الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عندما نغترب في بلدنا

محمد حسين يونس

2023 / 2 / 26
المجتمع المدني


.. الصديق رسام الكريكاتير بهجت عثمان ..الذى غادرنا منذ عام 2001.. هو صاحب التعبير الذكي ((الجالية المصرية في مصر)) ..الذى صكه في ثمانينيات القرن الماضي .
ولقد ضمني للجالية بعد أن قرأ كتابي (( خطوات علي الأرض المحبوسة )) فور صدوره عام 1982م من دار المستقبل العربي ثم صمم غلاف كتابي (( علي شفا الموت علي شفا الجنون )) و دارت بيننا أحاديث طويلة عما أحدثة إنفتاح السادات من تشويه في بنية المجتمع .
مع ذلك ورغم دقة التعبيرفي وصف تلك المرحلة إلا أنه لم يصبح صادقا فى يوم بالقدر الذى هو عليه الآن (2023 ).
فنحن نعيش غرباء فى هذا الوطن ، منكمشين ، ملعونين ، مطاردين ،مهددين من أنصاف متعلمين أو جهلة أميين بعد أن حصرونا (نحن معدومي الحيلة) في مساحات تأثير ضيقة ..بخداعهم و قوانينهم و دستورهم .. وهددونا بكتبهم الصفراء وسيوفهم البتراء و مليشياتهم و جباتهم .. وكبلونا بالإحتياج وإستنزاف الثروات ..و بجهازأمني إدارى معوق .. حتى تدهور الحال وأصبحت هذه البلد من عداد الامم الفاشلة التي تتسول قوت يومها و تقترض من كل من هب و دب بدون خجل ..و تصل الفاقة بأهلها إلي حد محبط لم يتمناه أكثر الناس عداوة للمصريين .
أعضاء الجالية كما حدد الأستاذ بهجت صفاتهم .. ينطبق عليهم قول الشاعر محمد عفيفي مطر عن نفسه ((حياتى مغسوله بعرقى،ولقمتى من عصارة كدحى وكريم أستحقاقى ،لم اغلق باب فى وجه أحد، لم أخطف شيئا من أحد،ولم أكن عونا على كذب أو ظلم أو فساد )) الله يرحم كل منهما .
طبقا لهذا التعريف كانت الجالية تضم عشرات من هؤلاء الذين تقوقعوا بعيدا عن السوق ممتنعين عن التهليب مكونين جماعة صغيرة مندهشة مرعوبة.. من ما يجرى حولها .
و لكن مع مرور الزمن (خلال العقود الثلاثة التالية) زادت أعداد المؤهلين للإنضمام للجالية تباعا بعدما بدأ التحول بالاقتصاد الي السرقة و النهب و إستغلال النفوذ وأصبحت سلوكياته سائدة في المجتمع .
ثم جاء التسونامي ..او التوسع الأكبر لعدد المنضمين بعد أن ملك أرض مصرتحالف أصحاب القوى العسكرية و الامنية و رجال الاعمال من الكومبرادور وبنوا القصور و القلاع و المدن المحصنة .. و إستولوا علي المليارات المتبرع بها أو المستدانة .. و سلموا عرق و جهد المصريين لصندوق النقد يمتص ثرواتهم ويفقرهم .
ليضاف للجالية طوابير من معدمي العمال و الفلاحين والموظفين ..و التجار ..و كل من لا يمتلك الملايين .. يعيشون غرباء مندهشين علي أرض كانت في يوم ما وطن .
فمصر خلال العقد الماضي لم تعد تعتني وتجذل العطاء إلا لمن يمتلك نقودا أو سلطة .. للعسكر و تجار الدين و المهلبتية من رجال الاعمال ..و دقاقي الصنج والطبول و الراقصين في موجات المولد اللي صاحبة غائب ..
و إنقرض تباعا ما كان شائعا من نماذج زماننا الذين يؤمنون بالدفاع عن القضايا الوطنية و القومية .. و يبشرون بالنهضة والمعاصرة و يسعون نحو أنوار الثقافة و العلم .. و صارأصحابها أغرابا .. وأيتاما علي موائد اللئام . و أصبحت الجالية اليوم تضم حوالي سبعين مليون غريب عن المكان .. من الرجال والنساء و الأطفال الساقطون طبقيا و الذين يكدون بحثا عن وجبة عشاء .
القائمة المستجدة ضمت تجار معسرين بسبب المنافسة الظالمة مع تجارة الجيش و الشرطة و المخابرات و عمال و فلاحين عاطلين بسبب غلق مصادررزقهم ....وفنانين محاصرين بالرقباء فى كل مجال يشوهون السينما ، المسرح ، الرسم ، والنحت (ذلك الفن الذى علي وشك الانقراض ) وكل من يقف اليوم في السوق أمام شوادر بضائع (أهلا رمضان ) و يدعو علي اللي كان السبب..و كل من يرى حجم الفساد المستشرى والنفوذ السلفي و العشوائية في إتخاذ القرار و يصمت لا يستطيع التعليق أو الإعتراض.
و هكذا إذا إستمر الأمر على ما هو عليه ..و إشترى بلدنا أغنياء المنطقة .. فبعد إذن حضرات الأعضاء سينضم للجالية المصرية في مصر .. العديد من الفئات والجماعات. التائهه والمضطهدة المهمشة . لتصبح أكبر حزب جماهيرى .. شهدته البلاد منذ غياب الوفد في خمسينيات القرن الماضي ..
وسينتشر أفرادها في جميع ربوع المهجر من الاسكندرية حتى أسوان .. و من رفح حتي السلوم ..بعد أن كان مقر الجالية غرفة المعيشة في شقة بمنيل الروضة / القاهرة حيث كان يعيش العميد. . و يتصل بالجالية بالتليفون .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أستاذنا الكريم
عدلي جندي ( 2023 / 2 / 26 - 14:31 )
الغربة طالت الأغلبية سيان الغرباء من أتباع الجالية المصرية بمصر أو من تعرفوا على أمل العودة لحضن وطن أمعن سارقوه في إكراههم على الغربة
عندما أتذكر عصر الأوهام الناصري وبداية عصر الإستحواذ البدوي الساداتي نهاية بعصر الإندحار والهوان السيساوي أشعر بمرارة الغربة مضاعفا
تحياتي


