الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثماني نساء خالدات في تاريخ بلاد الرافدين

عضيد جواد الخميسي

2023 / 3 / 8
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


تقررت حياة النساء في بلاد الرافدين القديمة من خلال التسلسل الهرمي الأبوي الذكوري . إلاّ أن هذا الهيكل الاجتماعي كان يضمّ الكثير من النساء المتميزات اللائي تمكنّ من تولي المناصب الكبيرة والتي عادة ما كان يشغلها الرجال . حيث كنّ من الملكات والأميرات ، وبعضهنّ خدمن بمراكز قيادية في المجتمع ، وأخريات شغلن وظائف متنوعة ؛ كاهنات ، كاتبات ، طبيبات ، بل وحتى قاضيات بصفتهنّ الخاصة.

على الرغم من أن المرأة الرافدينية قد يبدو أنها نالت قدراً أكبر من الحقوق المتساوية مع الرجل خلال فترة الأسرات المبكرة في بلاد الرافدين (عام 2900-2334 قبل الميلاد) ، إلاّ أن هناك أدلّة على وجود نساء قويات بعد تلك الفترة استطعن تقرير مصائرهن داخل حدود النظام الذكوري .
من بين هؤلاء ؛ نساء (ناديتو) من مدينة سيپار عام 1880-1550 قبل الميلاد ، اللواتي كنّ كاهنات مكرسّات لإله المدينة الذكر (شمش) . وقد خدمن أيضاً في معابد كلا الإلهين مردوخ في بابل ، و نينورتا في نيپور .
"هؤلاء النساء انخرطن في أنشطة تجارية كانت مربحة للغاية ، رغم أن طبيعة تلك الأنشطة غير واضحة" (ليك ، 189).
وأُعفيت تلك النساء من الأعراف الاجتماعية بإنجاب الأطفال ؛ على الرغم من قدرتهن على الزواج ، إلا أنه وعلى ما يبدو قد تمتعن بهامش حرية الى حد ما أكبر دون ضغوط اجتماعية تذكر .

(أستير) ؛ وهي ملكة يهودية زوجة الملك الفارسي (أحشويروش الأول ـ عام 486-465 قبل الميلاد) ، والشخصية النسائية في سفر أستير التوراتي (القرن الرابع قبل الميلاد) ، التي كانت مثالاً للمرأة القوية . فقد تمّ تصويرها في النصّ التوراتي على أنها امرأة ذكية وذات فطنة ، تمتلك حدساً قوياً بما يكفي للكشف الى زوجها الملك عن مؤامرة وزيره"هامان" وخطته لإبادة اليهود في مملكته . ولافتضاح أمر هامان ، قضى الملك بإعدامه ، ومن ثم نجاة اليهود . و شخصية أستير في التوراة ، قد تكون إحدى ملكات بلاد الرافدين القديمة التي لها نفس القدرة والتأثير في إدارة شؤون مملكتها .

على الرغم من وجود العديد من النساء المتميزات في بلاد الرافدين القديمة ، إلا أن الثماني التاليات هنّ من بين الأكثر تأثيراً في تاريخه :

1. الملكة پوابي (عام 2600 قبل الميلاد) .
2. الملكة كوبابا (عام 2500 قبل الميلاد) .
3. آما ـ إي (حوالي عام 2330 قبل الميلاد) .
4. إنهيدوانا (عام 2285-2250 قبل الميلاد) .
5. سمّوـ رامات (عام 811-806 قبل الميلاد) .
6. زكوتو (عام 728 ـ 668 قبل الميلاد) .
7. سيرّوا ـ إتيرات ( عام 652 قبل الميلاد) .
8. عرّافة نوسكا ( عام 671 قبل الميلاد) .

كل هؤلاء النساء ، باستثناء آما ـ إي ، وعرّافة نوسكا ؛ كنّ ملكات أو أميرات . حيث تمّ التعرّف عليهن ؛ إما من خلال النقوش المتعلقة بـ ملوك بلاد الرافدين ( النقوش الخاصة ) ؛ أو من مؤلفاتهّن الأدبية (الألواح التي تحتفظ بها العائلة ) ، أو من المؤرخين القدامى اللاحقين ، أو كما في حالة الملكة پوابي ؛ عندما عثر على مقبرتها الواسعة التي تضمنت قطع أثرية حددت هويتها .

