الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثلاثة مواقف

عزيز سمعان دعيم

2023 / 2 / 28
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


في كلّ "مصيبة" أو حادث مؤلم، مثل هزّة أرضية، وباء، جوع، حرب، حريق، فيضان وغيرها الكثير… من الأمور التي قد تودي بحياة كثيرين وتؤذي الأفراد أو المئات والآلاف، وتشرد الملايين في بعض الأحيان، غالبًا ما يتبنى كلّ واحد منّا، واحدًا من ثلاثة مواقف، بتنوع مقاييسه وامتداداته:
* الموقف الأول: يتراوح بين إدانة وحتى الشماتة بمن تأذوا، من الحكم عليهم بأن ما حصل لهم هو ضربة من السماء لأنهم أشرار جدًا (ناسين حقًا أننا نحن خطاة، وناسين الخشبة التي في عيوننا، مكبّرين القذى التي في عيون الآخرين)، حتى الفرح لأجل الضرر والخراب الذي حصل لهم. هذا الموقف مبني على تذويت قيم مناقضة لقيمة المحبة، كالكراهية ومرادفاتها.
* الموقف الثاني: موقف اللامبالاة وعدم الاهتمام، فما يحصل الآخرين لا يهمني كلّما كان الأمر بعيدًا عني. وهذا التوجّه مؤسسًا على الافتقار للمحبة، وتبني موقف عدم الاهتمام والشعور بآلام الآخرين.
* الموقف الثالث: موقف التعاطف مع الآخرين، يمتد من تمني الخير والشفاء لهم، مرورًا بالاحساس بوجعهم وبمدّ يدّ المعونة والعطاء لهم عندما تكون الفرصة متاحة. هو توجّه مبني على قيمة المحبة وقد تمتد لمستوى قيمة التضحية.

وعليه نعلم أن أحداث مثل هذه قد تحدث وستحدث لاحقا للأشرار والأبرار، وقد أعلمنا الرّبّ يسوع "سَوْفَ تَسْمَعُونَ بِحُرُوبٍ وَأَخْبَارِ حُرُوبٍ. اُنْظُرُوا، لاَ تَرْتَاعُوا… لأَنَّهُ تَقُومُ أُمَّةٌ عَلَى أُمَّةٍ وَمَمْلَكَةٌ عَلَى مَمْلَكَةٍ، وَتَكُونُ مَجَاعَاتٌ وَأَوْبِئَةٌ وَزَلاَزِلُ فِي أَمَاكِنَ.״ (متى 24: 6 و 7. ولوقا 21: 10, 11, 13).
لذلك واجبنا كمؤمنين:
1. ألا ندين وألا نحكم على المتضررين.
2. ألا نتخذ موقف اللامبالاة وعدم الاهتمام بما يحصل للآخرين القريبين والبعيدين.
3. بل نتعاطف مع المصابين والمتألمين من خلال الصلاة، نصلي لأجلهم، لأجل تعزية لعائلات المتوفين، لأجل شفاء للمصابين، لأجل مأوى للمشردين، وأن نقدم إن أمكن ما نستطيع لمساعدتهم. "فَرَحًا مَعَ الْفَرِحِينَ وَبُكَاءً مَعَ الْبَاكِينَ. مُهْتَمِّينَ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ اهْتِمَامًا وَاحِدًا، غَيْرَ مُهْتَمِّينَ بِالأُمُورِ الْعَالِيَةِ بَلْ مُنْقَادِينَ إِلَى الْمُتَّضِعِينَ. لاَ تَكُونُوا حُكَمَاءَ عِنْدَ أَنْفُسِكُمْ." (رومية 12: 15,16).

والأهم أن نلتفت لرسالة الرّبّ لنا وللآخرين من خلال هذه الأحداث ألا وهي رسالة "التوبة". فهذه الأحداث إن صغُرت أو كبُرت فهي رسالة إنذار للأحياء، لنلتفت للرّب ونعود إليه تائبين طائعين، مُسَلِمِين القلب والإرادة لمشيئته الحكيمة.
وعلينا ألا نتجاهل طرق الوقاية في كلّ حالة من حالات الطوارئ، وإن كانت هنالك أمورًا نستطيع القيام بها مسبقًا لنكون أكثر أمانًا فلنعملها، فالرّبّ اعطانا نعمة وحكمة لنتعلم كيفيّة التصرف في مثل هذه المواقف من أجل الوقاية واتخاذ الحيطة.
فوق الكلّ، وقبل الكلّ، ألا نقلق أو نرهب لأن الرّبّ معنا. ״فَمَاذَا نَقُولُ لِهذَا؟ إِنْ كَانَ اللهُ مَعَنَا، فَمَنْ عَلَيْنَا؟״ (رومية 8: 31). وكذلك نحن له وبحمايته، ولتعمل مشيئته فينا كما يريد، فهو إلهُنا الصالح "لأَنَّنَا إِنْ عِشْنَا فَلِلرَّبِّ نَعِيشُ، وَإِنْ مُتْنَا فَلِلرَّبِّ نَمُوتُ. فَإِنْ عِشْنَا وَإِنْ مُتْنَا فَلِلرَّبِّ نَحْنُ.״ (رومية 14: 8).
ولنتذكر حديث حكمته ونعمته، ولننتبه لرسالة التوبة المتضمنة في كلّ حدث:
"وَكَانَ حَاضِرًا فِي ذلِكَ الْوَقْتِ قَوْمٌ يُخْبِرُونَهُ عَنِ الْجَلِيلِيِّينَ الَّذِينَ خَلَطَ بِيلاَطُسُ دَمَهُمْ بِذَبَائِحِهِمْ. فَأجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُمْ:
«أَتَظُنُّونَ أَنَّ هؤُلاَءِ الْجَلِيلِيِّينَ كَانُوا خُطَاةً أَكْثَرَ مِنْ كُلِّ الْجَلِيلِيِّينَ لأَنَّهُمْ كَابَدُوا مِثْلَ هذَا؟
كَلاَّ! أَقُولُ لَكُمْ: بَلْ إِنْ لَمْ تَتُوبُوا فَجَمِيعُكُمْ كَذلِكَ تَهْلِكُونَ.
أَوْ أُولئِكَ الثَّمَانِيَةَ عَشَرَ الَّذِينَ سَقَطَ عَلَيْهِمُ الْبُرْجُ فِي سِلْوَامَ وَقَتَلَهُمْ، أَتَظُنُّونَ أَنَّ هؤُلاَءِ كَانُوا مُذْنِبِينَ أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ النَّاسِ السَّاكِنِينَ فِي أُورُشَلِيمَ؟
كَلاَّ! أَقُولُ لَكُمْ: بَلْ إِنْ لَمْ تَتُوبُوا فَجَمِيعُكُمْ كَذلِكَ تَهْلِكُونَ». (لوقا 13: 1-5).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي: عدد اليهود في العالم اليوم


.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله




.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط


.. 102-Al-Baqarah




.. 103-Al-Baqarah