2 - فضح العصابه
على سالم ( 2023 / 2 / 26 - 21:10 )
استاذ محمد اكيد نحن الان نعيش فى وقت مختلف وربما له امتيازات عما كان فى الماضى واقصد هنا الاعلام ,السوشيال ميديا والقنوات الفضائيه والانترنت اصبحوا أذرع قويه لفضح الحراميه واللصوص والبلطجيه من بغال العسكر المصريين الاانجاس , انا اعتقد بشكل كبير ان غالبيه المصريين يعرفوا الان ان عدوهم اللدود هو الجيش المصرى الحرامى البلطجى العربيد , هنا يجب ان افرق بين عساكر الجيش المصرى وهم الغالبيه مستضعفين فقراء اذلاء ولاحول لهم او قوه ونسبه كبيره منهم يعملوا بالسخره فى قصور وفيلات فصيل اللواءات والعمداء والعقداء اللصوص المتوحشين والذين يستعمروا مصر بالحديد والنار منذ سبعين عام سوداء , اعتقد ان صوره قيادات الجيش الفاسد اصبحت سلبيه ومكروهه جدا بين فئات الشعب المستباح المعدم وكثره الضغط يولد الانفجار , هل نحن الان فى بدايه طريق لكراهيه شديده وثأر من الشعب الى الجيش المتعجرف الغبى الذى يذل انفاسه ويسرق قوته ويسحق كرامته , هل ممكن هذا يؤدى هذا قريبا الى بدايه حرب اهليه بين الجيش البلطجى والشعب المقهور ؟ سؤال وجيه ولااعرف الاجابه عنه


3 - الأستاذ عدلي جندى
محمد حسين يونس ( 2023 / 2 / 27 - 05:26 )
أشكر مرور حضرتك .. نعم منذ 1954 و إتخاذ الضباط قرار بالبعد عن الديموقراطية .. و السير علي درب الديكتاتور العادل ( الذى مع الأيام لم يعد عادل ) .. و البلد في تغير .. فظيع أصبحت طاردة للأبناء .. بعدما كانت ملجأ لكل الأحرار و الفنانين .. في المنطقة ..و الأن يحدث تحول جديد .. فاصبحت طاردة لأبنائها و لكنها تستقبل كل من هب ..و دب .. و معه أموال يشترى بها منشئاتهم القبيحة .. مصر التي تعرفها إنتهت .. و نحن من نعيش علي أرضها في شوق لها .. مماثل لشوقك و أنت تعيش علي بعد الأف الأميال .. تحياتي .


4 - الأستاذ علي سالم
محمد حسين يونس ( 2023 / 2 / 27 - 05:48 )
أشكر مرور سيادتك .. وإضافاتك و تساؤلاتك .. المصريون في أغلبهم أميون يجهلون القراءة .. و الكتابة .. حتي لو كانوا متعلمين و يحملون شهادات جامعية .. هم لا يقرأون .. و يعتمدون علي ثقافة سمعية .. من الجامع أو الكنيسة .. و التلفزيون ..و الإذاعة .. و تناقل الإشاعات ..و الفضائح .. بينهم .
لذلك هم لا يهتمون بمن يسرقهم .. أو يضطهدهم أو يستغلهم .. فسيجدون دائما وسيلة للتخلص .. من مضايقاته .. تتصور أنك لا تجد محل فاتح أبوابه إلا بعد الحادية عشر صباحا.. علشان الموظفين يكونوا تعبوا .. و رجعوا مكاتبهم .. و يفضل التاجر سهران طول الليل ..و هو أمن منهم .. قريبا أغلق التجار محالهم .. وزفوا بتوع الضرائب .. في الشارع عندما حاولوا تحصيل بعض الرسوم .
الناس دلوقت طالع عينها بسبب موجة غلاء الأسعار .. و تتضرر علني .. و تسب و تلعن .. لكن مش فاهمة إيه السبب .. لذلك لم يتحول بعد الضيق لكراهيه و ثورة ضد مضطهديهم .. تحياتي

اخر الافلام

.. حرارة الجو ..أزمة جديدة تفاقم معاناة النازحين بغزة| #مراسلو_


.. ميقاتي: نرفض أن يتحول لبنان إلى وطن بديل ونطالب بمعالجة ملف




.. شاهد: اشتباكات واعتقالات.. الشرطة تحتشد قرب مخيم احتجاج مؤيد


.. رغم أوامر الفض والاعتقالات.. اتساع رقعة احتجاجات الجامعات ال




.. بريطانيا تبدأ احتجاز المهاجرين تمهيداً لترحيلهم إلى رواندا