الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا نريد من مناهج التعليم الأساسي والثانوي في ليبيا ؟

حسين سالم مرجين
(Hussein Salem Mrgin)

2023 / 2 / 17
التربية والتعليم والبحث العلمي


في الفترة الماضية قامت وزارة التربية والتعليم بإيقاف تدريس مادة التربية الوطنية بقرار من السيد وزير التربية والتعليم رقم (2097) لسَنة 2022م، وهذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها حذف إو إيقاف تدريس مواد دراسية لمراحل التعليم الأساسي والثانوي، حيث وصل الأمر في السنوات الماضية إلى حذف بعض الموضوعات من بعض المواد دون تقديم أو توضيح مبررات لذلك الإيقاف أو الحذف، بالتالي أصبح الأمر أكبر من أن يتخطاه البصر، فدور الباحث في علم الاجتماع كمثقف أجزم بأنه قادر على أن يخلق الوعي ويحفزه عبر قدرته على قرع الأبواب، وعموما حتى لا تُثير هذه المقالة خائنة الأعين وما تخفي النفوس أود طرح عدد من المقدمات المهمة وهي :
• بادئ ذي بدء ينبغي أن نعلم أن جل الدول التي تعرضت للتحديات وإكراهات بسبب الحروب الأهلية؛ أو الانقسامات المجتمعية قامت بعمليات مراجعة المنظومة التعليمية بغية تجاوز تداعيات تلك الانتكاسات على المنظومة التعليمية، وهذا يعني الحاجة لوجود مشروع وطني لتحسين وتطوير المنظومة التعليمية.
• العملية التعليمية في ليبيا – حاليًا- بحاجة إلى إحداث تغييرات كبيرة، خاصة فيما يتعلق بعمليات تهيئة وتحسين البيئة التعليمية.
• أعتقد بأننا لا نزال نفتقر إلى وجود فلسفة، ورؤية، وأهداف واضحة ومعتمدة للمراحل التعليم الأساسي والثانوي كافة، وذلك بغية القيام بعمليات التخطيط، والتنفيذ، والتقييم ،والقيام كذلك بالمعالجات بأسلوب علمي دقيق، ونستطيع من خلالها تصفير العراقيل والتحديات.
• وهذا الأمر لا يعني عدم وجود فلسفة، أو رؤية لوزارة التربية والتعليم؛ إنما المقصود هنا عدم وجود استراتيجية وطنية - متفق عليها- نحو تلك المراحل التعليمية؛ وذلك حتى يتسنى لوزارة التربية والتعليم صناعة أو بناء المناهج، ومن ضمنها المواد الدراسية وفقا لفلسفة وأهداف المجتمع.
• ليس من مهام أومسؤوليات وزارة التربية والتعليم بناء استراتيجية وطنية للتعليم، إنما هي اختصاص أصيل لمجلس التخطيط الوطني، فهو الجهة المخولة قانونا لبناء الاستراتيجية الوطنية للتعليم الأساسي والثانوي، بالتعاون مع الخبراء والتربويين في مجال التربية والتعليم، حيث سيتم الإجابة في الإستراتيجية الوطنية على تساؤل مهم وهو: ماذا نريد من التعليم الأساسي والثانوي ؟
• تأتي بعد ذلك مهام ومسؤوليات وزارة التربية والتعليم وهي أن تضمن تنفيذ ما خطط له، وفي هذا الصدد يقول المفكر مالك بن نبي "لا يكفي أن تبدع أفكار بل يجب أن تُؤمّن لها الحياة"، وهذا في الحقيقة الأمر هو الدور المناط بالوزارة، البحث عن كيفية تنفيذ الإستراتيجية الوطنية للتعليم الأساسي والثانوي بالشكل المطلوب والمناسب.
عموما فأن هذه المقدمات قد تدفعنا بالضرورة إلى محاولة تفكيكها بغية رؤية الأشياء بشكل أفضل، وذلك من خلال طرح عدد من التساؤلات المشروعة عن واقع المناهج في التعليم الأساسي والثانوي في ليبيا - حاليا - لعل أهمها:
• هل توجد أهداف تعليمية للمراحل التعليم الأساسي والثانوي بشكل عام ؟
• هل توجد أهداف كل مرحلة تعليمية بشكل تفصيلي ؟
• هل توجد مناهج محددة ومعتمدة للمراحل التعليمية؟ وأقصد هنا بالمناهج ليس المواد الدراسية إنما المفهوم الحقيقي الذي يعني " جميع الخبرات والأنشطة أو الممارسات المخططة التي تساعد المتعلمين سواء في مرحلة التعليم الأساسي أو الثانوي على تحقيق النواتج التعلم المستهدفة "، وحتى نقرب المعنى أكثر يمكن أن نشير بأن مفهوم المناهج ينسحب إلى " المواد الدراسية، وطرائق التدريس والتعلم، وآليات التقييم، والأهداف التعليمية ...إلخ)
