الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ذكرى مذبحة الأقباط في ليبيا

فاطمة ناعوت

2023 / 2 / 26
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


مرّت قبل أيام ذكرى مذبحة ٢١ مصريًّا مسيحيًّا في "سِرت" الليبية على يد تنظيم "داعش" المجرم منتصف شهر فبراير عام ٢٠١٥. ونحن لا ننسى جميع َشهدائنا مهما انقضتِ العقودُ ومرّتِ السنوات. لم ننسَ ولن ننسى شهداءنا على الجبهة، في جميع معارك مصر ضدَّ الكيان الصهيوني، من أبناء الجيش المصري العظيم الذين رووا بدمائهم النبيلة ترابَ الوطن، حتى يعزَّ الوطنُ ويسلمَ أبناؤه. فهم أحياءٌ في فردوس الله، وأحياءٌ في قلوبنا وفي ذاكرة الوطن، نذكرهم وندين لهم بأمننا وسلامنا. على أن مذبحة أقباط مصر في ليبيا على يد تنظيم داعش الإرهابي الآثم، تحتلُّ الركنَ الموجع المظلم والمرعب من الذاكرة الجمعية المصرية، لأن لها سماتٍ خاصّةً غريبةً ومستهجنةً على معارفنا وعلى أدبيات المنطق الحضاري. من تلك السمات: ١ أنها مُسجّلةٌ بالصوت والصورة، فكأنما حدثت أمام عيوننا تلك المشاهد المخيفة من إلباس الضحايا بدلاتٍ حمراءَ شأن المُقدمين على الإعدام، ثم جرّهم بالحبال على شاطئ البحر مُسلسلين بالأصفاد، ثم إركاعهم ونحر أعناقهم بدم بارد، ثم وضع الرؤوس المقطوعة فوق الجثامين، ثم تلوين مياه البحر الأبيض بحُمرة الدم المغدور. ٢ أنها كانت قتلا على العقيدة الدينية! فقد غُدِر الشهداءُ المصريون فقط "لأنهم مسيحيون"! وهذا ناتئٌ عن أدبيات الحضارة وأدبيات اللحظة التاريخية الراهنة! وقد عنون المجرمون فيديو وقائع المذبحة بـ"رسالة موقّعة بالدماء إلى أمة الصليب"؛ وكانت تنفيذًا لأوامر الإرهابيّ "أيمن الظواهري" زعيم "تنظيم القاعدة" بعد إسقاطنا جماعة الإخوان الإرهابية عن حكم مصر في يونيو ٢٠١٣، إذ ظهر في فيديو يأمر فيه الجهاديين صراحةً باستهداف المسيحيين واستباحة دمائهم وأموالهم لشراء السلاح، لقتل معارضي الإخوان. ٣ لم تكن نِدًّا لندٍّ! فتلك المذبحة المجرمة لم تكن حرب جنودٍ مسلحين أمام جنود مسلحين، شأنَ جميع معاركنا النظامية النبيلة الندّية ضدَّ إسرائيل؛ بل كانت مذبحة نذلة خسيسة بين عصابة إرهابية مُسلحة بالسيوف والغدّارات، أمام مُسالمين عُزّل من بسطاء مصر سافروا وتغرّبوا من أجل تأمين لقمة العيش لأسرهم الفقيرة في مصر. وكان المسلحون من الخسّة والجبن بحيث ظهروا ملثمين وكأنهم يدارون سوءة أرواحهم الجبانة. ٤ أن الدولة المصرية ردّت من فورها على تلك المذبحة الخسيسة ردًّا صافعًا صاعقًا. فبعدما أعلن الرئيسُ السيسي الحدادَ الرسميَّ في مصر سبعةَ أيامٍ، وتوجه إلى الكاتدرائية لتقديم واجب العزاء لقداسة البابا، تحركت القواتُ الجوية المصرية فورًا لتدمير معسكرات ومناطق تمركز وتدريب داعش ومخازن أسلحتها وذخائرها في ليبيا، ثأرًا لأرواح شهداء مصر. وفي اليوم التالي مباشرة تردد على مدار الساعة في أرجاء مصرَ بيانٌ شديدُ اللهجة من القيادة العامة للقوات المسلحة أعلن إتمامَ القصاص للشهداء، وحمل إنذارًا ووعيدًا لجميع التنظيمات الإرهابية التي تستهدفُ الأرواحَ المصرية داخل مصر وخارجها. ومازالت كلماتُ البيان محفورةً في ذاكرتنا الجمعية لا ننساه: (تؤكد القواتُ المسلحة المصرية أن الثأرَ للدماء المصرية حقٌّ واجبُ النفاذ. وليعلمِ القاصي والداني أن للمصرين درعًا يحمي ويصونُ أمنَ البلاد، وسيفًا يبترُ يدَ الإرهاب والتطرف. ) بيانٌ عسكري سياديّ عظيمٌ أشعرنا بأن لنا صخرةً تحمينا، ويُظلِّلنا جيشٌ جسورٌ يحمي شرفنا، ويذود عن أرواحنا داخل الوطن وخارجه، ولا يسامحُ في قطرة دم مصرية، لا مجال للمساومة بشأنها.
جاء الردُّ الجويُّ القاصم من قواتنا المسلحة ثأرًا لدم شهدانا في ليبيا، استمرارًا وتأكيدًا على نهج الدولة المصرية المدنية في أن كرامةَ أي مواطن مصري هي كرامةُ مصر وشرفها. وتأكيدًا حاسمًا لا فصال فيه على إعلاء "مبدأ المواطنة" واحترام وتقديس حق المواطن المصري في وطنه، مهما تكن عقيدتُه. فالعقيدةُ شأنٌ خاصٌّ بين الإنسان وربه، بينما الوطنُ شأنُنا العام نحن جميع المواطنين، وهمّنا المشترك.
ويشهد تاريخُنا المصريُّ العريق بأن تعاقبَ الأديان على المصريين قد غرس فينا بذرة التسامحَ العّقّديّ. فيذكر المؤرخون أن الأقباط المسيحيين كانوا يستعيرون في أعيادهم البُسُطَ والقناديل والشمعدانات من المساجد والمعابد اليهودية، مثلما كان الأقباطُ المسلمون يستعيرون الأشياء ذاتها من الكنائس في أعيادنا. وكانت الأديان الثلاثة تنظّم موكبًا مقدسًا مشتركًا على ضفاف نيل مصر إن تأخر الفيضان، يتقدمه السلطانُ، ثم الخليفةُ، ثم قاضي القُضاة ثم شيخُ الأزهر الشريف وبابا الكنيسة المصرية وأحبار اليهود. يتبعهم حَمَلَةُ الكتب المقدسة الثلاثة، لكي يتضرعَ الجميعُ إلى الله، كلٌّ عبر معتقده، حتى يفيضَ النيلُ وتزدهرَ البلاد. هكذا أراد اللهُ لمصرَ، وهكذا أردنا نحن المصريين. هكذا كنّا، وهكذا سنظلُّ، إلى أن يستردّ اللُه الأرضَ ومَن عليها. رحم الله جميعَ شهدائنا وأحسن مُقامهم في عِليّين وحفظ مصرَ الجميلة الحانية على أبنائها، وحفظ جيشنا الباسل العظيم. تحيا مصر.

