الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدين الإبراهيمي بين الإمارات والفتاوي الشرعية السعودية

بدر الدين العتاق

2023 / 3 / 4
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


إذا سمح لي معالي السيد رئيس تحرير الصحيفة بنشر هذا المقال المعنون عاليه؛ فأنا له شاكر بلا حدود؛ وهو كما عودني دائماً بالنشر دون استئذان فله التقدير وللقارئ الكريم أيضاً.
إشارة للموضوع أعلاه وبما يتداول في الأسافير الإلكترونية عن عزم الإمارات العربية المتحدة قيام البيت الإبراهيمي في بلادها ، حيث ردَّت بأنَّ : الغرض منه دعم العلاقات الإنسانية العالمية والأخوية والبحث عن قواسم مشتركة بين الديانات السماوية وليس كما يشاع في الأسافير والبلاد العربية ؛ الأمر الذي نفاه أيضاً معالي الدكتور علي راشد النعيمي؛ رئيس الدفاع والداخلية الإماراتي في تغريدته بتاريخ اليوم ٢٨ / ٢ /٢٠٢٣ وقال بأنَّ الفتوى الصادرة عن اللجنة الدائمة للإفتاء في المملكة العربية السعودية حول وحدة الأديان وشيوعها في الميديا بصورة كبيرة لها أكثر من ستة وعشرين سنة؛ ولها دوافع معينة من الذين نشروها في هذا التوقيت بالذات؛ راجع الميديا وتويتر لمزيد من المعلومات للدكتور علي النعيمي.
ما أود التعليق عليه هنا حول البوست الخاص بفتوي اللجنة الدائمة للإفتاء في المملكة العربية السعودية حول وحدة الأديان أو ما يسمى بالبيت الإبراهيمي؛ وبغض النظر عن قِدَمِه في النشر أو حداثته؛ وبالتالي يكون الرد ضمناً على دولة الإمارات العربية المتحدة ولمن يهمهم الأمر على النحو التالي وحسب ما جاء في نص الفتوى :
١ / يُشكر للجنة المعنية السعودية غيرتها على الدين الإسلامي المحمدي من بابي العقيدة والشريعة فجزاهم الله خير الجزاء وبارك فيهم؛ وأود أن أوضح ما أمكن وبقدرتي المتواضعة ما لبس عليهم في التفريق بين العقيدة الإسلامية من حيث هي دين رسولي محمدي خاتم لكل الأديان السماوية والتي تربط أسباب السماء بأسباب الأرض؛ وبين تعريف الشريعة الإسلامية كما جاءت في القرآن الكريم نصاً صريحاً لا لبس فيه / سورة الأنعام آية ١٥١؛ ١٥٢؛ وسورة الإسراء آية 23 -39 باستثناء بعض الآيات / وسبق أن نشرت في هذا الموضع التفريق بين الشريعة الإسلامية وبين الدين الإسلامي المحمدي؛ ولمن أراد المقال فليرجع لأرشيف الصحيفة بمقرها في الخرطوم؛ لمزيد من المعلومات كما أنبه معاليهم بخطأ تسنيدهم الآيات في غير موضعها الصحيح؛ راجع تأويلنا للقران الكريم كتاب " الزمن في الإسلام " تحت الإعداد.
٢ / قالت اللجنة : { أنَّه لا يوجد على وجه الأرض دين حق سوى دين الإسلام وأنه خاتمة الأديان } قلت : ولعلهم يقصدون الدين المحمدي لأنَّ هناك فرق بين التكاليف الرسولية من محمد - عليه السلام - لأمته وبين دستورية الإسلام العام الذي يدين بالخضوع كلية لله تعالى وهنا موضع القصد من التنبيه ، وهذه كلمة حق لكنها ناقصة البيان؛ فإنَّ تعدد الأديان في البشرية لهو ضارب بجذوره باطن الأرض العقدية للناس وقد ذكر الله تعالى في سورة الزمر ذلك { قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي (14) فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُمْ مِنْ دُونِهِ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ (15) } راجع تأويلنا لسورة الزمر، وهذه الأديان الوضعية خطأ من ناحية القصد بعبوديتها لغير الله تعالى فهو اقرَّاها ولكنه غير راضٍ عنها؛ هذا في العموم.
أمَّا في الخصوص؛ فقد ارتضى الله تعالى أن يعبد في الأرض وفق ما جاء به الأنبياء المرسلين عليهم السلام وهي الديانات التي استقرت بين ظهراني الكوكب من الأديان الثلاث : الإسلامية المحمدية؛ المسيحية العيسوية؛ اليهودية الموسوية؛ فهذا هو الذي رضاه الله للبشر؛ دون الخوض في التفاصيل؛ راجع سورة آل عمران { إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ (33) ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } لمزيد من المعنى .