تتمتع النساء بحقوق كبيرة في معظم تاريخ بلاد الرافدين ، إلاّ أن عالمة الآثار "گويندولين ليك " لديها وجهة نظر أخرى :
"يبدو أن مكانة الإناث اللواتي شغلن مناصب مهمّة في المجتمع قد تناقصت تدريجياً بعد فترة الأسرات المبكرة . حيث كانت هناك بعض بقايا المناصب المؤثرة مثل ؛ منصب كاهنة إله القمر في أور ، والذي غالباً ما كان يشغله بنات الملك الحاكم . الأميرات والملكات كنّ يرتقين بمكانتهنّ الاجتماعية من خلال علاقتهنّ بالملك ، وخاصةً بعض الملكات . وفي بعض الأحيان يمكن أن يحتفظن ببعض المزايا بعد وفاة أزواجهن . " (ص189)

لعلّ ذلك يبدو صحيحاً ؛ حيث لم تكن كل ملكة أو ابنة ملك حاكم قادرة على تولّي العرش وتنجح في قيادة البلاد . إلاّ أنه في الواقع ؛ لم يُسمح لمعظم النساء بفرصة الدخول إلى معترك المناصب المهمة ، وممارسة ذلك النوع من الاستقلالية مثلما سُنحت للبعض منهن .

مكانة المرأة في بلاد الرافدين القديمة
كان يُعتقد أن المرأة في بلاد الرافدين القديمة هي فقط عبارة عن زوجة و أم . حيث كان على المرأة أن تتزوج وتنجب أطفالاً للعناية بهم ، وتؤدي الواجبات المنزلية من ضمنها الاهتمام بعائلة زوجها الممتدة فيما لو عاشت معها بنفس المسكن .
وتمّ تصنيف النساء كما هو الحال مع الرجال حسب التسلسل الطبقي الاجتماعي ، والذي يتدرّج من الأعلى إلى الأسفل :

ـ الملك وطبقة ملأّك المقاطعات الزراعية .
ـ طبقة رجال الدين .
ـ الطبقة العليا .
ـ الطبقة الدنيا .
ـ طبقة العبيد .

تصنيف النساء طبقياً ضمن هذا التسلسل الهرمي على النحو التالي :

ـ طبقة النساء الحرائر من اللواتي يمتلكن المقاطعات الزراعية / الطبقة العليا .
ـ طبقة النساء الحرائر من الكاهنات .
ـ طبقة المديرات .
ـ النساء الحرائر من الطبقة الدنيا .
ـ طبقة البغايا و النساء العازبات .
ـ طبقة النساء المُعالات اللائي لا ينتمين إلى أسرة (ولكن إلى المعبد ) .
ـ طبقة المُستعبدات .

كان الانتقال من أدنى إلى أعلى تصنيف التسلسل الهرمي ممكناً ولكنه ليس محتملاً بأي حال من الأحوال . حيث مات معظم الناس وهم في نفس الطبقة الاجتماعية والظروف التي ولدوا فيها . وقد وُلدت بعض النساء في هذه القائمة من الطبقة العليا ؛ وبرغم ذلك ، فقد كنّ أقل اعتباراً من الرجال المصنّفين ضمن الطبقة العليا ، وبالتالي فإن حقيقة أيّ امرأة تطالب بالسيطرة على طبقة الذكور العليا ؛ يُعدّ تحدياً استثنائياً .

1. الملكة پوابي (عام 2600 قبل الميلاد)
تمّ التعرّف على الملكة پوابي عند لحظة اكتشاف قبرها في أوائل القرن العشرين . حيث عثر عالم الآثار البريطاني (ليونارد وولي) رفات الملكة پوابي في الموقع الذي أسماه بالمقبرة الملكية في أور عام 1922م ، وهي واحدة من أعظم الاكتشافات الأثرية في التاريخ؛ إلاّ أن اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون في نفس العام قد طغى عليه .
واشتهرت الملكة پوابي بغطاء رأسها المزيّن بالأوراق الذهبية و الشرائط والخيوط المعقودة بالعقيق واللازورد .

لقد جمعت تنقيبات وولي العديد من القطع الأثرية الرائعة التي لها قيمة من الناحية التاريخية ؛ من بينها ختم الملكة الأسطواني (الختم يُعدّ بمثابة الهوية الشخصية للفرد في بلاد الرافدين ) ، والذي عُرفت من خلاله كملكة دون ذكر شريكها الذكر . كما خلص علماء الآثار والمؤرخون إلى أن الملكة پوابي ربما قد تولت العرش بصفتها ملكة أور في أواخر الأسرة الثانية المبكرة (عام 2800-2600 قبل الميلاد) ، أو في فترة الأسرة الثالثة (عام 2600-2334 قبل الميلاد) . ويُستدّل على أنها كانت ملكة قوية وثرية ؛ وذلك من خلال اعداد الخدم والمرافقين المدفونين معها في القبر.

