الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العملية الإبداعية بين استبداد العقل وازدواجية المثقف العربي2

هاتف جنابي

2006 / 10 / 19
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


وَهْم أم إبداع؟

كشف الاتصال بالغرب في القرن التاسع عشر النقاب عن وجود هوة شاسعة بين عالمين ونظامين ومنطقين عقليين واجتماعيين متباينين تماما. الأول غربي، يمثل نظاما عقليا وحياتيا ناهضا يتسم بمرونة وبحرية حركة واحتكام إلى العلم والعقل ومنجزاتهما في النظر إلى الكون والإنسان وعلاقته بنفسه، بالآخر، بالدولة والسلطة، وبالمقدس خصوصا، والثاني عربي، يمثل نظاما بطرياركيّ النزعة متمسكا بمفردات مألوفة يطمئن إليها، وهو يفتقر إلى المناورة والمرونة والإرادة الحرة في صنع قراراته وصياغة حياته والنظر إلى مستقبله.
لم يبق في الواقع من الحضارة العربية الإسلامية إلا ما ضمته الكتب، وما بقي عالقا في عقلية ومخيلة الناس من تصورات ومعتقدات ومن فولكلور وممارسات تجمع ما بين المعتقد والخرافة. أما الجانب العقلي النقدي في تلك الحضارة فقد انتقل كليا أو جزئيا إلى أوروبا أو إلى العالم الآخر. إنها محنة ثقافة ومعتقد المشافهة أيضا.
انعكست صفة "المعرفة الشكلية – السطحية" على النتاج الفكري والأدبي والفقهي بشكل خاص، وليس غريبا أن تعتبر الفترة الكائنة ما بين القرنين الثالث عشر والتاسع عشر فترة "عقيمة" قياسا بالماضي واللاحق، إذ نلاحظ سيادة الصنعة والتزويق اللفظي وهشاشة الفكر وتسطيح الحياة بمختلف فروعها، على مجمل نتاج تلك الفترة. كما ونلاحظ فصلا واضحا في الخطاب الأدبي والثقافي بين اللفظ والمعنى وتغليب الأول على الثاني، يقابله اتجاه تغليب الخرافة على العقل مسعى وممارسة. امتدت حالة التسطيح والتصحر الفكري والتقليد لتشمل سلوكية العربي الذي صار أكثر تناقضا وارتباكا وازدواجية وتفككا في داخله، مقارنة بأسلافه، فأصبح أكثر عرضة للتفكك والاحتضار ككائن فرد. إن وضعا نفسيا معقدا ذا خلفية اجتماسياسية ودينية (الجانب الغيبي على وجه الخصوص) أخذت تتكشف معالمه وتقاطيعه الحادة منذ أواخر القرن التاسع عشر. ويبدو الأمر أكثر تعقيدا ومدعاة للرثاء على الصعيد الثقافي. فمن خلال النتاج المطروح نستطيع القول: إن شخصية المثقف العربي التي هي جزء من مجتمع مشلول الإرادة والفاعلية الحرة، قد امتازت بحالة من التأزم والازدواجية والانفصام، فهو مرتبط بماضيه السحيق من جهة، متشبثا بعمومياته وأيامه الغابرة(لم يصله من ماضيه إلا ظلال الصورة وبعض من إطارها المنحرف)، وشاعرا بالعجز والإحباط والنقص جراء احتكاكه بالحضارة الغربية(التي لم يفهمها في الواقع)، وواقعا تحت جزمة نظام سياسي متخلف من جهة أخرى.
إن الشعور بالنقص والتغييب والعيب والخوف من الغريب جعله يحتمي بماضيه، ولم يخل الاحتماء من غيبية ورؤية ماورائية أكثر تخلفا مما كان في الماضي، لأن الأسلاف، رغم تقاطعنا معهم هنا وهناك، إلا أنهم أوجدوا نظاما معرفيا شاملا يتلاءم مع بنية وعصر مجتمعهم.
بالنسبة لعامة الشعب، فإن"القطاعات الجماهيرية البسيطة مازالت تعتقد وتمارس كثيرا من الخرافات، وما زالت عرضة للإثارة بالخرافات، خصوصا ما يتعلق منها بالجن والسحر والأولياء، والكرامات. وما زالت تلجأ إلى الخرافة في حل مشاكلها البسيطة" (21)