***








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ليدى فاطمة ناعوت شاهد عيان على مذبحة ماسبيرو
Magdi ( 2023 / 2 / 26 - 16:00 )
فى 9 اكتوبر 2011 قام الأقباط بمظاهرة سلمية أمام مبنى ماسبيرو يساندهم المسلمون الطيبون ومنهم ليدى فاطمة ناعوت.
كان فى أمكان العسكر تفريقهم بخرطوم مياة ( كما فعل مع أعتصام الأخوان الذى كان سياسيا وطويل أذ أستمر شهرا قبل أطلاق النيران عليهم ومصرع نحو ألفا من المعتصمين ).
بدلا من ذلك قام العسكر بدهس الأقباط بالدبابات فورا فى نفس اليوم 9 اكتوبر ( أنظر جوجول )
قامت أحدى المسيحيات باستجواب ليدى فاطمة ناعوت : هل صحيح أن الأقباط أعتدوا على الجيش المصرى أثناء مظاهرتهم ? ( خبر أذاعته فى التليفزيون : رشا مجدى تحت رئاسة أسامة هيكل الذى عينه الرئيس السيسى فيما بعد وزيرا للأعلام )..بكت أ فاطمة وقالت :كدابين ولاد الك..
رسالة للتليفزيون المصرى:
https://www.youtube.com/watch?v=66wzdFYAIGk
add:
https://www.youtube.com/watch?v=IFFBSRT-8nM
فيديوهات عندى عن الشهيد مينا دانيال + الشاعر ماس أختفت من النت.
ملحوظة : يوم المذبحة كان السيسى مديرا للمخابرات الحربية.
تحياتى. مجدى سامى زكى
Magdi Sami Zaki


2 - محمد ناصر- فى ذكرى مذبحة ماسبيرو
Magdi ( 2023 / 2 / 26 - 16:38 )
لا يفوتكم هذا الفيديو الموجز والمؤثر
محمد ناصر- فى ذكرى مذبحة ماسبيرو : الدم هيفضل لعنة بتطارد القاتل حتى لو طال الزمان
https://www.youtube.com/watch?v=MgQr5PRn4BA
---
قال: المسيحيين الغلابة = المسلمين الغلابة..محرومين من البنى التحتية والخدمات.
الشهيد مينا دانيال = الشهيد خالد سعيد.
ذكر السيسى ( كان مديرا للمخابرات الحربية يوم وقوع مذبحة ماسبيرو ) والبابا تواضروس الذى نسب المذبحة كذبا للأخوان المسلمين.
قال أيضا: القاتل واحد : العسكر ( حمدى بدين.. ) بتغطية من قيادات دينية : الأزهر والكنيسة .
تحياتى: مجدى سامى زكى
Magdi Sami Zaki

اخر الافلام

.. إليكم مواعيد القداسات في أسبوع الآلام للمسيحيين الذين يتّبعو


.. مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي: عدد اليهود في العالم اليوم




.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله


.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط




.. 102-Al-Baqarah