2. الملكة كوبابا (عام 2500 قبل الميلاد)
الملكة كوبابا وفقاً لقائمة الملوك السومريين (حوالي عام 2100 قبل الميلاد) ؛ كانت تملك حانة لمشروب البيرة قبل أن تصبح ملكة كيش . إلاّ أنه لم يُعثر على سجل تاريخي يوضّح كيف تمكنّت من الارتقاء بنفسها كملكة . وهي المرأة الوحيدة التي ظهرت في قائمة الملوك ؛ كملكة حاكمة .
"قيل إن سلالة كيش الثالثة أسستها امرأة ، وهي صاحبة حانة واسمها كوبابا ، بيد أنها هُزمت من قبل حاكم أكشاك، ثم استعاد ابنها (بوزور ـ سين) ، السلطة وأسس سلالة كيش الرابعة". (ليك ، ص 99)

وعليه ؛ فإن الملكة كوبابا تعد مرتبطة بـ كلتا الأسرتين الثالثة والرابعة في كيش . وحسب رؤية بعض العلماء ؛ إنها كانت مصدر إلهام لإلهة الأناضول (سايبيل) التي ظهرت فيما بعد . وانتهت السلالة التي أسستها كوبابا مثلما انتهت فترة الأسرات المبكرة عندما تولّى سرگون الكبير مقاليد الحكم (عام 2334-2279 قبل الميلاد) ، وتأسيس إمبراطوريته الأكدية .

3. آما ـ إي (حوالي عام 2330 قبل الميلاد)
آما - إي ؛ كانت سيدة أعمال سومرية ناجحة من مدينة ( أوما ) . وعلى الرغم من زواجها ، كانت تدير أعمالها الخاصة باسمها .
كتب العالم (هيني مارسمان) التعليق التالي :
" في أوائل مجتمع بلاد الرافدين ، يبدو أن النساء قد عملن باستقلالية تامّة ، أو كان بإمكانهن العمل بضمان شخص آخر ؛ كما هو الحال مع سيدة الأعمال آما - إي التي عاشت في مدينة أوما ، وعملت في تجارة الحبوب والصوف والمعادن" (ص 401).

استغلت آما-إي بعض الأرباح للاستثمار في العقارات ومشاريع البناء ،والاشراف على شبكة تجارية واسعة . وقد حُفظت تفاصيل هذه المعلومات في سجلات شركة العائلة ، ولكن لا شيء معروف عن حياتها الخاصّة سوى أنها كانت متزوجة من رجل يدعى أورـ سارا .

4. إنهيدوانا (عام 2285-2250 قبل الميلاد)
كانت إنهيدوانا ابنة سرگون الأكدي ، على الرغم من وجود بعض التساؤلات حول ما إذا كانت ابنته البيولوجية (الطبيعية) ، أم أن "الابنة" مجرّد لقباً شرفياً .
كانت إنهيدوانا ؛ أول أديبة وكاتبة في العالم اشتهرت بالاسم . كما اشتهرت في أنها رئيسة كهنة معبد إله القمر (نانا) في مدينة أور ، وكذلك بمؤلفاتها في مدح الإلهة (إنانا) التي قدمّت صورة أكثر حميمية عن علاقة الفرد بالإله من الترانيم القديمة التي كتبها الكهنة الذكور .
لقد كتبت أشعارها الخاصّة ، ونجت من انقلاب في المدينة أجبرها على النفي ، ثم عادت لتستمر كاهنة وشاعرة لأكثر من 40 عاماً . ألهمت مؤلفاتها كتابة المزامير المسيحية التي لازالت تُستخدم كنماذج في الشعائر الدينية إلى يومنا هذا .

5. سمّوـ رامات ( عام 811-806 قبل الميلاد)
سمّو ـ رامات ؛امرأة آشورية كانت لها وصاية على ابنها الصغير (أدد ـ نيراري الثالث عام ـ 811-783 قبل الميلاد) في عرش الإمبراطورية الآشورية ، وذلك بعد وفاة زوجها الملك (شمشي أدد الخامس عام 823-811 قبل الميلاد). وقد مُنعت النساء من مناصب السلطة المقتصرة على الرجال ، حيث لم تكن هناك ملكة آشورية قبلها .
بدأت سمّو ـ رامات بمشاريع البناء ، ونُصب لها مسلّة خاصة بها مكتوب عليها اسمها ، وربما قادت حملات عسكرية لتأمين الإمبراطورية والحفاظ على استقرارها . ويُعتقد أن فترة حكمها كانت قد ألهمت الرواة في التأليف عن الملكة الأسطورية سميراميس، التي اعتنى بها وربّاها سرب من الحمام . وعند وفاتها ؛ تحولت إلى حمامة حلّقت بعيداً .
غزت سمّو ـ رامات أراضي بلاد الرافدين ، واتخذت سلسلة من العشاق الوسيمين بعد وفاة زوجها . وتفاصيل حكمها غير واضحة ، لكن سيطرتها في الحكم ، وتنصيب مسلة بنقش خاصة بها ، دليل على أنها كانت امرأة قوية وحكيمة .