لا يوجد شعب بدون معتقدات وأساطير أو خرافات، لكن الخطر يتمثل باللجوء إلى الغيبيات والماضي لمواجهة الواقع، بمعنى التهرب بدلا من المواجهة، والإتكالية بدلا من إعمال العقل والمغامرة واختبار الذات. وهذه الشرائح الدنيا من المجتمع "تفتقر إلى القدرة على المتابعة والربط ورؤية المتناقضات الفكرية أو السلوكية إلا فيما يمسها مباشرة وبشكل أقرب إلى العفوية" (22)
ولعل تبيان أهم الأسس التي قامت عليها النهضة الأوروبية الحديثة توفر علينا جميعا الجهد في فهم ما يُسمى "بالنهضة العربية الحديثة" وآثارها اللاحقة.
لا ينكر الأوروبيون دور الفكر الكلاسيكي، خصوصا الموروث الإغريقي والروماني، في رسم معالم نهضتهم اللاحقة في شتى المجالات، لكن النهضة اعتمدت على عملية متواصلة ومتلاحقة من النقد والنقد الذاتي "الذي صار مصدر قوتها وضعفها وشعورها بالحيف على السواء(...) إن معرفة نقد الذات هذه(...) تكمن في أصول أوروبا كقوة روحية" (23)
لقد رافقت النقد الذاتي عملية من الشك والقلق: الشك في نفسها من جهة، والقلق على مصيرها وعلى الفهم السليم من جهة أخرى. أما الأساس الآخر للنهضة الأوروبية فهو الاحتكام للعقل ومعطياته وللخبرة البشرية العملية الناجمة عن تشغيل العقل ذاته، ثم الاحتكام لمبدأ التسامح: حرية الرأي والمعتقد مكفولتان. إنها حالة من "ترك حقول الشك مفتوحة" على حد تعبير المفكر والفيلسوف البولندي كولاكوفسكي. (24)
فالاعتماد على تلك الأسس قاد بالضرورة إلى نشوء مؤسسات ديموقراطية وإشاعة التعددية الفكرية: تعدد المنابر وتعدد درجات الاختلاف والاجتهاد، بدون التجاوز على القوانين والدساتير، بالإضافة إلى فصل الدين عن الدولة. إنها كما اختصرها كولاكوفسكي، تمثل "كل المجهود الروحي الذي أكد قوى العقل العلماني والتخيل العلماني، والتشوق المعرفي، والولع في التحكم بالمادة، وجرأة البحث، والكفاءات التحليلية، والتحفظ الشكي إزاء الحلول السهلة، وعادة الارتياب في كل النتائج المحرزة" (25)
والآن، فلنتساءل: ما هي الأسس التي استند إليها مشروع النهضة العربية؟
سارت العملية الفكرية والثقافية في اتجاهين هما: اتجاه إحيائي للثقافة العربية الكلاسيكية، على الخصوص، واتجاه حييّ مرة ومخاتل أو حتى مخادع مرة أخرى، في استفادته من بعض منجزات الحضارة الغربية. فتشكلت النوادي الاجتماعية والثقافية، والصحف ودور النشر وما شابه ذلك، وهذا بحد ذاته خير وبركة. لقد ركز الاتجاه الأول على اللغة والأدب والفقه، فعلى الصعيد الأدبي جرى تقليد النصوص العباسية، الشعرية منها على وجه التحيد، بحيث أصبح المنجز العباسي مثالا. أما على الصعيد الفقهي والشرعي فلم يحتج الأتباعُ إلى أكثر من الاستشهاد بالأصل والتمسك به، أي العودة إلى مخلفات النظام المعرفي "البياني" السائد في الماضي، ولم يرد ذكر للنزعات العقلية النقدية. وبعد أن وصلت عملية الإحياء إلى طريق مسدود بسبب اتباعيتها وتقليديتها وقصر نظر القائمين عليها من جهة، وضغط الواقع ومتغيراته والاحتكاك المتزايد بالغرب من جهة أخرى، قامت ضمن تيار الإحياء حركة إصلاحية قادها بشكل خاص كل من رفاعة رافع الطهطاوي، جمال الدين الأفغاني، محمد عبده ورشيد رضا وآخرين. هؤلاء أكدوا على الأصول من جهة وفتحوا كوة على الغرب من جهة ثانية. وكمثال على ذلك فقد دعا محمد عبده إلى النظر في أمور الخالق والنبوة بالاعتماد على البراهين الصحيحة وبغاية التحري والاجتهاد (26)
