الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسموا شخصية آدم من وهم الخيال!!

عدنان سلمان النصيري

2023 / 3 / 3
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


بالرغم من كل ما جاءت به الأساطير المتاخرة، فقد غاب عنها الكثير من الأمور المهمة بالكشف عن شخصية (آدم) المزعومة بعد محاولة اقتطاعها افتراضيا وبشكل مختزل من التاريخ العميق للانسانية.
ولم يتناولوا عبرها إلا الجانب المتقدم والمضيء للتصوير والتقديس، وحسبما صرنا نقرأه اليوم بطريقة تأثير المتوارثات الداخلية والخارجية في عملية النزاع والارتزاق وممارسة كل اشكال التسلط الفكري. وحصر التعبير على طبيعة السلوكيات ومحاولة ارجاع الارهاصات الانسانية برمز ذكوري واحد كني باسم (آدم)، وكأنه اريد له ان يكون الضحية الذكورية أثناء إلقيام باشباع نزوته المرهونة في الجنس الاخر.
وبعد ان اعتبر أول مؤسس مفترض لذريته الحالية على الأرض، ضاربين بطبيعة نشوء سلالات البشر الاول عبر مئات الألوف من السنين عرض الحائط.. وليقحموا حقاقق أخرى بطريقة الانغمار في الخيال العاطفي والمصلحي، المدفوع بتيار الوهم والتوهم نحو التشبث بكل ما لا تطوله اليد وتبتغيه الروح من رغبات، والوقوع في مطبات هذا الخيال. انطلاقا من الترفع على كل المخلوقات الأخرى المهمشة والغير الناطقة على الأرض.
وليصنعوا من نتائج هذه الارهاصات الانسانية.. عنوانا أو روبوتا وهميا صاروا يؤسسون عليه بداية مجد للانسان العاقل الجديد، خلافا لكل الوقائع واللقى الأثرية والالواح الطينية والمتحجرات المكتشفة، التي تؤكد بنشوء اكثر من سلالة للبشر عبر التاريخ، الذي يسبق حقبة آدم المزعومة، والتي لم تتطرق إلى طبيعة خلق آدم باي شكل من الأشكال ، وعلى عكس الذين حاولوا التأسيس لهذا التاريخ، الذي اخذ يقتبس الكثير من الرموز والشخصيات من الأساطير السابقة، وليحولوها إلى مشهديات خاصة، صارت موروثات للعقائد والاديان الحالية.
وبعد ان وجدوا بهذا الرمز (آدم) خلاصة مستخلصة لِما يفكر به الإنسان المبتدع، انطلاقا من الحاجات والرغبات والاحلام التي تعتريه ارضاءا لعقله الباطن وتبريرا انهزاميا من الواقع. غير مبالين بانتهاج كل الوسائل المتحذلقة للالتفاف والمناورة على الحقيقة، من اجل بناء صروحًا من هذا الوهم في مروج الخيال، مستعينين بكل الأدوات الأخرى كالطلاسم والقوى الغيبية ليدرءوا بها هذا العنوان الخالد للانسان المفترض، وبكل ما يزعجه أو يتفاءل به لتأمين طريق رحلة حياته الطويلة، ومن احتمالية كل تهديد منظور، أو خفي قد زرعه في نفسه من خلال إرهاصاته الدائمة ومعاناته من شظف العيش، والخوف من خفايا الطبيعة والأقدار، وليكون أول المنظرين المفترضين بإيجاد فرص الارتزاق وتنظيم التحكم والتسلط بمقادير نخبوية عقائدية مرصودة من شلة بعينها تحاول لوّي عنق الحقيقة بتتويه الفكر الانساني .
وعلى هذا الأساس من التصور الفلسفي السقيم ، فقد سوّغوا لصناعة شخصية(آدم)، وان يجعلوا لذريته المزعومة حرية التجول في مروج الوهم والخيال، والابتداع عبر الأجيال، وصناعة رموز وطبقات دينية مشروعة بالتقديس والولاء من داخل العقيدة، كأسياد وكهنة ورجال افتاء، إضافة إلى ادوات ترهيب مساعدة في صب اللعنة والانتقام لكل من يخفى المعارضة والتمرد وعدم الموالاة.
ناهيكم عن تكريس استخدام سلاح خطير ذو حدين يتمثل بعنوان (الشيطان) ، الذي جعلوه شخصية مركزية عظيمة بعد الخالق الاعظم.. يفوق كل الصلاحيات للملائكة، وليجعلوه وسيلة وغاية اغرائية لتبرير التردد والنكوص في النفوس الضعيفة التي لا تقوى على الصمود والتضحية في استمرار الموالاة.. و كذلك في إعادة غرس الإعتقاد بمجرد التخلص من هذا المتسلط، سيجعلهم يعيشون بامن وسلام ابدي، بالرغم من وجود إقرار مبدئي لفلسفات قديمة، بان الخير والشر قوتان متجاذبتان ومتنافرتان في الطبيعة خارجة عن الإرادة الانسانية التي تفتقد للادراك السليم والحكمة. الا أن الانقلاب على هذه المفاهيم بدأ يتبلور من جديد داخل النفوس والارتهان للقوى الغيبية والاعتقاد بالجن والشياطين بشكل كبير، مادام الضعف وقلة الصبر والارتهان للنزوة باشكالها المختلفة بات ديدن للبشرية.
والحد الاخر يكمن بديمومة الشيطان بايقونتة المؤثرة، وهو الذي يشكل حبلا ممدودا يستعان به من الخطائين والتوابين، لتعليق كل الأخطاء والاعمال المشينة سواءا المرصودة أوالخفية، لتعديل مسار الطريق من جديد في الموالاة للمعتقد بدون تفكير بمعارضته مرة أخرى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف تفاعل -الداخل الإسرائيلي- في أولى لحظات تنفيذ المقاومة ا


.. يهود يتبرأون من حرب الاحتلال على غزة ويدعمون المظاهرات في أم




.. لم تصمد طويلا.. بعد 6 أيام من ولادتها -صابرين الروح- تفارق ا


.. كل سنة وأقباط مصر بخير.. انتشار سعف النخيل في الإسكندرية است




.. الـLBCI ترافقكم في قداس أحد الشعانين لدى المسيحيين الذين يتب