6. زكوتو (من عام 728 إلى عام 668 قبل الميلاد)
زكوتو؛ هي امرأة قد لا تبدو مثل باقي النساء ؛ فقد ابتدأت حياتها كعشيقة غامضة لملك ، ثم إلى ملكة أرملة ، وهي والدة ملك ، وجدّة ملك أيضاً . وكانت زوكوتو " امرأة القصر " عشيقة الملك الآشوري سنحاريب (عام من 705 ـ 681 قبل الميلاد) ، والتي تمكنت بطريقة ما من جعل ابنها إسرحدون (عام 681-669 قبل الميلاد) وليّاً للعهد ، على الرغم من أنه كان الأصغر من بين أحد عشر ولداً . وقد احتلّت زكوتو مكانة عالية في الدولة الآشورية ، وكانت شخصية مؤثرة خلال حكم ابنها إسرحدون ، حيث حملت لقب (الملكة ) دون تتويج ، فقد كانت تعمل على صياغة الرسائل الملكية وتستقبل المبعوثين والشخصيات البارزة . وقبيل وفاتها بفترة وجيزة ، أو بعد وفاة ابنها إسرحدون عام 669 قبل الميلاد ، أصدرت زكوتو وثيقة العهد والولاء في عام 670 أو عام 668 قبل الميلاد ؛ وذلك لتأمين عرش حفيدها آشور بانيبال في البلاد . إذ أمرت رجال البلاط وجميع أفراد الشعب الآشوري بالاعتراف في أن حفيدها آشور بانيبال ملكاً على بلاد آشور وتوابعها .

7. سيرّوا ـ إتيرات ( حوالي عام 652 قبل الميلاد)
سيرّوا ـ إتيرات امرأة قوية أخرى من نفس عائلة الملك سنحاريب . فهي كانت الابنة الكبرى للملك إسرحدون ، وشقيقة الملك آشور بانيبال ، و الوحيدة من بنات إسرحدون معروفة بالاسم ، ولها حضور في جميع قوائم الاحتفالات والمهرجانات الملكية مع إخوتها الذكور. وطالما هي امرأة ، فقد كان يُنظر إليها على أنها أقل قيمة من الرجل ، إذ دُرجت في المرتبة الثالثة بعد شقيقيها ؛ آشور بانيبال ( ملك آشور) ، وأخوه الأصغر (آشور ـ إتيل ـ إيلاني ) الذي كان مقرراً أن يكون ملكاً على بابل ، ولكنها كانت أعلى مرتبة من إخوتها الآخرين ، مما يوحي بأن كان لها شأناً كبيراً في القصر .
سيرّوا ـ إتيرات مثل جدتها زكوتو التي يبدو أنها كانت تتمتع بسلطة واسعة . وقد اشتهرت برسالة مكتوبة تعاقب شقيقة زوجها ( زوجة آشوربانيبال) على الكسل في الدراسة ، والمخاطرة في جلب العار للعائلة ؛ كونها امرأة أميّة غير متعلمة .

8. عرّافة نوسكا ( حوالي عام 671 قبل الميلاد)
كانت عرّافة نوسكا فتاة مُستعبدة لم يُذكر اسمها ؛ اشتركت في مؤامرة للإطاحة بالملك الآشوري إسرحدون عام 671 قبل الميلاد . وهي تختلف عن أية عرّافة أخرى . حيث لم يكن لديها ارتباط بمكان مقدّس أو معبد ، ولكنها كانت مملوكة لرجل يدعى "بيل ـ آهوـ يوسر".