لا نريد أن نغمط حق أولئك المصلحين ودورهم في النهضة، لكننا نعتقد أنهم كانوا يمثلون اتجاها اتباعيا – إصلاحيا حديثا محدودا بالمنظور الزمني لا حداثويا. كان من بين أبرز سمات ذلك الاجتهاد هو اتباع سبيل الاجتهاد لدى البعض، والأخذ ببعض معطيات الواقع بعين الاعتبار، لكن ليس بعين الباحث المشكك، بله بعين رجل الدين المتعلم. فمحمد عبده مثلا، حاول الأخذ ببعض منجزات الحضارة الغربية دون المساس بالأصل الإسلامي أو التعرض للمقدس والموروث بغرض مراجعته نقديا وعقليا؛ بعبارة أخرى أنه لم يُعد النظر بالمسلمات الموروثة، لأنها مهمة أكبر من حدوده الإصلاحية وحدود مرحلته. ومهما يكن من أمر، فالعودة غير النقدية إلى الماضي لم تكن مقتصرة على رجال الدين والمثقفين الاتباعيين فحسب، إنما شملت، ولو من منظور آخر، دعاة الفكر القومي والتنويري(على الأقل في الظاهر). لقد جاءت دعواتهم توفيقية بل حتى ترقيعية، تجمع ما بين إحياء التراث وإعادة قراءته وبين الأخذ ببعض المنجزات الغربية من طرف آخر. وهذه المنجزات الغربية تمثل الحداثة بالنسبة لهم، حتى أن البعض منهم اعتقد أن الصراع على الساحة العربية هو "بين أنصار الحداثة وأنصار الأصالة(...) وأصبح تاريخ الثقافة العربية الحديثة هو تاريخ تطور هذا الصراع (27) وبالتالي فإن العودة للتراث ودراسته حديثا شكلت ليس فقط "الهاجس الأعظم للفكر الإسلامي خلال النصف الثاني من القرن العشرين، كما يذهب الباحث فهمي جدعان (28)، وإنما صارت أحد الأمور التي شغلت الدارسين والمفكرين العرب في هذا القرن برمته، واستنفدت طاقاتهم العقلية مثلما حدث في القرون الاسلامية الثلاثة الأولى مع الفارق الواضح في طبيعة وجهد المرحلتين.
إلى جانب ذلك ظهر اتجاه آخر يتمثل في الدعوة للقطيعة مع الماضي، أي التراث العربي الاسلامي باعتباره يمثل مرحلة تاريخية معينة ولذا فلم يعد يناسب هذا العصر، والتعويض عن ذلك بتفجير الطاقات والسعي للأخذ بمنجزات الحضارة الغربية. ولاننسى التيار النقدي في تعامله مع التراث بشكية مفرطة، كما فعل طه حسين مثلا، حين دعا إلى اختيار الغرب في كل شيء باعتباره يمثل النموذج الحضاري الأرقى والأمثل (29)
ومن الملاحظ أن هذه التيارات مجتمعة لم تفلح في صياغة مشروع أو خطاب عربي نهضوي حقيقي يقي المنطقة من التشرذم والتخلف والتبعية والازدواجية والشعور بالدونية، ومن ثم يقودها نحو نهضة عقلية علمية متنامية. إن النكبات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والتخلف العام في المنطقة العربية تمثل أحد "الشواهد البارزة على أزمة تتفاقم بفساد البشر الضالعين في تصميم السياسات العلمية والفنية والمهنية والإدارية والسياسية (30)
الغريب في الأمر أن الحس الشعبي العام يكاد يتفق وآراء قسم من الباحثين العرب في أن خللا قائما في الحياة العربية، ولا أحد يمكنه فعل شيء لإصلاحه أو الحد من حالة التداعي. هل ثمة حدود دنيا حقا للتداعي؟!
