الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
فلسفة الفرد و الجماعة , و جدل الانا والهوية
حسام سعد حسن
كاتب
(Husam Saad Hasan)
2023 / 3 / 4
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
بقلم : د. حسام سعد حسن
ان اعلان المعلم الاول (ارسطو طاليس) ان الانسان ( حيوان ناطق) هو بمثابة اسدال او انهاء عن البحث في كينونة الانسان وماهيته و هو جواب عن سؤال استاذه الاكبر (سقراط ) اعرف نفسك ؟ ، ليقتصر البحث الفلسفي في العصور اللاحقة عن اسئلة الماهية و الوجود ( الانطولوجيا) للعالم دون الانهمام في البحث في الذات الانسانية وعوالمها الخاصة والغامضة حتى بلغ بالمفكر الفرنسي المعاصر ( ميشيل فوكو ) القول ان الانسان كائن غاية في الحداثة ولم يتجاوز اكتشافه ( لنفسه ) سوى قرنين من الزمان .
اعاد فيلسوف (النهضة الاوربية ) ايمانويل كانط والذي اخرج نظرية المعرفة ( من الظلمات الى النور ) في كتابيه الفذين ( نقد العقل المحض و العملي ) السؤال عن كينونة وماهية الانسان بسؤاله ( السهل الممتنع) ما هو الانسان !؟ ليتفرّع هذا السؤال بدوره الى اسئلة مباشرة توجه للذات الانسانية ،ماذا تعني الحياة الإنسانية ؟ ما هي طبيعة الإنسان ؟ وعلاقته بالطبيعة الخارجية وبنفسه وبالآخرين ؟ وفيما يتمثل مغزى وجوده في هذا العالم؟ ... إن محاولة كانط الفلسفية ( مأخوذة في مجموعها ) هي محاولة عقلانية نقدية تطرح أسئلة الشرط البشري الأساسية التي لا يمكن لأحد أن يظل إزاءها لامباليا . ماذا يمكنني أن أعرف ؟ ماذا يمكنني أن أفعل ؟ ما الذي يمكنني أن أمله ؟ ثلاثة أسئلة تؤول حسب كانط نفسه، إلى هذا السؤال: ما هو الإنسان؟ إن السؤال الكانطي الرابع ما هو الإنسان ؟ قد وجد بذلك المضمون الأنثرويولوجي الذي كان يبحث عنه، بل يتفق الكثيرون على ان الاعتراف بأن مسألة الإنسان كانت في صلب الفلسفة الكانطية ما مثل استئنافا جذريا أو أحياء لمقولة سقراط " أعرف نفسك " و الشروع مجددا في أكثر المهام الفلسفية صعوبة هي و مهمة "معرفة الذات " فكانط يميّز في مفهوم الإنسان بين ثلاثة معان: 1- النوع الإنساني أو الإنسانية بوصفها جزء من الطبيعة وهو ما مثل مبحثا لفلسفة التاريخ. 2- الإنسان يوصفه كائنا عاقلا خاضعا القوانين العقل العملي أو بوصفه كائنا مستقلا أو غاية في حد ذاته ينتمي إلى مجال الكائنات العاقلة بصفة عامة. 3- والبشر بوصفهم مخلوقات أرضية تعيش في شكل اجتماعي تملك حسا مشتركا أو حس الجماعة * .
اذا كان عصر الحداثة هو العصر الذي انتج سيادة العقل واعادة الاعتبارله ليبلغ بالانسان , ما بلغ فيه من منجزات حضارية ومدنية ، فان عصر ما بعد الحداثة هو اعاد البحث ، وبشدة ، في كينونة الانسان وعلى اكثر من مستوى ، نفسيا وبايلوجيا واجتماعيا وانثربولوجيا ….وهو بحث قد تأخر كثيرا لطغيان ال (نحن ) الجمعية على ( الانا ) الفردية ، فاجتماع البشر خلال العصور المتاخرة على شكل جماعات ذات هويات متباينة صنع للانسان بعداً اساسيا اوحدا ً وتعريفا جديداً ينسجم مع موقعه داخل الجماعة ليكون الانسان بذلك كائناً هووياً بامتياز بعد ان كان حيواناً ناطقا فحسب ، فالهوية هي الحامل الاساس ل ثقافات وعادات وسلوكيات وتاريخ ومعتقدات و ذاكرة الجماعة وهي تمثل صلة الوصل بين افراد الجماعة والركن المكين الذي يأوي اليه افرادها وان الانسان لا يكون انسانا ( بحسب تعريف الهوية ) الا بالانتماء للجماعة، بل ان الانتماء اليها (اي الجماعة ) على حد تعبير المفكر الفرنسي اريك فروم ، مصدر الفخر (النرجسي ) الوحيد للفقراء اجتماعياً وثقافياً, وان البحث عن اي مبررات او تسويغات لجذور و مكونات هوية الجماعة (المتخيلة ) بحث لا طائل منه .
في الوقت الذي يشهد بطغيان الهويات الجمعية على الانا ( المنفردة ) نجد ان البحث الفلسفي يتواصل في غور اعماق الذات او ( الانا ) في محاولة لازاحة الهوية او ال ( نحن ) عنها , حيث يقرر فتحي المسكيني في كتابه المهم ( الهوية و الزمان ، تأويلات فينومنينولوجيا لمسألة ال ( نحن )) ،ان ما وقع مع الفلسفة الحديثة هو الانزياح من الهوية ( الوجود) الى ( الذات) او الانا ( افكر) ، او من الانطولوجيا الى الابستمولوجيا بوصف الانا او الذات كمصدر لمعنى الوجود .
لا تخفى اهمية الهويات الجماعية اليوم و دورها المريع في اذكاء الصراعات المختلفة حول ارجاء العالم وتصيير الانسان ( الانا ) الى مجرد ( فرد) ضمن صفوفها موظفة ً في ذلك خطاباتها الاجتماعية والدينية والوطنية لطمس هذا الفرد لصالح الجماعة , ولم تفلح العولمة ( بالرغم مما تخفيه من نزعة كولينالية ( استعمارية ) مستترة ) في صهر الهويات الجماعية في هوية جامعة واحدة (ذات طابع غربي ) , وبالذات في مجتمعاتنا الشرقية التي صيرت هوياتها الاثنية والعرقية والدينية ذوات افرادها بتحويلهم الى حطب مستعر في صراعاتها المستديمة .
ان تحرر الفرد ( الانا ) من سطوة و هيمنة الهويات الجماعية ( ال نحن ) امسى شرطاً لا غنى عنه في اعادة موضعة الانسان في هذا الوجود واعادة الاعتبار لكينونته وماهيته الحقيقية كذات حرة مفكرة و مبدعة
....................
• دليلة جبار : مجلة التربية والابستمولوجيا Volume 5, Numéro 9, Pages 124-146 2015-12-30
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. أب فلسطيني يفجع عند رؤية طفله شهيدا في مستشفى المعمداني
.. الشرطة السويدية تعنف متظاهرة في مسيرة داعمة لفلسطين
.. الحكومة الإيرانية: نرحب بأي مقترحات للسلام ومستعدون للعب دور
.. واشنطن تطالب بتعزيز المساعدات خلال 30 يوما في غزة
.. الغارات الإسرائيلية تعود لاستهداف ضاحية بيروت الجنوبية وتحدي