في يوم ما من عام 671 قبل الميلاد ، بدأت تلك الفتاة تتصرف كما لو كانت تمتلكها روح إلهية ؛ إذ تنبّأت في أن الملك إسرحدون سوف يُزاح عن عرشه قريباً ، وأن مسؤولاً يُدعى "ساسي" سوف يصبح ملكاً للإمبراطورية الآشورية .
أخذ ساسي نبوئتها على محمل الجد وجلبها إلى منزله عندما بدأ بالتخطيط للإنقلاب ؛ إلاّ أن الملك إسرحدون الذي كان لديه اهتمام بالغ في التنجيم والتنبؤات ، شدّد الحراسة في محيط قصره واتخذ التدابير اللازمة لحماية نفسه ، بما في ذلك محاولة القبض على تلك الفتاة . في عام 670 قبل الميلاد نجح إسرحدون في النيل من العرّافة التي لا يزال مصيرها مجهولاً ، وعلى الأرجح أنه قد قتلها مع ساسي والمتآمرين الآخرين .
تكمن أهمية عرّافة نوسكا في وضعها غير التقليدي كفتاة مُستعبدة ليس لها وظيفة في موقع أو معبد ، مما يوحي بنوع الشخصية القوية والجذّابة التي جعلت الناس يستمعون إليها ، ويرفعونها من خادمة إلى ضيفة شرف في منزل المسؤول الكبير (ساسي) المخطط الرئيسي للمؤامرة في إطاحة الملك الأشوري القوي إسرحدون .

ترى البروفيسورة "گويندولين ليك " وغيرها من العلماء ؛ إن حقوق المرأة في بلاد الرافدين القديمة قد تراجعت بعد فترة الأسرات المبكرة ، حيث هناك نظريات مختلفة عن الأسباب ، من بينها ؛ ظهور الآلهة الذكورية التي حلّت محل العديد من الآلهة الأنثوية السومرية في الفترة السابقة. ولكن بعد سقوط الإمبراطورية الساسانية عام 651 ميلادي وانتشار العقيدة الإسلامية ، كان هناك تدنّي واضح في مكانة المرأة بجميع المجالات .
كتب عالم التاريخ الفرنسي "جان بوتيرو" التعليق التالي :
" في بلاد الرافدين القديمة وعند أيّ مكان منها ، كان لدى المرأة الرافدينية بطاقتان رابحتان يمكن الاعتماد عليهما في مواجهة أي مخلوق لما يسمّى بـ (الجنس القوي)، وحتى السيطرة عليه ، بالرغم من جميع قيود التقاليد والأعراف والشرائع ، وذلك لسببين : أولهما : أنوثتها . ثانياً : دوافعها و قوة شخصيتها . فقد كان عليها أن تستفيد من خصائصها تلك ؛ للسباحة ضد تيار العقلية الذكورية المهيمنة ." (ص 118-119)

بعد عام 651 ميلادي ؛ وجدت المرأة في بلاد الرافدين طريقة للتعبير عن نفسها والعيش وفق رؤيتها الخاصة . وفي حالة هؤلاء النساء الثماني المشهورات ، يبدو أن هويتهنّ ومؤهلاتهن قد لعبتا الدور الأهم في شغلهنّ مساحة من التاريخ ، ويمكن قول الشيء نفسه للأخريات غير المذكورات في هذا البحث .
كان هناك بلا شك العديد من النساء الرافدينيات اللواتي قد امتلكن مواهب وقدرات متميزة ؛ إلاّ أنه للأسف لم يجدن فرصة المشاركة .


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جان بوتيرو ـ الحياة اليومية في بلاد الرافدين القديمة ـ مطبعة جامعة جونز هوبكنز ـ 2001 .
مارك شاڤالاس ـ النساء في الشرق الأدنى القديم ـ روتليدج للنشر ـ 2013 .
فروخ كافيه ـ ظلال في الصحراء ـ اوسبري للنشر ـ 2009 .
چارلز هیلتون & سانا سڤيرد ـ مطبعة جامعة كامبردج ـ 2017 .
گويندولين ليك ـ بلاد الرافدين من الألف إلى الياء ـ سكيركرو للنشر ـ 2010 .
هيني مارسمان ـ النساء في أوغاريت وإسرائيل ـ بريل للنشر ـ 2003 .
جون بورّو ـ تاريخ من التواريخ ـ ڤنتج للنشر ـ 2009 .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صاروخ باليستي روسي يستهدف ميناء أوديسا


.. ما فاعلية سلاح الصواريخ والهاون التي تستخدمه القسام في قصف م




.. مراسل الجزيرة يرصد آثار القصف الإسرائيلي على منزل في حي الشي


.. خفر السواحل الصيني يطارد سفينة فلبينية في منطقة بحرية متنازع




.. كيف استغل ترمب الاحتجاجات الجامعية الأميركية؟