• هل توجد منهجية محددة ومعتمدة في صناعة الكتب المدرسية ؟
• هل يتم تسكين المواد الدراسية بناء على الأهداف التعليمية ؟
• هل صناعة الكتب – حاليا – مرتبطة بالأهداف التعليمية ؟
ولعلنا نروم من وراء كل ذلك أن نفهم : هل توجد مخرجات تعلم محددة ومعتمدة لكل مراحل التعليم الأساسي والثانوي؟. وهنا أقصد : هل هناك تحديد للمعارف والفهم والمهارات التي يتوجب أن يمتلكها المتعلم بعد أكماله كل مرحلة من المراحل التعليمية ؟
ويعود الهدف من تحديد مخرجات تعلم المستهدفة إلى الأسباب الآتية :
• أن أيّ مواد دراسية لا تكون بوصلتها المخرجات التعلم المستهدفة ستكون بوصلة عمياء، غير ذات قيمة .
• التأكد من سلامة أيّ قرارات التي تتخذ بشأن المناهج، خاصة فيما يتعلق بحذف أو إيقاف المواد الدراسية .
• تكون بمثابة البوصلة في عمليات التحسين والتطوير.
• حتى لا تكون مخرجات أي مرحلة تعليمية مجرد أطر جامدة وقوالب يُعد إنتاجها.
• حتى لا نكون معزولين عن متطلبات العالم الخارجي.
إن النظرة العميقة لمفهوم مخرجات التعلم المستهدفة لمراحل التعليم الأساسي والثانوي ومبررات وجودها ستقودنا إلى غاية هذه المقالة وهي أنه : من المفترض بعد حذف مادة التربية الوطنية سيكون لدينا متعلمين منزوعين الوطنية، وهذه الجزئية غاية في الخطورة، وهو الواقع غير مرئي حاليَا!
إن أهمية مادة التربية الوطنية كما توضحها لنا الخبيرة التربوية الأستاذة الدكتورة ألطاف رمضان إبراهيم تكمن في أنها "تمثل الجانب من التربية الذي يشعر المتعلم بموجبه صفة المواطنة، كما تساعد المتعلمين على أن يكونوا صالحين، قادرين على المشاركة الفعالة والنشطة في قضايا الوطن ومشكلاته كافة"
لا شك أن القارئ قد لاحظ بعد قراءته هذا التشخيص والتحليل بأن مساحة القلق والخوف من قرارات الإيقاف أو الحذف للمواد الدراسية مشروعة، وربما قد تسع بناء على هذا التشخيص، وهذه التساؤلات، فضلا على أن الأمر لا يزال بحاجة لمزيد من البحث والكشف، حتى لو ادعى البعض أنه يعرف بالضبط ماذا يفعل !
إذن نحن بحاجة إلى وقفة للتدبر في مناهج التعليم الأساسي والثانوي، كما إن التحليل الموضوعي لا يتهرب من معالجة القضايا سالفة الذكر، بل يقف عندها ليبين أسبابها ويكشفها، وحتى لا اتَّهم بالتَّشاؤم أود طرح عدد من المسالك الممكنة التي أعتقد من المهم اتباعها وهي :
• الحاجة إلى تحديد الإستراتيجية الوطنية التعليم الأساسي والثانوي، وهذا يعني بالضرورة الحاجة إلى إعادة تعريف التعليم بمراحل التعليم الأساسي والثانوي.
• تحديد أهداف المراحل التعليم الأساسي والثانوي العامة والتفصيلية.
• تحديد منهجية صناعة المناهج وفقا للاستراتيجية الوطنية.
• إعادة بناء المناهج، والمحتوى التعليمي، بحيث يكون مثلا : تسكين المواد الدراسية وفقاً لمخرجات التعلم المستهدفة.
• أهمية وجود قيادات تعليمية على مستوى الوزارة، وعلى مستوى مراقبي التعليم، وعلى مستوى مديري المدارس، تمتلك الكفايات على تنفيذ الاستراتيجية الوطنية.
وأخيرًا فأن التحسين والتطوير في العملية التعليمية بحاجة إلى التفكير والتدبّر بعقلية الممكن؛ التي تعني أن نبدأ الآن، ومن نفس المكان، وبالمتاح الممكن ولكن بصورة متميزة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. باريس تسلم -بري- الورقة الفرنسية المتعلقة بوقف إطلاق النار ب


.. ترامب يواصل تصدر استطلاعات الرأي في مواجهة بايدن| #أميركا_ال




.. الخارجية الأميركية: 5 وحدات في الجيش الإسرائيلي ارتكبت انتها


.. تراكم جثامين الشهداء في ساحة مستشفى أبو يوسف النجار برفح جنو




.. بلينكن: في غياب خطة لعدم إلحاق الأذى بالمدنيين لا يمكننا دعم