الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ح10.. شذرات نقدية لمهزلة العقل البشري!!.. ممارسة الحرية المطلقة تتنافي مع صرخة الضمير!!

عدنان سلمان النصيري

2023 / 2 / 23
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ممارسة الحرية المطلقة تتنافي مع صرخة الضمير!!
وكما اسلفنا في مقدمة الحلقة السابقة بعدم أحقية اي انسان يدعي بأنه حرا بشكل مطلق، ومهما كان زعمه بأنه يمتلك زمام حريته وهوالذي يستطيع أن يفعل ويتصرف كما يشاء، فلم يكن ذلك سوى محض افتراء ومغالطة كبرى بحق الواقع الانساني. فكل إنسان بطبيعته سجين في مجتمعه وفي نوازع نفسه الذاتية، ويكون مؤتمرا لأدواتها المتعددة والمختلفة في عملية الانقياد لهذا التسلط ، وقد تكون خارجية أو داخلية، كلها تحاول أن تكبل الإنسان وترتهنه بنفس اسلوب السجن، وتخضعه لعقوبة الجلد في طريقة مخالفته كسلطة حاكمة، بعيدا عن ممارسة حريته بشكل مطلق.
وما نزعة الضمير في الإنسان الا وتعتبر السلطة الفعالة المكبلة لحريته المطلقة في ممارسة شخصيته من داخل نفسه. و يُعرَّف الضمير عن نفسه فلسفيًّا، بأنّه مركّب من خبرات يكتسبها الإنسان وجدانيًّا تساعده على فهم المسئوليّة الأخلاقيّة للسلوكيّات التي ينتهجها وسط مجتمعه وخارجه وفي دواخل روحه، وذلك بتمييزه بين الحق والباطل بمقاييس ثقافية عامة، فالضمير عند الفلاسفة القدماء لا يورّث، وإنما يكتسبه الإنسان من خلال التربية والظروف المعيشيّة، ويرتبط الضمير كذلك بأداء الواجب، حيث إن التقصير في أداء الواجبات السلوكيّة يصحبه ما يعرف بتأنيب الضمير، وهكذا فإنه يعد قوة دافعة للتهذيب الذاتيّ للأفراد، وبالتالي فإنه يؤسس لسيادة الأخلاق الحميدة في المجتمع.
والضمير في الإنسان يُشكّل السلطة الذاتية التي تفوق بأهميتها كل السلطات الأخرى التشريعية والقضائية والتنفيذية، لأنها إذا ما غابت قد لا تنفع أية سلطة أخرى بالتعامل معها، وإذا ما وجدت فإنها ستختصر الكثير من المسافات، وستتجاوز الكثير من الخطوات. وهي سر من أسرار النجاح والفشل لأي مشروع معنوي أو أخلاقي، تُبنى الآمال عليه من قِبل الآخرين، في طريقة تجرده من تهديد وتأثير الهواجس والمخاطر المحيطة.
وفي العلم الحديث يُفسِّر علماء النفس والاجتماع بأن الضمير هو إحدى الوظائف الدماغيّة التي طوّرها الإنسان خلال التاريخ، لتسهيل مهمة السلوكيات الموجهة لمساعدة الآخرين، في سد احتياجاتهم والقيام بوظائفهم، دون توقع مكافآت خاصة في المجتمع، وهو بتلك الصيغة مجرّد توصيف لمجموعة من المبادئ والمشاعر، وسياق متكامل من القيم التي تحكم الإنسان، فيكون سلوكه جيدًا تجاه الآخرين، ويعمل عمل الميزان بالنسبة للحس والوعي، لتمييز الصواب من الخطأ مع توجيه النفس إلى ناحية الصواب.
وقد عرف الإنسان الضمير منذ فجر التاريخ، وكان المحرّك الأساسي للعديد من الأفعال الإنسانية التي أدّت إلى تطوّر البشرية وتقدّمها نحو الأفضل، ومن الثابت أن الضمير يسهم في رقيّ الإنسان وتقدّمه من خلال توجيه البشرية نحو الحق والابتعاد عن الباطل، وقد يختلف عمل الضمير من شخص إلى آخر، بسبب طبيعة الإنسان التي تتأثّر بالبيئة المحيطة والنشأة، إلا أن وجوده لدى الإنسان لا خلاف فيه، كما يخضع الضمير لحالات من المدّ والجزر بما يصيب الإنسان نفسيًّا، ويمكن للإنسان أن يزيد من تغليب ضميره على الأفعال التي يقوم بها من خلال التفكر في أهميّة القيم الإنسانية الحميدة والوصايا التي أتى بها المعتقد.
البقية في الحلقة القادمة >>>>>








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف تفاعل -الداخل الإسرائيلي- في أولى لحظات تنفيذ المقاومة ا


.. يهود يتبرأون من حرب الاحتلال على غزة ويدعمون المظاهرات في أم




.. لم تصمد طويلا.. بعد 6 أيام من ولادتها -صابرين الروح- تفارق ا


.. كل سنة وأقباط مصر بخير.. انتشار سعف النخيل في الإسكندرية است




.. الـLBCI ترافقكم في قداس أحد الشعانين لدى المسيحيين الذين يتب