ومن بين المتناقضات بله الحذلقات هي أن دعاة الفكر الإسلامي المحافظ السائد اليوم يرى التخلف ناجما عن الابتعاد عن الأصل الإسلامي الذي يعد نموذجا يحتذى به. من جانب آخر فشل الماركسيون العرب في فهم واستيعاب واقع المجتمعات العربية والإسلامية، لأنهم تمسكوا وبالغوا بالشعارات المثالية مغلبين النظرية والأيديولوجيا على الاعتبارات الأخرى، خالقين عشائرية إيديولوجية موازية للعشائرية التقليدية، حتى يمكننا وصفهم بالوجه الآخر العلماني المماثل من حيث تزمته وسكونيته للتيارات الدينية بما فيها السلفية.
يرافق هذا الفشل فشل آخر ترك أثرا بليغا على الواقع العربي منذ أربعينيات القرن المنصرم حتى اليوم، ونقصد هنا الفكر القومي الذي لفظ أنفاسه الأخيرة عربيا بسقوط بغداد في 9 نيسان/أبريل 2003. إن دعاة هذا الفكر ومطبقيه رغم تبجحهم وادعائهم التحديث إلا أنهم مرتبطون بعجلة الماضي والبكاء على الأطلال وبوهم دونكيشوتي، متمسكون بالعشائرية والقيم المحافظة بحجة "العودة للتراث" ولما وصلوا للسلطة احتكروها وحولوها إلى سلطة عائلية وطائفية بامتياز، وعادوا الديموقراطية وحرية التعبير رغم أنهم يركلونها ويلوكونها كما يلاك القات. لقد خلق هؤلاء القوميون- القومجيون واقعا تنطبق عليه مقولة أحد الباحثين العرب بأنه "تخلي الأكثرية وتولي الأقلية" (31)، وساهموا في تشويه الشعارات النبيلة وتنمية حالة من التناقض والازدواجية في الشخصية العربية حتى برزت ظاهرة دونكيشوتية جديدة قوامها الادعاء بتحقيق انجازات وانتصارات وهمية. هذه الدونكيشوتية أصبحت ظاهرة تنخر بدنَ وروح الثقافة العربية كذلك. أينما تلفتّ فثمة "وجه الله" ووجوه هؤلاء المتنطعين الأدعياء. فأصبحنا أمام أقليتين مغتصبتين: سياسية وثقافية، تلجأ إحداهما للأخرى لدى الضرورة، علنا أو خفية. لكنهما، وفي المحصلة النهائية ومهما اختلفتا أو ابتعدتا، وجهان لعملة واحدة!
إن ما فعلته هذه الأقلية المغتصِبة يتمثل في أنها "وطدت الاستبداد من طريق الانقلاب والثورة، كما قادت العرب بشعوبهم ودولهم إلى الحروب والهزائم وتراجع الأداء المؤسّسي وتردي البنية الذهنية وهجرة الكفاءات(...) وهي التي راحت منذ الثلاثينات وخصوصا الأربعينات، تتعاظم وتتكدس في المدن، وتنشر، حيث انتشرت، وعيا يجمع بين الظلامية إلى الميل الخرابي ونزعة التدمير والتدمير الذاتي" (32) ولم تتورع يوما في عقد الصفقات والأحلاف مع الأعداء بغية البقاء في السلطة.
لم تنجح حركة الإصلاح الدينية في تشكيل حركة دينية روحية مرنة متفتحة على العلم والاختلاف في الرأي والاجتهاد. كما وأن الحركة العلمانية العربية أو فلنقل المتنورة، لم تنجح هي الأخرى في بلورة حركة واضحة المعالم والأهداف، ذات نفوذ في الحياة العربية في رسم السياسات التعليمية والثقافية والاقتصادية على الأقل، حركة يمكن التعامل معها على أنها بمثابة المرجعية الفكرية والثقافية أو البديل للانكماش والانغلاق الديني، وللتسطيح الجاري على كافة الأصعدة. فضلا عن ذلك، فإن المحاولات التي احتكمت وتحتكم إلى مبدأ الشك والعقل النقدي في مناقشة التراث الفكري والديني، ودور المرأة في المجتمع، وقضية حق الاختلاف والتمايز بكافة أشكاله، وعلاقة المثقف بالسلطة، هي الأخرى حوصرت وحجمتْ تحت وطأة حملات ممنهجة قادتها الأوساط المحافظة على شتى أصنافها، المتنفذة في المجتمع والسلطة على السواء (33)
على ضوء ما تقدم، يبقى أمامنا سؤال يبحث عن جواب: ما هي ياترى صورة الحياة الإبداعية العربية في ظل هذه الأوضاع المتفاقمة وإلى أين هي سائرة؟
(يتبع)