٣ / قالت اللجنة : { إنَّ كتاب الله تعالى القرآن الكريم هو آخر الكتب نزولاً وعهداً برب العالمين؛ وأنه ناسخ لكل كتاب أنزل من قبل؛ من التوراة والزبور والإنجيل وغيرها ومهيمن عليها } قلت : هنا خطأ لغوي في " غيرها" الصحيح : غيرهم؛ لأنَّهم جمع .
صحيح إنَّ القرآن الكريم هو آخر الكتب نزولاً لكنه ليس بناسخ لكل كتاب أنزل من قبل فهذا خطأ! والصواب إن شاء الله : إنَّ القرآن الكريم أقرَّ الكتب السماوية التوراة والإنجيل والزبور / والزبور غير موجود الآن لكن نؤمن به بلا شك / ومهيمن عليهم لأنَّه حوى من أصول الشريعة الإسلامية الإنسانية العالمية ما هو مثبت في التوراة والإنجيل / راجع كتابنا تحت الإعداد "الفكرة الإنسانية العالمية" والميديا واليوتيوب لمزيد من التوضيح / وهي عشرة قواعد أساسية دستورية لكل البشر؛ وقد أقرَّ القرآن الكريم هذه الكتب ومعتنقيها ومعتقديها والعاملين بها في سورة آل عمران { إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ (33) ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } والمائدة ( آية : 43 – 47 ) والفتح آية ( 29 ) وغيرهم؛ فكيف تقول اللجنة الموقرة بفتوى خارج إطارها السندي القرآني الصحيح الذي كان من الأولى فهمه ومراجعته قبل إصدارهم لها؟! .
٤ / قالت اللجنة : { يجب الإيمان بأنَّ التوراة والإنجيل قد نُسِخَا بالقرآن } قلت : وهذا خطأ! تم بيانه عاليه فلا يمكن لأي بشر كان أن يعدل أو يحذف أو يغير أو يضيف لمراد الله تعالى فيما أثبته بين دفتي المصحف؛ راجع السور المذكورة؛ ولا أشك مطلقاً في حسن النوايا حين صدرت هذه الفتوى لكن أشك للغاية في فهمهم للنصوص القرآنية بما لا يدع مجالاً للشك.
5 / قالت اللجنة : { وأنَّه قد لحقهما التحريف والتبديل بالزيادة والنقصان؛ كما جاء ذلك في آيات من كتاب الله الكريم }؛ قلت : هذا التحريف والتبديل بالزيادة والنقصان؛ أمر لا يعني المحمديين في شيء؛ فأمرهم لله تعالى؛ ثم أكرر وأقرر: إنَّ اللجنة الموقرة ومن شايعها لم تدرك فهم النصوص القرآنية ولا مقاصدها وعليهم بالرجوع لأصل النص وتسلسل أحداثها ليجدوا ضالتهم فيه.
6 / قالت اللجنة : { ومن أصول الإسلام أنَّه يجب اعتقاد كفر كل من لم يدخل في الإسلام من اليهود والنصارى وغيرهم؛ وتسميته كافراً ممن قامت عليه الحجة؛ وأنَّه عدو لله ورسوله والمؤمنين؛ وأنَّه من أهل النار }؛ قلت : ( يجب اعتقاد كفر...إلخ ) معناها : الواقع يخالف ذلك الإيجاب أو الوجوب؛ فينبغي البحث في عدم تطابق الواقع مع النص الذي تقوم عليه فكرة الآية عن قضيتي الكفر والإيمان؛ قال تعالى : { ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين } سورة هود؛ وقال تعالى : { ولو شاء الله لجمعهم على الهدى فلا تكونن من الجاهلين } سورة الأنعام؛ وبهذا يتضح مخالفة فتوى اللجنة للناموس البشري في الخلق للخالق؛ فهم يريدون السباحة عكس التيار والسير ضد حركة التاريخ والقانون السماوي لتكوين التعدد فيهم؛ وهنا أحيل اللجنة الموقرة بمراجعة موقفها من فهم النصوص القرآنية ومقاصدها وحكمة الله في وضع دستور لا يعروه النقص ولا القصور؛ تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً؛ من جديد؛ راجع سورة المائدة وقوله تعالى : { لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجاً ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة ولكن ليبلوكم فيما اتاكم؛ فاستبقوا الخيرات؛ إلى الله مرجعكم جميعاً فينبئكم بما كنتم فيه تختلفون } .
