذا نموذج واحد على سبيل المثال وليس الحصر .
* والتساؤل ، هل الله بهذا المقام الأباحي ، لكي يصف / بلسانه ، عملية جنسية حميمية تامة ، وهي " افتضاض الأبكار ، و نكاح أهل الجنة ووطئهم والتذاذهم .. " . وهل من مهام الله وصف ما يجري في الجنة من أفعال مقيتة ، وهل الجنة مسرحا موبوءا بالجنس واللذة الجسدية / التي تركها بني آدم في حياته الدنيوية ، أن هذا لتجاوز على صورة الله ، وهو القدوس .
3 . ورسول الأسلام ينهج نهج القرآن ، وذلك بتأكيده على الوجود الجنسي في الجنة (( حيث وردت أحاديث صحيحة يشير ظاهرها إلى وجود علاقة جنسية في الجنة ، ومن ذلك ما رواه أبو هريرة عن رسول الله ، قال ( قِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ! هَلْ نَصِلُ إِلَى نِسَائِنَا فِي الْجَنَّةِ ؟ فَقَالَ : إِنَّ الرَّجُلَ لَيَصِلُ فِي الْيَوْمِ إِلَى مِائَةِ عَذْرَاءَ ) ، وعن انس بن مالك النبي قال : ( يعطى المؤمن في الجنة قوة كذا وكذا من الجماع ) ، قيل يارسول الله او يطيق ذلك ؟ قال : يعطى قوة مائة )) . ورسول الأسلام لا يتكلم من هواه لأنه (( " وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى / 3 سورة النجم " ، وتفسير ذلك ، يقول تعالى ذكره : وما ينطق محمد بهذا القرآن عن هواه ، " إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى " يقول : ما هذا القرآن إلا وحي من الله يوحيه إليه / نقل من القرآن )) .
4 . أذن محمد بن عبدالله ورب القرآن ، يتكلمون بذات المنطق وبذات النهج ، وهذا مما يؤكد من أن النص القرآني والحديث النبوي ، ينطلقان من نفس المصد فكرا ورؤءا ونهجا ، أحدهما يكمل الأخر ، وكان المبتغى من حور العين ، في الحقبة المحمدية ، هو جذب القبائل العربية / الجاهلية الوعي ، في صف محمد ـ بأغوائهم بهلوسات وطأ حور العين في الجنة ، بحال أستشهادهم في الغزوات .
خاتمة :
أولا - أن المهم ، بل الأهم ، هو العمل على الحد من أغواء شباب المسلمين - المخدوعين بنيل حورالعين في الجنة حال أستشهادهم بالعمليات الأنتحارية ، وأيجاد السبل لنهرهم من الأنضمام بالمنظمات الأرهابية / القاعدة وداعش .. ، وهذا الأمر يحتاج الى خطاب واضح من قبل مؤسسة الأزهر، وذلك لأن مرجعية هذه المنظمات الأرهابية هو أهل السنة والجماعة ، فالواجب يقتضي من الأزهر أن " يلغي أو يحجر / موضوعة حور العين ، من كل النصوص القرآنية ، ومن كل الموروث ذات الصلة وحذفه من أدبيات الأسلام ، وذلك من أجل الحفاظ على الأجيال الواعدة ، الذين يعتبرون عماد نهضة الأمة " .
ثانيا - ووددت أن أختم بحثي المختصر بالأضاءة التالية : أن رب القرآن / النصوص ، وما ينطق به محمد / الأحاديث ، قد أبتدعا من المخيلة العقدية للأسلام ، نوعا من الجنس ذو الخلفية الدينية ، وهو وطأ حور العين في الجنة / كان مخصصا في الحقبة المحمدية - لقتلى غزوات الرسول ، ومن ثم خصص لاحقا - للأنتحاريين من المنظمات الأرهابية الأسلامية ، وكل هذه الأمور أبعد ما تكون من عقائد أي دين من الأديان السماوية ، ولا حتى من الأديان الأرضية .. نقطة رأس السطر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طلاب يهود في جامعة كولومبيا ينفون تعرضهم لمضايقات من المحتجي


.. كاتدرائية واشنطن تكرم عمال الإغاثة السبعة القتلى من منظمة ال




.. محللون إسرائيليون: العصر الذهبي ليهود الولايات المتحدة الأمر


.. تعليق ساخر من باسم يوسف على تظاهرات الطلاب الغاضبة في الولاي




.. إسرائيل تقرر إدخال 70 ألف عامل فلسطيني عبر مرحلتين بعد عيد ا