21 أنظر للتوسع إبراهيم بدران وسلوى الخماش، دراسات في العقلية العربية 1- الخرافة، دار الحقيقة، بيروت، د. ت: 18-19
22 نفس المصدر: 19
23 أنظر كتاب المفكر البولندي كولاكوفسكي: الحضارة في قفص الاتهام - Leszek Kolakowski, Cywilizacja na lawie oskarzonych Warszawa, 1990: 4-5 ، ولعله من المفيد الرجوع إلى بحثه " البحث عن البربري... أوهام عالمية الثقافة" الذي ترجمناه وعلقنا عليه ونشرناه في مجلة "النهج"، ع 16، خريف 1998: 8- 25
24 ن. م: 6-8
25 ن.م: 10 - 13
26 أنظر للمزيد والمقارنة دينا سليمان، الشيخ محمد عبده بين الفلاسفة والكلاميين، القاهرة 1958: 6 وما يليها، وانظر أبو علي المودودي، مباديء الإسلام، ترجمة: محمد عاصم حداد، ط2، 1957، وكذلك هيثم مناع، تحديات التنوير، دار الجمل، كولونيا 1991: 31
27 أنظر برهان غليون، اغتيال العقل، مكتبة مدبولي، القاهرة 1990، ط3: 22
28 أنظر فهمي جدعان" الإسلام والمستقبل"(1-2)، جريدة الشرق الأوسط، ع 5467، 16/11/1993، لندن: 8
29 أنظر طه حسين، مستقبل الثقافة في مصر، مطبعة المعارف، القاهرة 1944: 41 وما بعدها.
30 فهمي جدعان، م. س.: 8
31 أنظر حازم صاغية، أول العروبة، دار الجديد، بيروت 1993: 7 وما يليها
32 ن.م: 9- 10، وفي هذا الصدد يرى الباحث هيثم مناع أن الحركات القومية التي استلمت السلطة قد صادرت الثقافة لحساب إيديولوجية السلطة وتوجهاتها: "لقد أصبح المثقف أسير ارتباط وظيفته بالسلطة ليجمع ازدواجية المجرم والضحية..."، أنظر: تحديات التنوير، م.س: 18
33 لم يعد أمرا خفيا أو مجرد إشاعة تندرج تحت نظرية المؤامرة تعرض العديد من الشعراء والكتاب والفنانين والمثقفين العرب للتعذيب والسجن والملاحقة والمحاصرة والقتل أو المنع أو النفي. لقد اضطر منصور فهمي مثلا، للتنكر من بحثه "حالة المرأة في الإسلام" الذي قدمه لنيل الدكتوراه في باريس سنة 1913. كما وتعرض طه حسين وعلي عبد الرازق في العشرينيات من القرن المنصرم لمصادرة كتابيهما في الشعر الجاهلي، والإسلام وأصول الحكم، وتم اغتيال كتاب معاصرين لاتخفى أسماؤهم على القاريء، ومنعت الرقابة كتبا عديدة من الصدور. قارن سماح إدريس، المثقف العربي والسلطة، دار الآداب، بيروت 1992، وشمعون بلاص، الأدب العربي والتحديث الفكري، منشورات دار الجمل، كولونيا 1993(المقدمة والفصل الأخير: هزيمة العقل)، وانظر غالي شكري، "أقنعة الفنطازيا: من سفر التكوين: في البدء كان القمع"، مجلة فصول، المجلد 11، ع1، ربيع 1992، القاهرة: 113- 139








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حاكم دارفور: سنحرر جميع مدن الإقليم من الدعم السريع


.. بريطانيا.. قصة احتيال غريبة لموظفة في مكتب محاماة سرقت -ممتل




.. عائلات المحتجزين الإسرائيليين يضرمون النيران بشوارع تل أبيب


.. بإيعاز من رؤساء وملوك دول العالم الإسلامي.. ضرورات دعت لقيام




.. بعبارة -ترمب رائع-.. الملاكم غارسيا ينشر مقطعاً يؤدي فيه لكم