ثم الحكم المسبق والقبضة على صكوك الغفران وتوزيع الجنة والنار لمن يشاء أحدهم؛ فهذا يخالف نصاً صريحاً من القرآن ، قال تعالى : { وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق؛ يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين * ومالنا لا نؤمن بالله وما جاءنا من الحق ونطمع أن يدخلنا ربنا مع القوم الصالحين * فأثابهم الله بما قالوا جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك جزاء المحسنين * والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم } سورة المائدة؛ الآية تتحدث عن المسيحيين؛ / راجع سورة الكهف؛ فهي تتحدث عن المسيحيين أيضاً / فكيف فات على اللجنة المحترمة هذه النصوص الصريحة ؟! لزاماً عليها مراجعة وضبط الفهم عن النص القاطع جيداً قبل البدء في إصدار الفتاوى وتوزيع صكوك الغفران لمن أرادوا .
7 / قالت اللجنة : { إنَّ الدعوة إلى وحدة الأديان إن صدرت من مسلم فهي تعتبر ردة صريحة عن دين الإسلام }؛ قلت : فلتحدثني اللجنة الموقرة عن نص قرآني واحد فقط واجابة مباشرة تقول بالردة لمن بدَّل دينه؛ الآية التي ذكرت الردة في الدين بسورة البقرة تشير إلى القتال والجهاد في سبيل الله ولا تشير إلى ردة المعتقدات؛ ذلك؛ فإنَّ الله يقول : { لكم دينكم ولي دين } سورة الكافرون؛ فهل تتعارض النصوص القرآنية فقط مع بعضها البعض أم التعارض في فهمنا نحن لها حيث يجب فك التعارض والإشكال والتساؤل إن وُجِدَ بقليل من التريث والتدبر إن شاء الله؟ .
8 / قالت اللجنة : { فهي فكرة مرفوضة شرعاً ومحرمة قطعاً بجميع أدلة التشريع في الإسلام من قرآن وسنة واجماع } قلت : وما يلي من تبرير لها بأنَّه يخالف التشريع في الإسلام ؛ فهو محل مراجعة وضبط بلا شك إذ التحريم مبين في القرآن الكريم ولا يوجد أي نص قرآني ثابت ومباشر يقول بتحريم ما ذهبت إليه اللجنة؛ وعليهم إلزاماً ايراده إن وجد.
9 / قالت اللجنة : { كما لا يجوز لمسلم الاستجابة لدعوة : (بناء مسجد وكنيسة ومعبد) في مجمع واحد؛ لما في ذلك من الاعتراف بدين يعبد الله به غير دين الإسلام، وإنكار ظهوره على الدين كله، ودعوة مادية إلى أن الأديان ثلاثة، لأهل الأرض التدين بأي منها، وأنها على قدم التساوي، وأن الإسلام غير ناسخ لما قبله من الأديان،( ولا شك أن إقرار ذلك واعتقاده أو الرضا به كفــر وضلال ؛ لأنه مخالفة صريحة للقرآن الكريم والسنة المطهرة وإجماع المسلمين) } انتهى .
قلت : راجع الآيات من سورة المائدة ( 43 – 47 ) ثم الآيات من سورة الأنعام ( 151 – 152 ) ثم الآيات من سورة الإسراء ( 23 – 39 ) باستثناء بعض الآيات ، فهذه الآيات جمعت التوراة والإنجيل والقرآن في كتاب واحد من ناحية الشريعة الإسلامية الإنسانية العالمية ، موضع وجوب مراجعة قرار فتوى اللجنة الموقرة .
10 / بقية قرار وتقرير اللجنة يدخل في حاق التوصية والتحذير والاجتهاد بلا نص قرآني مما سبق بيانه عاليه فيوضع في موضعه من باب التوصية والحث والتحذير ولا حرج من ذلك طالما باب الاجتهاد مفتوح على مصراعيه بلا حجر ولا حكر ولا حصر لرأي دون الآخر دون احترام وحفظ لحقوق الإنسان في حرية التعبير وإبداء الرأي العام الذي أقرَّه القرآن { لكم دينكم ولي دين } سورة الكافرون؛ ما لم يتجاوز حريته حرية الآخرين فتصادر منه طبقاً للقانون ، وعلى الله قصد السبيل ومنها جائر ولو شاء لهداكم أجمعين .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما سبب الاختلاف بين الطوائف المسيحية في الاحتفال بعيد الفصح؟


.. نشطاء يهود يهتفون ضد إسرائيل خلال مظاهرة بنيويورك في أمريكا




.. قبل الاحتفال بعيد القيامة المجيد.. تعرف على تاريخ الطائفة ال


.. رئيس الطائفة الإنجيلية يوضح إيجابيات قانون بناء الكنائس في ن




.. مراسلة الجزيرة ترصد توافد الفلسطينيين المسيحيين إلى كنيسة ال